تسللت في الظلام علي اطراف اصابعها المحشورة في الحذاء الكاوتشوكي البالي ، كانت تحمل حقيبة ظهر مهلهلة بها كل ما تملك من الدنيا، باقدام مرتجفة وانفاس متلاحقة كانت تسير مسرعة، تتلفت خلفها كل ثانيتين لتتأكد انهم لم يتبعوها، كانت خائفة .. مذعورة، و لكن خوفها كان الحافز الذي جعلها تسرع الخطي كانت تعرف وجهتها جيدا، ان لحقوا بها الان ستضيع الي الابد..
اخيرا وصلت.. انها منطقة الريس عبود، تسللت متخفية فهي لا تريد ان يدرك احدا وجود غريبة بالمنطقة، لم تشأ ان تلفت الانظار اليها، مشت قي وسط الطرقات الضيقة و المباني القصيرة العشوائية تبحث عن مكان ..اي مكان يأويها مسافة سواد الليل.. حتي ولو كان داخل علبة قمامة. فجأة سمعت اصواتهم ، مؤكد احدهم لمحها وهي تدخل المنطقة.. اصابها الذعر للحظة، ولكنها وجدت امامها نافذة مفتوحا في ما يشبه المنزل او اقرب الي حجرة صغيرة.. القت نظرة سريعة داخل النافذه لتجد غرفة مظلمة خالية من الاشخاص.. القت بحقيبتها في الداخل و قفزت خلفها.. ثم استندت بظهرها الي الحائط بجوار النافذة تحبس انفاسها ، استدارت بحذر تحاول النظر من نفس النافذة دون ان يراها من يبحثون عنها في الخارج.. كانت اصواتهم قريبة في الجوار ولكنها لم تراهم.
جابت بنظرها انحاء الغرفة..الرؤية صعبة ولكن يمكنها تمييز الاشياء..الغرفة متكدسة باغراض صاحبها.. يبدوا انه رجل من البنطال (الجينز) المعلق خلف الباب.. اتراه به نقودا..انها في امس الحاجة اليها الان ..القت نظرة اخري خارج النافذة للتأكد انهم ليسوا قربها و اتجهت للبنطال ..دست يديها في جيوبه.. يالحظ السعيد.. انها خمسون جنيها.. لقد ميزتها في الاضاءة الخافتة ..ثم اخرجت الحافظة التي وجدتها في الجيب الاخر..وقبل ان تفتحها..
قبضت يدا كبيرة علي يدها في قوة، شهقت في ذعر والتفتت لتجد ذلك الكيان الضخم يمسك بها يدفعها في عنف نحو الحائط فترتطم عظام ظهرها به، شعرت بالم قوي مما جعلها تصدر انين خافت وتغلق عينيها الما ، وما ان فتحتهم حتي وجدته ممسكا بها باحدي يديه .. وشعرت بالنصل البارد علي رقبتها .. هل سيقتلها؟؟ نظرت اليه ..الضوء غير كافي لتبين ملامح وجهه ولكنه علي كل حال ليس من الذين تهرب منهم..
قال بحدة:" انتي مين يا بت و مين اللي زائك؟؟"
واضح انه صاحب الحجرة و لم تتبين وجوده وهو نائما في الظلام..
صاح بها و هو يدفعها في وجهها بيده :" انطقي يا بت بدل ما اشرحك؟" واشار بيده التي بها المطواه
فقالت بذعر:" ابوس ايدك وطي صوتك! حاجتك اهي عندك انا ملحقتش اخد حاجة..سبني وحياة ابوك.. "
قال:"ولما انت خايفة تتفضحي ...بتسرقي ليه؟؟ مين اللي باعتك با بت؟؟" ولطمها لطمة خفيفة علي وجهها..
لم يري دموعها و لكنه شعر بها علي يديه.. جذبها من ذراعها و في عنف و ذهب بها الي زر النور ليضيئه
كان يريد ان يراها.. نظر اليها يتفحصها، فتاه شابة .. تميل الي السمار بعنينن رغم الدموع جميلتين.. شعر اسود مموج جدا ..ترتدي ثياب رثة.. بنطال جينز كل قطع فيه يبين جزء من ارجلها.. و سترة حالها افضل قليلا من الجينز لها غطاء رأس مسدل علي ظهرها.. و معها حقيبة ظهر بالية ...كانت ترتعش.. دامعة العنين و لكنها لم تكن تبكي..تنظر اليه بثبات وترقب..
