السابع من فبراير

198 39 8
                                    

قادتني خطواتي نحو الباب الامامي لمركز الشرطة فيما بقي كلاود هادئا كعادته.
كان ازدحام الحركة كبيرا في وقت المساء هذا ولم نكن نقطع سوى بضع أمتار كل نصف ساعة وكان الوضع خانقا ، إلى أن انتهى بنا الأمر متوقفين في منتصف الطريق ، تحت صراخ أصحاب السيارات الذين لم يقصروا في اطلاق اللعنات بينهم و الكل كان يشتكي طريقة قيادة الآخر لسيارته .

وقف ثلاثة أعوان شرطة يحاولون تنظيم الحركة ، فيما بقيت أنا أشاهد ما يحصل عبر نافذتي ، وبالطبع ألقيت نظرة عابرة على كلاود الذي اكتفى بوضع يده على خده بضجر واضح .

ووسط ذاك الحشد وقف بالمقربة مني شاب في الثلاثينيات وقد راح يتوسل شرطي المخالفات بأن يعفو عن ركنه الخاطئ لسيارته ، وقد اثار انتباهي بانها سيارة أجرة و لم تخلو هذه السيارة من كسر واضح في أحد الأضواء الأمامية فكان من الغريب بالنسبة لي أن يكون سائق أجرة غير واعٍ بأساسيات مهنته .

وكان الازدحام قد بدأ يخف و كنا قد تحركنا قليلا حين علا صوت شرطي المخالفات ذاك مثيرا انتباهنا جميعا فيما قال مخاطبا الشاب :
- لا يهمني دخلك المادي و كل هذه الترهات التي تتفوه بها ،و أننا لنضع المواطنين في خطر عندما نسمح لهم بالصعود معك ..
ثم أخرج دفتره ليحرر له المخالفة و قال بنبرة غاضبة :
- ما اسمك ؟
ولو لم أكن بذلك القرب منهما لما سمعت صوته الخافت وهو يجيب بتردد :
- ايزاك غالدير ..

ولا أنكر بأني قد انتفضت من مكاني بمجرد سماع الاسم ، وهتفت مخاطبا كلاود بشكل هستيري قائلا :
- أسمعت ما سمعته ؟
بدا لي أن كلاود كان غارقا في أفكاره فقال مستغربا:
- لم أسمع شيئا ..
فأمرت السائق بأن يتوقف بنا هناك وقد فعل ثم التفتت نحو كلاود و أردفت مجددا :
- إنزل فورا واحضر محفظة نقودك معك ..
ليرد هو بينما نزلنا من السيارة :
- حسنا لا بأس ، ولكن لا يوجد أي مطعم هنا .
-لست هنا من أجل الطعام ، الحق بي وحسب .
ليتنهد بينما سرنا نحو الرجل ثم قال:
- اوه توقف عن القاء الأوامر علي فأنا لست معتادا على ذلك .
- اجل اجل ، لن آمرك مجددا عزيزي كلاود .

واقتطعنا الحديث حين وقفنا بالقرب من الشرطي والرجل وقد التفتا إلينا منتظرين أن نصرح بما أتينا من أجله ، فسعلتُ قبل أن أقول :
- لا بأس يا ايزاك ، أنا سأدفع عنك هذه المخالفة .
وقد كان لكلاود النصيب الأكبر من الاستغراب حينما سمع الاسم ، ليقول الشاب بسعادة غامرة :
- حقا ؟!
- أجل ، فنحن نحتاج إلى توصيلة بسرعة.
- يشرفني ذلك ، أشكرك سيدي !

قال هذا فيما أمسكتُ محفظة كلاود الذي لم يكن قد استوعب ما يحدث بعد ورحت أحتسب المال ،فنظر الشرطي إلى رخصة القيادة الخاصة بالرجل وأضاف مستهزءا:
- الصورة ليست مثبتة بإحكام ، عليك تجديد هذا الشيء المهترئ.
أومأ الرجل موافقا و انتهى بنا الأمر لدفع ثمن المخالفة  لنصعد بعد ذلك مع المدعو ايزاك بالطبع لم يكن يشبه ايزاك الحقيقي بأي شكل من الأشكال.

قاتل بدون هوية - A murderer without an identityحيث تعيش القصص. اكتشف الآن