الفصل العاشر

12.3K 308 9
                                    



كانت شهد تجلس علي كرسي في المطبخ في حالة من الاضطراب ممتزجة ببعض البكاء و قد و ضعت لها سمر كوبا من العصير البارد في يدها، تدريجيا التف حولها معظم الفتيات و علي رأسهم زوزو و قد دس مندو نفسه بينهن ليستمع الي اجابات شهد عليهن بخصوص ما حدث للتو..
كانت زوزو اكثر من سأل وكأنها تحاول اظهار و التأكيد علي عدم معرفتها بشيء، بينما كانت شهد تجيب اجابات مشتتة و جمل غير مترابطة، ولكنهن نجحن في بناء القصة بصورة تعتبر صحيحة.
حاولت سمر ابعادهن حتي تهدأ صديقتها و ايضا حتي تنفرد بها و تحصل علي تفاصيل اكثر، ة لكنها فشلت فقد كان الحدث اكبر من كل مرة، فقد اطلق جو الرصاص علي شخص.. كانت سابقة في حد ذاتها.. وكونه اطلقه من اجل شهد، فالامر يستحق سماع القصة وراءه.. و ماكان من قصة شهد و هروبها من عدوي واحتمائها بجو المفترض انه صديقه كانت مثيرة جدا .. لذا لم تنجح سمر في ان ترسل الفتيات الي الخارج و تبعدهم عن شهد..
سمر و هي تربت علي كتف شهد:" يعني انتي كده بقيتي حرة يا شهد! مبروك يا حبيبتي"
شهد مفكرة بعمق:" هو مات؟ لما يفوقلي –الهي ما يوعي يفوق- هيرجع ينتقم مني.. لازم اخفي في حتة تانية"
سمر:" و ليه؟؟ خليكي في وسطينا و جنب جو و زي ما حماكي منه طول المدة دي يحميكي تاني "
زوزو:" مفيش حاجة اسمها كده! شهد ملك اللي اسمه عدوي ده.. واخد رصاصة بقي ..مكسر..طول ماهو عايش هي من حقه.. اللي عمله جو ده اكبر غلط .. وهيسببلوا و يسببلها مشاكل! "
سمر:" والنبي ملكيش دعوة انتي يا ختي.. اطلعي منها.. انتي مفروسة و بطلعي نفسانتك علي البت الغلبانة"
زوزو و قد استعدت للردح:" نعم يا حبيبتي! و انا ايه اللي يفرسني؟! ماعاش و لا كان اللي يفرسني؟! انتي اللي تطلعي منها.. انا و شهد بنكلم مبقاش الا خدامين الصالة اللي هيتحشروا بنا"
سمر و قد انفعلت و همت بتطويل يديها و هي تقول بحدة:" انا بقي هوريكي الخدامين بيتعاملوا ازي مع قلالات الرباية اللي زيك!"
وتدخلت الفتيات لتمنعها بينما استعدت لها زوزو فالتف حولها فتيات اخريات احطياطيا
وفجأة صرخت بهم شهد و هي تضع يديها علي اذنيها في انيهار:" بس! بس! انتوا مصدقتوا!"
تمت السيطرة علي العركة الصغيرة بين زوزو و سمر، و قبل ان تخرج زوزو غاضبة فوجئت بجو يدلف الي المطبخ، فابتسمت بعد ان كانت عابسة و قالت:" تسلم ايدك يا بطل.. الحمد لله انك كويس..قلبي و قع من الخضة"
ثم ربتت علي صدره في دلال ..فابتسم لها و ربت بدوره علي يدها الموضوعة علي صدره قائلا:" تسلمي يا زوزو" ، في لحظتها القت زوزو نظرة ذات معني واضح لشهد ، فاشاحت شهد بوجهها فلم يكن ينقصها الان ان تتجاوب او حتي تتلقي هذه النوعية من التصرفات.. اما جو فقد كان مبتسما ابتسامة مشرقة، وقد استقبلتها زوزو علي انها رد فعل لاهتمامها به.. فانتفخت وزادت في نظرات الكيد للجميع و ليس لشهد فقط.
بعد ان قام جو بالتربيت علي يدها في امتنان ، ابعد يدها و تخطاها هي شخصيا وتوجه بنظراته و ورجليه و كيانه كله الي شهد و نادها مبتسما..
نظرت اليه و قامت متوجة نحوه و قالت :" يا جو انا و النعمة ما عارفة اقولك ايه؟ دانا لو شكرتك من هنا للسنة الجاية يدوبك يكفي اللي عملته معايا لحد قبل الليلة.. انما اللي عملته الليلة دي والله ما في كلام لاقياه اقولهولك!"
كان لا يزال مبتسما ينظر اليها بسعادة.. لم يكن حقا مهتما بما تقول .. لم يكن منصتا.. كان يحدق بها و يتأملها وهي تتحدث.. يستمع الي صوتها.. غير مميزا لكلماتها..
اكملت شهد:" انت جميلك فوق راسي و علي رقبتي.. و الناس اللي واقفة دي تشهد عليا.. اول ما استقر في مكان هعرفك فين.. واي طلب انت عايزه اؤمرني بس! "
جو:" وانتي فاكرة انك هتمشي؟"
شهد:"هو ده الصح.. و علي رأي زوزو اللي حصل ده كان اكبر غلط و مش هيجيب غير المشاكل ليا وليك"
القي يوسف نظرة جانبية نارية الي زوزو و ثم عاد ليقول لشهد:"بما انك هتنفذيلي اللي اطلبه.. اول طلب اطلبه منك.. بلاش تمشي و را كلام حد!"
برغم من ان شهد لم تكن في مزاج (للعكننة )علي زوزو و لكن اعجبها (التخبيط) الغير مباشر الذي بدي في كلام يوسف وقد ترائي ذلك في نظرة سريعة القتها الي زوزو..
قالت شهد بأسي:" حاضر.. بس العقل بيقول ان الصح اني امشي قبل ما عدوي يفوقلي تاني.. المرة دي هيتقال انك كنت بتحمي ريسك من و احد كان هيضرب نار ناحيته، و هتعدي و محدش له عندك حاجة.. بس مش كل مرة تسلم الجرة"
جوبحزم:" مفيش كل مرة! دي المرة الاخيرة.. عدوي لو خطا جنبك تاني هكسرله رجله"
شهقت سمر شهقة خافتة من فرط التأثر بالجملة.. وسرحت بهما وكأنها تشاهد فيلما رومانسيا..كان ينقصها فقط علبة فشار واريكة..
غمر شهد احساسا غريبا، لقد اثرت بها كلمته الاخيرة بشدة.. كيف يصر علي ان يكون بهذه الرجولة و القوة الممزوجة بالحنان و الرعاية.. مع قدر كبير من الحزم و القسوة؟! كل هذا في ان واحد!!
التفت جو فجأة للفتيات و مندو و قال متسألا:" هي الناس دي كلها هنا بتعمل ايه؟؟!!"
ارتبكن و منهم من بررت و جودها بلإطمئنان علي شهد..و منهن من توجهت للباب في احراج.. انتهي الامر ان خرجن جمعيا الا زوزو، فقد بدأت في صنع الشاي قائلة باقتضاب:" انا عندي راحة و هشرب شاي!"
اما سمر فقد تظاهرت بالعودة للعمل بقرب الحوض بينما تركت حواسها الخمس مع يوسف و شهد ، و كذلك فعل مندو بعد ان جلس قرب زوزو..
قالت شهد:" جو انا مقدرة خوفك عليا! متخافش انا افوت في الحديد.. شفت في العربية علمت فيه ايه؟ و قبل كده رشقتله ازازة في كتفه! المرة الجاية انا ناوية علي عينه ان شاء الله.. مش زوزو بتقول طول ما هو عايش انا ملكه؟! و انا طول مانا عايشة ما هيملكني ابدا!"
ابتسم جو في استخفاف و قال :" هو محدش بيكلمك في الحياة غير زوزو.. كل اصحابك قاطعوكي؟!"
ارتبكت زوزو في جلستها عن بعد، جاولت ان تظهر انها لم تسمع و تشاغلت بكوب الشاي في يديها..