فقال:" و الشنطة دي فيها ايه؟؟"
اعتطه الحقيبة في هدوء وقالت وهي تلقي نظرة خارج النافذة:" والنعمة هدومي.. انا مخدتش منك حاجة... اتطفي النور ابوس ايدك.."
فقال وهو مرتاب:" انتي هاربانة من مين يا بت؟؟"
فقالت:" طب اطفي النور وانا اقولك.."
فتركها ليطفيء النور .. وما ان استدار مبتعدا عنها حتي اسرعت نحو الشباك لتقفز منه الي الخارج، و ما ان وصلت حتي وجدتهم يقتربون نحو المنزل ..فاستدارت لتعود ادراجها بسرعة لتجده انقض عليها مرة اخري قائلا:" يا بنت الحرامية.. "
امسكت هي به بقوة و قالت وهي يكاد يغشي عليها من الذعر:" هيموتوني و يموتوك لو لقوني هنا.."
فقال متعجبا:" مين دول؟!"
ثم طرقوا الباب..فوقفت بظهرها خلف الباب و اشارت له برعب كي لا يفتح، الاانه نظر اليها باستنكار ودفعها بقوة وفتحه، فبقيت هي خلف الباب تكتم انفاسها ..
وجد خمسة رجال مألوفين .. ابتسم في برود فقال احدهم بتوتر رغم محاولاته ان يكون مرحا :" يا ﭽو ..حبيب قلبي.."
ﭽو بسخافة:" نعم..ايه اللي جايبكم الساعة دي... ثم ايه اللي لم الشامي علي المغربي؟؟" واشار بيديه قاصدا اثنان منهم..
رد عليه نفس الشخص:" طب ليه بس المقابلة دي.. احنا بندور علي البت بتاعة عدوي..متكونش دخلت عندك؟؟"
جو:" وانت من امتي بتشتغل عند عدوي مدوراتي؟؟! المعلم مرعي طردك ولا ايه؟؟ "
رد عدوي الذي كان يقف معهم وعلي قميصة في منطقة الذراع الايمن بقعة دماء كبيرة:"انا لسة دافع فيها للمعلم مرعي 100 باكو..وانا جاي استلمها منهم ضربتني بنت الـ (..) بحتة ازاز في دراعي وهربت" واشار الي بقعة الدماء
جو ساخرا:" انت لسة يا عدوي فيك العادة دي .. بتاخد البنات غصب ! "
فقال احد الثلاثة الاخرين:"المعلم مرعي هيجيب خبرها عشان صغرته واطاولت علي اسيادها.. بعتني انا و امين مع رجالة عدوي ندور عليها ونرجعها"
فقال عدوي :" عموما يا جو لو جت هنا هتبان.. محدش غريب بيخش منطقة الريس عبود..ابقي ادينا خبر لو بانت.."
جو مستهزئا :" ا تكلوا يا جدعان.. بلا شغل عيال.. قالبين الدنيا علي حتة بت!"
فقال عدوي وهو يعض علي شفتيه:" مش اي بت يا جو... لما تشوفها هتعرف انها مش اي بت"
وقال احد رجاله:" دا دافع فيها 100 باكو.. همة دول شوية؟؟!!"
جو لعدوي:" ماهو دا من خيبتك.. تدفع كل ده في واحدة؟.. وكمان مش طايقاك خلقة اهلك.. وياريتك هتشغلها و تكسب منها حاجة.. الا انا عارفك وعارف انت وخدها ليه"
عدوي:" لا ازاي.. دي البريمو بتاعة المعلم مرعي.. ده بيطلع من وراها بشيء وشويات..دي تريبة ايدو.. احسن واحدة تقلب زباين.. وبتنط علي شقق.. بتعرف تعمل كل حاجة.."
جو: " ولما هي البريمو كده .. المعلم فرط فيها ليه؟"
عدوي:" لا مهو مكانش عايز يسيبها ابدا،لولا غلاوتي عنده و لما قلتله انها تفضل تشتغل لحسابه.. بس بالاسم ملكي وانا اللي ملزوم بيها تعد عندي.. تصدق لو اقولك.. انا هتجن عليها من يجي تلات سنين.. بس وقتها مكنتش زي دلوقتي..اديني اتنصفت وقدرت اخدها"
جو ساخرا:"قدرت فين؟؟ ماهي عورتك ..ولحد دلوقتي متعرفلهاش طريق" وضحك لضايقه..
كان يوسف او (جو) كما يطلق عليه الجميع، لديه في قلبه عداوة عميقة لعدوي برغم من انهما نشئا معا حتي صارا غلامين عند المعلم سيد الذي لقي حتفه اثر غارة من عصابة احد الاعداء.. وبعدها افترقا كل في طريقه...لم يكونا ابدا اصدقاء..عدوي عنيف، سادي، يحب الايذاء حتي ولو بدون سبب.. وكان يوسف دائم التصدي له وطالما دافع عن الصبيان الاضعف ضد عنف وسادية عدوي.. وعندما حدث ما حدث للمعلم الذي آواهم منذ الطفولة و علمهم كيف يواجهون ويقهرون الحياة الصعبة.. كل شق طريقه، وبفضل ما غرسه فيهم المعلم سيد..اصبح عدوي (بلا حسد) يرأس عصابة صغيرة معروف عنها ان لا حدود لهم في الاجرام.. اما يوسف (اسم النبي حارسه وصاينه) صار يعمل حارسا شخصيا لكبار رجال العصابات.. و بانفصالهم صار عراكهم معا شبه معدوم و بقيت فقط المعرفة القديمة.. لسبب ما كان عدوي مازال يقدر يوسف ويحاول ان يبقي علي صداقته بينما يوسف كان لا يقبله و ينتهز اي فرصه ليكدره..
قال جو:" طب اخفوا من وشي بقه ..انا لازم انام.. جتكم البلا"
عدوي:" بكرة لما تشوفها معايا..هتعرف انها تستاهل.. خش اتخمد"
وبالفعل رحلوا و اغلق جو الباب ليجدها تقف خلف الباب و قد اصفرت من الخوف.. تلك الفتاه اما مريضة او ستصاب باغماء الان..
اقترب منها و امسكها من ياقتها و قال:" اسمك ايه يا بت؟"
تمتمت:" شهد.."
فصمت يتفحصها بينما هي كانت تتابعه في ترقب
ثم قال:" انتي اللي عورتي عدوي كده؟.."
زاغت عيناها فهي لا تعلم درجة علاقته بعدوي و لربما انتقم منها ان كانوا اصدقاء
فجذبها من ياقتها و صاح :" متنطقي!"
اومأت برأسها..
فربت علي كتفها وقال:" جدعة يا بت!"
نظرت ليديه علي كتفها بتوجس شديد..
فقال وقد ادرك انها خائفة منه:" انا هسيبك اهه .. بس متهربيش.. انا مش همسكك.. لمصلحتك اوعي تخرجي دلوقتي.. انا عارف عدوي وشره..استني للصبح.."
اومأت برأسها مؤيدة لكلامه..
فقال:" طبعا شكلك مكلتيش من زمان"
وقام ليذهب الي ملحق للحجرة يبدوا انه ركن للموقد و الحوض ودولاب صغير..
التفت اليها ليتلقي اجابة.. ولكن الحرج علي وجهها كان اجابة وافية ..
عاد اليها بلفة مفتوحة وقال:" خدي.. كلي..ده كباب..عمر ما هلك داقوا ذيه.. هو مش فاضل كتير بس هيعمل شغل معاكي"
وضع اللفة علي مائدة صغيرة في وسط الحجرة ثم قال:" متتحركي.. تعالي كلي.."
اقتربت من المائدة وجلست علي الكريس الخشبي الملاصق لها ..اخرج هو لها قطع الكباب ليشجعها علي الاكل..
كانت متوجسة و قلقة.. لم تعتد ان يعطف عليها احد..دائما هناك غرض ما وراء اي مصلحة او خدمة، الا انها عندما رأت الكباب و صعدت رأحته الي انفها، انقضت عليه ..
جلس امامها علي السرير المقابل لها يتابعها كان علي وجهه نظرة رضا لرؤيتها تأكل بنهم.. لم يحاول ان يحدثها حتي لا يقطع انهماكها.. بدت وكأنها دخلت في عالم مع الطعام و قد نسيت وجوده.. او جودها في الدنيا..
وبعد لقيمات عديدة بدأت تعود للواقع و الحجرة وتنتبه لوجوده فقد احست بالشبع.. كانت مازالت تأكل و لكنها كانت اقل انهماكا..
قالت بعد ان ابتلعت قطعة لحم:" لامؤاخذة في السؤال.. انت جبت الكباب منين؟ سارقه؟"
ابتسم وقال:" لأ دا بيوزعوه عليا في الشغل"
فقالت بانبهار:" انت بتشتغل ايه؟؟"
فقال:" عارفة (الخواجة) دراع الريس عبود اليمين؟ انا الجارد بتاعه؟"
فقالت في عدم فهم:" جارد؟؟!"
جو:" حارس يا جاهلة.. انا الحارس الي بحميه."
شهد:" فتوة يعني.. متقول فتوة!"
فقال:" فتوة؟! شايفاني واقف علي باب كابريه.. اسمه جارد..هو اسمه كده"
شهد: "وهمة بقي في شغلانة الجارد دي بيوزعوا عليكوا كباب؟؟"
جو:" لا طبعا.. بس الخواجة كان عامل اجتماع و جايب للضيوف كباب.. لازم يرش علي رجالته برضه"
فقالت:" الا انت اسمك ايه؟ كنت سامعة اللي ما يتسمي بيقولك يا جو.."
جو:" اسمي يوسف.. وبيقولولي يا جو "
شهد وهي تضع كفها علي صدرها كناية عن الشكر :"انا كنت عايزة اقولك شكرا علي واجب الرجولة اللي عملته معايا.. جميلك في رقبتي طول العمر.. انت بس اطلب مني وانا تحت امرك.. لو عايزني اقلبلك حد.. حد خد منك حاجة ..متغاظ من حد اكدرهولك..متستقلش بيا.. دانا اجدع واحدة عند المعلم مرعي"
جو:"ولما انت حاجة مهمة قوي كده..باعك لعدوي ليه؟؟"
قالت بحسرة:" بختي المهبب.. اصل عدوي اليومين دول ماشي تحت جناحه و بيخلصله شغل كتير.. فالمعلم محبش يكسفه..بس زي ماقلك هو، الاسم ملك عدوي بس اشتغل لحساب المعلم.. منه لله، انت عارف ده قارفني بقاله سنين..بس انا دايما اصده.. علطول بيتعرضلي بس انا مبسكتلوش.. اوعي يغرك شكلي اكمني بت..دانا جامدة قوي "
جو :" ما هو باين.. فتحتيله دراعه يا فالحة.. انتي عارفة ده لما يمسكك هيعمل فيكي ايه؟؟"
شهد:" يعمل اللي يعمله بقي.. لعلمك انا مكانش قصدي اعوره انا كان قصدي اموته ..بس الخوف بقي خلاني انشن غلط..ولو جاتلي الفرصة تاني هنشن صح.. اصل كله الا الشرف.. هو انا حيلتي غيره.. انا طول عمري ماشية خط مستقيم.. اعد مع زباين المعلم في اي محل او كازينو اقلبهم و اكت ، قبل ما حد فيهم ايده تتمد عليا.. لكن عدوي ده.. انا عارفة هو واخدني ليه.. "
جو:"طب وانتي ناوية علي يا جامدة؟ هتقلتي منهم ازاي؟؟ ده لو فرضنا ان عدوي طلع عبيط و استعوض ربنا في الـ 100 باكو.. مرعي مش هيستعوض تريبته واللي صرفه عليكي سنين عمرك.. الاتنين مش هيهمدوا"
شهد:" هروح للريس عبود!"
