كانت جميع الفتيات تتحدث في نفس واحد داخل الحجرة في محل عطا و يسألون شهد عن تفاصيل ما حدث، بينما هي تحاول شرح الامر، قطع عليهن الحوار دخول عطا دون ان يطرق الباب.. كان مستائا متوعدا، وقف في منتصف الحجرة و قال محدثا شهد بنبرة هجومية:" هو مفيش غيرك في المحل؟!! كل دقيقة بمشكلة؟! فاردة نفسك علي الناس و مستقوية بجو! اديكي جبتيله مصيبة.. الخواجة زمانه رفده دلوقتي! وريني بقي هتعملي ايه لما يمشي؟ اللي حصل برة دلوقتي ده هعيملنا كلنا مشاكل.. الراجل اللي اضرب بسببك ده من اهم الزباين هو و شلته كلها!"
قالت شهد بحرج:" يا ريس انا فضلت اهاوده بالراحة لحد ما كان خلاص خارج بيا برة.. و الراجل اللي واقف عالباب عمال يحلقلي!"
عطا:" ودي كمان واقعة تانية سودة علي دماغك.. هاني ده حارس الصالة من جوا .. اهو مضروب دلوقتي و الصالة من غير حارس!.. شوفي يا شهد اذا كنت ناوية تكملي معانا، يبقي تتعلمي من زمايلك تعاملي الزباين المهمة ازاي.. انا الغباوة دي مش هسمح بيها تاني! و لو حصل معاكي اي مشكلة تانية مع اي حد تاني سواء زبون او زمايلك.. تاخدي حاجتك وتتكلي علي الله!"
شعرت شهد بكرامتها تئن من تهديد عطا، و امام كل الفتيات .. فقامت باخراج مبلغا كبيرا من ضمن ما حصلت عليه اليوم و مدت يدها به لعطا قائلة :" طب يا ريس اتفضل دول تعويض مني لو حاجة اتكسرت في الصالة.."
ثم اخرجت حفنة اخري و قالت:" ودول عشان علاج هاني"
بمجرد رؤية النقود تحول اسلوب عطا تماما.. اخذ النقود و هو يقول بأسي:" يا شهد يا حبيبتي مش الفكرة.. انا عايز مصلحتك.. انتي مكسب للمحل و لينا.. لكن انا عايزك تتعلمي ازاي تعدي الليلة كده سهلة من غير مشاكل.. عموما انا عاذر ان ده اول موقف ليكي .. بكرة تتودكي.. انتي انهاردة متطلعيش تاني بعد الراحة.. ريحي كده و خلي الناس تنسي الليلة" و ربت علي كتفهل في رضا و خرج مبتسما يعد النقود علي عكس ما دخل.. بينما ابتسمت في استعلاء ، لقد ردت لها بضعة نقود كرامتها و حطت من كرامة من اهانها..
جلست سارحة في جو الذي سيفقد وظيفته من تحت رأسها..
***
بقيت شهد مع سمر بداخل المطبخ تتحدثان اثناء عمل سمر.. بينما جلس مندو يرمقهما بنظرات السخط و لكنه تجنب التحدث اليها او سمر تماما..
سمر تحدث شهد همسا عن مندو:" من ساعة اللي حصل و هو مبيحطش عينه في عيني"
شهد:" احسن.. خليكي كده كاسره عينه الحرامي الواطي.."
سمر:" امال لما انتي اللي كنتي زانقاه في الحمام كنتي بتصوتي ليه؟؟"
شهد:" مصوتش خالص!"
سمر:" انا سمعت صوات و ندهت جو عشان كده"
القت شهد نظرة جانبية ساخرة الي مندو و قالت:" ده هو اللي صوت"
انفجرتا في الضحك.. مما اثار حفيظة مندو و احس ان الامر يخصه فادار ظهره لهما في امتعاض.
كادت سمر ان تموت حماسا و سعادة من اثر ما حدث الليلة.. بينما شهد ابدت قلقها علي جو ووظيفته. ظلت شهد معها الي ان وجدت ان الخواجة رحل و معه جو و الرجال.. انتظرت ساعة اخري ثم ودعت سمر و رحلت..
***
دخل جو الي بيته منهكا.. لقد تم استنزافه نفسيا في تلك الليلة السوداء.. القي بنفسه علي سريره ولكنه لم يتمكن من النوم.. طبعا هو لن يفكر بها ابدا ككل ليلة.. هو لا يطيق سماع اسمها بتاتا.. هل وصلت للبيت؟ .. كان امرا بديهيا الا تصعد للرقص ثانية لباقي الليلة، مؤكد تصرف حكيم من عطا.. ولكنه لم يلمحها ترحل.. كفي تفكير بها.. لقد نال ما يكفيه منها.. تري هل وصلت؟ .. امسك هاتفه بابمتعاض.. وضعه علي اذنه بعد ان ضغط زرا و نفث في ضيق و نفاذ صبر و هو مازال مستلقيا علي ظهره..
زوزو:" جو"
جو بنبرة هادئة وصوت متعب:" ازيك يا زوزو؟"
زوزو:" انا امي داعيالي بقي.. ليلتين و را بعض تكلمني"
جو:" صحيتك؟"
زوزو:" لا انا صاحية.. لسة داخلة.."
جو:" و شهد؟ رجعت؟"
زوزو:" اه.. انت كل ليلية هتكلمني تطمن عليها؟"
جو:" اعمل ايه يا زوزو.. دي امانة .. مضطر"
زوزو بغضب حاولت اخفاءه:" عموما.. هي لسة مرجعتش.. تلاقيها صايعة هنا و لا هنا.. اصلها دايما بتروح مشاوير كده مش مفهومة"
جو لم يكن في مزاجا يسمح بالاستماع لقصص زوزو الكيدية فقال:" طيب شكرا.. سلام"
كيف لم تصل؟ تري اين ذهبت؟ لقد انتهي عملها، كما انها الليلة لم تكن تعمل النصف الاخير منها.. مالذي اخرها؟
وضع يديه علي راسه .. شهد! لقد اصبحتِ صداعا يشق رأسه!
حاول ان يخرجها من رأسه ..فهي لا تستحق كل هذا الاهتمام.. لم تهتم هي حتي به.. لم تحاول حتي ان تتاكد ان كان بخير بعد ان تعارك من اجلها..
سمع طرقا علي الباب..كان منهكا ..فصاح :" مين؟"
اتاه صوتها:" انا شهد.."
رفع يديه من علي رأسه وحدق في السقف لثانية.. اهي حقا؟؟ انتابه ارتياح شديد لانه اصبح علي دراية بمكانها.. و لكن اكتسحه شعورا اخر بالسخط عليها..
فقال من مكانه:" عايزة ايه؟ في حد تاني عايزاني اخشلك في خناقة معاه؟"
لم ترد.. رفع رأسه ليرهف السمع .. و لكنه فوجيء بها تقفز الي الداخل من النافذة و تبتسم في وجهه بمرح:" مش هتتعلم تقفل بقي الشباك ده"
فقال باقتضاب:" فعلا لازم اقفله.. بقي بيدخل قرف"
وضعت شهد يدها علي قلبها في وضع متالم تمثل دور المطعونة بكلمته في قلبها..
ثم قالت بجدبة:" انا عارفة انك مش طايق تشوف و شي عشان اترفدت بسببي "
قال بشمئزاز مستنكرا:" اترفدت بسببك! انت افتكرت نفسك انك حاجة بجد! مين اللي يرفدني؟؟ و عشان ايه؟"
قالت شهد و قد ضايقها قوله:" انا فهمت كده من عطا.. و جيت اقلك حقك عليا و كنت ناوية كمان اديك هدية.. يعني.. شكر علي اللي عملته معايا"
واخرجت بعض النقود و همت بوضعهم علي المنضدة.. الا انها فوجئت به ينقض عليها بعصبية قائلا:" تصدقي ان اللي كان لازم ينضرب الليلة هو انتي !"
امسك ياقتها وجذبها اليه و هو يصيح في وجهها:" فلوس ايه دي اللي هتسيبهالي؟! خليهملك .. انتي عرقتي بيهم! و لا تكونيش فاكرة اني اشتغلت الفتوة بتاعك!"
شهد و هي تتماسك محاولة اخفاء الذعر:" ايه طريقة الكلام دي.. عرقك و قتوة!.. برضه بتكلم علي اساس اني رقاصة!"
هز الياقة في عصبية فارتجت شهد في يده و قال:" لا باللي شفته انهاردة ..الرقاصة كانت احسن!.. ده الراجل دفع وشال الشروة"
دفعته شهد بعنف فكلامه اغضبها و اهانها وقالت:" وانت مالك رقاصة ولا شروة و لا زفت.. انت مالك؟!"
نظر اليها وقال:" وانا مالي؟!!!! طب تصدقي...انا غلطت و لازم اصلح غلطتي.. " و امسك بها و دفع بها الي الخارج قائلا بعصبية:" فعلا الراجل دفع و انا بوظتله البيعة.. لازم اوصلك ليه..يلا "
خلصت شهد نفسها منه و قالت و هي تلهث:"ايه بقي! بس! انت واخد الموضوع علي نفسيتك كده ليه؟!! دانا جاية اتأسف..بتعمل معايا كده ليه؟!"
جو:" عشان انا قلتلك قبل كده بلاش تطلعي ترقصي و انتي برضه ركبتي دماغك! و يوم ما حصلك مشكلة انا اللي لبستها وانتي معندكيش ريحة الدم"
شهد:" مانا..."
صاح بها مقاطعا:" مانتي ايه بس؟! انتي تخرسي خالص! ده مش بس رقص.. عماله تتمرقعي و تضحكي وتغمزي و توزعي بوس ..ايه؟ نجمة يا جدعان؟!.. ومستعجبة اوي ان الراجل كان عايز يروح بيكي.. مانتي دفّعتيه مقدما!"
شهد متظلمة:" ماكلهم بيعملوا كده عشان البقشيش يكتر عليهم.. اشمعني انا"
جو:" و كلهم بيدوا للي بيدفع حقه علي قد ما بيدفع.. ايه مبتشوفيهمش و همة قاعدين معاهم و بيخرجوا كمان برة.. واظن ان اللي راجل دفعه يستاهل اكتر بكتير من عشوة او سهرة!"
شهد:" لأ معلش انت اللي دماغك وسخة و ظنك سو..زوزو قالتلي ان صُحبيتها للناس بكيفها , ملهاش دعوة بالبقشيش"
جو ساخرا بانفعال شديد:" اه.. لأ مدام زوزو هي اللي قالتلك يبقي آمين!... اصلها يا كبدي قلبها عليكي قوي"
شهد بحدة:" ماهي بتعد معاك! وانت كنت بتديها حاجة؟!!"
جو ضاربا كف بكف:"هقولك ايه بس؟! لهو انت متعرفيش ان زوزو مني عينها اني اعبرها.. دا فاضل هي اللي تدفعلي عشان تعد معايا.. لكن بأة مخدتيش بالك ان اصحابها اللي بتعد معاهم همة بس الي بقشيشهم كبير ؟! ملهاش اصحاب كحيانين ابدا!.."
شهد باستخفاف:" انا مش عارفة مين فينا النجم والله؟! لما انت مستكبر اوي كده ..شاغل نفسك ليه بالبنات؟؟.. عارف زوزو بتعد مع مين و حافظ انا بضحك و بغمز امتي و لمين.. " ثم تحولت فجأة نبرتها للجدية الممزوجة بالضيق:" عموما يا عم متشكرين اوي لحد كده.. انت كنت جدع معايا و انا شايلالك الجميل و رقبتي فداك.. لكن خلاص لحد الليلة و ملكش دعوة بيا بعد كده.. لو شفتني بتقتل قدامك متدخلش! انا جيت اتأسف و واتشكرلك .. وان كنت زعلت مني اديك فشيت غيلك و سمعتني الكلمتين اللي في نفسك.. وانت ماشاء الله لسانك ميتوصاش.. بيعرف ينشن.. "
وتوجهت للباب قائلة بمرارة :" سلام يا نجم"
كان صمت جو هو نوع من السيطرة علي النفس نجح في ان يتجمد بينما هو داخليا يصارع نفسه و يمنعها من ان تجعله ياخذ شهد في احضانه ، و يطلب منها الغفران عن كل اهانة ، و يرجوها ان تبقي معه ،و يتوسل اليها الا تذهب مجددا لعطا.. بقي صامتا بتعبير عابس علي وجهه يراها و هي تصل للباب..
"البسي دي .. ولا مش مكفيكي فرجة الصالة عليكي كمان عايزة الشارع يتفرج؟!"
