|§الـبارت الـثامـن عـشر §|
غابة الأحزان
تمشي تلك العصفورة بعد فقدانها لقدرة الطيران حين إنكسر جناحها...
زقزقاتها قد علت في الغابة الكئيبة...
زقزقات حزينة...
فجأة توقفت..
حين إعترض طريقها غصن شجرة ضخم...
راح يشوه قلبها و مشاعرها...
ضربته بقسوة محاولة كسره لإكمال طريقها...
لكن ككل مرة تفشل و دموعها تزيده قساوة...
إنتبهت لرسالة قد رميت عليها لتلتقطها بإنكسار و قرأت....
[ إحذري من الحزن فهو خبيث ، كوني أخبث و أغليبه بإبتسامة ]
فهمت أن حزنها الخبيث هو الذي يزيد قسوة هذه العقبة فببساطة إبتسامتها و أملها يمكنها أن تجتلزهاوهاهي الآن جالسة في شرفة شقتها...
و طاولة صغيرة بجانبها تتناول قهوتها الصباحية مع أحد الكتب التي تفضل أن تفتح به يومها...
عاشقة للورق المنقوش بالحبر الأسود...
و كيف وهو الذي يبحرها في عالم آخر و تنقلها سفينته من حرف لآخر و من عبارة لأخرى..
فجأة لقت نفسها تفكر في تلك الفتاة المسماة بريم...
أمها جاءت تبحث عنها...
بعد سبعة عشر سنة...
لمذا...؟
لأنها لم تكن لديها نقود..
مبرر عجيب بدأ يولد شكوكا في نفسها..
حسنا لم تكن تملك نقودا لكن بعد سبعة عشر سنة تذكرت أن لها إبنة حرمت منها...
و إستغلت فقرها للحنان لتلقي عليها بمبررات غير منطقية...
تنهدت..
هكذا هي تركز في مشاكل غيرها و في التفاصيل لتتناسى حزنها...
فالابتسامة التي ترسم على الشخص الذي ساعدته تجعلها تلامس أفق السعادة...
إلتقطت هاتفها لتتصل بأم اسامة التي ردت بعد بضعة رنات و بعد السلام و السؤال عن الأحوال بادرت لتين بسؤال قائلة : خالتو تعرفي ريم ، كلمتك عن موضوع أمها
ردت عليها منى بجدية قائلة : أيوة كلمتني ، بس العائلة تبغى تتكفل فيها ، يمكن ريم مافهمت إيش قصدها قالتها حصير مثل امك
ابعدت لتين خصلة من شعرها ضايقتها لتقول : طيب مع انو الموضوع جدا غريب
ردت عليها منى قائلة : حتى انا حسيت فيه شيء ناقص و ريم تقول نفس الحرمة لي كلمتها ، المهم إحنا بنشوف كم دخل العائلة و إذا عندها المؤهلات انها تتكفل فيها
اكملت لتين بزفس الجدية لتقول : طيب هي كيف لقيتوها ؟
دت عليها منى : حطوها قدام المسجد
ودعتها لتقول لتين بهمس بعد أن أغلقت الخط : شكله مافيه أم او أب صاحيين فذا الزمن
إبتسمت على تفكيرها حقا قد وصلت للنقطة التي تكلم عنها سامي يوما و عارضته
إنتبهت للدق على الباب لتقف بسروالها الابيض و قميص أصفر المقلم بالابيض ففتحت الباب لتظهر تلك الفتاة التي تبدوا في اواخر العشرنيات من عمرها لترد السلام ثم إبتسمت لتلك التي تقول : أنت جديدة هنا
هزت لتين رأسها بنفس الإبتسامة مستغربة من مجيء احد بهذا الوقت المبكر : أيوة نعم بغيتي شيء
أشارت لها الفتاة بالصحن الذي بيدها قائلة : محضرة كعك و كذا قلت أجيبه لك نفطر مع بعض و منها نتعرف دام أنك جديدة اكيد ماتعرفي احد
إبتسمت لتين لتقول : أيوة تفضلي
مشت إلى الصالة لتزيح الديكورات الموضوعة على الطاولة قائلة : آسفة صالة حوسة شوية كنت مشغولة البارحة فمافي وقت ارتب
شهقة تلك الفتاة جعلتها تلتفت بهلع لتلك التي تقول : وي كذا و تقولي مو مرتبة و حوسة ، لو تشوفي بيتنا كيف مع بزورة أختي الصغار عايشة عندنا الله لا يشوفك مانرتاح إلى بالليل لما يناموا
احضرت لتين قهوة لتقول : كم عندها أختك مشاء الله حاسة أنهم جيش
إلتفتت لها الفتاة لتقول : أي جيش كلهم على بعضهم ثلاثة بالإبتدائي بس اوه مومخليين فينا عقل لو كانوا بس اربعة كان شردت من البيت
جلست لتين لترد : بس ثلاثة هههه شكلك ماتحبي الاطفال
أنزلت الفتاة حجابها لتقول : إيش احب فيهم كذا كائنات صغيرة شريرة شغلها بس تخرب و تزعج الناس
صبت لتين القهوة لتقول : بالعكس أنا أعشق شيء إسمه اطفال أحسهم كيوت و لطيفين
شربت الفتاة من القهوة لتقول : ههه كيوت و لطيفين كثري منها
ثم أضافت بإبتسامة : ماقلتلك أنا سهام جارتك لي تحتك
إبتسمت لتين لتقول : و أنا لتين
إيتسمت سهام و هي تلف أنظارها في المكان لتقول : انت ساكنة لوحدك
هزت لتين رأسها و إكتفت بالصمت
لتقول سهام : عشان كذا البيت مرتب ، إلا وش لي حادك ساكنة لوحدك
وضعت لتين الفنجان لترد بإبتسامة مزيفة : الدراسة ، بيتنا بعيد عن الجامعة
إستغربت سهام لتقول : غريبة ، خلوك تسكني لوحدك و تدرسي بعيد
تجاهلت لتين الموضوع لتقول : و أنت مشاء الله عليك كيف عرفتي أني ساكنة جديدة
إبتسمت سهام بفخر لتقول : أفا عليك سهام ينخفى عليها شي ، شفتي ذي العمارة كلها أعرف لي يصير فيها
ثم أضافت قائلة : يعني انت جامعية كم عمرك
ردت عليها لتين و خي تنظر لساعتها قائلة : تسعة عشر سنة و
قاطعتها سهام قائلة بغمزة : مخطوبة
هزت لتين رأسها بالرفض لتقول بعد أن تنهدت : لا مو مخطوبة
إبتسمت سهام لتقول : مشاء الله عليك جامعية و حلوة ألف من يتمناك ، ترى عندي ولد عمي ، دحين هوا مسافر بس يرجع نبغى نخطبله و أنت كذا شوي و ماحتلاقين لي يناظرك يقولون عانس و
قاطعتها لتين قائلة و هي منزعجة من هذه المتملقة : أنت مخطوبة
هزت سهام رأسها بالرفض و ملامحها تدل على الدهشة لتقول : وي آخر شيء افكر فيه دوبي ب السبعة و عشرين
رفعت لتين حاجبها تقول : و أنا اصغر منك و لسى فيه مشوار طويل على الزواج يوم تنخطبين ولا تتزوجين أنا وقتها أكون دوبي بديت افكر بالموضوع
ضحكت سهام لتقول : و الله أنا نصحتك بس يكيفك تبين تعنسين ، صح ماقلتلك البارحة جات وحدة من سيارتها بس تعرفي أنا تقدر تشتريك أنت و اهلك كلهم المهم جات عند هذي جارتك لي جنبك إسمها شذى
قاطعتها لتين بحزم : مايهمني إيش يصير مع الناس و لا مين يجيهم كل واحد حر فحياته زي ماانا مااحب أحد يتدخل انا ماحدخل
ثم أضافت و هي تلقي نظرة على ساعتها : خلاص نلتقي مرة ثانية دحين عندي جامعة
وقفت سهام و هي ترتب حجابها قائلة : شكلي أخرتك مرة ثانية إنشاء الله و إذا إحتجت شيء حجيك ترى
توجهت لتين معها نحو الباب لتقول بنفاذ صبر : حياك
و ماإن أغلقت الباب توجهت لتين للصالة لتنظف قائلة بهمس غاضب : وجع وجع وجع شوي و أطردها إيش دخلها فيني فجاة صارت خطابة
بعد أن انهت لبست حذاءها الابيض و إلتقطت محفظتها لتتجه إلى الجامعة
.
.
.
في الشقة المقابلة
داخل غرفتها و حجابها على كتفيها تربط شعرها إلتفت لأثير التي تشير لها بالمشط و ربطة شعر قائلة : شذو أنا أختك صغيرونة صح ؟
تركت شذى ماف يديها لتقول : أخلصي
إبتسمت أثير لتقول : ممكن تمشطيلي زي يوم الحفلة
رمشات براءة و ترجي اطلقتها أثير
فإبتسمت شذى لتجلس في السرير قائلة : تعالي
إبتسمت أثير بحماس لتقول : واو و الله كنت عارفة أنك ماحترفضي
أحذت شذى المشط لتمشط شعر اختها الطويل قائلة : و ليش ارفض يعني
ردت عليها أثير قائلة : مدري عنك ماينعرفلك انتي
أنت تقرأ
عقبات الدنيا
Adventureعصفورة إفتقدت معنى أب و تشتتاق لتلك المسماة بالام التي كانت تطارد طيفها من تسعة عشر عام.. و ذلك الطفل الذي انفصم قلبه و تحول جزءاه لخصمان منذ الحادثة التي أبت ان تتأثر بالزمن و تنمحي.. و ماقصة الرمح الذي كان خشبة و تحول بصواعق الزمن الى حاد و فقد من...