و لكن لاحظت شهد ذلك و لاح علي شفتيها شبح ابتسامة ساخرة من الامر..
فاكمل جو:" شهد انتي مش فاهمة! مفيش عدوي تاني!"
شهد مصعوقة:" مات؟!"
جو:" لأ.. يا شيخة بعد الشر"
عقدت شهد حاجبيها و نظرت له بغباء ، فقال هامسا:" يموت موتة ربنا ولا اتوبيس يهفه بعيد عني.. انما يموت، و ابقي انا اللي قتلته؟! " حرك رأسه مستنكرا للفكرة
ثم عاد و قال مبتسما و ببطء حتي يثير فضولها:"الخواجة صادر ممتلكات عدوي.....و انتي يا حلوة من ضمنها" اتسعت عينا شهد الجميلتين في محاولة لاستيعاب الامر..
اكمل جو:"فبقيتي ملك الخواجة..."
بدا علي وجهها الذهول و قالت:" يانهار مش باين!"
فاكمل و كانها لم تتحدث و قال:" قام هو باعك في ساعتها.. هيعمل ايه بواحدة مسلوعة وخيبانة زيك؟!"
امسكت شهد بقميصه من الصدر بحركة لا ارادية وقالت بلهفة و انزعاج:" لمين؟!!!!!"
فامسك بيدها و ازاحها بتعال وكبر مصطنعين و قال:" حد يمسك المالك بتاعه من قميصه كده؟!"
سمعا صوت انفجار كوب زجاجي يحمل شايا ارتطم بالارض بعد ان سقط من يد اصابها هول المفجأة بالصدمة ، وكان الصوت مختلطا بشهقة عالية صادرة من حنجرة سعيدة متأثرة و مذهولة..
اما شهد فلم تتمكن من استيعاب الامر فسألت بفم ينغلق بصعوبة:" مالك مين؟"
جو مبتسما في تشف:" المالك بتاعك؟"
شهد تكذب نفسها:"مين ده؟"
جو:" انا!"
شهد:"انت المالك بتاعي؟َ!!"
جو:" ايوة!"
شهد:" اشترتني!!!"
جو:" ايوة!"
نظرت شهد حولها غير مصدقة تحاول ان تتأكد من كان الموجودين انهم سمعوا ما سمعت.. عندما التقت عينها بسمر رأت سعادة و فرحة غامرة و عندما وقع بصرها علي زوزو لتجدها مذهولة و عصبية تذيل اثار الكوب المتحطم في غل و غضب..
فسأل جو ساخرا:" مستنية رأي زوزو؟! "
ولكن شهد قالت بتوجس:" وانت ناوي علي ايه يا جو؟ "
جو مستنكرا سؤالها:" ناوي علي ايه في ايه؟!"
شهد:" هتبيعني؟"
جو:"لأ طبعا"
ابتسمت شهد ابتسامة هذيلة فهي مازلت متوجسة ، قلقة ، غير فاهمة و قالت:" طب ده كويس..انت جدع اوي يا جو.. واحد تاني كان باعني لأعلي مبلغ و كسب من و رايا قد كده.."
كانت تحاول تملقه و كسب رضائه اثناء الحديث عله يكون رحيما بها ..
جو:" لأ انا مش غبي ..قعادك معيا هيكسبني اكتر!"
شهد و مندهشة و غير راضية بالمرة:" هتشغلني و تاخد شقايا؟؟؟!!!!"
ضربها جو علي رأسها برفق و قال ضاغطا علي اسنانه:" مين ده اللي ياخد شقاكي؟! اتعلمي بقي تكلمي عدل!! لأ طبعا"
شهد و هي تلهث من فرط الاثارة و السعادة وعدم التصديق:" كنت متأكدة.. كنت عارفة ان هي دي اخلاقك.. انت بحد راجل.. ارجل واحد في المنطقة.. في العالم.."
جو:" علي مهلك بس.. ليه ده كله؟"
شهد بابتسامة واسعة و حماس:" مهو مدام و لا هتبيعني و لا هشتغل وكتسب من ورايا.. يبقي انت اشترتني عشان ترجعلي حريتي.. هتنازل عني..صح؟!"