قالها باقتضاب بعد ان امسك سترته الجلدية السوداء من شماعة الحائط و القاها اليها .. كانت مازالت ترتدي ذلك الفستان القصير اللامع الذي يظهر اكثر مما يخفي..
تلقفت السترة و همت بقول شيء علي غرار )مش قلنا ملكش دعوة( ولكن اللفتة الحانية اسكتتها.. ابتسمت نصف ابتسامة و هزت رأسها تشكره و خرجت..
وقف هو مكانه سارحا مفكرا بعمق لبرهة بعد ان اغلقت الباب خلفها .. ثم ضرب علي الباب بغيظ وخرج خلفها متمتما في غضب:" الله يقل راحتك يا بعيدة"
لحق بها في الشارع لتجده ماشيا بجوارها فجاة ، نظرت اليه مستفهمة فقال عاقدا حاجبيه ناظرا امامه وكأنه لا يحدثها:" هوصلك عشان اخد الجاكتة! دي مستوردة!"
خفق قلبها.. كم هو حنون.. حتي و ان حاول اخفاء الامر .. ابتسمت في رضا و هي تنظر امامها و سارا معا في صمت.. لقد سامحته وغفرت له كل ما قاله..
نظر هو اليها بجانب عينه كانت تبدو مثل طفلة صغيرة تردتدي سترة ابيها.. كانت السترة مضحكة عليها تغوص فيها غوصا.. الا ان ذلك جعلها في نظرة اكثر فتنة من ما كانت تردتدي قبلا.. شرد في فكرة عجيبة استولت علي رأسه.. إن ما يضم جسدها الان هي سترته هو..
عندما وصلا لبيت زوزو وقفت شهد مواجهة له ورفعت عينها اليه وقالت :" متشكرة.." ثم همت بخلع السترة لتعطيها اليه فقال باقتضاب:" بتعملي ايه؟! اطلعي.."
شهد متعجبة:" هديك الجاكتة! انت مش جاي عشان تاخدها؟؟!"
جو بنفس الاسلوب العابس المقتضب:" كده تاخدي برد..بلاش غباوة..اطلعي"
شهد وقد زاد اندهاشها:" الله ! مش هتاخدها؟:
جو مستغبيا اياها:" هو انا هموت؟! هاتيها بكره.."
شهد :" يعني انت مش عايزها؟ امال جيت ليه؟"
جو في قمة الملل ونفاذ الصبر:" عايزها طبعا.. انت ماصدقتي! بس مش لازم حالا .. اطلعي بقي! متقرفنيش في عشتي زيادة..عايز انام !"
شهد بنبرة عالية:" هو انا اللي قلتلك تعالي وصلني! لما انت عايز تنام و مش عايز الجاكتة كان ايه اللي جابك؟!"
دفعها بيده في نفاذ صبر لتدخل مدخل البيت و قال :" اطلعي يا شهد! اطلعي و عدي الليلة المنيلة دي!"
ازاحت يده بغيظ و بالفعل توجهت للصعود للبيت..
بقي واقفا حتي اختفت عن ناظريه ثم عاد ادراجه الي بيته..
بالطبع كان اول شيء فعلته شهد عند رؤية زوزو ان اخبرتها ان من وصلها للتو هو جو.. ثم حكت لها تفصليا عن ما حدث عند عطا.. مشددة علي التفاصيل التي قد تصيب زوزو بقرحة في المعدة..
زوزو وهي تعض علي شفتيها:" و الجاكتة دي بتاعته؟"
شهد بهيام و هي توجه وجهها لاحد جانبيها فتدس انفها في ياقة السترة التي مازلت ترتديها وتستنشق نفسا عميقا..ثم تخرجه في تنهيدة اعمق و تقول:" ايوة هو قاللي البسيها عشان ممشيش بللبس ده في الشارع.. و بعدين مرضيش ياخدها احسن اخد برد لو قلعتها .. يا بختك يا زوزو ..ده جدع و حنين اوي"
كان الامر اقوي من قدرة زوزو علي الاحتمال .. فتركت لها الحجرة و خرجت للسطح بعد ان صفقت الباب بعنف.. ووقفت لتدخن بغل..
اما شهد فلم تخلع اي من ملابسها بل احتضنت نفسها بالسترة و نامت و هي تدس وجهها كله في الياقة وتتنفس الرائحة التي تعبئها.. و علي شفتيها ابتسامة سعادة..
***
جلس يوسف مع حمادة علي القهوة يدخنان الشيشة
حمادة:"طب وهتكمل باقي المبلغ منين؟"
جو:" هو انا عبيط زيك.. انا بحوش طبعا.. معايا شوية حلوين.. و بعدين انت ناسي الارض اللي قرب مطروح.."
حمادة:" ايه هتزرعها مثلا و لا هتأجرها.. دي صحرا وفي الطل وانت راميها من ساعة ما اشترتها من زمان"
جو:" لأ هبيعها.. دي قرب البحر و بعدين مسير المكان يعمر.. انا كنت واخدها بملاليم و قتها و المعلم صابر بتاع تسقيع الاراضي ساعدني.. لو سألته دلوقتي مية مية هيقولي تمنها ضرب"
حمادة:" وانت شايف ان الموضوع يستاهل انك تبيع الارض دي عشانه.. طب ماهي لو عليت دلوقتي اكيد بعدين هتعلا اكتر..وتبقي انت كده خسران"
جو:" مش عايزها من اساسه.. انا كنت شبط في الموضوع ساعتها لما قعدت مرة مع المعلم صابر و عجبتني اللعبة.. لكن طلعت عايزة تركيز و متابعة و انا مليش فيه.. هبيعها و اخد القرشين واتمم الموضوع.. وبعدين علي فكرة في ارض تانية في الصعيد.. اشتريتهم مع بعض برضه المعلم صابر كرمني فيها.. بس كان املي كبير في بتاعة البحر دي.. قلت بكرة تقرب منها القري السياحية بتاعة الناس اياهم ويضرب سعرها في السما"
حمادة:"طب انت كده حليت قصة الفلوس.. بس الموضع معقد و هتلاقي الكل واقفلك .. انت اصلك بتجور علي حق الناس كده.. و اسمه ايه اللي بتقول عليه ده مش هيسكت!"
جو:"لا سيبك منه! المهم الكبار.. بس هلاقلها حل.."
حمادة:" اد كده الموضوع همك "
نظر له جو و نفث الدخان للاعلي و اومأء برأسه في تصميم..
***
جلس الخواجة و علي طاولته المعتادة في المساء مجتمعا ببعض الاصدقاء بينما تواجد حوله جو و الرجال.. اقترب جو من اذن الخواجة و قال:" يا ريس كنت عايز اكلمك في موضوع.."
التفت له الخواجة و قال:" اكلم"
جو:" موضوع طويل شوية.."
الخواجة:" قول بخصوص ايه و بعدين نكمل لما اخلص هنا"
جو:" عايز اضمنلك ان الي حصل امبارح مش هيتكرر تاني.."
الخواجة:"ازاي؟"
جو:" هشتري البنت!"
الخواجة مستفهما:" معكش تمنها؟؟"
جو:" لأ ..معايا.. بس هي عليها مشاكل..مش هيحلها غيرك يا ريس"
الخواجة:"ممم.. موضوع طويل فعلا.. استني بقي لما نخلص هنا"
وقف يوسف متابعا المكان كالمعتاد، منتظرا ان تعلوا الموسيقي في اي وقت معلنة صعود شهد و الفتيات.. و تبدأ فقرة حرق الدم.
كانت عينيه تدور في المكان كما هي طبيعة عمله و لكن فجأة اصطدمت عينه بشيء كان ينقصه حقا..
كان عدوي يتقدم بعض ررفاقه.. داخلا من الباب و يرحب به عطا ..بينما يجوب بنظره المكان بتؤدة.. الي ان التقت عيناهما..
ابتسم عدوي ابتسامة كبيرة وسخيفة.. و فتح ذراعيه عن بعد قائلا:" حبيب قلبي!"
رفع جو يده ملوحا في سخافة.. ثم وجد احدب النادلات تعبر جانبه حاملة صنية اكواب.. فامسك بذراعها و جذبها اليها ثم همس في اذنها.. اومأت الفتاه برأسها و اختفت بسرعة..
اقبل عدوي.. و قام بتحية الرجال من حول جو ثم احتضن جو وربت علي ظهره في حفاوة مفتعلة..
عدوي:" جيت عشان اشوفك..مدام انت مبتسألش.."
جو باشمئزاز:" بس ياله.. هو انا صاحبتك!"
ضحك عدوي وقال:" ها اخبار المزز هنا ايه؟ لسة مفيش جديد؟!"
جو:" اديك هتشوف بعينك..."
فاشار عدوي الي طاولة قريبة و قال:" طيب انا قاعد هناك.. ابقي تعالي اقعد لما تفضي"
وربت علي كتفه و توجه لطاولته بالفعل..
تابعه جو.. ها قد بدأت للتو ليلة اخري من تلف الاعصاب..
***
دخلت سمر حجرة الفتيات الراقصات و معها في يدها النادلة التي حدثها يوسف..
التفتن الفتيات اليها و منهن من نظر اليهما بتعالي..
لم تهتم سمر بل توجهت لشهد و قالت بصوت خفيض:" جو بعتلي البت دي تقولي اقلك ..متطلعيش ترقصي!"
فاومأت النادلة براسها مؤكدة..
فقالت لها شهد:" ليه؟"
فقالت النادلة:"مقالشي.. هو قالي بالحرف.. قولي لسمر تقول لشهد اوعي تطلعي.."
رفعت شهد بصرها للاعلي في وهي تهز رأسها اعتراضا قائلة:" هو فاكر نفسه ايه.؟ بيبعتلي تعليمات كمان و هو قاعد في مكانه.. لو هامه قوي كده..مكلفش خاطره حتي يهز طوله و يقولي بنفسه!!"
طبعا زوزو كانت موجودة وقد القت باذنها عندهن باستماتة لتستمع.. و ما ان سمعت اسم جو حتي قامت و قالت محدثة سمر و النادلة:" انتي بتعملي ابه هنا يا بت .. وانتي يا سمر مش المفروض تبقوا هنا!"
النادلة بحدة:" خلاص يعني دخلنا الجنة.. انا جاية ابلغ رسالة و ماشية.. " و خرجت بعد ان صفقت الباب..
اما سمر فامسكت بيد شهد قائلة:" بلاش يا شهد احسن.. اسمعي الكلام!"
فقالت شهد:" لأ يا سمر ده زودها اوي.. انت مشفتيش اصلك امبارح.. روحي انتي لشغلك و انا هبقي احكيلك"
فخرجت سمر دون حتي ان تنظر لزوزو و كانها لم تسمعها او تراها..
زوزو لشهد:" هتسمعي كلامه؟"
ابتسمت شهدوقالت ساخرة:" هو احنا كان صوتنا عالي اوي كده؟!"
لم ترد زوزو فكلتاهما تعلم انه سؤال هدفه السخرية.. انما قالت:" بكرة بقعدك من الشغل.. انهاردة بيقولك متطلعيش..يا عالم بعد كده ايه؟."
ابتسمت شهد اكثر..لم يكن كلام زوزو ما جعلها تقرر ان تضرب برسالة جو عرض الحائط.. انما بجميع الاحوال هي لم تكن لتترك زوزو تصعد للرقص امام جو.. بينما تبقي هي تشاهد الامر.. و ليعلم جو ايضا انه ان كان يخشي عليها و يهتم بها، فعليه بذل مجهودا اكثر من ارسال النادلة لسمر..
***
مرت النادلة امام جو فاشار اليها بما يعني "هل فعلتِ؟" فأومأت برأسها ايجابا.. فارتاح جو قليلا لمعرفته انه لن يحتاج لان يخوض في مشكلة اخري بسبب شهد الليلة و خصوصا ان مع عدوي سيتحول الامر الي حرب طاحنة مثل ايام الصبا.. كما ان الامر معقد اكثر.. فهو ليس عراكا من اجل فتاه احدهم ضايقها فالاخر صعد الدم الي رأسه.. انما الواقع ان عدوي سيحاول استرداد ما هو حقه بينما يوسف سيمنعه.. وبذلك يصبح موقفا عجيبا معقدا..
علت الموسيقي فجاة معلنا عن موعد الرقص.. بالفعل هلل بعض الرواد و قام بعضهم من مكانه ليرقص ومنهم من كان يرقص جلوسا من مكانه.. وبدأت الفتيات في الخروج و احدة تلو الاخري لتصعد لمكانها.. وكانت المفاجأة الصاعقة لجو هو ان شهد كانت بينهن.. لقد صعدت لمكانها وهي تبتسم ابتسامة عريضة و تشير الي المعجبين من الزبائن.. وبدأت فورا بالرقص..