من يدخل مدينة الحُب...
إما يعود طفلًا يُحب كل الأشياء...
إما يخرج منها مُسنٍ لا يُدرك إلى أي منفى ينتمي...
بعد عدة ساعات كانتا قد وصلتا إلى الإسماعيلية..ترجلت سديم من سيارة الأُجرة تبعتها سُمية لتتوجه إلى البناية الخاصة بـ الأولى
كانت البناية شبه حديثة يحتوي كل طابق شقتين مُتقابلتين..وصلتا إلى الطابق الثالث لتضع سديم مِفتاحها وفتحت الباب
نادت والدها بـ صوتٍ شبه عال
-بابا..أنت فين!
أتاها صوت والدها من الشُرفة:تعالي يا سديم أنا فـ البلكونة...
نظرت إلى سُمية ثم أشارت إليها لتأتي معها
توجهت إلى الشُرفة لتجد والدها جالسًا فوق مقعده الخاص..يضع غطاءًا أسود فوق ساقيه ويرتدي ثوب نومه المكون من كنزة صوفية رقيقة وبـ يده كوب الشاي بـ الحليب
ركضت سديم تُعانقه ليُبادلها العناق بـ إشتياق صادق..ربتت على ظهره وهمست بـ تحشرج
-وحشتني أوي يا بابا
-لثم جبينها وأردف:وأنتِ كمان يا حبيبتي..حمد لله ع السلامة...
إبتعدت سديم لينظر إلى سُمية التي كانت تنظر إليهما بـ إبتسامة ليقول هو بـ لُطف
-تعالي يا بنتي إقعدي
-تولت سديم الحديث وهي تُقدم الأُخرى:دي سُمية يا بابا..هي اللي بتاخد بالها مني هناك
-إبتسم وقال:أهلًا وسهلًا يا سُمية نورتينا
-البيت منور بـ أهله يا أبو الدكتورة...
ضحك والد سديم بـ قوة حتى سعل ثم تشدق بـ مرح
-قوليلي يا مُحرم عادي
-شهقت سُمية وهي تصك صدرها هادرة بـ إستنكار:يا ندامة!..طب ميصحش برضو يا أستاذ محرم
-أُستاذ..أستاذ..بس مُحرم طالعة منك زي السكر...
حمحمت سديم بـ حرج ثم همست بـ تحذير
-عيب كدا يا بابا..عديها دي..أبوس إيدك عدي ست من تحت إيدك مرة
-رد عليها بـ إستنكار:وأنا قولت حاجة!..أنا بقول الصدق...
ضحكت سُمية بـ إرتباك لتضرب سديم جبهتها بـ يأس وقبل أن تتحدث كان والدها يسبقها
-روحوا ناموا من تعب السفر وبكرة نتكلم...
أومأت سديم لتأخذ سُمية وتتجه إلى غُرفتها..كانت بسيطة الأثاث ولكنها راقية تليق بـ فتاة
تفحصتها سُمية بـ إعجاب حتى وقعت عيناها على تلك الصور التي تضم سديم و عائلتها..إلتقطتها وتساءلت
-أومال فين مامتك يا ست سديم!..ومين الشاب الحليوه دا؟!...
كان الشاي يُشبه سديم بـ درجةٍ كبيرة..إبتسمت سديم بـ حنو وقالت بـ نبرة غائبة عن الواقع
-الحليوه دا أخويا الله يرحمه..وماما برضو تعيشي أنتِ
-صرخت سُمية وقالت:يقطعني..مكنتش أقصد..ربنا يرحمهم...
أخذت سديم الإطار لتضعه مكانه ثم قالت بـ ثقل وشبه إبتسامة
-لا ولا يهمك..محصلش حاجة...
توجهت سديم إلى خزانة ثيابها وأخرجت ثوب بيتي من أجل سُمية ثم قالت وهى تستدير
-لو حابة تاخدي دش..الحمام على إيدك الشمال آخر الطُرقة
-بـ عفوية أردفت:وأبوكِ مش هيفتح الباب عليا؟!...
إرتفع حاجبي سديم بـ دهشة قبل أن تعود وتعقدهما بـ غضب لتردف سُمية بـ إرتباك وخجل
-مش قصدي والله..بس سي الأُستاذ مُحرم شكله بتاع السبع ورقات
-صرت سديم على أسنانها وقالت:هتاخدي دش ولا هتنامي!
-هنام...
تشدقت بها سُمية بـ يأس لتتركها سديم وترحل وقبل أن تُغلق الباب هتفت
-نامي أنتِ فـ الأوضة هنا وأنا هنام فـ أوضة تانية..ولو إحتاجتي حاجة الشقة مش كبيرة عشان تتوهي فيها..تصبحي على خير
-وأنتِ من أهله يا ست سديم...
أغلقت سديم الباب ثم همست قبل أن تتحرك
-الله يسامحك يا بابا خوفت سُمية اللي كانت متجوزة رزق...
************************************
كانت السيارة تصطف أسفل البناية التي صعدتها مُنذ قليل..ليبتسم إبتسامة مُظلمة ثم أخرج لُفافة تبغ وأشعلها
أدار مُحرك السيارة ثم رحل إلى وجهته الأساسية..أتاه إتصال ليرد دون النظر
-ألو!!
-أتاه الصوت من الجهه الأُخرى:أيوة يا أرسلان باشا!..أنا الدكتور اللي مسئول عن حالة المدام ريم...
توحشت عينا أرسلان بـ شدة وقبض على المقوّد بـ غضب وازاى نبرته
-مالها ريم؟
-الحالة مينفعش نتأخر عليها أكتر لازم تدخل العمليات..أقدر أدخلها
-لاقيته المُتبرع!!
-أيوة والأنسجة مُتطابقة..بس مش هقدر أجزم غير لما أشوف الجسم هيتقبل العضو ولا لأ..غير إننا هننقلها ألمانيا أو مكان ميوصلوش تلوث..زي ما حضرتك عارف زراعة الكبد محتاجة ظروف نقية لأنه حساس جدًا
-هدر أرسلان:إعمل اللي أنت عاوزه وبطّل رغي..ولما تطلع من العمليات عرفني
-حمحم الطبيب وقال:حاضر يا باشا..وآسف على الإزعاج...
أغلق أرسلان الهاتف وقذفه بـ قوة فوق المقعد المجاور له..كانت عيناه تُظلم أكثر كُلما تذكر حياته مع ريم زوجته السابقة
أحبها بـ شدة..عندما تعرف عليها كانت تعمل معه بـ الشركة التي يعمل بها المُدير التنفيذي..وبعد عدة أشهر عُقدت خطبتهما .. حتى أتى اليوم الذي تخلت عنه فيه
"عودة إلى وقتٍ سابق"
كان يجلس بـ ذات المقهى الذي إعتادا أن يجلسا به..كان قد وصل مُبكرًا عن الموعد المُحدد بـ ثلاثين دقيقة كاملة حتى أتت
نهض ليُعانقها ولكنها أبعدته بـ إشارةٍ من يدها لتتسع عينيه بـ دهشة من فعلتها..حسبها تمزح ولكن ملامحها كانت جدية ومُتجهمة
جلست ليجلس هو الآخر وتساءل مُباشرةً
-مالك يا ريم؟!...
ظلت ريم تنظر إليه عدة لحظات قبل أن تميل بـجسدها إلى الأمام وتساءلت بـ نبرةٍ مُبهمة
-لو خيرتك بيني وبين حد..تختار مين؟!...
عقد حاجبيه لثوان قبل أن يعتدل بـ جلسته ويردف بـ جدية
-على حسب الشخص اللي بتقارني نفسك بيه
-لتهدر بـ غضب:يعني أنا مش مهمة بالنسبالك؟!...
كلمتها الأخيرة مصحوبة بـ ضربة قبضتها لطاولة وإستدارة المتواجدين بـ المقهى إليهم..لينظر أرسلان حوله بـ غضب ثم إليها وأردف بـ حدة وتحذير
-وطي صوتك يا ريم وإتكلمي دُغري..أنتِ عارفة أني مبحبش شُغل اللف والدوران دا...
هزت ريم ساقها بـ عصبية لتُخرج لُفافة تبغ..وكادت أن تُشعلها ولكن يد أرسلان سحبت اللُفافة وألقاها أرضًا بـ غضب ثم هتف من بين أسنانه
-قولتلك مية مرة بطلي شُرب القرف دا قدامي..هفضل أتكلم كتير!
-نظرت إليه بـ جمود وقالت:إحنا لازم ننفصل...
ظل ينظر إليها عدة لحظات بـ صدمة قبل أن يحك ذقنه ويتساءل بـ هدوء
-مُمكن أفهم إيه السبب؟..أنا مغلطش معاكِ
-قوست شفتيها وهدرت:مغلطش معايا بس بتغلط مع أبويا
-قولي كدا...
هتف بها بعدما فهم ما يدور..ليعود بـ جسده إلى الخلف وهمس بـ جفاء
-بقى هو اللي بعتك ليا عشان كدا..يا إما أسيبه فـ حاله يا إما تسبيني أنتِ وهو عارف إني بحبك صح؟!...
همت تتحدث ولكنه ضرب الطاولة هذه المرة بـ قوة حتى إهتزت ما عليها وسقط ثم صرخ بـ صوتهِ كله
-ولا كلمة..كان لازم أفهم من صوتك..وإنك مش خايفة على أبوكِ وبس..لأ دا أنتِ خايفة على نفسك بـ إعتبار نفسك شريكته فـ الشركة..وإنه لما يبعت بنته المصون هيلوي دراعي...
ضرب الطاولة مرةً أُخرى وأعاد بـ غضب أكبر وقد إسودت عيناه
-مش أنا اللي يتلوي دراعي..وأبوكِ هوديه فـ داهية..وإنفصال..أنا هنولهالك...
نزع الحلقة الفضية وألقاها بـ وجهها ثم تشدق بـ إزدراء
-وأدينا إنفصلنا..ولعلمك أنا كنت هطلعك منها ولا هينولك أذى..بس أنتِ **** زي أبوكِ ميهمكيش إلا مصلحتك
-همست بـ صدمة:أرسلان!!!...
ألقى عليها نظرةً أُخرى مُزدرية ثم رحل بعدما ألقى حفنة من الأموال
"عودة إلى الوقت الحالي"
ضرب على المقوّد بـ غضب ليزد من سُرعته حتى يصل إلى وجهته بـ وقتهِ المُحدد
*************************************
جلست أمام والدها الذي إبتسم وقال
-كنت عارف إنك مش هتنامي وهتيجي تتكلمي معايا...
ضحكت سديم مُخفضة رأسها ليسألها مُحرم
-بتحبيه!!...
رفعت رأسها سريعًا وتساءلت بـ صدمة
-بتقول إيه يا بابا؟
-أجابها مُحرم بـ جدية:أنا بسأل السؤال الأهم والبديهي..لما يجيلي واحد بعد سفرك بـ عشر أيام ويقولي طالب إيد بنتك لأ وعاوز كتب كتاب على طول يبقى فيه حاجة غلط...
إتسعت عينا سديم بـ صدمة أكبر بينما أكمل مُحرم
-لولا أني عارف تربيتك وأنا اللي مربيكِ كنت قولت حاجة غير كدا
-أردفت سديم بـ سرعة:بابا أنت فاهم غلط
-تنهد مُحرم وقال:لأ يا سديم أنا فاهم صح..بس أنا مكملتش كلامي..أنتِ فيه مشاكل حصلت فـ البلد الجديدة اللي روحتيها!!...
صُعقت من سُرعة بديهه والدها..ليشحب وجهها قليلًا إلا أنها أردفت بـ ثقة لا تملك منها شيئًا
-محصلش حاجة يا بابا..كل اللي حصل إننا إتقابلنا أكتر من مرة وتقدر تقول فيه إعجاب وإحترام مُتبادل
-سديييم؟
-حكت سديم عنقها وقالت:أنا كويسة والله..ومفيش أي حاجة حصلت ولو هو متقدم عشان اللي فـ دماغك أنت عارف أني مش هوافق غير كدا أنا أقدر أتصرف لوحدي...
صمت والدها قليلًا لتسأله بـ تردد
-وأنت إيه رأيك فيه!
-كـ والد..مناسب جدًا لبنتي..الشاب مُحترم وشايف إنه مُتمسك بيكِ جدًا
-تساءلت بـ تلهف عروس:بجد يا بابا!
-إبتسم والدها بـ رزانة وقال:هو مش كان إعجاب بس ولا إيه؟...
حمحمت سديم بـ خجل لتعتدل بـ جلستها ثم هتفت بـ هدوء تسلحت به
-أه طبعًا إعجاب بس..وأقل كمان من الإعجاب...
رفع والدها حاجبه ولم يُعقب ولكنه قال بـ هدوء
-عمتًا أحنا إتكلمنا و لأن وقت أجازته ضيق..قرأنا الفاتحة والخطوبة بعد تلات أيام
-رفت بـ أهدابها عدة مرات وتعلثمت قائلة:بتهزر..أنت..بتهزر..من غير أما تاخد رأيي
-ضرب ساقها وقال:ولو سيادتك مش موافقة كنتي جيتي كلمتيني دلوقتي..من قبل أما تيجي عرفت إنك موافقة...
ظهرت ملامح تساؤلها ليُجيبها بـ هدوء
-قالي إنه كلمك وبلغك بـ اللي حصل..وبلغني من يومها إنك موافقة
-همست بـ تعجب:مقاليش
-أحب إني أبلغك بـ نفسي..مش بقولك شاب مُمتاز...
إبتسمت سديم بـ خجل لتنهض وتُقبل رأس والدها الذي ربت على ذراعها وهمس بـ حنو
-ألف مبروك يا حبيبتي..مامتك لو كانت لسه عايشة..كانت هتفرح بيكِ جدًا
-أغرورقت عيناها بـ عبرات وهمست:الله يرحمها..يلا عشان تنام...
دفعت بـ مقعده إلى الغُرفة ثم عاونته ليصعد الفراش..دثرته جيدًا لتعود وتُقبل جبهته..أغلقت الأضواء ثم رحلت
وقفت بـ الصالة وإبتسمت بـ خجل وسعادة عروس مرغوبة..هي فتاة ستُعقد خطبتها بـ شاب وسيم..رغم مناوشتهما بـ أول اللقاء ولكنها إكتشفت فيما بعد أن قُصي رجُلٌا تستطيع الإعتماد عليه بل و يرغبها أيضًا
وضعت يدها فوق فِيها تُخفي صوت ضحكاتها ثم توجهت إلى غُرفة شقيقها لتنام بها
************************************
كان قد وصل إلى وجهته..ليرتجل عن السيارة وتوجه إلى مؤخرتها..فتح الحقيبة التي بـ السيارة ونزع سُترته ثم كنزته البيضاء ليرتدي سُترة جلدية سوداء مُغلقًا إياها بـ سحاب ذهبي
وضع قُفازاته السوداء أيضًا و أخفى ملامحه أسفل قناع قُماشي..وضع بـ ظهره مُسدس به كاتم الصوت و نصل صغير..ومطرقة
بـ خفة تدرب عليها لسنوات تسلق جزءًا من السور تنعدم به آلات التصوير المُراقبة للحيز كله..ثم هبط إلى الجانب الآخر على أطراف أصابعه
وبـ خطىٍ حثيثة توجه إلى الباب الخلفي للمنزل الكبير..وجد حارسين ذوي بنية ضخمة
أخرج مُسدسه و صوب تجاههما ليخُرا صريعين..فتح الباب الخلفي ودلف إلى الداخل
صعد إلى الطابق العلوي مُتجنبًا الحارس الواقف أسفل الدرج..توجه إلى الغُرفة المنشودة..فتح الباب ودلف مُغلقًا خلفه بـ القفل
كان عزت غارقًا في سُباتٍ عميق..إبتسم أرسلان بـ شيطانية ثم تقدم منه وهمس
-هنولك النومة الأبدية...
فتح الأضواء ليفتح عزت جفنيه بـ ضيق هاتفًا
-في إيـ...
لم يستطع إكمال حديثه إذ أقحم قطعة قُماشية بـ فمه فـ أعجزه عن الحديث..حاول عزت الحركة ولكن أجزاء جسده تؤلمه
نظر إلى الطاولة بـ جانب الفراش ليقرأ ما دُون على عُلبة بها عقار طبي..إبتسم وقال
-حظك حلو..المُخدر دا نسبته مش كبيرة..بس كفاية إنه يخفض حركتك...
كان عزت يصرخ بـ صوتٍ مكتوم ولكن أرسلان قد حقن العقار الطبي بـ المحلول المُعلق وجلس فوق الفراش مُنتظرًا أن يظهر مفعول العقار
تحسس ساقه المُجبرة وقال بـ جمود وهسيس
-فاكر مُؤمن؟..ظابط الإحتياط الغلبان هو و المجموعة بتاعه..فاكر العيال الغلبانة اللي إتقلت لأنهم لسه نُضاف ف البلد...
ضغط على جرحه بـ قسوة ليأن بـ ألم..ليُكمل أرسلان حديثه وقد أظلمت نبرته
-طب فاكر الطفلة اللي كان عندها تسع سنين وإغتصبتها قدام أبوها وأخوها!..فاكر ولا ناسي؟!..فاكر البيت اللي حرقته بـ أهله وإتهتمت شاب برئ أنه قتل عيلته وإغتصب أُخته؟!...
حرك عزت رأسه نافيًا لينهض أرسلان حتى وصل إلى أُذنه وهمس بـ فحيح قاسي
-بس أنا لسه فاكر..لسه فاكر كُل لحظة سودة عيشتها ليا أنت و الأوساخ التانين..وجيت النهاردة عشان أكون رسول الموت اللي هيوصلك لـ اللي يحاسبك على أعمالك...
أخرج أرسلان المطرقة وبدء بـ ضرب أجزاء جسده بـ قسوة ليصرخ عزت بـ صوتٍ مكتوم وقد هبطت عبراته المُتألمة..حاول الحركة ولكن جسده مُخدر
ضربه بـ جميع أجزاء جسده بما فيها ما ذبح به تلك الطفلة البريئة..تنفس أرسلان بـ صوتٍ عال ثم أردف بـ نبرتهِ القاتلة
-كان نفسي أبتره بس كفاية عليه الوجع اللي بتدوقه دلوقتي...
رفع المطرقة عاليًا ثم قال بـ ظلام وعينيه قد أصبحت بؤرتين من الظلام
-جهنم وبئس المصير...
و أنهى حياته بـ ضربة مطرقة بـ رأسه عدة مرات حتى لفظ أنفاسه الأخيرة..وضع المطرقة بين يديه ثم رحل كما دلف تمامًا
*************************************
بعد مرور ثلاثة أيام
كان المنزل مُقتظ بـ الأقارب والأصدقاء.. الجميع يضحك ويتسامر..و والد سديم وسُمية يستقبلان الوفود
وصل قُصي حتى إستقبله مُحرم ليقول بـ إبتسامة
-مبروك يا عريس
-إبتسم قُصي وقال:الله يسلمك يا حمايا..مش كنت خليتها كتب كتاب
-مش إحنا إتفقنا
-صح...
عدّل قَصي من وضع رابطة عنقه الزرقاء..ولم يدرِ لما إرتدى رابطة عُنق بـ ذلك اللون على الرغم أنه يكرهه ولكن سديم أصرت أم يرتدي رابطة بـ نفس اللون
كانت حلته سوداء كـ قميصه الأسود..وخُصلاته صففها إلى الخلف بـ طريقة مُنمقة ونثر عطره الرجولي القوي بـ غزارة
إنحنى إلى مُحرم وسأله
-أومال سديم فين يا عمي؟!
-لسه بتجهز..عشر دقايق وتكون جاهزة...
أومأ بـ هدوء لا يمتلكه فـ كله حماس لملاقاة عروسه المُنتظرة
وبـ الداخل كانت سديم قد وضعت لمساتها الأخيرة..إرتدت ثوب أزرق لامع..يُحدد تفاصيل جسدها..بـ أكمام تصل إلى مرفقيها و فتحة عُنق واسعة..وكذلك فتحة ظهر..تُظهر ما أسفلها بـ سخاء
أما خُصلاتها فقد رفعته على هيئة كعكة مُجدلة و حول وجهها غُرة رقيقة
لم تُسرف بـ مساحيق التجميل فـ ظهرت بـ طلة كاملة
صدحت أصوات النساء عندما خرجت سديم ووالدها بجوارها
نظرت إلى قُصي الذي طالعها بـ إنبهار غيرُ مُصدقًا أن تلك سيعقد خطبته عليها..إبتسم إبتسامة ساحرة قابلتها هي بـ أُخرى أكثر خجلًا وسحرًا
وضع يده بـ يد قُصي مُصافحًا إياه ثم قال وهو يضغط على كفه
-خُد بالك منها يا قُصي..بنتي أمانة
-أجابه قُصي وعيناه مُعلقة بها:دي فـ عيني يا عمي...
إنحنت سديم لتُقبل وجنتي والدها لتسدير بعدها إلى قُصي..وبقى يُحدقان بـ بعضهما حتى أردف أحد أقرباء العروس
-مش المفروض تلبسوا دبل ولا هتقضوها نظرات!...
ضحك الجميع بمن فيهم سديم..لتقول وهي تبتسم
-مش هنلبس الدبل!
-إتسعت إبتسامة مُشاكسة وهو يقول:أكيد طبعًا...
أخرج من جيب سُترته عُلبة مخملية زرقاء ثم فتحها..لتظهر حلقتين إحداهما ذهبية مُرصعة بـ فصوص ألماس صغيرة..وأُخرى فضية اللون مصقولة
أخرج الذهبية وقبل أن يضعها بـ يد سديم تساءل أحد أعمامها
-حُطها فـ عينك يا عريس..دي البركة بتاعنا...
إبتسم له قُصي بـ مُجاملة ثم كاد أن يضع الحلقة مرةً أُخرى إلا أن صوت غليظ جعل الجميع يلتفت إليه
-معقول..أخويا هيتجوز وميعزمنيش...
شهقت سديم وهي تنظر إلى هيئته المُرعبة التي تقف أمامهم..فـ بدون وعي أمسكت يد قُصي الذي كان يُطالع أرسلان بـ جمود
سادت الهمهمات والتساؤلات بين الحضور ليتقدم أرسلان بـخيلاء حتى وصل إلى مُحرم والد سديم ثم مدّ يده وقال بـ خُبث
-بعتذر إني إتأخرت ومقدرتش أحضر قراية الفاتحة...
بتر عبارته ونظر إلى سديم بـ نظرات ذات مغزى ثم عاد ينظر إلر والدها الصامت وأكمل
-أصلي كنت مشغول أوي..عمومًا ألف مبروك...
إتجه أرسلان إلى قُصي ثم همس بـ نبرةٍ ماكرة
-مبروووك يا عريس..عاوزك تنبسط براحتك جدًا...
كانت نظرات قُصي مُظلمة توازي نظرات أخيه ثم نظر أرسلان إلى سديم التي تُطالعه بـ صدمة و خوف بديا جليين على وجهها
-مبروك يا أنسة..ربنا يتمملكوا على خير...
ثم إبتعد عنهما و وقف بـ جوار الباب يتكئ عليه بـ فتور
ظلت حرب النظرات بين قُصي التي أرسلت عيناه تحذير قاتم ألا يُقدم على فعل سيخسر به حياته..وأرسلان الذي كانت نظراته أعمق من المُحيط يستقبل تحذيرات الآخر بلا مُبالاة
قطع تلك الحرب صوت مُحرم
-يلا يا قُصي الوقت إتأخر..إلبسوا الدبل...
أخذ قُصي عدة ثوان حتى أرسل عقله إشارات لتنفيذ الأمر..جذب يد سديم المصعوقة وبالكاد أقسم أنه يستشعر ضربات قلبها التي ستُحطم ضلوعها الهشة ثم ألبسها حلقتها الخاصة بها وفعلت هي المثل بـ يدٍ مُرتعشة
تعالت أصوات النساء ليجذب قُصي رأسها مُقبلًا جبهتها ثم همس
-سديم خُشي أوضتك وإتحججي بـ أي حجة
-أومأت ثم همست بـ إرتجاف:تمام...
رفعت ثوبها ثم إعتذرت بـ إبتسامة باهتة
-معلش يا بابا..هدخل أظبط الميكب والفُستان...
أومأ مُحرم بـ صمتٍ تسلح به ما أن تواجد أرسلان بـ الوسط
همس قُصي بـ أُذن مُحرم قائلًا
-هفهمك كل حاجة يا عمي بس مش دلوقتي
-ماشي يا قُصي...
رفع قُصي أنظاره إلى أرسلان الذي ينظر إليه بـ إبتسامته الشيطانية وقبل أن يتقدم منه..حاوطه الجميع يلقون عليه التهنئات والثرثرة التي لم يعي منها شيئًا فـ إهتمامه يصبه كاملًا على أرسلان
دلفت إلى الغُرفة وأغلقت الباب خلفها..إتجهت إلى طاولة الزينة ثم إتكأت عليها وهمست بـ عدم تصديق
-أخوه!!!
-أيوة أخوه...
إنتفضت على صوته الخبيث..إستدارت إليه لتجده يُطالعها بـ وقاحة كما إعتادت..تراجعت إلى الخلف بـ خوف من نظراته التي تلتهمها خاصةً مفاتنها
تقدم منها ثم همس وهو يحك فكه
-مالك خايفة مني!..هو أنا بخوف كدا؟!...
تُرى أتُجيبه بـ أجل وتؤكد خوفها منه وهذا ما يُريده!..أم تتحداه وتُجيبه بـ كلا وتتمرد وهذا ما لا يُحبه!..ولكن بـ كِلا الحالتين سيبتسم وهي تخشى إبتسامته أكثر من غضبه
و تحديها غلب خوفها و إرتجافها لتقول بـ قوة واهية
-أنا مش خايفة منك..أنا مبخفش منك...
وصدقت توقعاتها..ليبتسم تلك الإبتسامة التي تكرهها..ليُمسك كفها على حين غُرة لتشهق بـ صدمة..نظر إلى زرقاويها وأردف بـ خُبث
-ما هو واضح..من إيدك...
فهمت ما يرمي إليه..فـ كانت يدها اليُمنى ترتجف ، تتعرق..ليرفع يدها ويُلثمها بـ رقة ثم أخفضها وعاد ينظر إلى عينيها وأكمل حديثه بـ نبرة قوية أرسلت رجفة عنيفة بـ بدنها
-متفكريش إنه كدا هيقدر يحميكِ مني..أنا دخلت أوضتك فـ بيتك وهو هنا
-إبتلعت ريقها الجاف وقالت بـ إهتزاز:مش هتقدر تقرب مني
-إبتسم من زاوية فمه وقال:أقرب منك!..طالما مش ليا مش هقرب ليكِ...
عقدت حاجبيها بـ غرابة لتتسع إبتسامته الشيطانية أكثر ثم دنى منها وهمس بـ فحيح أفعى ناعمة
-بس أوعدك أنتِ اللي هتطلبي مني أقرب...
أنت تقرأ
ملكة على عرش الشيطان الكاتبه اسراء على
Любовные романыجميع حقوق الملكية تخص الكاتبه اسراء على صفحه الفيس بوك باسم :روايات بقلم إسراء علي أُرسلت إلى الجحيم... والجحيم لم يكن مكانًا... بل كان هــــو!!!