إلى جميع عائلتي وسكان قريتي الذين لم يكونوا عائلةً لي يومًا
أعتذر عن كل الابتسامات التي ابتسمتها في وجهكم وأنتم تمشون في الطريق متجاهلين
أعتذر عن طرقي لبابكم بكل لُطف بيدًا حاملةً بعض الطعام والزهور وأنتم كنتم تتعمدون الصمت.. وبعضكم يخرج من الباب الخلفي
أعتذر عن محاولتي لصنع الروابط وأنتم كنتم حادين كفايةً لقطعها
أتيتُ لكن لاجئًا لكن لم أعلم بأنكم العدو نفسه
أتيتُ باحثًا عن السلام لكنكم قدمتم لي الجروح بدون غرز
وتدفعوني لنهاية الجرف
انطويت وانعزلتُ بعيدًا ولم يطرق بابي أحد
هل انقلب وسادتكم عليكم يومًا محاولةً خنقكم؟
هل أصبحت أسِرتُكم ساحة حرب بدلًا من مكان للاسترخاء؟
كم مرةً تقلبتم متجاهلين تلك الزاوية الفارغة به؟
الهواء بارد تحت اللحاف، قلبي متألم وصدري فارغ وعينايّ تبكي أرقًا
كم مرة نمتم بهذا الحال؟ واستيقظتم بمسارات الدموع إلى أذقانكم؟
كم مرةً حاورتم أول ساعات الصباح لتَعِدُكم بأنها ستمسح دموعكم من الليلة الماضية وسوف تساعدكم على النسيان وتكونُ أفضل ولا تكون ليلتها كالليلة الماضية
وتستيقظون مجددًا على نفسٍ خاوية و روحٍ مثقوبة
أخبروني كم مرةً نكث وعده الصباح و جعلكم تُعانون من الخمولِ في ساعات الظهر و من الكبت في العصر و من الحيرة في المغرب و تعودون للأنين في العشاء و لساحة الحرب ليلاً وحيدون دون جنود و دون مُساند... مُساند هذه الكلمة ماذا تعني لكم؟
كتفٍ حنون أم أذن تصغي أم كلام به أفعال حقيقية أم إبتسامة صادقة أم كف يمسح على وجنتاك عندما تحزن أم روح تشعر بضيقتك؟
كنتُ دومًا المُساند لكم.. وأنا لم يكن لي مُساندًا
في حزنك يا سيد چو طبطبتُ عليك، وفي يأسك بعد سفر زوجكِ يا سيدة ماندلين، وفي انكسارك على ابنك يا سيد هارفي، وفي صعوبات عملك سيد هانز، والقائمة طويلة
لكنكم وقفتم من جديد متجاهلين كل شيء تاركين ألآمكم معي على جانب الطريق
عدتُ لمنزلي حاملًا كل ألآمكم فلم أرغب بتركها في البرد هُناك، على الرغم من أن البرد خارجًا لا يزيدُ عن بردِ منزلي، لكن هُناك سقفٌ على الأقل
آه.. صحيح لا تعلمون أين منزلي وكيف شكله بعد فكما تعلمون جميعكم لم يزُرني أحدٌ من قبل
إن رأيتم منزلًا ذو حائط مائل و النبع به جاف، والنباتات مصفرة جافة وميتة، و ورق الجدران متجعدًا من اليأس، و الخزائن ممتلئة بخردوات يعلوها الغبار، والبرد بداخله ليست من تلك النافذة المغلقة من سنين بل من داخل روحي، وإن رأيتم شخصًا في ذلك المنزل تكسوه الهالات من عينيه حتى قدميه فسيكون هذا منزلي.. وأنا
تمضي الأيامُ فارغةً -مثلي- متشابهةً ومتطابقة
لا شيء يثبت أني أعيشُ يومًا مختلفًا عن الأمس أو ما قبله، أو الذي ما قبلَ قبله، سوى تبدل تلك الأرقام على رُزنامةٍ شارفت أيامها على الانقضاء، كأياميّ، لا شيء مثيرٌ للإهتمام، وتوقفتُ عن محاولةِ كسب قبولكم، ولم تعد لدي القدرة على الاستمتاع بأي شيء، لم يعد لديّ شيءٌ مُفضل وأنا الذي كنتُ أفضلُ كلَّ الأشياء، أنا الذي كانت سعادَتُه من أبسّط ما يكُون، لا يستطيع الآن الفرح، لقد سلبتم كل شيءٍ مني وكل طاقتي، أخذتم ما تريدون وتُرِكتُ أنا كالعادةِ على جانب الطريق، حتى تلكَ الزهرة التي كانت تقفُ معيّ جفت وتركتني
أشعرُّ بالرتابةِ والتبلد والبرود، أُفكر كثيرًا، ونومي مُضطرب، ليسَ للحياةِ قيمة بنظَري بعد الآن، هربتُ من كلَّ شيءٍ وأتيتُ لكُم وهربتم مني بعد عُبوركم من خلالي
والآن أنا مُغادِر كما تمنيتم
مُغادِر إلى ذلكَ الجرف الذي كُنتم تدفعوني إليه دومًا
كونوا بسلام، الذي لم أكُن به يومًا
وداعًا.مُلاحظة: ادفنوا رسالتي هذه بالقرب من الزهرة الني دفنتُها في فناءِ منزلي.
أنت تقرأ
جزء مفقود.
Short Story180219. - هناك جزء مفقود وراء كل حديث، كل نفس، كل تفكير، و ها قد بدأت رحلة البحث عن ما فُقد مني.