الخامس والثلاثون
وصل حمزة للمنزل وقلبه يتوق لرؤية بريق ماسته الغالية ، دخل فورا يبحث عنها كانت بحجرتها تقرأ إحدى الروايات التى يهتم بإقتنائها لشغفها بها فقط .
أسرع للداخل يلقى التحية وينظر لها بفرحة متراقصة بين اهدابه التى تنغلق دائما على سعادتها لتحميها .
حمزة: عندى ليكى خير حلو .
تحمست وهى تعتدل لتقترب منه ليقول : هنروح بكرة بالليل نخطب ل محمود
بهتت للحظة قبل أن تتساءل بترقب : بجد يا حمزة ؟؟
ليجيب فورا : بجد يا قلب حمزة .
أسرعت ترتمى بين ذراعيه تضمه بقوة ليقول بحنان : الحضن الدافى ده علشان هنخطب ل محمود .
تتنهدت وهى تقول : قلبى واجعنى على ابنى يا حمزة . محمود ما يستاهلش كسرة القلب دى . بس هنعمل ايه للنصيب .
يقبل وجنتها ليقول : سلامة قلبك يا قلبي ، ربنا هيعوضه إن شاء الله
اخيرا يشعر قلبها ببعض الراحة ، كم تتمنى أن تكون هذه الفتاة كما تتمنى !!!
كم تتمنى أن يحيا صغيرها كما يستحق !!!!
كم تمنى أن يمحى جرح قلبه ويندمل !!!!
تتمنى وتتنمى . لكن ما الذى سيتحقق من هذه الامانى . هذا للقدر .
*******************
تعود ليليان من عملها يوميا لتبدأ رحلة التسوق بصحبة والدتها لتعودا فى نهاية اليوم مرهقتين للغاية .
أثر هذا على تاج تأثيرا عظيما . لم يعد يشعر بالاكتفاء من حبيبته ، هى دائما مرهقة متعبة ، بالإضافة لألمها النفسى الذى لا يفهمه سواه .
فهى منذ تحدد موعد زفاف ابنتها وأصابها هاجس إعادتها لحكايتها هى . بدأ تاج يشعر بتغير لا يفهمه ويخشاه .للمرة الأولى بحياته يخشى من نفسه بهذا الشكل .ومالبث أن بدأ الضيق يسيطر على قلبه اغلب الوقت . يشعر بالاختناق ورغبة دائمة للشجار دون سبب واضح وهذا يخيفه أكثر . وأكثر ما يعذبه انشغال غاليته بمخاوفها عنه .كيف يبثها مخاوفه وهى تعانى هذا الكم من المخاوف !!! لذا ترك نفسه لتسيطر عليه هذه الحالة التى لا يفهمها دون أن يشعر به أحد ليصبح فريسة سهلة لها.
أما ريان فمنكب على عمله بكل جد يتقدم خطوات سريعة ، يجتهد ليتمكن من تحقيق حلمه الذى أصبح يتمثل فيها .
عقد قران رفيع اخر سفره للصعيد ليؤخر فرصة القرب منها . عليه أن يتحمل مزيدا من البعد . مزيدا من الشوق .
*********************
يستعد رفيع لعقد قرانه . أراد استأجار قاعة للاحتفال لكن حمزة رفض وأصر على القيام بذلك .
لم تتخلص آلاء من مخاوفها تجاه رفيع وإن كان التعامل مع شريفة ورحمة لا يشجع على مخاوفها تلك .
تحاول چودى أن تسير . تريد أن تحضر حفل أختها وأن تقف معها على قدميها . تكره الحضور على مقعد متحرك .
علم الجميع بشأن خطبة محمود لتكتمل السعادة . خاصة سعادة حازم . طالما أراد التفريق بين محمود وچودى فى الصغر ، لكن حين كتب القدر عليهما فراقا ابديا شعر بتأنيب الضمير . لقد كان يغار من محمود . كم تمنى بعده عن صغيرته ، لم يتخيل يوما أن هذا البعد سيؤلمه لهذه الدرجة .
چودى أيضاً شعرت بالسعادة ، لكنها سعادة لأخيها ، هى لم تر مطلقا شغفه بعينيه . لم تر مطلقا ما رآه الجميع . كان محمود لها اخ وصديق . ملجأ وحماية .
لم يدق باب قلبها ولم يسكنه . بينما كان ساهر هو الرجل المنتظر بحياتها .
*****************
رفاعى لا يملك ساعة واحدة لنفسه هذه الأيام فهو ما بين التجهيز لزفاف ولديه وبين العناية بأبناء عمه المقيمين عنده لفترة طالت بالفعل . لدرجة أن عاد هيبة وراجى لإتمام بعض الأعمال والعودة لحضور عقد القران .
وقد أعلما حسنات كما طلب صخر بخطبة رفيع وعقد القران ليكون رد فعلها سئ كالعادة . رفضت الحضور وهاتفت سويلم لتوبخه بشدة على الحضور .
كيف يتزوج رفيع قبل ولديها !!!؟
ما كانت تسمح بذلك إن كان الأمر بيديها .
******************
المساء التالى بمنزل حياة .
لم يهتم أى من حمزة أو ماسة بالمكان الذي تعيش فيه ، هما يريدان سعادة ولدهما وكفى بينما محمد يتلفت حوله بتعجب كأنه لا يصدق أن هناك ناس تعيش بهذا الشكل وهذا الفقر حقا يعتبر هذا المكان متفرع عن حيهم العريق لكنه ضمن قائمة العشوائيات التى استحدثت على الواقع المصرى ، يشعر أنه يشاهد فيلما سينمائيا وليس واقعا يحياه الكثيرون.
رحبت بهم هيام ليجلسوا جميعا . لحظات قبل أن تخرج لهم حياة لتخطف قلوب الجميع ، إنها زهرة متفتحة زرعت في غير مكانها ، جمال يخطف الأنظار ، وهدوء يريح الأنفس .
اتسعت ابتسامة ماسة لدى رؤيتها واسرعت تضمها بود كأنها عائدة من طول غياب ، شعرت حياة بالراحة فورا لود ماسة الواضح وابتسامة حمزة الهادئة الراضية .
أقترب محمد من أخيه هامسا : لا وقعت واقف .طالع لاخوك .
نظر له محمود بغيظ ولم يجبه بل وقف مرحبا ب حياة التى ابتسمت له ، لقد كان أحد أحلامها التى ما كانت تظن أنها سيتعدى حدود الحلم . كانت تختطف نظرة له أثناء شراء البخور لتسكت لهفات قلبها إليه .
بدأ حمزة حديثه بذكر والد حياة وافضاله وكم كان رجلا خلوقا ثم تأسف لضياع تجارته على يد ولده بعد وفاته .
نكست هيام رأسها بحزن : الحرام ما بينفعش . هو جه على بنتى وطمع فى حقها علشان احنا مقدرناش نقف له لكن ربنا جزاه وحرمه زى ما حرمها .
حياة : خلاص يا ماما الكلام ده مالوش لازمة ، ربنا يهديه لنفسه .
تعجب الجميع من نقاء هذا القلب ، هذه الفتاة لا تملك ملامح بريئة فحسب ، بل قلب أكثر براءة من ملامحها .
حمزة : المهم إحنا جايين النهاردة نطلب حياة ل محمود ابنى . ونتمنى أن ننول شرف نسبكم .
اتسعت ابتسامة حياة لعذوبة كلماته بينما شعرت هيام أن ابنتها ستنال ما تستحق بزواجها من هذا الشاب الخلوق ، لقد عانت معظم حياتها ورغم ذلك لم تتذمر يوما ، ولم تفقد الأمل ، ظل حالهما ينحدر من سئ لأسوأ وهى تناضل معها للنهاية ، بل تقدمت لموقع والدتها وخرجت تبحث عن عمل حين مرضت أمها .
اتفقوا أن تتم الخطبة بعد عودتهم من الصعيد رغم اعتراض ماسة على ذلك أرادت اتمامها فى اليوم التالى لكن محمود رفض بحجة أنهما بحاجة للاستعداد . وأن حياة تستحق يوم مميز .
********************
قسم الشرطة .
يدخل براء لمكتب مأمور القسم حيث تم استدعاءه لينظر له الاخير ويوفر بضيق ، يترك مابيده من أوراق وينظر له قائلا : جرى إيه يا حضرة الضابط ؟
يتعجب براء ويتساءل ايضا : خير يا فندم أنا غلطت في حاجة ؟
المأمور : لما تفضل فى القسم ليل نهار وتروح بس علشان تغير هدومك تبقى غلطت .تقدر تقولى اخرة قعادك هنا إيه ؟
براء بثقة : اجيب حق زمايلى يافندم
يبتسم المأمور ويقول : وهتجيبه ازاى وانت بتفقد طاقتك بالشكل ده !!!
صمت قليلا ثم قال : ماتفكرش يا براء إن فى حد فينا ممكن يفرط في حقهم ..بس علشان تعرف تجيبه لازم يكون ذهنك حاضر وجسمك مستعد لكن الإرهاق النفسى والجسدى اللى انت فيه ده مش هيوصلنا لحاجة .
صمت كلاهما لحظات يرفض فيها عقل براء حديث المأمور .هو لا يريد أن يستريح وكيف يستريح وقلوب البسطاء تأن لفقد أبناءهم .
قطع المأمور ذلك الصمت ليقول : اتفضل يا حضرة الضابط انت اجازة اسبوع من النهاردة
يسرع براء بالاعتراض : يافندم أنا مش محتاج إجازة
أصر المأمور رغم رفض براء على إجازته ليتمكن من استكمال القضية فيما بعد لينصاع له براء فى النهاية مجبرا ويغادر القسم متضررا من ذلك المأمور ومن الاوامر التى تمنعه من ممارسة عمله الذى هو كل حياته
************************
فى الشقة المقابلة لشقة حياة ووالدتها حيث يسكن مظهر ورفقته من النساء ، لقد أصبح ماهر عضوا فعليا يحضر جميع اجتماعاتهم ويتشارك معهم الخطط للعملية القادمة . ستكون عملية تهتز لها القلوب ، على هذا المجتمع أن يفيق من غفوته ، أن يرتجع عن الضلال ، ان يعود للهداية وإن أرغم على ذلك .
حدد مظهر موعد العملية بعد شهر واحد لكنه لم يخبرهم بالموعد بعد ، هو يريد التأكد من ولاء ماهر لهم لذا قرر أن يمنحه إحدى سباياه ليتأكد من إيمانه المطلق بكل أفكارهم .
يجلس مظهر وهمام وحليم وماهر الذى يقول : يعنى ازاى يا مولانا ؟ يعنى هاخدها كدة واروح ؟
مظهر : مش عطيتك الكتاب لاچل تفهم منيه ؟ ولا مافهمش عاد !!!
ماهر : ايوة يا مولانا فهمت ، بس انا ماخدتهاش سبية ولا جاهدت ولا حاجة !! ده قصدى يعنى .
مظهر بخبث : لاه دى هدية منى ليك . هى چاريتى وانى ههاديك بيها .
تلمع عينى ماهر ببريق كان كافيا للقضاء على ظنون مظهر وهو يقول : تعيش وتهادى يا مولانا . أنا مش عارف أودى جمايلك فين ؟
همام : ردها لما تنطلب منيك .
حليم : ووقت الجد لو هربت انت عارف جزاتك هتبقى إيه ؟
احتقن وجه ماهر : لا ماتقلقوش منى . أنا ماعشتش زى البنى ادمين غير لما عرفتكم . كان زمانى ميت ولا مسجون .ازاى اغدر بيكم يعنى ؟
مظهر : يا ولدى محدش جال إكده بس لازمن تبجى فاهم زين المرتد حكمه الموت وده مش كلامنا إحنا بنطبج شرع الله .
ماهر : فاهم يا مولانا .
يصحب مظهر ماهر لغرفة الفتيات حيث اختار احداهن لتصحبه لشقته الجديدة ، هى بنفس الحى مثل الجميع لكنها شقة خاصة بحجرتين ليست غرفة بحمام مشترك .
اختار ماهر فتاة بملامح عربية ليغادر بعد قليل وهو فى اوج سعادته .يشعر مظهر بالراحة ولكنه يقرر عدم الإفصاح عن موعد التنفيذ إلا قبل التنفيذ بساعات .
*********************
دخل ماهر وخلفه الفتاة تتبعه بصمت . نظر لها وتساءل : انت منين ؟ بلدك يعنى واصلك ؟
اخفضت وجهها وهى تقول بحزن : عراقية سيدى .
هز رأسه بتفهم وعاد يتساءل : اسمك إيه ؟
أجابت باقتضاب : حبيبة .
أشار لغرفة وهو يقول بهدوء : طيب دى هتبقى اوضتك ادخلى نامى .
نظرت له بتعجب ، تنام !!!! بهذا الهدوء . ألن يعاشرها !!! ألن يضربها !!!!
سيتركها تنام بلا إذلال واخضاع لرغبات سادية أو عصبية !!!!
ظلت تحملق بوجهه وكأنها بإنتظار خطوته التالية حتى تأفف : هتفضلي تبصى لى كدة كتير . ادخلى نامى .واعتبرى البيت بيتك لكن أى كلمة تخرج منك عنى هعاملك بطريقة انت عارفاها كويس . مفهوم .
ابتسمت له ببلاهة وهى تومأ عدة مرات وتتجه للغرفة مسرعة
********************
يوم عقد قران رفيع ورنوة .
إجتمع الجميع بالقاعة التى استأجرها حمزة . كما طلب محمود من هيام وحياة الحضور لتتعرفا على أفراد العائلة . ولم تعترض هيام لكن حياة كانت تخشى عدم
ملائمة ملابسهم لتلك المناسبة لتفاجأها هيام بإحتفاظها ببعض من الملابس القيمة التى كان زوجها الراحل يقدمها لها دائما ، حالتها جيدة وذوقها راق يتميز بالرقة والأناقة لذا لم يعد هناك ما يمنع حضورهما للحفل .
كان هذا الحفل هو اول ما يجمع الجميع ؛ كل بحبيبته منفردين .
جلس مهران بصحبة روان على طاولة منفردة اخيرا سامحه أبيه وعمه على مشاجرته معها وعنفه فى ردها وإن كانت مخطئة ففى الأيام التالية لعقد قرانه انقلب والده وعمه ضده اتباعا لغضب راشد الذى هو محق تماما فى حماية شقيقته ،ثلاثة أيام طويلة مؤلمة قبل أن يسمح له عمه برؤيتها مرة أخرى ويسمح أبيه أن يصحبها للتنزه ولولا وجود هيبة وسما معهما ما سمح لهما راشد بذلك مطلقا
وجلس هيبة وسما كذلك على طاولة خاصة ، ونفس الشيء ضاحى وريتاچ . أما طايع وليليان فقد فضلا الجلوس بصحبة تاج وغالية .
تم عقد القران وسط أجواء السعادة لتتعجب ماسة تأخر وصول حياة فتطلب من محمود مهاتفتها . لكنه لا يحتفظ برقمها الشخصى ، فليس بينهما تلك العلاقة التى تظن والدته .
اتجه للخارج ليتهرب من والدته ليجدها مقبلة نحوه ترتدى فستان فضفاض بلون وردى وحجاب بدرجة مختلفة بينما ترتدى والدتها فستان أسود أنيق للغاية .
تعجب محمود اقتنائهما مثل تلك الثياب لكنه لم يعلق لعدم احراجهما فقد تكون الثياب مستأجرة .
أقبل عليهما بسعادة حقيقة فوصولهما الأن أنقذه من تساؤلات والدته .
محمود : اتأخرتم ليه يا ماما ؟
هيام : معلش المواصلات عطلتنا شوية .
محمود : دى غلطتى أنا كان لازم اجى اخدكم من البيت . بعد اذنك أن هاخد رقم حياة وبعد كدة أى مشوار اطلبونى وانا اوصلكم .
هيام : مفيش داعى يا بنى . إحنا بنعرف نتصرف
محمود : اذا بتعتبرينى ابنك صحيح تسمعى كلامى .
ابتسمت بود : خلاص يابنى اللى يريحك .
لم تتحدث مطلقا اكتفت بالنظر إليه وسماع حواره ووالدتها ، كم هو إنسان رقيق القلب !!
ابتسم لها بحنان : ماما هتجنن عليكى يا حياة تعالى طمنيها .
اومأت له ليسير معهما للداخل . دخوله معهما لفت أنظار الجميع بينما شعرت هى أن الجميع يرقبها .
كان أول من اعترض طريقهم چودى وساهر . اقتربت چودى تستند إلى ذراع ساهر لعدم قدرتها على السير بشكل جيد ليبتسم لها محمود : قومتى ليه بس ؟؟
چودى : انت بتقول ايه يا محمود ؟ لازم اكون أول واحدة تشوف عروستك .
نظرت له حياة بتساؤل ليقول : چودى يا حياة بنت عمى . مامة دنيا اللى شوفتيها معايا في المحل .
تهلل وجه حياة : بنتك قمر ماشاء الله، شبهك تمام .
احتضنتها چودى بود وحب : حبيبتى ربنا يسعدك . عقبال ما نشيل ولادك انت ومحمود
شعرت بالخجل بينما أقترب ساهر ليتعرف عليها وعلى والدتها التى رحبت بهما لتعود چودى للطاولة حيث تركت صغيرتها برعاية والدتها .
كان استقبال ماسة ل حياة كافيا لاستكانة قلب حياة ولتطمئن هيام على استقرار ابنتها وسط هذه العائلة ، أسرعت تعرفها ل غالية وتاج وفى خلال ساعة واحدة كانت حياة قد تعرفت لنصف الحضور تقريبا .
***************
جلس رفيع بجوار رنوة بعد عقد القران يتلقيان التهانى من الجميع ليفاجأها رفيع بشرائه طقما ذهبيا رقيقا ليقدمه لها
ألبسها إياه وهى تنظر له بسعادة لتقترب فتلتصق به وهى ترفع هاتفها : رفيع تعالى ناخد سيلفى علشان انزلها ع الفيس .
نظر للهاتف لتلتقط الصورة ثم تتعلق بذراعه أثارت توتره ليعترض بوهن : چرى إيه ؟ هو أنى ههرب منيكى .
تضحك رنوة : ممكن تحاول .
رفع حاجبه بتحدى : ده غرور !!
رنوة وهى ترفع كتفيها بدلال : تؤ تؤ ، بس أنا عارفة انك بتحبنى . ومش هتقدر تبعد عني.
تتسع عينيه ثم يكفهر وجهه : بطلى تتچلعى جدام الناس .
تمد شفتيها بغضب وهى على وشك البكاء وتنظر فى الجهة المعاكسة له ثم تبتعد قليلا ليشعر هو بالفراغ .
يزفر بضيق وينادى عليها : رنوة .
تتجاهل تماما نداءه وتظل تشير لصديقاتها اللاتى اقبلن إليها لتقول احداهن : عريسك حلو اوى يا رونى .
رنوة : عارفة ولمى نفسك ماتبصلوش .
يضحكن لغيرتها الواضحة بينما تتساءل احداهن : معندوش اخ تجوزهولى ؟
تضحك رنوة : هو ليه اخوات . بس مالوش زى .
تشير برأسها إلى الطاولة حيث يجلس صخر : اخواته شبه باباهم . اللى قاعد هناك ده .
ترتجف الفتاة : إيه ده !!! لا أنا اصلا كرهت الجواز .
يضحكن جميعا ويعدن لاماكنهن لينادى عليها مرة أخرى : رنوة
لكنها تتجاهل أيضا ليقترب هامسا : عيب لما چوزك ينادم عليكى ماترديش .
لتقول بغضب : وعيب تزعلنى .
يبتسم رفيع فهو غير قادر على مجاراة دلالها : طيب خلاص ماتزعليش .
رنوة بدلال : لا زعلانة .
رفيع : يعنى ينفع تتچلعى جدام الناس إكدة ؟؟
نظرت له بخبث : انت بتغير عليا ؟؟
يضحك رفيع دون أن يجيب ثم ينهض ويتجه لمنتصف القاعة ليمسك بالمكبر وينظر لها قائلا:
ايوة بغير
لا أنا نجصان ولا ضعفان ولا مسطول ولا سكران
ولا زايغ من عينى الضى
ولا حد احسن من فى شى
بس بغير
واللى جالولك غيرة الراچل جلة ثجة أو جلة فهم
خلج حمير
غيرة الراچل . نار فى مراچل
نار بتضوى ومابتحرجش
واحنا صعايدة بنستحملش .
شمسنا حامية وعرجنا حامى وطبعنا حامى
واللى تخلى صعيدى صعيدى يحبها
يبجى يا غلبها
اصلنا ناس على كد الطيبة
كلنا هيبة
والنسوان فى بلادنا چواهر
طب لو عندك حتة ماس !
هتخليها مداس للناس ؟؟
ولا هتجفلى أوضة عليها بمية ترباس
يمكن حتى تأجرى ليها چوزين حراس
يبجى لا أنا غافل ولا چاهل
كل الفرج ما بينى وبينك أنى صعيدى
وانى بغير
يبجى ياريت حبة تجدير
أنى بحبك.. وانى بريدك
وانى زرعت حياتى بإيدك
وانى غزلت بنات الدنيا عجود على چيدك
وانى تعبت من التفكير .. وانى بغير .
كان يلقى تلك القصيدة المعروفة لهشام الجخ وهو ينظر إليها مباشرة دون أن يحيد بعينيه عنها لوهلة واحدة . بينما تتقافز سعادتها بين أضلعها ويكاد قلبها يغادر مكانه ليحتضنه ويخفيه عن الجميع .
انتهى رفيع ليتعالى التصفيق وصفير الشباب بينما أسرعت نحوه دون أن تبالى بأى من الحضور .
أمسكت كفيه لتقول بسعادة : نفسى احضنك وابوسك وخايفة تزعل
نظر لها بدهشة ثم قال : يا بوووى ياحبيبتي ربنا يهديكى . أنى ماناجصش . والله اخطفك واهرب على بلدنا طوالى .
لكنها لم تعد تعبأ سوى برغبتها بقربه لتضم ذراعه ويعودا لمجلسهما وقد تلاشى كل الغضب ..لفترة قصيرة بعد .