20

18 1 0
                                    

|§ البارت العشرون §|

في غابة الاحزان
تلك اللؤلؤة السوداء...
تتدحرج على الارض القاحلة تحت الشمس الحارقة...
فجأة وقعت بين أغصان ذات أشواك متشابكة في بعضها...
لا تدري كيف دخلت...
و لا تعرف كيف تخرج...
فبقيت ساكنة لأن مع كل حركة تلتصق بها شوكة..
ترتجف خوفا...
مغمضتا عيناها...
و تنتضر متى تفسح لها مجال للخروج...
و تفتح العقد...
لتتحو ل الاشواك الى الورود...
و يزول سوادها لتعود تلك اللؤلؤة البيضاء الخالية من الشوائب...
إنتبهت لرسالة ففتحتها بحذر لتقرء المكتوب...
" رسالة من الحياة : فِي هذا العـالمَ لابد أنَ تكـون مستيقِظ تحمِل قهـوتَك أينَ ما ذهبـت، وتحـمِل معَك قلباً مُعـطل، وعقـلاً يعمَل. "
.

فتحت هذه اللؤلؤة عيناها على صوت منبهها
لم تنم الا ساعاتان...
رفعت رأسها الثقيل عن وسادتها المبللة لتقف متجهة إلى الحمام تأملت ملامحها في المرآة و قد بدت آثار بكائها الصامت ليلا بملامحها المنتفخة...
غسلت وجهها بصابونها...
لتخرج بهدوء نحو أختها النائمة هزتها بلطف ثم قالت بهدوء : أثير يلا قومي
هزتها للمرة الرابعة ففتحت الأخرى عيناها قائلة بصوت غلبت عليه نبرة النوم : ماابى اروح
وقفت شذى قائلة بنفس الهدوء : لا تروحي يلا قومي حبيبتي ، حتتأخرين
رفعت أثير نفسها من السرري و هي تراقب شذى التي ترتب سريرها
ثم قالت بإستغراب : شذى ايش فيه ؟
التفت لها شذى بتساؤل
لتكمل الاخرى. : مدري عنك صايرة غريبة
تجاهلتها شذى لتكمل عملها
خرجت من الغرفة لتقابل أخيها قائلة : بابا هنا ؟
هز راسه بالرفض قائلا : لا طلع بدري اتصلوا عليه من الشغل
هزت رأسها متجهة الى المطبخ لتحضر الفطور
تعمل بجمود و لا إبتسامة على وجهها...
ملامح مرهقة...
و مرارة قد لقت ملجأ في حلقها...
لاتدري هل ذلك الحوار قد دمرها...
او ازال شكا كان يأرقها...
هل كان مفيد..
ليضع نقطة النهاية في كتاب خوفها
او مضر...
ليفتح صفحة جديدة و يخط فيها خوفها من الإنتظار...
وضعت الفطور على الطاولة ليأخذ كل منهم مكانه...
عقد فارس حاجباه قائلا : مو رايحة اليوم
هزت رأسها بالرفض
فأردف متسائلا : ليش !؟
شربت من حليبها لترد ببرود : مو شغلك بكيفي ماابغى اروح
رفع الآخر حاجبه قائلا : اثلا انا الغلطان لي اسألك رغم اني عارف اخلاقك كيف
تجاهلته و التفتت لأثير التي ستقوم من الطاولة قائلة : وين رايحة كماي فطورك ماكليتي شيء
وقفت اثير لترد : خلاص شبعت اصلا فالطريق باشتري شيء آكله
هزت شذى رأسها لترد : طيب
ثم أردفت بعد أن نقلت نظرها لفارس : و انت دام انك فاضي و ساحب على الجامعة وصلها
وقف خو الآخر قائلا : طيب لا تتأخرين انتظرك بالسيارة
و ما كانت الا دقائق و افرغ البيت...و لم تبقى الا شذى و ضجيج أفكارها..
انتبهت لهاتفها الذي يرن بأسم مريم لترد بعدوء: هلا مريم
اتاها صوت مريم القائل : اهلين شذى مو رايحة اليوم !؟ ، شفت اثير رايحة
قاطعتها شذى القائلة : لا مو رايحة مالي خلق
فقالت مريم بإستغراب : ايش بوصوتك, فيك شيء!
جلست شذى على الاريكة لترد بصوت مبحوح : مافيه شيء
ردت عليها مريم بتكذيب قائلة : ماتمشي عليا ذي دحين جايتك
ثم اغلق الخط
لتضع شذى هاتفها على الطاولة تذمر..
و ماهي الا ثواني و سمعت صوت طرق على الباب ...
لتقف متجهة الى الباب الذي فتحته قائلة : مريم حتتأخرين قلتلك مافيا شيء
تأملتها مريم ثم قالت بذهول : هذا وجه وحدة مافيها شيء
ثم مسكة كفها لتكمل بهدوء: شذى انا ماعرفتك قبل يومين ، ترى صارلنا سنين نعرف بعض مو غبية عشان تضحكي علي بذي الكلمة
جلستا على أقرب اريكة ثم قالت شذى بصوت بارد : مافيا شيء قمت نفسيتي مقفلة
فهمت مريم ان لا تنوي غلى الكلام لذا فضلت ان تتسحب قائلة : طيب ، بس اذا حسيتي ان محتاجة تتكلمي انا هنا
إبتسمت شذى بهدوء و هزت رأسها بالموافقة ثم قالت : انا حتجهز للجامعة
ضحكت مربم ثم قالت : ههههه و انت كذا كل ثانية عند راي
وقفت شذى التي ردت بنفس الصوت الهادئ : اذا مستعجلة روحي و انا بلحقك
اخرجت مريم هاتفها و هي تقول : لا انتظرك بس لا تتأخرين
و ما هي الا دقائق و خرجت شذى لترافق صديقتها نحو الجامعة
.
.
.
أما بالشقة المقابلة
إستيقظت بعد عشر رنات من منبهها..
فتحت عيناها بهدوء و علامات الإنزعاج ظهرت هي رأت أختها تدخل و هي تقول : يا شيخة لسى ماصحيتي ذا الازعاج لي عند راسك صحاني من الصالة و انت لسى
ضحكت خفيفة أطلقتها لتين لترد بصوت غلبت عليه نبرة النعاس : انا نومي ثقيل ،اصلا حوقفه احس المنبه نومني اكثر
جلست رودينا على سريرها بعد ضحكت خفيفة : كيف !؟
تثاوبت لتين لترد : مدري احس الرنة تدخلي داخل راسي و بعدين مع الحلم و اكمل انام
ثم اردفت بدهشة حين لمحت شكلها في المرآة : آه ليش كذا
فهمتها رودينا لتنفجر ضحك قائلة : هههههههه و الله من دخلت و انا احاول امسك ضحكتي
وقفت نحو المرآة لتمشط شعرها قائلة بعد ضحكة خفيفة : ههههه ترى عادي مافي وحدة تقوم شعرها مرتب
ثم خرجت متجهة نحو الحمام
وقفت رودينا لتقول بإبتسامة : انا حسوي فطور
بعد عشر دقائق من الحيرة بما ستردتدي استقرت على سروال ابيض و قميص وردي فاتح ...
ثم أخذت تلف شعرها ليتميز بتموجات اظهر لمعته....
وقفت متجهة الى تسريحتها البسيطة لتبحث عن امحر شفاه وردي فاتح زينت به و اضافت كحل ابرز لون عينيها المميز...
أخذت محفظتها بعد ان بخت بضعة رشات من عطرها لتنتشر رائحة الياسمين بالمكان...
خرجت من الغرفة لتقابل أختها القائلة : و اخيرا خلصتي
جلست على الطاولة لتقول : و انت ليش مو متجهزة
جلست رودينا مقابلة لها و ردت : مو رايحة اليوم اصلا خلاص تأخرت
شربت لتين من قهوتها لتقول بعد ضحكة :ههههه الا صح ايش صار على جوالك
عبست رودينا لترد : و لك وجه تسألين
ضحكت لتين ثم اضافت ساخرة : ههههههه مو منجدك معصبة عشان جوال
عضت رودينا من التوست لترد بنفس العبوس : من جدي عشان مو جوالك لي انكسر
وقفت لتين لتقبل اختها من خدها قائلة : يلا انا رايحة
إبتسمت رودينا لتقول : مع السلامة
خرجت لتغلق الباب وراءها...
و نزلت نحو سيارتها لتتجه الى الجامعة...
و إبتسامة قد اعتلتهاطول الطريق...
مااجمل من أن تفتح عيناك على اقرب الناس لك...
رغم كل ما يمر به الانسان الا أن لحظات جميلة تغلغل بين الهموم و الأحزان...
لتنقص من ألمها و ترفق بالمتألم...
نزلت عند وصلها الى الجامعة...
الا أن جسد اعترض طريقها عرفت من صاحبه لتقول بضجر : ياليل انت ايش هرجتك معايا طالعلي فكل مكات
سند يده اليمنى على سيارتها ليهمس : جايتك ايام حلوة استمتعي
ثم إبتعد..
عقدت الاخرى حاجباها من جملته لتهمس : من زمان و انا اقول مو صاحي
مشت بضعت خطوات و إعتلتها إبتسامة لأسيل القادمة قائلة : اوه جيتي بدري اليوم
ردت لتين بنفس الابتسامة : وين بدري باقي بس نص ساعة عالمحاضرة
ثم اضافت و هم يجلسوا على أحد المقاعد : الا البنات وينهم
جلست اسيل بجانبها ائلة : لسى ماجوا , ايش كان يسوي معاك ذاك
عبست لتين لترد بإنزعاج : مريض ماعلي منه
عقدت اسيل حاجباها لتقول : الا صح ايش اسمه
ردت لتين و لازال الانزعاج يعتلي ملامحها : ايش دراني انا
انطلقت ضحكة اسيل التي قالت : ههههههههه مو من جدك
أخرجت هاتفهها قائلة : ليش انا قاعدة اتعرف عليه !
ضحكت اسيل بهدوء لتردف : ايش كان يبى منك
وضعت لتين هاتفها جانبا و ردت بحاجبان معقودان : مدري عنه قالي جايتك ايام حلوه
ظهرت علامات الدهشة على نلامح اسيل و قالت : تهديد ؟
هزت الاخرى رأسها بنعم
لم تختفي الدهشة من ملامح اسيل : مريض ذا ليش يهدد
ردت لتين و عينها على هاتفها بإنزعاج : مدري ايش هرجته معاي يبغى يتمشكل
ثم رفعت نظرها نحو صديقتيها الآتيتن لتردف : خلاص خلينا نقفل الموضوع
هزت اسيل راسها و ابتسامة لغادة الآتية
.
.
.
في طاولة بكفتريا الجامعة..
لازالت عيناها شاردة في الفراغ...
و عقلها في متاهات حياتها...
انتبهت لصديقتها الاي هزتها قائل. : هيه شذى صارلي ساعة اكلمك و انت مو معاي
ردت عليها شذى بنفس الصوت الهادئ: نعسانة
ابتسمت خلود قائلة : كان قعدتي بالبيت ماعندنا شيء مهم اليوم
فتحت شذى فاهها لترد لكن أنتبهت لليد الذي وضعت على كرسيها من الوراء التفتت لترى وجه سجى الغاضبة و هي تشير بهاتفها و قالت : شايفة الفديو كم لايك وصل ، قريتي التعليقات
وقفت شذى لتأخذ الجوال من يدها و رمته على طاولة رفعت حاجبها و ردت بصوت هادئ حد الغرابة : سجى مو انا لي قلت لأحد يصور و لا انا لي بديت بالعكس انتي لكبرتي الوضع
ضحكت خفيفة اطلقتها صاحبة الخصلة الخضراء : ياه يالبريئة لي ماسويتي شيء
قاطعتها شذى و هي تتجاوزها متجهة نحو الخارج
اخذت الاخرى هاتفها بغضب و تبعتها..
بينما كانت تمشي شذى بشرود احست باصدامها بأحد لترفع راسها نحوه...
لكن تبعثرت ملامحها للدهشة و هي ترى الجروح التي بوجهه لتقول بهلع : ايش بك !؟ ايش صارلك !؟
ابتسامة استغراب ظهرت على الآخر الذي قال : اوه لذي الدرجة واضحة ،
هزت رأسها بالإيجاب ثم قالت بعد ثواني : آسفة
عقد حاجباه بإستغراب حين قال : ليش
شتت أنظارها و ردت : لانو ذا بسببي
شتت هو الآخر لتظتره و دقات قلبه بدأت بالتعالي ليرد : مو بسببك
حاولت قطع انفاسها لتخفي سرعتها لكن اخفقت ثم حاولت التحكم في دقات قلبها و في نظراتها و في الدمعة التي ستنزل لكن فشلت...
فكيف لها ان تتحكم بكل هذه الاعراض بنفس الوقت...
أخذت تلعب بخاتمها و انظارها متجهت نحو الفراغ ثم اردفت : كيف يعني ! البارح كله ماكنت موجود بعد ماعطيتك الرقم فاكيد عرفت عنوانه
قاطعها قاطئلا مطمئنا لها : لما طلعت من الجامعة اتضاربت مع احد بالشارع
اكملت بنفس الهدوء الذي يخفي برلكين المشاعر التي بداخلها : برضو بسببي كنت معصب فضاربت مع احد ، تخيل صار شيء و تدخلت الشرطة
رفعت انظارها نحوه فظهرت لمعة دمعتها....
و برز السواد الذي رسم لوحة من التعب تحت اعينها المرهقة...
تعب فتاة خائفة من المستقبل...
و قلب هش من كثرة انكساره...
ينكسر ليجرح نفسه و يرسم ندوب شوق...
ابت ان تلتم...
تزعزت ملامحها فأطلقت جاذبيتها نحو قلبه فقام بنفس الحركة...
قبضت على شفتيها فإنقبض قلبه...
و تساقطت دمعاتها فنزف فؤاده...
و بشهقة منها كادت ان تأخذ روحه ليقول بصوت هادئ ووجه جامد يظن انه قد اخفى مايجب ان بخفى : ليش تبكين !
فتحت فمها و قد اتخذت من الهواء كلاما فقد اختفت الكلمة التي ترسد ان تنطقها من ابجديتها...
أشتاق..
أحب...
تريد ان تقول انها لا تستطيع تحمل كسر قاعدة فيزيائية...
وهي ان التماس السالب امام الموجب بإمكانه ان يولد شرارة كهربائية تصعقها...
تشوشت صورته من عيناها بفعل الدموع لترمش بسرعة خوف من اختفائه...
التفتت بسرعة لتغادر...
لن تثق في مشاعرها التي سترتب كلاما و تطلقه دون استئذان عقلها...
ككل مرة تتصرف دون استشارة...
في حين الآخر..
قد صارت الخطواته ثقيلة بل منعدمة...
يحس انه لو خطى خطوة سيعترف...
سيثرثر امام بحر عيناها و هو جالس على شط كحلها الاسود...
سيشتكي من لوعة العشق...
و من نار الشوق...
و من لعنة الحب...
التي تجعل الانسان ينسى اي ذكرى سيئة...
سيثرثر و هو يتأمل مقلتيها البنية كشمس عند الغروب...
مستمتها بلحن دقات قلبه...
يحكي لدمعها عن قصص التناقض...
و عن تاريخ الحروب التي اقيمت في روحه...
سيروي لها عن حكايات العاشق الذي يكون بجانب معذبته و يمارس التجاهل...
ثم يغادر مع لألئها السوداء ليعود الى عالمه...
افاق من افكاره ليلقي نظرة على ساعته...
و دخل الى الكافتريا بعد ان انتبه ان عشر دقائق قد مرت.
اما الاخرى فدخلت الى احد القاعات...
مسحت دموعها لتأخذ نفسا و قالت بصوت متشحرج : خلاص بارجع زي ماكنا مانعرف بعض و اذا شفته اغير طريقي و
قطعت كلامها حين انبهت للفتاة التي جلسة قريبا منها و هي تناظرها بإستغراب لتبتسم شذى بصعوبة كترقيع للموقف...
ثم قالت بإرتباك : أأ كم الساعة ؟
عقدت الفتاة حاجباها بإستغراب ثم قالت : عندك ساعة فإيدك
ألقت شذى نظرة خاطفة على ساعتها ثم اكملت بنفس الارتباك من الموقف الذي حدث : أأ سوري ماشفتها
انتبهت لغباء جوابها لتردف باستدراك : قصدي مو متأكدة انها تمشي عدل
ابتسمت الفتاة بلطف ثم اطلقت ضحكة : هههههههه
رفعت شذى حاجبها بإنزعاج قائلة : خير فيه شيء يضحك
هزت الاخرى راسها بلاشيء ثم اكملت بنفس الابتسامة : ساعة ثمانية و خمس دقائق
وقفت شذى لترد بابتسامة شاكرة : شكرا
ثم غادرت القاعة و هي تهمس : ذي المرة المليون امر بموقف زي ذا ، اوف متى اوقف الكلام مع نفسي
اصدمت باحد لتلتفت لخلود القائلة : فينك اختفيتي انتي
ابتسمت شذى لترد : كنت اتجول فجامعتنا الحلوة
ضحكت مريم ثم اردفت : و شفتي المناظر الخلابة لي فيها
مشوا مع بعض في الممر حين قالت شذى : ايوة ، و لما شفتها جاني الهام عشان ارسمها
انتشرت ظحكاتهم الهادئة بالمكان و هم متوجهين الى القاعة
.
.
.

عقبات الدنياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن