في انتظار اللقاء الأول
أطل الصباح من نافذتي وتسللت خيوط الشمس معلنة عن يوم جديد، فتحت عيناي على رنات هاتفي كالعادة وكان أول ما خطر ببالي هو جاك، حينها تساءلت مع نفسي؛ هل كل ما مر من أحداث كان حقيقة أم حلما؟ لم أصدق إلا بعد أن رأيت بطاقته على المنضدة بقربي، نهضت من سريري بتكاسل وأزحت الستار عن نافذة شرفتي، كم هو الجو جميل اليوم مشرق ويبعث السرور في النفس!
نزلت إلى الأسفل محدثة ضجة كعادتي وأنا أبحث عن أمي، لقد اشتقت إليها لم أجلس معها البارحة أكيد هي تفتقدتي، وجدتها في الصالة مستلقية على كنبتها كعادتها، تعيش على ذكرى أبي منذ وفاته لايمر يوم دون أن تذكره، فقد كان حنونا وقلبه يتسع للكل.
قبلت خذها فأخذتني في حضنها وهي تقول لي:
- إفتقدتك سنوهويت، أعلم أنك لم تكوني بخير هل تحسنت ابنتي؟
أجبتها:
- نعم ماما لا تقلقي، فقط كثرة العمل والملفات.
قالت لي حينها:
لتطلبي من المدير عطلة وترتاحي فذلك من حقك.
طمانتها قائلة:
- ماما أنت تعرفين كم أحب عملي فهو الوحيد الذي يملأ فراغي، وأشعر فيه بالسعادة وإن كان متعبا.
وأمام إصراري بالعمل قالت امي:
- المهم أن أراك سعيدة، لتناول الفطور الآن مع صوفي حتى لا تتأخري عن عملك.
أجبتها وابتسامة عريضة على وجهي:
- حاضر ماما نسيت عملي يا للهول أخاف أن يوبخني المدير عن التأخير.أخذت فطوري بسرعة وغيرت ملابسي لأذهب إلى عملي ولم تمض دقائق حتى وصلت، شرعت في إنجاز الملفات المتراكمة كالمعتاد وصورة جاك لاتفارق مخيلتي.
لم أشعر إلا وطرقات ليفيا على الباب، نسيت أن أسألها عن حال أبيها سوف تغضب مني لكن لم أفعل ذلك عن قصد، دخلت ليفيا تحمل السندويتشات ومعها باقة أزهار جميلة بداخلها بطاقة.
ناولتتي إياها وابتسامة على وجهها قالت لي:
- هكذا إذن يا سنوهويت تخفين عني أمرا ألست صديقتك المفضلة وبمثابة أختك ؟
أخذت منها باقة الورود وقرأت ما في البطاقة لقد كانت من جاك، يا إلهي كيف سأشرح لليفيا أن ذلك كله حدث فجأة، فأنا أيضا لم أستفق من كل ذلك بعد، ما زلت لا أصدق أني أصبحت أحب جاك ولا أستطيع الاستغناء عنه.قلت لها متمتمة:
- ليفيا كنت سأخبرك بكل ما حدث، فقط انتظرت حتى أتأكد من صحة الأمر ، كما أن كل شيء جرى بسرعة حدث وراء حدث.
ردت علي ضاحكة:
- أصدقك حبيبتي المهم ان تحكي لي فأنا أحب سماع قصص الحب وكيف تبدأ؟
قلت لها:
- مجنونة أنت نحن لم نبدأ بعد حتى نسميها قصة حب ولكن لن أخفي عنك أحببته وإن لم أجلس معه..
سألتني متلهفة:
- كيف ذلك ؟ لقد شوقتني أكثر سنوهويت أخبرني عن هذا اللغز .
أجبتها وأنا لا أصدق نفسي:
- إنه يكمن في بريق عينيه كم أخذني وسلب قلبي حتى تعلقت به روحي!
سخرت مني ليفيا قائلة:
- بريق عينيه أظن أن فيهما ميغناطيس جذبك إليه وجعلك تنسين صديقتك.
قلت لها مؤكدة لها ماحدث معي:
- بل نسيت حتى نفسي، الطامة الكبرى أني لا أعرف عنه شيئا، فقد إلتقيه صدفة يوم كنا في المطعم.
حينها قالت لي ليفيا:
- هكذا إذن فأنت منذ ذاك اليوم تغيرت، المهم أتمنى ان يكون من نصيبك حبيبتي فالحب الأول هو أصدق حب.بعد انتهائي من العمل رافقتني ليفيا كعادتها في الطريق، وصلت إلى البيت، بينما هي تابعت طريقها، جلست مع أمي وصوفي لتناول العشاء إلى أن حان وقت النوم ، استلقيت على سريري وبيدي وردة من تلك الباقة، استنشق عطرها وخيالي سارح في جاك، تراه هل يفكر في الآن أم لا؟ وبينما أسأل نفسي رن هاتفي.
سألت:
ألو من معي؟
رد علي جاك:
أنا جاك كيف أنت ماريا ؟ اشتقت إليك كم تمنيت رؤيتك هل من الممكن أن تحققي لي هذا الطلب الذي أحلم به؟بقيت صامتة من فرط ذهولي وبعد تخمين استطعت أن أجيبه بالقبول، وقلبي من شدة الفرح كاد أن يطير كفراشة بين الورود وهي تتنقل.
فرح جاك لقبولي عرضه واتفق معي أن يكون لقاؤنا بعد خروجي من العمل، لم أستطع النوم تلك الليلة من شدة فرحي، فقد تأكدت بعد لأي أني كنت تائهة في منعرج طريقي أبحث عن نصفي، مشيت دونه كطيف شارد عاش وهو يبحث عن ظله إلى أن وجده .
حتى لحني كان شاردا حين كنت أعزفه، الآن تغيرت نوتة عزفي ليصبح لحنا جميلا يطرب إليه الوجود، ورغم أني أعيش بين الحضور والغياب لكن أشعر بروحه تعانق روحي وإن كان هو غائبا عني، منذ التقيته ثمة أشياء بدأت تتحرك بداخلي تسري بي في شراييني على غير هدى لتجبرني على الاختلاء بنفسي.
قبلت صورة أبي وأطفأت النور لأنام وكلي لهفة أن يأتي الغد بسرعة لألقاه، إنه لقاءنا الأول سيكون.
أنت تقرأ
اليتيمة سنوهويت
Romantizmسنوهويت أنا تلك الفتاة التي جاءت للدنيا وفتحت عينيها لتعيش حياة دون أب مما جعلها تساير حياة صعبة و تواجهها بكل صمود وتحدي لتحقيق حلم عاشت عليه. هذه أول رواية لي على الموقع أتمنى أن تروقكم وألقى دعمكم وتشجيعكم💕