غابت الشمس وسط الظلام، وغمر الليل بجوانحه السوداء المخيفة سماء هذه المدينة المرهقة جدرانها من إختراق الرصاص لها، وثقبها من قبل المدفعيات الغاضبة، واحتراقها من نيران الحرب... نعم إنها الحرب، تلك الكلمة ثلاثية الأحرف تحمل على متنها المعاني القاسية، سبب الأحزان وفراق الأحبة والتشتت، كلمة تؤثر في جميع الكائنات، حتى الساكنات لم تسلم منها، سعيد الحظ، فقط الناجي منها....وحدها من تراقب سكون الليل، خلف ستار النافذة المهترئ، تلك العيون الرمادية المرهقة من ألم البكاء والحزن على فراق فلذات أكبادها، أغلقت رماديتيها بتعب وأسى بعد أن هربت دمعتين خائنتين على وجنتيها، رفعت يدها المجعدة من قسوة الأيام ومسحتها بسرعة تلملم شتات نفسها وتعزم على أن تكمل ما تبقى لها من أيام بصبر وقوة لأجل حفيدتها الوحيدة التي هي كل ماتبقى لها جراء تلك الثلاثية.
يدها الحنون تداعب خصلات شعر حفيدتها النائمة بجوارها، بينما تمسك بيدها الأخرى صورة قديمة تحمل معاني كثيرة لأبناءها الراحلون، كانت قد أتلفها الزمن ولكنها محتفظة بها منذ ثلاثين عام.
أخفت تلك الصورة بعد أن أحست بحركة حفيدتها واستيقاظها"أماندا!" همست الجدة
"جدتي ألم يحن الصباح بعد؟" قالت أماندا بعد أن اعتدلت في جلستها
"لا فمازال الوقت مبكراً على الصباح" ردت الجدة وهي تبتسم بحنان
"ولما أنتي مستيقظة حتى هذا الوقت ياجدتي!"
"لا أرغب في النوم، حسنُ دعينا من هذا وأغمضي عينيك سأريك شيئا" قالت الجدة بمرح مخبئة يديها خلف ظهرها
"والآن انظري ماذا صنعت لك" أضافت الجدة قبل أن تمُد لها شال من الصوف الجميل كانت قد حاكته لها قبل قليل، أخذته أماندا بين يديها والدموع تترقرق في عينيها
"أتعلمين ياجدتي! كنت أتمنى دائما الحصول على شال جميل كهذا، شكرا جزيلا لك" قالت أماندا قبل أن تسحبها الجدة في عناق طويل
"لقد تعلمت من أمي الحياكة فقد كانت قديما تحيك لي ثيابا كثيرة، وأرى أن ثيابك خفيفة فخفت أن تمرضي وصنعت لك هذا الشال لكي يحميكي من هذا البرد القارس، هل أعجبكِ؟"
"كثيييرا شكرا لك أنتي أفضل جدة في العالم بأسره" قالت أماندا بسعادة بعد أن قبلت يد جدتها....
...................................
يجلس بهدوء على الكرسي الخشبي يحتسي قهوته الساخنة، يراقب الأجهزة امامه التي تحتل الطاولة الخشبية الكبيرة مرتديا زيه العسكري وبجانبه سلاحه، يلتفت يساره يلقي نظرة خاطفة على صديقه النائم بهدوء، بذراعه الملفوفة بالشاش المملوء بدماءه، يرجع نظره للأمام تنقله ذاكرته للأمس الذي كاد أن يفقد فيه أعز صديق له في المعركة، قطع شروده صوت صرير الباب ودخول صديقيه برفقة الدكتورة كاترين،
"رودلف! ألم يستيقظ جيرمي بعد!" سأل كارلوس
"لا لم يفتح عينيه قط منذ البارحة" قال رودلف بعد ان قام من مكانه
"لقد احضرنا كاترين لتفحص الجرح" قال ألكس بعد ان وضع كرسياًّ لكاترين بجانب سرير جيرمي المصاب،
جلست الأولى على الكرسي وبدأت بتفقد حرارته وتكشف عن الجرح بمساعدة ألكس بينما خرج البقية.
____________________________________جزء قصير لأنه الأول بس الباقيات حيكونو أطول 👌❤
مارأيكم بالبداية؟
أنت تقرأ
أمل في زمن الشظايا
Romans_ يرجع نظره للأمام، تنقله ذاكرته للأمس الذي كاد أن يفقد فيه أعز صديق له في المعركة، قطع شروده صوت صرير الباب....... _فجأة.. انقطع التيار وأصبح المول مظلماً بالكامل، هدوء دب فيه قبل أن يقطعه صراخ الناس وبكاء الأطفال "على الجميع التوجه إلى النافورة ال...