جو:" اولا ارجعلك حريتك ايه بس؟ وانت عمرك ما شوفتيها اساسا.. ثانيا انا مش جمعية خيرية يا روح خالتك ولا لاقي فلوسي في الارض عشان اشتري حاجة و بعدين اسيبها.. ثالثا.. المفروض بعد كل اللي حصل ده تبوسي ايدي عشان احميكي.. قاعدك معايا مصلحة ليكي قبل ما تكون ليا.. "
لم تتمكن سمر من الحفاظ علي صمتها اكثر فقالت لشهد:" و النبي عين العقل!"
فتراجعت شهد و قد بدأ الغضب ينتابها بعد ان استوعبت الامر و زال اثر المفاجأة قالت بحدة:" يا سلام! لهو انا كنت بهرب من واحد عشان يطلعي و احد تاني!"
جو :" انتي كمان مش عاجبك!!بقي بعد كل اللي عملته عشانك و حرقة الدم والاعصاب بتقارنيني انا و عدوي ببعض.. بقي انا و احد زي زيه!!"
شهد:" مانت مختلفتش عنه في حاجة اهو.. هو قلب الدنيا عشان يملكني و انت عملت زيه.. ايش حال اذا ماكنت قعدت ووفضفضت معاك و عارف انا اتعذبت اد ايه؟! برضه جاي تقولي ملكي؟!"
جو بعصبية:" يا بنت الغبية! انت كده في حمايا.. يعني عاجبك عيشتك المنلية اللي كل يوم فيها مشكلة؟"
شهد بحدة:" وانا كنت طلبت منك حماية؟!! المشاكل انت اللي بتعملها؟!"
جو و قد وصل انفعاله لقمته:" بقي انا اللي بعمل المشاكل؟! بعملها عشان انا مجنون؟ و لا عشان واحدة غبية مبتعرفش تحافظ علي نفسها.. دانا كده ضمنتلك ان ولا مرعي و لا عدوي ليهم اي حق فيكي.. حتي الخواجة لولا اني كلمته وخاطري عنده كان زمانه باعك لاول واحد معدي..انت متلزميهوش في حاجة!..بقولك ايه؟! هو انا بكلم معاكي ليه اصلا؟! صح فعلا.. من امتي البنات بيتاخد رأيهم في المشتري؟.. قدامي!"
واشار بيده الي الباب..
تسمرت شهد مكانها للحظات تحسب الامر.. في جميع الاحوال هي لن تقدم علي ايذاءه ابدا مثل ما فعلت بعدوي.. فهروبها مستخدمة اي سلاح خارج الخيارات.. و كما هو واضح لن تتمكن من مقاومته و الافلات منه ان حاول ان يتعامل معها جسديا او اخذها معه بالقوة.. كما ان زوزو تتابع الامر و هي لن تضع نفسها في موقف مهين امامها او امام اي شخص في الصالة.. الخيار المتبقي هو ان تمتثل الان حفاظا علي ماء و جهها..

بالفعل سارت غاضبة الي الباب مثلما امر و سار هو خلفها.. كان الغيظ منها يملئه ، فبعد كل ما فعل من اجلها تأتي الان لتقارنه بعدوي.. و تعترض بدلا من ان تطير فرحا علي تملكه لها.. كانت تسير امامه بذلك الزي المنحل وقد ازداد غضبا و صار يتذكر لها كل سيء.. كل موقف ضايقة او اغاظه ، عن عمد او بدون.. بحق او من دون.. حسنا يا شهد لقد فتحتي علي نفسك ابوب (فش الغل)!
مشا بجوارها في الشارع.. كانت صامتة تفكر في الامر.. حسنا ليس الامر سيئا للدرجة فجو لا يقارن بعدوي او المعلم مرعي.. علي الاقل هو انسان..غير مؤذ و حنون.. ثم انها اقامت في بيته فترة و كان كريما لطيفا.. كما انه بالفعل حماية لها.. و لكن سبب ضيقها هو انها توقعت ان يكون اكرم من هذا و يتنازل عنها.. ثم ما مصلحته في ابقائها ان كان لا يريد بيعها ولن يستفيد من مهارتها الحرفية في السرقة.. يا المصيبة ايكون غرضه قذرا مثل اغراض عدوي؟؟ و لكنه لم يبد قط اهتماما بها من تلك الناحية و ينعتها دائما (بالمقددة المسلوعة).. و عندما باتت في داره كان غاية في الاحترام.. لا .. جو ليس من تلك النوعية من الاشخاص.. هو حتي لم يمتلك اي فتاة من قبل.. فلنأمل انه حقا كذلك! لأن ساعته سيؤلمها حقا ان تضطر الي ايذاءه..
عندما وصلا فتح لها الباب و تأكد من دخوها ثم دخل خلفها و اغلق الباب
قال باسلوب خال تماما من الذوق وهو يخلع قميصه:" اعملي عشا! جعان"
نظرت له شهد مندهشة:" نعم!"
جو:" اتطرشتي؟! اعملي عشا.. افتحي التلاجة وشوفي هتعشيني ايه؟ انا جعان..بسرعة"
شهد :" و متعشتش ليه عند عطا؟"
جو حانقا:" مكنتش فاضي! كنت بضرب نار علي واحد!"
احرجت شهد من رده و توجهت للثلاجة فعلا لاعداد الطعام..
كانت تري انه برغم كل شيء يستحق منها علي الاقل تلك الوجبة، اعدت ما تيسر ، فقال بنفس النبرة الآمرة اثناء انشغالها:" وشاي.."
اومأت برأسها و بالفعل بدأت في اعداده، و ما ان انتهت حتي قدمت ما اعدت ووضعته امامه علي الطاولة الصغيرة، لم يشكرها و لكنه قال ببرود:" اعدي كلي!"
فقالت شهد ببؤس :" مش جعانة.."
فصاح بها:"اللي اقوله يتنفذ.. انا مش بتعازم عليكي.. من هنا ورايح مفيش حاجة اسمها مكلتش! انا مش ناقص بلاوي .. وخلق صفرة و بهتانة! نا عايزك بصحتك عشان تسدي في الخدمة!"
نظرت له شهد مستنكره حديثه الجاف، فنهرها:" اعدي بقولك!"
جلست بسرعة و بدأت تأكل في صمت.. ثم قالت و عنينها لا تزال تننظران لاسفل للطعام امامها:" انا كنت بس عايزة اروح عند زوزو!"
فانتفض من مكانه و امسك ذراعها و ضغط عليه قائلا بانفعال:" زوزو؟! زوزو تاني.."
شهد و هي تحمي نفسها بذراعها الاخري و تبعد وجهها قائلة :"عشان اجيب حاجتي.. هدومي كلها هناك!"
فترك ذراعها و نظر اليها رافعا احد حاجبيه و سأل بهدوء:" هدومك الزبالة! ماشي هروح اجيبهالك انا"
شهد:" اروح انا عشان الممهم مش هتعرف انت!"
جو:"نروح مع بعض.. انت اصلا من هنا ورايح مش هتعتبي برة البيت ده غير معايا.."
شهد مستنكرة:"يا سلام! طب افرض عوزت حاجة وانت برة.. ده المعلم مرعي نفسه مكانش بيعمل معايا كده! كنت طول اليوم في الشوارع"
جو:" تحبي ترجعيله؟! ده بيدور علي اللي اشتراكي عشان يدفعله مبلغ كبير و يرجعك تاني.. تحبي؟!"

تراجعت شهد و قالت:" اقصد يعني لازمتها ايه الحبسة.. هو انا ههرب؟"
ابتسم جو بشدة و قال ساخرا:"لا.. لا سمح الله.. دا حتي مش من طبعك"
لم ترد بل صمتت غاضبة و وضعت وجهها في الطعام..
قال جو:" و علي فكرة لبس الراقصات بتاعك ده مش عايز المحه ابدا.."
لم ترد ايضا..
فعاد ليقول:"و بعد كده .. لما هدومي تتوسخ تتغسل.. و البيت يبقي نضيف .. و لو مجبتش اكل معايا تعملي انت"
رفعت اليه شهد اخير رأسها و قالت بحدة:" انت شاري خدامة بأة؟!"
