الفصل الأول

21.4K 456 5
                                    


-"يعنى ايه متفقناش مع بعض..انتِ أتجننتى يا بت أنتِ ولا ايه؟

فى عروسة تسيب بيتها من تالت شهر ليها؟

الناس تقول علينا ايه،متردى انطقى"

صرخت بها والدتها وهى تهزها بقوة لكنها كانت بعالم أخر شاردة تفكر فى تلك المصيبة التي وقعت بها،

لتفيق على تلك الصفعة التي هوت على صفحة وجهها فرمتها أرضا.

عرفت أن حياتها ستعود جحيمًا مرة أخرى،اكن لم تكن تعرف أن الجحيم سيسارع إليها بتلك السرعة وكأنه أشتاق لإذلالها مرة اخرى.

وفجأة شعرت بقبضته القوية على فروة شعرها حتى كاد أن يقتلعه من جذوره،صاح بها وهو يوقفها مرغمتًا:

-"خرجتي من بيتك لييه؟وبتعملى ايه هنا؟انطقى"

نظرت له بجمود بعد مجهود رهيب لتمنع عبراتها من السقوط،فأخر ما تريده هو أن يراها تبكى ويشعر بلذة انتصاره عليها.

وبكل برود أجابته قائلة:

-"ده بيتى يا ماهر..بيتى وبيت بابايا وأنتَ اللى ضيف عندنا وضيف تقيل جدًا كمان..."

ولم تكمل كلامها فقبضته ازدادت على رأسها حتى شعرت باقتلاع بعض خصيلاتها لكنها سرعان ما استعادة شجاعتها وهتفت به بقوة قائلة:

-"سيب شعرى يا همجى أنتَ واطلع برة البيت ده بالذوق بدل ما اطلعك منه بفضيحة"

نظر لها ذاك المدعو ماهر بعيون تطلق شررًا،ثم ابتسم ابتسامة خبيثة وقربها منه هامسًا أمام عينيها:

-"هنشوف يا عشق مين فينا اللى هيخرج بفضيحة صبرك عليا"

وبدون كلمة أخرى نفضها من يده لتسقط ارضًا ورمق والدتها التى كانت تشاهد ما يفعله بابنتها بدم بارد بنظرة فلحقت به تاركة ابنتها تناظر ظليهما بكره وحزن.

***

كانت بغرفتها وقد تحررت من حجابها وملابسها الكثيرة فأصبحت ترتدى كنزة صوفية سوداء ذات عنق و اكمام طويلة وعليها بنطال ضيق اسود اللون كذلك.

وكان الليل قد حل والهدوء يعم المكان

فوقفت فى شرفتها بعد أن مشطت شعرها وهي ترثي تلك الخصلات التي اقتلعتها يد الهمجى ماهر ذاك وتشردت فى حالها...

منذ ان ولدت وحتى الان والصفات التى وجدتها متكررة فى حياتها هى الوحدة و الظلم والمهانة...

فمنذ ولادتها تركها والدها هي وأمها وحدهما فى هذا المنزل الكبير ولم يكلف نفسه ولو مرة واحدة عناء التواصل معهما.

هي لم تراه قط ولا تعرف عنه أى شئ،لطالما تجنبت والدتها الحديث عنه وكلما سألتها عنه تهربت من الاجابة عليها.

ربما الشيئان الوحيدان اللذان تعرفهما عن والدها هو اسمه

"ممدوح سيد العزمى"

والشئ الاخر انه رجل فاحش الثراء وهذا استنتجته من الاموال الكثيرة التى يرسلها إليهم شهريا.

و ذهبت بذاكرتها نحو ايامها فى المدرسة،هى لم تكون أى صداقات طوال الاثنى عشرة عاما فى المدرسة.

كانت منطوية و"دودة كتب"كما كان يلقبها البعض ساخرًا منها،فهي كانت دائمة القراءة والاطلاع وكانت تنال المركز الأول فى كل الصفوف الدراسية.

نزلت دمعتان حائرتان على خدها الذي مازالت علامات اصابع ماهر مرسومة عليه وقد تكونت كدمة زرقاء أعلى وجنتها وهى تتذكر انها لم تستطع اكمال تعليمها الجامعى.

وتذكرت انه منذ دخل ذلك المدعو ماهر حياتها هي و والدتها وحياتها تحولت من سئ الى اسوء.

بدأ الامر بنظراته الغير مريحة لها وتعمد اهانتها والتقليل من شأنها،ثم جاء امر اجبارها على ترك جامعتها

ليتدخل والدها لأول مرة فى حياتها عبر وسيط ويجبرها هو الآخر على الزواج من شخص لم تره أبدا.

وتم تزويجها من مالك،دون الالتفات الى اعتراضها حتى وكأن الشأن ليس شأنها.

و لتكتشف فيما بعد أن زواجهما كان صفقة بين والدها ومالك،وكانت هى الوسيلة الوحيدة لإتمام تلك الصفقة.

و اااه من قلب خائن وقع فى مصيدة الحب ليتحطم بعد ذلك...

قلب أحب الاستقرار والاهتمام،فرغم ذلك الزواج الصوري عاشت عشق اجمل ايامها فى بيت مالك وهى تشعر بأنها الان تمتلك بيت تستقر فيه ولديها زوج وستعمل على بناء عائلة معه وستبذل قصار جهدها لتوقعه في حبها فلا يتركها ابدًا.

وكان مالك رجل تتمناه اى فتاة،فهو وسيم لبق يجيد التعامل مع النساء،كما أنه كان يوليها كل الاهتمام والرعاية لكن دائمًا ما كانت تلمح نظرة الشفقة فى عينيه.

كان أول رجل فى حياتها فلم تستطيع منع نبضات قلبها المتسارعة التي ملكها مالكها.

ولكن كل ذلك تلاشى عندما علمت ان زواجهما مجرد صفة،زواجها كان مؤقتا حتى وفاة والد مالك فيرث مالك كل املاكه والتى لم يكن ليرثها الا عندما يتزوج من عروس عربية غير زوجته الأجنبية التى تزوجها رغما عن والده فى البداية.

ولم تكن لتعرف الحقيقة لولا والد مالك الذي اخبرها كل شئ وهو يعتقد انها تعلم الأمر.

وتوفى والد مالك بعد زواجها بشهرين ولم ينتظر مالك سوى ثلاثة ايام ورحل بعدها يساند زوجته التى كانت على وشك وضع طفلها الأول تاركًا عشق وحدها بين اربعة جدران

وحيدة محطمة الأمال ومكسورة القلب

هي ما كانت لتبنى سعادتها على شقاء الغير قط فلتتحمل ذلك الفراق حتى وإن كان الأمر صعب

فإن القلب إن هوى وأحب أصبح فراق الحبيب مؤلم و صعب.

رفعت بصرها وشردت من جديد وهى تنظر إلى القمر الذى كان هلالًا على وشك الزوال حين اذ،وأخذت تفكر فى المصائب الكثيرة التي تحيط بحياتها.

طرقات قوية على باب غرفتها جعلتها تستيقظ من غفوة ذكرياتها وهى ترتجف خوفا من صوت الصياح الآتي من خلف الباب.

فعلى ما يبدوا أن أمر طلاقها قد وصل إلى والدها.

بين ليالي العشق(الجزء الاول من سلسلة اقدار متشابكة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن