الفصل الثامن

26.7K 897 17
                                    


المرأة كالغصن الرطب . . تميل الى كل جانب مع الرياح، ولكنها لا تنكسر في العاصفة . . .

صعدت سديم درجات السُلم بـ أقصى ما تمتلك من طاقة حتى وصلت إلى شقتها..دلفت إلى الداخل بعد مُحاولات مُضنية لفتح الباب

أغلقته خلفها بـ قوة وإتكأت عليه..أخذت تتنفس بسرعة وأسنانها تصطك بـ بعضها..وضعت يدها على صدرها تستشعر ضرباته القاسية

نزعت حقيبتها و ألقتها فوق الأريكة ثم إتجهت إلى المطبخ لترتشف كوبٍ من الماء

توجهت بعدها إلى الشُرفة لتجلس وتُنظم أفكارها..ليأخذها عقلها إلى ذلك اليوم..حين رأت وجهًا آخر أشد قسوة لـ أرسلان

"عودة إلى وقتٍ سابق"

كانت بـ طريقها إلى العمل صباحًا دون أن يُرافقها قُصي فـ قد أخبرها أنه سيُسافر إلى الإسماعيلية ليُحادث والدها بـ شأن الخطبة ولم يدع لها مجالًا للرفض..إذ أنه سافر بـ الصباح الباكر وهاتفها ليأخذ عنوان منزلهم
ضحكت بـ خجل أُنثى مرغوبة لزواج ثم همست وهى تتحس وجنتيها

-مجنون...

وصلت إلى المشفى وكانت سعيدة لسبب تجهله أو تعلمه لا يُشكل لها فارق المهم أنها سعيدة ولأول مرة مُنذ أن خطت تلك المدينة المشؤومة

قبل أن تجلس بـ مكتبها أتت مُمرضة تقول على عجالة

-يا دكتورة سديم!..في جراحة زايدة مستعجلة ولازم نعملها..مفيش حد موجود من الدكاترة غيرك...

إردت سديم مئزرها الطبي ثم قالت وهى تتبع المُمرضة

-يلا بسرعة..جهزوا أوضة العمليات
-جاهزة ومستنين حضرتك...

توجهت سديم معها لإجراء الجراحة والتي لم تستغرق وقتًا طويلًا

بعد إنتهاءها من تلك الجراحة البسيطة توجهت إلى الحديقة الخلفية تستنشق الهواء المُنعش..ولكنها لم تكن تعلم أن وراء كل هدوء عاصفة..عاصفة لن تبقي ولن تذر

إلتفتت أنظارها فجأة إلى ذلك المبنى المهجور بـ الحديقة الخلفية..والتي لم تقربه لأنه من الأصل تم إيقاف العمل به..ولكن رأت مُمرضة تدلف خلسة وهي تتلفت حولها ولم تلحظ سديم

تبعتها إلى حيثُ إختفت فـ دلفت لتجحظ عينيها بـ صدمة وهى تجد عدد لا بأس به من النساء وبجوراهن فتيات لا تتخطى حاجز العشر سنوات

إلتفتت على يد السيدة التي تبلغ من العمر ثلاثين عامًا..تقول بـ رجاء

-يا ست الدكتورة..شوفي بنتي إتأخرت فـ العملية ليه!..دي داخلة بقالها ساعة ونص
-عقدت سديم حاجبيها وتساءلت بـ عدم فهم:عملية إيه؟!...

وكان الرد صاعقة والتي جمدت سديم أرضًا

-ختان...

الجواب لا يحتمل سؤال أحمق عما يدور هُنا..المبنى المهجور يدور به العمليات الغير مشروعة..المخالفة للقانون والسؤال القادم كان عن هوية الطبيب والرد أيضًا لا يُحتمل..فـ الطبيب المذكور ذو سُمعة سيئة..الأسوء

جاهدت سديم لتبتسم وقالت

-طيب أنا هروح أطمن...

وشكرتها السيدة بـ إمتنان..وبداخل سديم مراجل تشتعل..آتون يُهدد بـ حرق الأخضر دون اليابس

دلفت الغُرفة كـ الإعصار..ليهوى قلبها إلى أخمص قدميها..جحظت عيناها بـ شدة..تجمعت شُعيرات دموية حول حدقيتها حتى كادت أن تبكي لذلك المشهد الذي مزق قلبها شر تمزيق

كان الطبيب يجثو فوق الطفلة الفاقدة للوعي..ويستبيح جسدها ويذبح برائتها..إلا أن دلوفها المُفاجئ جعله ينهض عن الطفلة قبل أن يُكمل إعتداءه عليها

مسح على وجهه بـ توتر يُزيل حبات العرق ثم تشدق بـ تلعثم

-دكـ..دكتورة..سـ..سديم
-وصرخت بـ صوتٍ لا يتنمي إليها:دا أنت نهارك أسود...

وركض يُكمم فاها عن الحديث وأغلق الباب خلفها..ألصقها بـ الحائط ويده الأُخرى تُقيد ذراعيها فوق رأسها ضاغطًا عليها بـ قوة حتى تتحول إلى الإزرقاق..وبـ نبرة متوترة همس

-بلاش فضايح..أنا..أنا بس..بعمل
-وصرخت وهي تتلوى صارخة:عملك أسود..بتعمل عمليات ختان لأ وبتغتصب البنات..أنت عارف نهايتك هتكون إيه!..دا أنا هفضحك
-صرخ هو بـ جزع وشراسة:إخرسي..مش هسمحلك...

نظرت إلى جسد الفتاة المسجي وجزءها العلوي يظهر أسفل ثوبها الأزرق المُمزق..ثم عادت بنظرها إليها لتزعق

-سبني يا قذر بدل أما أصوت وألم عليك الناس اللي بره دي...

ضحك ولكن ضحكته لم تكتمل..فـ بُترت على إثر دفعة الباب القاسية ويظهر هو من خلف الباب وعيناه الشرسة تُحدق بـ جسد الفتاة ثم إلى تلك المُقيدة بـ جسد المُغتصب

إتسعت عينا سديم وهي تراه أمامها بـ نظراته التي تُرسل إلى الجحيم مُباشرةً..لم تكن تعي عند خروجها من مبنى المشفى كان هو يجلس بـ سيارته يُتابعها حتى إختفت فـ ترجل وأكمل مُلاحقته لها..حتى دلفت ذلك المبنى وهو من خلفها..وعلم ما يحدث..وليته لم يعلم..القيامة ستقوم..وسيُنصب نفسه الحاكم

تحول بـ نظراته إلى الفتاة ليتجه إليها ينزع قميصه ويضعه على جسدها ثم عاد إلى الطبيب الذي إبتعد عن سديم فـ سقطت أرضًا فـ ألم معصمها وعمودها الفِقري قد ظهر لتجلس غيرُ قادرة على الحراك

تلعثم الطبيب وهو يرى أرسلان يتقدم منه وقد هربت الدماء وكأن أوعيته أصبحت فارغة تمامًا وتُشارف روحه على المُغادرة

همس أرسلان بـ فحيح أفعى ونبرته تشي بـ مدى غضبه والطوفان القادم

-لو رجعت وملقتكش موجود..صدقني نهايتك هتكون أصعب من أي نهاية تتخيلها...

ثم إتجه إلى سديم الساقطة أرضًا..ليحملها..قاومت قدر الإمكان ولكنه هدر مُخرسًا إياها

-بطلي حركة...

وسكنت بين يديه..يضع يده أسفل ظهرها المُتألم..والأُخرى أسفل رُكبتيها..بين أحضانه شبه جالسة وأنفاسه الهادرة تلفح وجهها..وهمست دون أن تنظر إليه

-عرفت منين!...

طال صمته لترفع أنظارها إليه فـ صُدمت..نظرة عيناه كانت بـ ذلك الوقت نذير شر..بل هي الشر نفسه..والعقاب الذي تخيلته على أقل تقدير هو الرمي بـ الرصاص ولكن الواقع كان أسوء من نظرته..الأسوء على الإطلاق

إتجه بها إلى سيارته ولم تجرؤ على الرفض..فـ نظرته أخرستها

وضعها بـ السيارة وإتجه هو إلى مقعده وإنطلق بسرعة معقولة حتى وصلا إلى أطراف المدينة..إنكمشت سديم على نفسها خوفًا..هما ب. مفردهما وهي لا تخشى أكثر من كونهما معًا وبـ مفردهما

توقفت السيارة وترجل منها دون أن يأبه بها..لتزفر هي بـ ضيق وتترجل غاضبة

توجهت إليه وقبل أن تتشدق بـ غضب سمعت صوته الجاف

-عمل فيها حاجة!...

لم تعي سؤاله لتتقدم وتسأله دون النظر إليه

-مش فاهمة!
-إستدار إليها بـ شراسة وهدر:لأ فاهمة..ولو خايفة على عمرك دلوقتي ردي أحسنلك
-تملصت من بين يديه وقالت:معرفش..بس تقريبًا ملحقش لأني جيت..بس أنت سبتها لوحدها معاه
-مش شُغلك...

ولم يكن بـ الطبع ليترك فتاة غائبة عن الوعي مع ذلك الحقير..لذلك كلف رجلين بـ الإهتمام بـ ذلك المبنى وما يحويه

زفرت سديم بـ نفاذ صبر لطول صمته وإجابته المُقتضبة ونبرته الفظة..لتقف أمامه قائلة بـ قنوط

-لو مفيش حاجة نعملها هنا..عاوزة أمشي ...

نظر إليها أرسلان بـ شبه نظرة قاتلة قبل أن يتشدق بـ صلابة

-تفتكري واحد غلط غلطة زي دي!..يتعاقب إزاي؟...

كان ردها عفويًا وغاضبًا لما رأته..لذلك صرخت بـ جنون

-المفروض يتسيب عليه كلاب سعرانة تنهش لحمه...

وليتها لم تقترح..عيناه أظلمت وبـ شدة بـ بريق شيطاني مُرعب..تراجعت خطوة إلى الخلف وهو يقول بـ نبرة مُميتة

-أنتِ صح..وبما إنك صاحبة الفكرة فـ هتشرفيني فـ الصفوف الأولى للعرض الحصري ليكِ وبس
-أنت أكيد مجنون...

هدرت بها بـ ذهول ليبتسم بـ إبتسامة مُظلمة قبل أن يدنو منها هامسًا

-هستناكِ يا دكتورة تيجي
-رفعت حاجبها بـ تحدي وقالت:ولو مجتش...

جذب خُصلة من خُصلاتها ليجعلها تتدنو أكثر منه فـشهقت بـ ألم و خوف ليُكمل همسه بـ مكر

-يبقى هكمل اللي ناقص من اللقاء اللي فات...

عنياه أرسلت إليها تحذير صامت و وعيد بـ عدم القدوم..وأرسلان إذا وعد لا يُخلف ولن يُخلف لأجلها..ترك الخُصلة وإتجه إلى سيارته ثم تشدق وهو يصعد

-يلا عشان أوصلك...

نظرت إليه سديم بـ إحتقان رغم خوفها..إلا أنها رفعت ذقنها بـ إباء ورحلت دون أن تصعد سيارته..ضحك أرسلان ثم أدار المُحرك وإنطلق بـ قوة حتى خَلَفَ وراءه عاصفة تُرابية جعلتها تسعل هادرة بـ غضب

-حيواااااان...

"عودة إلى الوقت الحالي"

عادت سديم لوقتها الحالي واضعة وجهها بين يديها فـ اليوم لم يكن أكثر سوءًا من سابقيه..تنهدت ثم نهضت على صوت هاتفها لتجده قُصي..إبتسمت مُتناسية ما كانت تُفكر به وما حدث لتُقرر الإجابة على إتصاله

************************************

ترجل من سيارته بعدما وصل إلى وجهته..توجه إلى ذلك الملهى الليلي ليجد جميلة تؤدي رقصتها المُعتادة..أشار إليها لتتفهم وتُنهي الرقصة

صعد إلى الغُرفة الخاصة بها وتمدد فوق الفراش بعدما نزع سترته يليها القميص ذو اللون الأزرق الداكن..ليظهر ذلك الحرق القاسي بـ ظهره

وضع يده فوق عينيه وذهنه مع تلك الغبية كما أسماها..تعتقد أنها تستطيع أن تهرب بـ تصنعها القوة..تظن أنه سيمل مُلاحقتها وسيزهدها..ولكنها لا تعلم أنها تُزيد من إصراره

دلفت جميلة بعدما أغلقت الباب بـ المُفتاح..نزعت المئزر الحريري وإتجهت إلى غُرفة تبديل الثياب..لترتدي ثوب أسود قصير يصل بـ الكاد إلى مُنتصف فخذها وفتحة جانبية..ومن الأعلى حمالتين رفعتين مُتبادلتين بـ وضع مُتعاكس..ومُزين من الصدر بـ شريط من الدانتيل

صففت خُصلاتها الشقراء وتركتها حُرة..نثرت عطرها الأنثوي بـ غزارة ثم توجهت إليه

نظر إليها أرسلان بعدما أحس بها..لتقسو عيناه بـ إنفعال قبل أن يهدر بـ جمود

-غيري القرف اللي لابساه دا...

تجمدت جميلة مكانها قليلًا ولكنها أردفت بـ نعومة

-إيه مش عاجبك!
-لأ
-زفرت بـ يأس وقالت:بس أنا مش هغيره...

نظر إليها بـ نارية ولكنها لم تأبه وتقدمت منه..جلست فوق طرف الفراش وملست على خُصلاته السوداء الناعمة وأردفت

-طالما جيتلي هنا..يبقى فيك حاجة
-عزت جه هنا تاني؟!
-أكملت ما تفعله وأردفت:ميقدرش يهوي هنا تاني..أنت علمت عليه
-زفر بـ إختناق وقال:كويس...

نظرت إليه جميلة بـ شفقة قبل أن تقترب وتُلثم جبينه بـ قوة..لم يهتز أرسلان ولم يفتح عيناه بل لم يهتم على الإطلاق

إبتعدت جميلة وتنهدت بـ قوة ثم همست وهي تتحسس شفاه و وجنته

-قولي إيه اللي حصل!...

نظر إليها أرسلان نظرة مطولة ، جامدة ثم أغلق عينيه مرةً أُخرى..أغمضت جميلة عينيها عندما عادت تتحسس شفاه القاسية قبل أن تتجرأ وتميل إليه مُقبلة شفتيه بـ رقة مُتناهية وهو لا يُبالي لم تتحرك خاصته ليُبادلها وهي لا تهتم يكفي أنه لم يدفعها كـ كل مرة

عندها تجرأت يدها لتتحسس صدره المُعضل ولكنه أمسك يدها وفتح عيناه على حين غُرة لتبتعد مُجفلة..هدر أرسلان بـ غلظة وهو ينهض

-إيه اللي أنتِ بتعمليه دا!...

لم ترد جميلة وهي تراه بـ حالة من الغضب ليهزهت بين يديه بـ شراسة

-رُدي!
-همست بـ تهدج:أسفة...

اللعنة على قلبٍ أحب شيطان لا يُبالي..لم يعد يكترث..فقد كل المشاعر عدا الغضب والحقد..عيناه السوداء القاسية تزجرها بـ لا رحمة وهو يعلم أنها تعشقه..ولكنه وبـ بساطة لا يُحب

أعادت وضع يدها المُرتجفة على وجنته وهمست بـ نشيج

-أسفة..مكنش قصدي...

وضع يده بـ خُصلاته مُمررًا إياها بـ قسوة قبل أن يردف بـ إنفعال

-جميلة..اللي بتفكري فيه مُستحيل يحصل..سامعة!...

أومأت بـ رأسها بـ تردد ليعود ويقول

-ياريت متتكررش تاني..عشان متزعليش مني
-خلاص أسفة..تعالى نام على رجلي تاني...

أعادت رأسه بـ القوة إلى ساقيها العاريتين ولم تُبالي..أعادت يدها إلى خُصلاته وحبست عبرة كانت على وشك الفرار..تعلم أنه لن يُبادلها العشق ولكن ماذا تفعل!..هي عشقته وإنتهى الأمر

-مش هتقولي مالك؟!...

رفع أرسلان كف يده ثم نظر إليه قائلًا

-إفتكرت اللي حصل
-توقفت يدها لثوان وتساءلت قبل أن تُعاد التمليس:وإيه اللي فكرك!..حصل حاجة؟
-وإجابته لا تتعلق بـ السؤال:من يومين...

حاولت سؤاله عما حدث ولكنه إستدار وترك ساقيها لتحل محلها الوسادة ثم أردف بـ جمود

-أنا جيت عشان أرتاح مش عشان أفتح فـ اللي فات...

أغلق عيناه وترك يدها مُعلقة بـ الهواء..أنزلت يدها وتنهدت بـ حزن..تمددت هى الأُخرى ولكنها إتكأت بـ مرفقها فوق الوسادة والأُخرى كانت تجد طريقها إلى خُصلاته من الخلف

ذلك الحرق الذي يتوسد جزء لا بأس به بـ ظهره تعشقه..وتعشق أدق تفاصيله وهو لا يعلم..بل يعلم ولا يُبالي ولن يُبالي..حتى وإن كان يُبالي هو لا يستطيع أن يعشق..لأنه تخلى عن قلبه مُنذ زمن ليبدأ طريق لا ندم به ولا عشق

وهو على الجانب الآخر ذكرته تلك الطفلة بـ أُخرى تُشبهها ولكن الفارق أن سديم أنقذتها قبل أن تُنتهك ولكن الأُخرى لم تستطع إنقاذها

قبض على الملاءة بـ قسوة و وضع وجهه بـ الوسادة ليجأر بـ صوته بـ غضب ، بـ كره ، بـ قسوة تمكنت منه ومن قلبه فـ لم يعد كما كان

إنتفضت جميلة لصراخه لتضع يدها على منكبه ونادته بـ خوفٍ

-أنت كويس!..أرسلان؟!...

ولم يرد..نهض وإحتجزها بين ذراعيه..توسعت عينا جميلة وهى تراه يعتليها ونظرة عينيه الشيطانية جمدتها..حاولت الهمس بـ توتر

-أرسـ...

همسها ضاع بين شفتيه القاسية و حقق لها ما كانت تتمناه..هو يُريد أن ينسى وهي ستمنحه النسيان

**********************************

-بقى أنا يتعمل فيا كدا!..الـ ***ماسك عليا فيديو...

هدر بها عزت وهو مُمدد بـ فراشه يُعاني أثار التعذيب..وأمامه آخر يرتشف من كأس الخمر بـ تلذذ قبل أن يضعه وينظر إلى الأول ثم تشدق بـ برود

-وإيه يعني؟!
-إتسعت عينا عزت بـ غضب وتشدق:يعني إيه اللي بتقوله دا!..الفيديو دا كفيل إنه يهدم حياتي وإتعزل من الوزارة
-ولما أنت جبان كدا بتروح الأماكن دي ليه يا سيادة الوزير!...

تأفف عزت دون أن يرد مُديرًا وجهه إلى النافذة..تنهد الآخر ثم نهض ليقول وهو يضع يديه بـ جيبي بنطاله

-عمومًا متخافش
-نظر إليه عزت بـ عدم فهم وقال:قصدك إيه؟!
-تشدق الآخر بـ بساطة:لو كان عاوز يفضحك كان عملها..بس هو لحد دلوقتي محتفظ بـ الفيديو لسبب فـ دماغه...

صر عزت على أسنانه ثم مسح على وجهه بـ عنف هامسًا بـ حدة

-وأنا لسه هستنى لحد أما أعرف هو فيه إيه فـ دماغه؟!
-وليه تستنى!..خلص عليه...

ضحك عزت بـ قوة وهو ينظر إلى مُحدثه بـ سخرية وأردف

-أنت فاكرها سهلة!!
-حك الآخر ذقنه وقال:زي ما وقعناه قبل كدا..هنقدر نوقعه دلوقتي..المهم نعرف نقطة ضعفه
-تشدق عزت بـ غل:الشيطان ملوش نقطة ضعف
-حرك الآخر منكبيه بـ بساطة وقال:يبقى نخلقله واحدة...

عقد عزت حاجبيه بـ تساؤل ولكن الآخر تقدم منه رابتًا على منكبه وقال بـ هدوء ما قبل العاصفة

-سيب الموضوع دا عليا يا عزت..لولا أنك ماتستهلش بس أنا هخلص منه عشانك
-ليرد عزت بـ نبرةٍ ذات مغزى:وعشانك..أنت ناسي إن زيك زينا متورط
-دنى منه وهمس بـ مكر:بس أنا مش فـالصورة..أنتوا اللي كنتوا فـ الصورة..خاف يا عزت منه ومني لو فكرت تلعب بـ ديلك...

إبتعد ينظر إلى عيني عزت التي قست بـ تعابير مُجعدة قبل أن يُكمل الآخر حديثه وهو يتجه إلى باب الغُرفة

-لأني هقتلك قبل ما هو يوصلك...

ثم تركه وأغلق الباب خلفه..ضرب عزت على الفراش وصرخ بـ غضب

-كلوا بيقول يلا نفسي..بس ورحمة الغاليين لأتغدا بيكوا قبل ما تتعشوا بيا...

*************************************

بـ مساء اليوم توجهت سديم إلى طابق سُمية تطرق بابها بـ خفة وإبتسامة تُزين شفتيها..لتفتح الثانية الباب بعد لحظات فـ إتسعت إبتسامتها وهى ترى الأولى أمامها

عانقتها سديم وقالت

-بصي يا سوما..أنا هنزل الإسماعيلية وعاوزاكي معايا
-خير يا ست سديم؟!
-إبتسمت بـ خجل وقالت:خير متقلقيش..بس أنا محتجاكِ معايا أوي...

ضيقت سُمية عيناها بـ تفكير قبل أن تقول بـ إبتسامة واسعة

-يبقى اللي بفكر فيه صح
-حمحمت سديم بـ إرتباك وقالت:أحم..هتيجي معايا ولا لأ!...

عانقتها سُمية مرةً أُخرى وهى تُطلق صوتها لتبتعد سديم سريعًا مُكممة فاها وقالت بـ تحذير

-بلاش كدا يا سُمية..أحنا مش عاوزين حد يعرف عشان ميوصلوش خبر
-وضعت يدها على فاها وقالت:يووه يقطعني..أنا هروح ألبس فُريره وأجيلك..تعالي إتفضلي...

دلفت سديم وإتجهت سُمية إلى الداخل لتنتقي أجمل ثيابها

بعد مرور الوقت

كانت كِلتاهما تجلس بـ حافلة تتجه إلى مدينة الإسماعيلية وقد حرصتا على توخي الحذر حتى لا يكتشفهما أحد

مالت سُمية وقالت بـ مكر

-إيه اللي حصل!..أخدتني كدا على ملا وشي وملحقتش أسأل...

إبتسمت سديم وهي تضع يدها خلف عُنقها الأحمر بـ خجل وقالت

-مفيش..قُصي راح لبابا من يومين عشان يكلمه فـ موضوع جوازنا لكن بابا موافقش غير على خطوبة..ودلوقتي أنا رايحة عشان نقرأ الفاتحة ومحتاجكِ معايا
-ربتت سُمية على كفها بـ سعادة وقالت:ربنا يتمملك على خير..سي قُصي شهم وجدع وإبن حلال كمان..يستاهلك..أنتوا أصلًا لايقين على بعض
-تساءلت سديم بـ شرود:تفتكري!
-إبتسمت سُمية قائلة:أفتكر جدًا..سي قُصي مفيش منه فـ طيبته وجدعنته..وأنتِ مفيش منك فـ جمالك وأدبك..عليتي فـ نظري لما كشفتي الدكتور الله يجحمه مطرح ما راح وخليتيه ياخد جزاءه...

شردت سديم أكثر بـ ذلك اليوم وتلك النظرة المُبهمة التي ظنت لولهة أنها رأتها تعتلي تعابير وجهه القاسية..الألم ولكن هل يتألم الشيطان!..سخرت من تفكيرها وهمست

-واللي زي دا يعرف الوجع...

************************************

وضعت الغطاء حول جسدها ثم إستدارت تنظر إليه وهو يرتدي ثيابه بـ صمتٍ..رغم أنها حصلت على ما تُريد ولكن لِما ذلك الإحساس بـ النقص..كانت تبغي العاطفة بما جرى بينهما ولكن ما حدث كان بـ دافع النسيان..وهي لم تعترض بل تركته طالما أنها بين يديه

خرجت من شرودها على صوته الجامد وهو ينظر إليها بـ نظرة جعلتها تنكمش على نفسها

-اللي حصل النهاردة دا تنسيه تمامًا..فاهمة!
-فاهمة...

أجابت بـخفوت وألم..ضربة ثلجية قاسية أصابت جسدها وهو يُخبرها بـ قسوة أن تنسى ليلة حلقت بها بـ السماء

رغم أمره القاسي والذي لا جدال به..إلا أنها تأبى النسيان..ستظل تُمني نفسها بـ تلك الليلة كل يوم..ستظل تتذكر تلك اللحظات أثمن ما عاشته معه

إنتفضت على صوت صفعه للباب بـ قوة لتجهش بـ البُكاء واضعة يدها على وجهها

بعدما أنهت وصلة بُكاءها الحار..نهضت لتتعثر بـ سُترته الرمادية..لتلتقطها وتُقربها من أنفها ثم إشتمت عطره الرجولي بـ قوة حتى تخلل رئتيها

جلست فوق الأرضية الباردة ولكنها لم تهتم..ثم إحتضنت السُترة هامسة بـ نشيج حزين

-أمتى هتحس بيا!..دا أنا سلمتك نفسي..سلمتك كل حاجة ومأخدتش منك حاجة..مع إني كنت راضية والله كنت راضية..بس أنت رفعتني لسابع سما حرام تنزلني لسابع أرض..حرام...

وعادت تبكي الراقصة مرةً أُخرى على قلبٍ أحبته وأحيته ولكنه طعنها بـ خنجر مسموم

وهو على الجانب الآخر

صفع باب سيارته بـ قسوة وهو يُريح رأسه إلى المقعد..أخذ يلعن غضبه الذي أوصله إلى تلك المرحلة من اللاوعي ليفعل كل هذا

جسده لم ينصع إليه بل إنتهج نهج آخر كان يعلم أنه سيندم عليه فينا بعد ولكنه إحتاج لأن ينسى ، ينأى ، يبتعد ، يهرب حتى للحظات قليلة..وكانت جميلة ضحيته

زفر بـ غضب على صوت هاتفه ليُخرجه من جيب بنطاله وأجاب دون النظر

-أيوة
-أتاه صوت أحد رجاله يقول:الدكتورة سافرت لـ الإسماعيلية ومعاها صاحبة البيت اللي قاعدة فيه
-تساءل أرسلان بـ جمود:والظابط!
-هو مُختفي بقاله يومين
-خلاص إقفل...

أغلق الهاتف وألقاه بـ قوة فوق المقعد جواره..ثم أدار المُحرك وإنطلق بـ سيارته إلى الإسماعيلية يلحق بها ولا بأس من مناورة خفيفة يعلم هو خباياها..همس أرسلان وعيناه يرتسم بها المكر

-جه وقت اللعب على أصوله...

ملكة على عرش الشيطان الكاتبه اسراء على‎حيث تعيش القصص. اكتشف الآن