ابسم ساخرا و قال و هو ينهض :" خدامة بس؟! انت لسة شوفتي حاجة.."
وتوجه لغسيل يده.. بينما جلست هي تاكل في نفسها غلا..
القي بجسده علي السرير و قال:" انا هنام.. وانتي بتلمي الاكل و توضبي الدنيا مش عايز اسمع صوت.. لو صحتيني هقوم اكسر دماغك!"
و اعطاها ظهره و تظاهر بالنوم و هو يخفي ابتسامة تشفي..
اما شهد فبقيت جالسة تفكر في ما الت اليه الامور.. فجو الكريم العطوف اصبح مطلبا ،سخيفا ، عديم الذوق ، يريدها خادمة.. ناهيك عن الحبس و تقييد الحرية.. لم يرغمها شخص ابدا علي ارتداء ما لا تريد ..فيأتي جو ليمنعها عن ارتداء ما تريد؟!! ثم ما قصة الخدمة .. ان كان يريد خادمة لكان عين و احدة باليومية اوفر و بدون العناء الذي بذله من اجلها!! ماذا يريد منها حقا؟!!
***
فتحت شهد عيناها الدامعتين لتجد جو يجثوا بقربها و يحدق بوجهها قائلا:"طب عدوي وخلصنا منه مين اللي جالك في الكابوس المرة دي؟.. اكيد انا بقي!"
استغرقت لحظة لتدرك اين هي و انها كانت في كابوس و ان الواقع هو وجودها في بيت جو امنة و هو بجوارها منزعجا..يبدوا انها نزعته من نومه بصراخها..
فقالت بصوت متعب:" لامؤاخذة.. "
فقال حانقا:" كسبت انا ايه بللامؤاخذة بتاعتك؟ حرام عليكي انا مش هشوف النوم تاني قبل فجر بكره! كان مين بقي بيجري وراكي؟ منا ضاربهولك بالنار..وكنت هموته.. خايفة من ايه؟"
فقالت:"متحطش في بالك.. الليلة الي فاتت كانت صعبة عليا .. كان لازم تطلعلي في الحلم!"
جو:" طب بما انك صحتيني بدري.. قومي اعملي فطار!"
اغمضت شهد عينيها في يأس و تنهدت..
فقال:" انتي هتعمليلي فيها نايمة؟! قومي فزي!"
قالها و هو ينهض متجها للحمام ليغتسل..
لم تنهض شهد كانت متعبة حقا..لم تنم طوال الليل تفكر.. حتي عندما هدأ عقلها وسقطت في اعمق نومة.. جائها عدوي مطاردا و لم يكتفي بافزاعها بل انه اطلق الرصاص من سلاحه ليصيب جو بدلا منها فتصرخ مولولة بعد ان سقط صريعا بين ذراعيها.. لهذا لم ترغب في ان تحدث يوسف عن الامر.. فليس من السهل اخبار شخص عن رؤيته مقتولا في المنام.. راحت في النوم مرة اخري بدون ان تشعر..تسلل اليها النعاس ثم اجتاحها..
عندما استيقظت مرة اخري و جدت جو غير موجودا و قد ترك علي المائدة كيس به شطائر فول و طعمية..
***
وقف جو يحدث حمادة امام الدكان الصغير الذي يمتلكه حمادة في السوق، حيث يدير اعماله كمحترف توزير من داخله و يقوم ببيع بعض الاغراض المتعلقة بالامر..
حمادة:" طب و النبي الخواجة ده راجل مجدع!"
جو:"معلش مانا كمان مقصرتش معاه ابدا.. وفديت حياته اكتر من مرة..لامؤاخذة يعني لولايا كان زمانه يا متصاب يا ميت!"
