عاد بذاكرته إلى سنته الثانية في الجامعة، حين كان جالسا رفقة أحد أصدقائه ليلمح ليليان، حاملة حقيبة ظهرها، و تسير قاطبة حاجبيها لا تعلم أي مكان في الجامعة، بل هي المرة الأولى التي تدخلها بها، ليتقدم منها أنور و يقول بلطف
-" مرحبا أيتها الصغيرة أنا طالب في السنة الثانية، و أنت تبدين في السنة الأولى، حسنا لا يهم في الواقع يمكنني إرشادك إلى حيث تريدين "
-" أريد قاعة علوم الحياة "
قادها نحو القاعة، و طوال الوقت كان يثرثر، لكن ليليان اكتفت بالصمت إلى أن وصلت لتقول له بهدوء
-" شكرا لك "
حك مؤخرة رأسه بخجل ليجيب
-" إنه واجب أيتها الصغيرة، يمكنني مساعدتك متى شئت "
لكنها لم تقل شيئا بل اكتفت بالتقدم نحو مقعد شاغر في المدرج، فنظر إليه صديقه رافعا حاجبه، قاصدا سؤاله عن ما حدث قبل قليل، ليجيبه أنور بابتسامة و نظرة حالمة
-" أنا معجب بالصغيرة الجديدة يا صديقي العزيز "
إبتسم صديقه بسخرية ليقول معلقا
-" حسنا أخبرني أنني أتوهم، إنها طفلة بحق الجحيم "
ليجيب أنور مصححا
-" طفلة جميلة "
و صار يراها بعد ذلك كثيرا، أحيانا في المطعم، أو المكتبة، و أحيانا أخرى في الحديقة، و بات اللحاق بها عادة لديه، لكنها لم تسمح له بمعرفة أكثر مما يجب عن حياتها، كانت تلك الفتاة الغامضة التي لا أصدقاء لديها، ساكنة طوال الوقت، و لكن نظراتها كافية لأسر الناظرين إليها، أو أنه الأسير الوحيد، هوايته في التصوير جعلت منها ضحية آلة التصوير خاصته، فقد امتلأت بطاقة الذاكرة خاصته بصور عفوية لها، صورها و هي تبتسم، و هي تقرأ، تتناول طعامها، و صور و هي شاردة الذهن، لم تكن هي تعلم بمسألة تلك الصور أبدا فلو فعلت لحطمت آلة التصوير تلك على رأسه، إنتبه إلى دنوها نحوه، ليبتسم و يقول بخبث
-" يبدو أن هناك من افتقدني "
قلبت عينيها بانزعاج لتقول
-" أريد فقط البقاء معك ريثما يرحل جهاد فهو يستمر بإلقاء نكاته السخيفة علي، و لو لم يكن خلفه الكثيرين لحطمت أسنانه و لقنته درسا لا يُنسى "
-" أو أنك تتحججين بذلك للبقاء معي "
أنت تقرأ
نسيان [ مكتملة ]
Romanceجلست خلف مكتبها تراجع بعض الملفات، لتتقدم منها طفلتها حاملة لعبة محشوة، و تقول ببراءة بعد أن جلست في حضن والدتها -" أمي لقد جاء رجل إلي صباح اليوم إلى المدرسة، غريب لا أعرفه، سألني إن كنت ابنتك و حين أومأت له إيجابا، قال لي جملة لم أفهمها " قضبت حاج...