جو متفاجئا:" نعم ياختي! دانا نفسي مبعرفش اقابله.."
شهد باصرار:" هتشوف! هيقابلني و هقع في عرضه واطلب حمايته.. هو من زمان مش قوي مع المعلم مرعي.. مفيش بينهم ود..يدوبك علي قد المصالح.. ولما يشوف شطارتي هيخليني معاه"
جو:"شطارتك! انتي فاكرة ان الريس عبود ده بيشتغل في الفتافيت بتاعتكوا انتي و المعلم بتاعك.؟!. الريس عبود ده شغل علي كبير قوي.. انتي بالنسباله بت ملكيش اي تلاتة لازمة"
قالت بحدة:" وانت مال اهلك انت؟! ايش حشرك؟.. هتشوف لما اوصله و يبقي مركزي اعلي منك انت و الخواجة"
جو:" اتلمي يا بت بدل ما اقوملك.. "
صمتت في غضب.. فهي لا تريد اثارة مشاكل معه فهو حاليا المؤي الوحيد..
فقال وهو يتفحصها:" بس تصدقي الواد عدوي بيفهم برضه.. "
لم تفهم بالضبط ما يرمي اليه و لكنها لم ترتاح لتفحصه لها.. اصابها التوتر و جذبت حقيبتها اليها..
وقالت وهي مرتابة:"بيفهم في ايه؟؟"
جو:" في النسوان.."
فاجأته شهد بسكين في يدها يبدوا انها اخرجته من الحقيبة بدون ان يري، وقالت و هي ترفع يدها به:" ايه؟ انت عايز تاخد حق الكباب و لا ايه؟؟ انا قلت برضه الكرم ده مش عادي.. بقولك ايه؟ انا فتحت دراع عدوي و مستعدة اعملها تاني ..بس المرة دي هنشن صح! اشتري عمرك يابن الحلال"
ابتسم ساخرا وقال:" طب اوعي بس السكينة تعورك.."
ثم قام و انحني ليخرج شيئا من تحت السرير..انها بطانية.. القاها علي الارض بجوار الباب ، وعاد واخذ احد الوسادتين من علي السرير و القاها بجانب البطانية و قال بلا مبالاة:" لو فكرتي تانمي هنا .عندك بطانية و مخدة اهم.. ممكن تنامي جنب الباب عشان تطمني.. "
كانت لا تزال مشهرة السكين في يدها وتتابعه بحذر
ثم اقترب منها .. فعادت للخلف الا انه انقض عليها وامسك بها بيد و بيده الاخري امسك يدها التي بها السكين، حاولت الافلات الا انه ثبتها بقوة وقال بهدوء :" مش انا اللي اغصب واحدة علي اي حاجة هي مش عايزاها! انا مش عدوي!.. " ثم انزع السكين من يدها وقال:" ومش انا اللي يترفع عليا سكينة!"
اخذ السكين ووضعها في حقيبتها مرة اخري قائلا:" خليها لحد تاني ترفعيها عليه.."
كانت حائرة بين مشاعر القلق وعدم الراحة و الاطمئنان و بين انبهارها بقوله .. وقفت مبهوتة..
اما هو فقد توجه لسريره واستلقي عليه معطيا ايايها ظهره..ثم قال باقتضاب وظهره اليها:" اطفي النور وحياتك.. ومش عايز صوت وانا نايم.."
افاقت من ذهولها ، في صمت توجهت ببطء لحقيبتها و اخرجت السكين ثم توجهت لزر النور بجوار الباب و اطفاءته ، وفي ظل الاضاءة الخافتة القادمة من الخارج عبر النافذة، جلست بجوار الباب و لفت البطانية حولها و ظلت ممسكة بالسكين في يدها في وضع استعداد .. كانت مرهقة بشدة الا انها ابت ان تنام.. يجب ان تبقي يقظة ..لم تتعود ان تأمن لأحد.. حتي ولو كان ذلك الشهم الوسيم الذي حماها و اواها و عطف عليها الليلة..