حمادة :" المهم بقي البت بقت من حقك رسمي.. هنيالك يا عم! متبيعهالي .. انا ممكن اقسطلك علي 36 شهر"
جو:"والله ساعتها هتلاقيها هي اللي بايعاك وكمان ناصبة علي الزبون و قابضة منه اكتر ما تسوي انت"
حمادة:" طب احكيلي.." ثم غمز بعينه بمعني فهمه جو
فقال جو:"بطل وساخة.. هو انا واخدها عشان كده.. بالعكس والله و ربنا يشهد..انا عايز احافظ عليها"
حمادة:" يا سلام.. هتحافظ عليها لمين؟ للمشتري اللي بعدك؟ ولا لابن الحلال اللي عمره ما هيجلها؟"
صمت جو فقد ضربه السؤال في رأسه و لكنه لم يجد لديه اجابة " لمن ؟؟!"
فقال:"هي اصلا مش النوع ده.. وانا عمري ماغصب واحدة علي حاجة"
حمادة:" يعني هي بذمتك مش عاجباك؟ دي عاجبة المنطقة كلها.. و بعدين نوع ايه الي هي مش منه.. هي مش برضه كانت بترقص عند عطا؟!!"
جو بنفاذ صبر:" اسكت يا واد يا حمادة انت مش فاهم حاجة.. ولو سمعتك بتكلم عليها كده تاني وربنا هتضايقني منك!"
حمادة:"عيب يا جو انت عارف اني عمري ما اكلم علي واحدة تخصك.. انا بس بنصحك.. "
ضربه جو علي رأسه مازحا:" تنصح مين يا واد يا اهبل انت.. انا هفهمك.. شهد هربت من عدوي عشان اللي في دماغه نفس اللي في دماغك كده.. و انا اللي هربتها منه عشان اطلعها من القرف ده.. اقوم اجي في الاخر افكر انا بنفس الطريقة وانا عارف هي هربت ليه.. ده حتي مش جدعنة "
حمادة:" عنك حق.. بس اصل البت متتسابش يا جو" قالها و عض علي شفتيه في اسلوب فج.. و برغم من ان جو يعرف جيدا مدي ميل حمادة للعبث و المزاح فهو قد خرج لتوه من مرحلة المراهقة و التي يبدوا انه لم يتخلصها من اعراضها بعد.. وايضا برغم ان حديث كهذا علي النساء امرا معتاد بينهم.. وهو يعلم انه لم يخطيء بشيء.. الا ان جملته الاخيرة باسلوبه الوقح، اثارت شعورا غريبا بالضيق لدي جو..كاد ان يفجر لكمة في شفتي واسنان حمادة في هذا الوضع المتشابك .. و لكنه تماسك، في النهاية حمادة هو اقرب صديق له و اخيه الصغير وانه لا يعني ما يقول فهو نظيف القلب.. لذا اتخذ منه صديقا برغم قارق السن
رن هاتفه فقام بالرد بسرعة حتي ينسي فكرة لكم حمادة.
"ايوة... انا جو... لا مش واخد بالي .... اهلااااا يا باشا.. دا ايه الشرف ده؟! دي اكيد حاجة مهمة اوي اللي خليتك تدور علي رقمي و وتشرفني بمكالمة.. طبعا انت تؤمر..."
ثم انقلب وجهه فجأة وقال ردا علي المتحدث:"ايوة.. تقصد شهد... فعلا اخدتها امبارح.. والله يا باشا مش عارف اقلك ايه.. يعني من غير زعل .. انت عارف انا تحت امرك في اي حاجة.. بس شهد مش هينفع .. باشا انا لسة شاريها امبارح.. ابيعها انهاردة؟! اسف يا باشا مش هقدر اخدمك.. اطلب اي حاجة تانية.. طب ليه بس الغلط؟!.. الو..الو"
نظر جو الي حمادة وقال:" ابن الـ(..) قفل السكة في وشي... الله يخرب بيتك يا شهد و يقل راحة بالك ..ابتدينا القرف"
ضحك حمادة و قال:" اشرب.. مش عايز تحافظ عليها.. حافظ بقي ..ده كان مين اصلا؟"
جو:" زبون تقيل عند عطا .. عارفين بعض بحكم اني بشوفه كل يوم.. اول ما عرف اني اشترتها شبط ابن الـ(..) ولما قلتله لأ، بيشتم!"
ضحك حمادة في شماتة.. مما جعل جو يلكمه في صدره غيظا و يسلم سلام مقتضبا و يذهب تاركا حمادة غارقا في الضحك..

اللصهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن