[ البارت التاسع عشر ]
في غابة الاحزان
يدور ذلك الرمح بعشوائية..
يذهب يمينا ثم يعود شمالا...
يسقط ارضا ثم يرتفع...
يلتصق بالشجرة ثم ينزع...
لا يدري ماالذي يريده...
لكن فكرة الإنتقام هي سيدة افكاره...
لم يستطع ان يتجاوز عقبته...
بل يظن أنها ستزول فور موت الشخص الذي يتحكم في ذاكرته...
لازال يجول في الدائرة المغلقة بطيش...
إستوقفته جملة منقوشة...
[ قيل قديمآ
" اذا أردت ان تنتقم فإحفر قبرين .. قبر لعدوك .. وقبر لك...! ]
ذلك الرمح جالس بين كومة من العلب...
وجهه البارد اللامبالي لازال يتذكره..
يعيش دون أي إهتمام...
و لا ضمير...
دون أن يشعر بالذنب..
إلتفت لذلك الذي خرج من المطبخ البسيط بكوب حليب قائلا : ماحتفطر
هز حسام رأسه بالرفض ليقول : مالي نفس
مر من جانبه قائلا : بكيفك ، انا حرجع انام
هز الآخر رأسه بهدوء..
اإلتقط هاتفه حين لمحه يرن برقم غريب...
رد بهدوء لياتيه صوت فتاة قائلة : حسام القاسم صح ؟
عقد حاجباه قائلا : إيوة ، مين معايا ؟
ردت الاخرى بصوت باسم : بعدين تعرف ، ممكن نتقابل
زفر بملل من هذه المتصلة في الصباح قائلا : اوك ابعتيلي الموقع
أجابته بالموافقة لتبعث له موقع المقهى
لبس حذاءه ليخرج متجها للموقع سيرا لقربه
.
.
. اما هي و التي لم تكن غير اليزا الجالسة في مقهى هادئ
إبتسامة مرسومة على شفتيها...
لم يكن من الصعب أن تجد رقمه...
و اخيرا ستجد السبب الذي لا يريد أحد ان يتكلم عنه
وقفت حين لمحته آت لتشير له
تقدم ناحيتها...
مستغربا من هذه الفتاة..
ليجلس في الجهة المقابلة لها...
لم تنمحي إبتسامتها لتعرف عن نفسها قائلة : أنا إليزا صاحبة هديل أختك
لمحت ألاستغراب على ملامحه قائلا : اوك ، ليش تبين تقابليني
اليزا ردت : نطلب اول و بعدين نتكلم ، الموضوع يخص هديل
جزع كسى ملامحه قائلا : إيش بها هديل ، فيها شيء
ردت مطمئنة : لا مافيها شيء
طلبت عصيرا و قهوة...
لتقول بعد أن رشفت من عصيرها : هديل مو على بعضها صارلها كم يوم ، اتصلت عليها و سألتها ماعرفت إلا انها فمشكلة مع واحد إسمه حيدر
علا الإستغراب ملامحه ليقول : هي قالتلك
هزت رأسها و هي متأكدة ان هناك شيء مخفي لتردف : ايوة بس ماحكتني إيش هي المشكلة ، فقلت أسالك انت ممكن تعرف ، و اساعدها
تأملها...
عينان بريئتان...
نظرات مهتمة ...
لا يدري...
لما يحس انه بإمكانه الثقة بها...
زاد إصرارها قائلة : يعني إذا ماتبغى تحكيني خلاص عادي
تنهد ثم قال : مدري عن شيء
ثم وقف ليغادر المكان بهدوء
ثم رفعت هاتفها الذي رن برقم أمها لترد بهدوء
في حين
.
.
.غرفة تداخلت فيها الوان حيوية من الاصفر و البرتقالي و الابيض إلا ان لمسات انثوية ميزتها
إنشدت ملامح تلك النائمة بإنزعاج من الاشعة التي تسللت من نافذتها الكبيرة لتلقي عليها بتحية صباحية
إنتبهت لمنبها الذي يرن للمرة السابعة لتمد يدها بكسل إلى الطاولة المجاورة لسريرها محاولة إلتقاط الهاتف لتقفل المنبه
وقفت متجهة إلى الحمام و لازالت ملامحها تدل على النعاس
خرجت من الحمام و إرتدت بعشوائية سروال جينز و قميص ازرق سماوي ثم غادرت الغرفة بعجلة و هي ترفع شعرها كذيل حصان...
و بعد بضعت خطوات لم تنتبه لحذاء ريان الموضوع هناك فجأة انزلقت قدماها نحو الوراء و دوى صوت إرتطام قوي بالارض...
ثلاثة ثواتي لم تترحك من مكانها...
لا تدري هل من صدمة السقوط...
او من الم قدمها و فكها...
ايقضتها ضحكة قوية أبت أن تتوقف من اخيها الذي كان نازل ...
لتقول بعد ان حاولت أن تقف إلا انها فشلت : لا تضحك ، المفروض تجي يساعدني اوقف
اتتها ضحكة يزن المستفزة حين مد يده ليوقفها
فقالت بانزعاج : انت بالذات لا تضحك
لم تختفي إنبتسامته ليرد يزن : هههههه ليش ؟
جلست على الدرج قائلة : ياخي ضحكتك مستفزة احسها تزيد وجع الطيحة
مدت يدها لتقف إلا انها أفلتت من يده حين إنفجر بضحكة أخرى : ههههههههههههههه بالله فين يوجعك
مسكت معصمها الذي وجعها قائلة بألم : مدري إيدي و رجلي و اسناني
قاطعته ضحكته قبل قوله : ههههههههههههه لحظة لحظة افتحي فمك
رفعت حاجبها لتقول : ليش؟
جلس في الدرج امامها قائلا : إفتحي فمك
فتحته بضجر
لتأتيها ضحكته قائلا : هههههههههه يالله سلامات ماطاحلك ولا سن
عقدت حاجباها بمحاولة إستوعاب لتقول بعد ان ضربته على كتفه قائلة : سخيف ، غلطت عمري اني طحت قدامك
زادت ضحكته قائلا : ههههههههه خلاص دحين كل مااشوفك اتذكر الطيحة
لفت وجهها عنه بحقد لتفول بألم : و الله رجلي توجع
ظهرت ملامح الجدية عليه قائلا بإبتسامة : فين توجعك
رمقته بطرف عينه لتجهاله
مد يزن يده نخو يدها ليقول : شكل إيدك انكسرت
عقدت حاجباها بصدمة قائلة : واه ماني ناقصة خنقت الجبس
وقpف و مد يده لها لتقف ورفعت رأسها حين قال :
امشي
مشت ثلاثة خطوات لتتوقف قائلة : لا رجلي ماتوجعني كثير زي إيدي
ضحكت خفيفة إنفلتت منه
فقالت خلود بملل : لاحول و لا قوة الا بالله اصلا حاسة بدوخة
هز رأسه قائلا : ايوة هوا اكيد كسر تعالي اخذك المستشفى
نزلت الدرج معه قائلة : اول ماقمت مستعجلة على الجامعة الزفت عرفت حيصير شيء
ضحك بهدوء
في حين تجاهلته خلود لانها تدري ان لافائدة منه
إنتبهت لأمها الجالسة مع ريان لتقول لها : ماما رايحة المستشفى .
وقفت امعا بهلع لتقول : ليه ؟ صار شيء ؟
رد عليها : طاحت فوق ، و ايدها توجعها يمكن يكون كسر
خوف ظهر على أمها التي قالت : إنتظروني اجي معاكم
أشارت لها خلود بالرفض قائلة : لالا ماله داعي اقعدي مع ريان ، و بعدين مافي شيء كبير
بدى على الام عدم الإقتناع الا انها قالت ؛ طيب طمنوني
هزت خلود رأسها ليودعوها متجهين نحو المستشفى
.
.
.
عند بوابة الجامعة
دخلت شذى بخطوات هادئة و ملامح باردة ، تخفي بها عواصف المشاعر التي بداخلها...
ستجلس امامه للمرة الثانية و تتكلم...
تشرح و تطلب المساعدة...
أكملت طريقها نحو مكان مجموعته المعتاد...
محاولة التحكم بدقات قلبها...
انتبهت له جالسا في ذلك المكان..
الذي كان اول ما يراها يقف متجها لها...
هاهو يعيد نفس الحركة ، بنفس الإبتسامة ...
لكن بمشاعر مختلفة ، و نظرة أخرى...
كرهت أنه يساعدها..
لا تدري هل كرهت نفسها او كرهته..
لان المخطئ مجهول بالنسبة لها ..
ايقضها صوته القائل : سلام عليكم
ضغطت على اناملها لتقول بهدوء : و عليكم السلام
لاحظ إرتباكها...
لا يعرف ماسببه لكن يعرف ان عدوته قد اصابته...
تنهد ليقول : خلينا نقعد
هزت رأسها ليجلسوا في أحد المقاعد
قالت شذى : ماعرفت إسمه بالضبط بس عرفت إسم اخته هو هديل حسن القاسم
إبتسامة ارتسمت على شفتيه قائلا : حلو بسهولة حلقى بيتهم و حتى رقم جواله
إلتقطت محفظتها لتخرج رقم إليزا
مترددة ان تعطيه كيغ لها ان تعطيه رقم فتاة
ممدت يدها متحدية مشاعرها قائلة : و هذا رقم لي قاتلي عن إسم اخته سألتني عن سبب جيت ذي هديل لبيتنا بس ماجاوبتها، يمكن تحتاجه
عقد. خاجباه ليقول : يمكن
هزت رأسهاو رمقته بنظرة خاطفة ملامح الامبالاة بادية عليه...
اماهو لاحظ إرتجافها...
متسائلا عن سببه...
حين قال : إذا بردانة ندخل
إبتسامة متهكمة ظهرت عليها...
من غبائه...
ياليته كان بردا..
و لم يكن تأثير دقات قلبها الذي ينثر مع كل دقة ألم...
هزت رأسها قائلة : هذا جو يبردون فيه
ضحكة خفيفة اطلقها...
هل يمكن ان يكون لها نفس فيضان المشاعر الذي بداخله الا ان تأثيره عليها أقوى
تنحنح ايقول : طيب ليش ترجفين
اشاحت بوجهها عنه قائلة : شايفني ارجف ؟
لم يرد عليها فتهربها واضح...
جالسين كل احد في طرف من المقعد لااحد يتكلم الا ان كل منهم يرفض الذهاب...
شعور مؤلم الا ان جميل...
اردفت شذى ببحة و دموع أخفتها خلف جفنها المنغلق نصفه : ليش تساعدني
اندهش من سؤالها المفاجئ..
لانه نفس سؤاله...
لما يساعدها؟
هل من أجل ان يسمع ذلك الصوت الموجع كل صباح...
او ليحظى ببضعة دقائق حتى يكمل شظية قلبه بشظية قلبها..
او كونها في مشكلة لوحدها يصيبه بالجنون بعد ان كان في يوم ما جيشها...
فضل ان يرد بصراحة : مدري
هزت رلسها بنفس الابتسامة : من حقك سؤالي جدا صعب ، و اجابته اصعب صح ؟
إلتفت لها فإلتقت عيناهما قائلا : فين تبين توصلين ؟
رفعت كتفاها بحيرة قائلة بإبتسامة مجنونة : مدري عن جد مدري ، مدري إيش اسوي موعارفة ايش احس مو قادرة افكر فأي شيء ، كل سؤال يجي فراسي اتجاهله لاني مو قادرة افكر اجابة
تنهدت لتقول بضعف : تعبانة و مو عارفة إيش ابغى
دهشة ظهرت على ملامحه...
من هذه الإنسانة التي يراها...
مختلفة...
ضائعة...
تختلف عن التي كان يعرفها...
قوية...
متجاهلة...
ضاحكة...
تنهد قائلا : مو هاذي لي اعرفها ابدا ، اشوف إنسانة ثانية من متى شذى تقول انا تعبانة من متى تضعفين كذا ، اظن عندك حياة ركزي فيها لا تلعبين بنفسك كذا
قاطعته قائلة : ايوة ايوة كلام حافظته من كثر ماسمعته ، لانك ماجربت كل مايكون عندك فراغ تلقى نفسك تفكر فإجابة مرات احس اني حنجن و انا احاول افهم و يقعد بس سؤال ليش يدور فراسي
هز رأسه..
من اخبر هذه الحزينة انه لم يحس...
بل اكثر من مرة تساءل عن السبب...
اصعب حياة هي الغامضة التي تقودك للجنون...
رد. عليها بنفس الهدوء المخيم غلى المكان : اشغلي وقتك ولا تفكري كثير صحتك أهم
هزت راسها بالموافقة قائلة بإبتسامة : سوري جيت نكدت عليك ،بس مدري فجأة بديت افضفض
نفس الإبتسامة إرتسمت عليه ؛ عادي كل واحد مرات يكون محتاج يتكلم
هزت راسها...
محق الانسان بحاجة للكلام...
لكن هل من المنطق أن يشكي الإنسان لجارحه..
لانه اكثر من يعرفه...
و الاقرب لقلبه...
و نظرة إهتمام تستدعي الالم ليخرج غلى شكل جمل مبعثرة لا معنى منها إلا انها لغة ترجمة المشاعر
وقفت مبتسمة لتقول : شكرا و باي
وقف هو الآخر قائلا : باي ، انتبهي لنفسك
هزت رأسها لتذهب للكفتريا لابد ان صديقتيها قد وصلتا
اما هو فإحتدت ملامحه...
بقت بضعة خطوات و يصل له...
وقف ليلتقط هاتفه و إتصل بعجلة على إبن عمه الذي رد بعد بضعة رنات ليقول سامي مباشرة : لؤي فاضي ؟
اتاه صوت الآخر المندهش الذي قال : لا تدري اليوم بديت فالشغل ، ليه فيه شيء ؟
تنهد سامي : خلاص ولاشيء باي
و اغلق الخط ليذهب إلى مجموعته قائلا : شباب انا طالع مشغول يمكن ماارجع أصلا
طارق : اوه ليش ؟
أخذ محفظته قائلا بضجر : قلت مشغول
صم أكمل بهمس : الكلب و الله لااجيبك
إتجه من سيارته لينطلق بسرعة...
عياه مركزتان على الطريق و عقله يفكر في طريقة...
لايجد أي طريقة عقله منغلق...
يحاول التحكم في جنونه لكن يفشل...
لم يستطع الإنتظار حتى نهاية الدوام....
من الممكن أن يعرف مكان جامعتها و يلحقها...
من الواضح أنه يستهدفها و يحاول إستغلالها..
تذكر الرقم الذي أعطته...
ليركن سيارته جانبا و يأخذ الورقة و أصابعه تتسابق على الارقام بسرعة
أنت تقرأ
عقبات الدنيا
Adventureعصفورة إفتقدت معنى أب و تشتتاق لتلك المسماة بالام التي كانت تطارد طيفها من تسعة عشر عام.. و ذلك الطفل الذي انفصم قلبه و تحول جزءاه لخصمان منذ الحادثة التي أبت ان تتأثر بالزمن و تنمحي.. و ماقصة الرمح الذي كان خشبة و تحول بصواعق الزمن الى حاد و فقد من...