التاسع من فبراير (النهاية)

339 55 66
                                    

فتحت عيناي ببطء ورحت أحملق باحثاً عن ساعتي وقد استقرت عيناي أخيرا فيها وقد اشارت إلى السابعة واربعون دقيقة ، فقمت من مكاني وجهزت نفسي في هذا الوقت المبكر بالرغم من أنني أعرف بأن الثامنة مساءاً لا تزال بعيدة جدا .
لم أتناول افطار الصباح كعادتي بل لم أغادر غرفتي حتى و بالرغم من استمرار أبي بمناداتي عدة مرات ولم أجبه أبدا بل تظاهرت بأني لا أزال مريضاً ولا أقوى على الحراك .

فيما استلقيت على السرير راجياً أن يكون كل شيء على ما يرام ، وظللت على تلك الحال أتجول في غرفتي إلى أن سمعت صوت اغلاق الباب الخارجي ، فاسترقت النظر من نافذتي لأرى أبي وهو يغادر المنزل مستقلاً سيارة الشرطة التابعة لفرقته .
نزلت بعد ذلك إلى الطابق الارضي لا لسبب معين فقد أحسست فجأة بأني سأحن لمنزلنا كثيرا إن لم أعد سالماً ، فرحت أراقب كل شيء تقريباً ؛ الارائك ، الستائر ، الكراسي و المزهريات .. وقد كان لكل شيء قيمة حينها .

جلتُ المنزل بأسره ، لأجلس أخيراً بمقابلة كرسي أمي المتوفاة و أبتسم له كما لو أنها كانت تجلس هناك فعلاً ، وبقيت أحادثه عن ذكرياتنا الجميلة معاً إلى أن رن الهاتف مجلجلاً فاضطررت لترك الكرسي و اتجهت لأرد بقولي :
- ألو ، من معي ؟
- مختطف عزيزتك جولييت ..
أغضبني سماع صوته لحد كبير فصرخت قائلا :
- بل تقصد ايزاك ! أم بما علي أن أناديك ايها القاتل الشيطان ؟
ليضحك باستهزاء ويردف :
- اسمني ما شئت فلا يهم الإسم بالنسبة لي ، المهم الآن هو الآتي ..
صمتت قليلاً فيما كنت أفكر ما الذي يريده الآن أيضا ؟
ليقول بعد بضع ثوان :
- سيتغير ميعادنا أيها الفتى ..
- ما الذي تقصده ؟
- قررت أن نلتقي على الساعة السابعة بدلاً من الثامنة ..
لأتساءل في نفسي "ما الذي يرمي إليه بذلك ؟ هل يشك بي ؟ أم أنه محتاط دائماً؟ "
لأقول بعد برهة بينما تنهدت :
- لا بأس ، اتفقنا .

أغلقَ السماعة فوراً فأبعدتها عن أذني و جلست على الكرسي أراقب الهاتف فقط ، و راحت الأفكار المختلفة تتسابق في رأسي حول ما الذي سيحدث عند الساعة السابعة ..

****
مضى الوقت ببطء ، لم يزرني أي أحد حتى أبي طوال اليوم ولم يصلني أي بريد ولم يتصل أي شخص أيضا ، كان الوضع خانقا ومربكاً فقد تكون هذه آخر ساعات حياتي ، قد تكون هذه اخر مرة اتواجد فيها هنا .
اخيراً أشارة الساعة إلى السادسة والنصف وقد كنت جاهزاً منذ الصباح لذا جسست جيوبي لأفرغها من تلك الاغراض المختلفة كمفتاح ليونيد ونجمته وملاحظات صغيرة ، لأنفض معطفي وأعدل خصلات شعري امام المرآة وما ان أنهيت ذلك حتى فتحت الباب لأخرج وأغلقه بهدوء بينما رأيت المنزل للمرة الأخيرة .

استقليت سيارة أجرة لتوصلني للطريق رقم 23 وقد اثار ذلك فضول السائق لسبب كنت أجهله فقال :
- هل أنت متأكد بأنك ستذهب لذلك الطريق النائي؟
- أجل ..
قلت بحزم بينما رحت أتابع الطريق من خلال نافذتي واشاهد تلك المحلات والمنازل كلها وقد لاحظت بأن عددها كان يتناقص شيئاً فشيئاً ، وبعد مسافة طويلة دخلنا في طريق شبه خالٍ تحفه أشجار ميتة ، فقال السائق موضحاً:
- إنه الطريق رقم 23 المهجور ..
ثم أوقف السيارة بغير أمر مني و التفت إلي بينما أضاف:
- آسف ، فالطريق بعدها مقطوع ولا يمكنني المواصلة .

قاتل بدون هوية - A murderer without an identityحيث تعيش القصص. اكتشف الآن