كان المطر يهطل بغزارة حين نزلت من السيارة ودفعت الأجر للسائق ثم طرقت الباب بقوة لعل أبي يسرع خطاه قليلا قبل أن أبتل ، وبعد ثوان قليلة فتح أبي الباب لأدخل مسرعا و أنا أرتعد فقال مستهزءا :
- فقط القطط من تخاف المطر .
- لا أحب مزاحك الثقيل يا أبي ..قلت هذا وأخذت منشفة ورحت أجفف وجهي ثم شعري فجلس أبي بالقرب مني وسأل :
- اذن لما تأخرت عن العشاء ؟
- لقد كنت أعيد الكتاب للسيد جافيير ..
ثم صمتت قبل أن أقول مجددا :
- ولقد حدثني عن الحرب الأولى قليلا ..
وحملقت في عيناه حين ابتسم وقال :
- لقد كانت نصرا تاريخيا ، بالرغم من أننا قد فقدنا من أعزائنا الكثير .
- هذا صحيح ولكن انظر إلى هذه ..
ووضعت النجمة على الطاولة وقبل أن أعلق عليها قال أبي مندهشا :
- من أين حصلت عليها ؟
- أخبرني أولا ، ما الذي تعنيه هذه الشارة ؟
- انها شارة إحدى رتب الجيش الألماني .
ثم رمقني بنظرة غريبة وقال :
- أجبني الآن ..
لأبتسم بخبث واضيف :
- كانت مع ليونيد .تفاجئ أبي من ذلك و أطرق مفكرا لبعض الوقت ،فرحت أكمل :
- ظننتك تعرف هذا .
- لا ، لم أكن قد اطلعت على أغراضه من قبل .
فصمتت بعدها فيما قلبت الأفكار في ذهني ثم
التفتت نحو أبي الذي راح يتأمل النجمة في ضيق فتسائلت فورا :
- ما بالك يا أبي ؟
- لا شيء ، إني فقد أحقد على الألمانيين وأمقت أن أرى ما يذكرني بهم !
أومأت برأسي متفهما ثم أضفت :
- أنت محق ..ثم رفعت كتفي بغير اكتراث وقلت :
- دعك من هذا الآن ، وأخبرني لما برأيك قد يحوز ليونيد على هذه النجمة ؟
فوضع أبي النجمة جانبا وأردف:
- لعله يعرف أحد العجائز الألمانيين ..
فضحكت قليلا ورحت أقول بسخرية :
- وكأنك تلقي على نفسك الشتيمة يا أبي
فابتسم بهدوء بينما وقف وقال :
- أجل ، إن أباك يكاد يكون عجوزا ..ثم أشار بخفة نحو ساعة الحائط و أضاف :
- وأيضا عليه النوم باكرا ، لذا تصبح على خير يا عزيزي ..
- وأنت بخير أبي .***
فتحت عيناي ببطء ألتمس نور الشمس ،الذي اتخذ طريقه نحو مقلتاي ، ورحت أحاول التعرف على المكان الذي أنا فيه و لم ألبث طويلا حتى أدركت بأني نمت في غرفة المعيشة بالأمس وقد فسر لي هذا آلام الظهر التي عانيت منها اليوم .تناولت الافطار مع أبي الذي راح يلقي النكات المضحكة ويسرد بعضا من مواقفه الكوميدية ، طبعا لم أكن من عشاق الهزل ولكني كنت أبتسم لمزاحه وقد احتلت بعض الخواطر ذهني حينها وكان أهمها هو أن أبي متقلب المزاج فعلا ..
مر الصباح بهدوء في المنزل ، ولكن المساء كان صاخبا قليلا ، فقد جلست أنا وأبي نتذكر الماضي و نحيي ذكرياتنا القديمة وبعد مدة قصيرة من أحاديثنا ، طُرق الباب فسارع أبي لفتحه ، ثم سمعت دردشة ترحيبية وتلاها صوت أبي المرتفع قائلا :
- إن أرنست هنا ..
وما ان سمعت ذلك حتى تركت ما كان بيدي و قفزت إلى الباب للترحيب به ولكنه لم يكن لوحده ، فروسينا حضرت أيضا وبالطبع كان هذا متوقعا حسب الاتفاق .
أنت تقرأ
قاتل بدون هوية - A murderer without an identity
Mistério / Suspenseابرو سيكر هو روائي مشهور , يعثر عن طريق الصدفة على مجلد و يتفاجئ بما يحمله ذلك المجلد من أمور مريبة تحدد طريقة حدوث سلسلة من جرائم القتل التي ما تلبث ان تحدث .. ولكن سرعان ما يختفي هذا المجلد ترى كيف اختفى ؟ ومن هو هذا القاتل ؟ و تتوالى الاحداث .. ا...