الحادى والعشرون
فى منزل تاج ، جلس تاج وريان بغرفة الاخير ليبدأ تاج يقص على ابنه حواره القصير مع صالح ليتفاجئ بوجه الصغير يبتسم براحة ، يحاول تاج إيضاح الأمر فهو يشعر أن صالح رافضا لا محال .
تاج : يعنى يا حبيبى هو ماوافقش .
ريان بلهفة : ومارفضش
تاج : ريان بلاش تعلق نفسك بحلم ضعيف . أنا خايف عليك من وجع القلب .
ابتسم ريان براحة : يا بابا حتى إذا عمى صالح رفض اول مرة أنا هكمل طريقى واطلبها من ربنا ، وارجع اطلبها مرة واتنين مادام مابقتش لغيرى فى أمل
تاج : انت جايب الإصرار ده منين ؟ بانيه على أى أساس ؟
ريان : على قول الرسول عليه الصلاة والسلام " لا أرى للمتحابين إلا الزواج "
تاج بألم : بتحبها ؟؟ يابنى انت لسه صغير .
ريان بإبتسامة مشرقة وثقة تزيد من قلق تاج : ماتقلقش عليا يا بابا ، اللى زرع حبها جوايا قادر يحقق لى حلمى .
صمت تاج متحير القلب ، أوصل الحد لأن تصير حلمه !!!
ريان يسعى لجرح قلبه ، مما سيجرح قلبه هو بالتبعية
******************
صباحا فى قسم الشرطة
دلف براء مسرعا عينيه تبحث عن المخبر صلاح والذى لم يخيب ظنه فيه فوجده لاحقا به بخطوات سريعة .
دخل براء مسرعا ليستقر خلف المكتب ويتساءل فورا : ها عملت ايه يا عم صلاح؟
صلاح وهو يخرج مظروفا من جيبه : اتفضل يا باشا .
فتح براء المظروف لتتسع عينيه ويبتسم براحة فهذا الوجه لا يخطأه مطلقا ، لقد كان فى أثره ايضا .
ظن أدهم أنه يبعده عن القضية بهذا النقل التأديبى ، لكنه دون أن يدرى وضعه خلف مظهر تماما ._ رب ضارة نافعة _
حسنا لن يمكنه الاختباء فى القاهرة ، هو الأن حدد موقعه ، عليه فقط أن يحسن التعامل معه ، ف مظهر نفسه ليس الصيد الذى يسعى له براء ، بل هو الطعم الذى سيأتى بالصيد الثمين .
ارسل فى طلب مروان الذى كان أمامه بعد دقائق يبدو عليه الإجهاد .
براء : مروان انت هتقوم بمهمة خطيرة .
مروان بمرح : المهم ماتكونش نوم فى المكتب سعادتك .
ضحك براء وهو يقص على مروان ما عليه فعله ويحيطه علما بكل الاحداث السابقة والمعلومات الأخيرة ليرى حماس مروان الذى يخشاه حقا
براء : لا انا مش عاوز اشوف الحماس ده .
************************
فى منزل رفاعى اسيقظ ضاحى باكرا يتحين فرصة للإنفراد بها ، رغم أنه لا يعلم ماذا سيفعل إن اتيحت له تلك الفرصة إلا أنه يسعى إليها .
قلبه يقوده بحثا عنها . وقد اعتاد منذ أسرته براءتها أن يتبع قلبه .
قد يحالفه حظه ويعرج مهران على الشقة السفلية حيث ينزل وأسرته أثناء صحبتها للجامعة ، سيكون يوم سعده إن فعل .
فسيبدأ يومه بمحياها الحبيب وستتغنى أذنيه بصوت صباحها ، وسيطرب قلبه لقربها .
كان يتجول بأنحاء الردهة متسمعا للصوت ، تبا للقاهرة ، لم يستيقظ الناس بهذا الوقت المبكر ، يريد أن يستمع لصوت خطواتها على الأقل .
ورغم الأصوات التى تصل إليه من الشارع إلا أن قلبه أصيب فجأه بالتوتر فبدأ يتخبط بين أضلعه ليعلم أنها بالقرب ، وفى خلال ثوان كان الباب يفتح عن مهران وهى خلفه .
تعلقت عينيه بها مرغمة لتطفئ شوق هذا القلب الذى أصابه الجنون ، رفعت عينيها تسترق نظرة منه ، هذا الرجل الذي سيصبح زوجها قريبا ، هى تحفظ ملامحه جيدا لكنها كانت تحفظ ملامح ابن عمها ، هى الأن تنظر لمن سيكون زوجها .
لاحظ مهران نظرات ضاحى المتلهفة ليحمحم بقوة فيفيق من شروده وينظر له بحرج فهو لا يراعى وجوده ويحملق فى شقيقته بوله : صباح الخير يا ضاحى .
ضاحى : صباح الخير يا مهران ، على فين إكدة ؟
مهران : هوصل خيتى الچامعة وراچع طوالى .
كم يتمنى أن يصحبها لكنه يعلم إستحالة ذلك ، مهران لن يسمح بذلك ، وسيكون محقا . إن وضع بنفس الموقف سيكون له نفس رد الفعل .
*********************
استيقظ ساهر على هزات خفيفة من كف محمود الذى يقف حاملا دنيا بين ذراعيه ، فتح عينيه بتكاسل فهو لا يزال يشعر بالارهاق بعد ليلته الطويلة ، فقد بدأ محمود يعلمه تجويد القرآن .
نظر له محمود بشفقة : انت كويس يا ساهر ؟
ساهر بأنين : الحمدلله .
محمود : اذا تعبان نروح المستشفى الأول .
ساهر : لا نخلص شهادة ميلاد دنيا وبعدين نروح
صمت لحظة ثم قال : چودى وحشتنى أوى ، عاوز اقعد معاها شوية .
هز محمود رأسه موافقا دون أن يتحدث ، فأى كلمة سيقولها الأن ستفضح سر حبه المدفون بين جنبات صدره ، هو لم يسمح له بالظهور سابقا فعليه الأن دفنه للابد
************
عاد مهران من الخارج ليجد الجميع متيقظا وقد توجهوا بالفعل إلى الشقة العلوية ، اعد الفطور أيضا وكانوا بإنتظار عودته ، جلس بجوار هيبة فهما متشابهان كثيرا لذا يرتاح كل منهما فى وجود الأخر.
تناولوا طعام الإفطار ومالبث أن انضم إليهم وهدان وخميس بدعوة من رفاعى لتحديد موعد شراء شبكة الفتيات فكل من الأشقاء الثلاثة ابنته عروس .
خميس : أنى يا ابو هيبة چاهز أى وجت تحددوه تروح هى وامها معاكم .
وهدان : وانى كمان يا خوى بتى فاضية حددوا معاد يناسب ريتاچ هى اللى لسه في الچامعة .
صالح : وياكم حج . إيه جولك يا رفاعى ؟
رفاعى : أنى سألت البنية وجالت امتحان النهاردة بعديه اربع ايام أچازة يبجى النهاردة لما تعاود من الچامعة .
صالح : بأمر الله يبجى إكده نعاودو بكرة النچع بأمر الله .
خميس : ليه إكده !! إجعدوا ويانا باجى السبوع .
صالح : لاچل ادبر حالى زين واعاود أول الشهر . انت عارف هاچى أنى والرچالة لازمن نجضوا مصالحنا .
وهدان : بس هتاچى جبل العجد بكام يوم .
قدمت لهم زينب الشاى بينما قدمت للنسوة المجتمعات بالداخل العصائر ، فقد رفضت كل من صابحة وسعاد نزول الفتاتين لشقة عمهما رفاعى بوجود الشباب ، فمن اللحظة التى طلب كل منهم فيها ملكته كان على علم أنه سيحرم من النظرات المسروقة حتى تصير ملكته بقلب مملكته . هكذا تسير الأمور.
*********************
أنهى محمود وساهر إستخراج شهادة ميلاد دنيا ليصحبه محمود بعدها إلى المشفى ، طلب من الطبيب أن يدخل لغرفة زوجته فسمح له دون الصغيرة ليضطر لتركها مع محمود .
دخل ساهر للغرفة لتقدم له الممرضة كرسيا فيجلس نظرا لحالته ، وقف محمود ووالده بالخارج يراقبان الغرفة ، فكم يتمنى الجميع أن ترى چودى ابنتها أو تشعر بوجودها .
جلس ساهر ليتناول كفها البارد ، قبل أناملها برقة لتسقط دموعه رغما عنه فلا يرفع وجهه عن كفها ويبكى بصمت .
وقف محمود متأملا المشهد أمامه ، إهتزاز كتفى ساهر يخبره أنه يبكيها ؛ إنه يعشقها ، عليه الاعتراف بأن لا مكان له فى حياتها ، فها هو الرجل الذى ارتضته لنفسها ، وها هى صغيرتها ، إكتملت حياتها لا ينقصها الأن سوى أن تعود إليها .
مسح ساهر وجهه بكفه دون أن يترك كفها ليهمس : چودى وحشتيينى أوى ، قومى يا حبيبتي علشان خاطرى .
انت زعلانة منى !!! طب حقك عليا ، قومى وخاصمينى زى ما انت عاوزة ، بلاش علشان خاطرى ، علشان خاطر دنيا ، كنت عاوز اجبها تشوفيها بس الدكتور مارضيش يدخلها ، هى برة مع محمود .
ظل يتحدث إليها ، يعتذر لها عن غفلته التى تسببت فى هذا الحادث الذي اوصلها لهنا ،يأمل أن تشعر به ، يتمنى أن تنظر إليه ، أن تعود إليه لتسكن أنين قلبه ، لكن لا استجابة .
تنهد حمزة بحزن وهو يربت على كتف محمود : تعالى يا حبيبى نقعد ، خليه مع مراته شوية .
هز رأسه وتبع اباه ، فحتى النظر إليها لم يعد من حقه .
**********************
هاتف رفاعى تاج ليخبره بموعد شراء الشبكة ويتساءل إن كان بالإمكان أن تشترى ليليان شبكتها أيضا .لكن تاج يرفض ذلك ، ويرفض أى لقاء بينهما حتى عقد القران .
توجه طايع للعمل ليقابل ذلك الذى أراد خطبتها .
قابله مصادفة ليتأكل قلبه غيرة ، استرق نظرات لمكتبها فقد انتظر طويلا في الصباح دون فائدة فيضطر أخيرا أن يتوجه للعمل دون أن يصحب طريقها ، دون أن يرعاها ، دون أن يطمئن قلبه عليها ليشعر ببعض الراحة حين تأكد من غيابها عن العمل .
********************
كان دخول رفاعى وصالح لمحل الصائغ من ايام سعده فقد جاءت أسرة واحدة لشراء شبكة لثلاث فتيات .
وقف الرجال يراقبون ، كل منهم يحمى زهرته الغالية من إقتراب غيره ، لزم الشباب مواقعهم بالخلف تاركين المجال للفتيات والنساء وخوفا من إنزال عقاب مؤلم للقلوب .
بدأت ريتاچ رغم أنها الأصغر إلا أنها كانت اختياراتها سريعة وحاسمة ، لا شئ يلفت نظرها ، هى تعلم ما تبحث عنه وتحصل عليه.
اختارت سما ما تريد وهى تصر على مشاركة أمها فى كل خيار ، هى تعلم أنها تتألم لهذه الزيجة التى ستنتزعها من بين أحضانها كما تقول .
أما روان فقد شعرت بالحيرة ، خاصة مع تدخل زينب وصابحة فى الاختيار ، رفعت عينيها تسترق النظر إليه لتجده منتبها لها . أشار بعينيه على الطاولة لتنظر إلى ما يشير وتختار الطقم الذى أشار إليه فورا وتصر على الاختيار ، فهذا ما أعجبه وهذا ما ستشتريه .
************************
فى اليوم التالى عاد صالح وأسرته إلى النجع ، قابلهم راجى لسعادة لأجل شقيقيه ، كل منهما حصل على العروس التى تمناها لنفسه وإن لم تصير له بعد .ففى عرفهم يكفى أن يطلبها ويحصل على القبول فيمتنع الآخرون عن مجرد النظر إليها
بعد عودة صالح بعدة أيام وفى إحدى الأيام وجد أخيه صخر يدخل إلى منزله يصحب ذكوره الأربعة ويستشيط غضبا .
________________