الحلقة السادسة ....
دلفت الممرضة لغرفة رحاب ووجدتها تبكي بحرقة فانكمش حاجبيها تعجبًا وهي تنظر لها وتساءلت وهي تعدو اليها بخطوات سريعة :-
_ بتعيطي كدا ليه ؟
هزت رحاب رأسها وكأنها لا تريد حتى حضور احد في هذا الوقت ولكن مع شهقاتها المتكررة والعنيفة كررت السؤال :-
_ طب قوليلي ..حاسة بوجع ؟ هروح انادي دكتور منال
هتفت رحاب بنبرة مرتعشة من البكاء وقالت :-
_ مش عايزة حد ...أنا عايزة امشي من هنا ...سيبوني امشي
حاولت أن تعتدل في فراشها ولكن تأوهت من الم رأسها وقدميها معاً فأسندتها الممرضة قائلة :-
_ أنا مش عارفة ايه اللي حصلك فجأة كدا !! ....سيباكي من شوية كويسة جدًا
نظرت رحاب للجهة الآخرى ولم تجيب ولكنها استمرت على بكائها فنظرت الممرضة بحيرة لحين استنتجت سبب بكائها وهو حالة التشوه الذي سببتها تلك الوقعة لوجهها فقالت بلطف :-
_ هتخرجي كويسة ما تخافيش ...الاشعة اللي عملناها للمخ طلعت سليمة الحمد لله وكمان الجرح اللي فرجلك هيخف في ايام ...ولو قلقانة من الجروح اللي في وشك فدي بقى محلولة ...النهاردة في دكتور تجميل جه زارك وانتي نايمة ..أنا مش عارفة جالك أنتي بالذات ليه بس ممكن يتبنى حالتك ...اسمع أن في دكاترة بيختاروا حالات معينة ويعالجوها ببلاش ...
ابتلعت رحاب ريقها بدهشة قائلة :-
_ دكتور زارني ؟!...أزاي ماحستش ..ومين ده ؟
ابتسمت الممرضة وقالت :-
_ انتي قلقانة كدا ليه المفروض تفرحي ...هو اسمه ياسين فاضل ولما سألته هو جاي ليكي ولا لأ قالي تقريبًا ...يبقى أن شاء الله زي ما بقولك كدا .....انا أول مرة اشوفه هنا بصراحة لأني لسه جديدة في المستشفى عشان كدا ماكنتش اعرفه ...طالما دخلك يبقى هتبقي من ضمن اللي هيختارهم بأذن الله
لم تشعر بأي راحة فيما سمعته بل كل شيء كان شعوره سواء ...ظلت تبكي بصمت حتى لا تثير شكوك الممرضة حتى ربتت الممرضة على يدها قائلة بهدوء:-
_ ربنا وقفلك ولاد الحلال ...مبسوطة عشانك ..بطلي عياط بقى
شردت اعينها بتيهة وحزن حتى عبس وجه الممرضة بيأس وقالت وهي تخطو للخارج :-
_ هرجعلك تاني ...هروح اشوف بقية المرضى ورجعالك اتكلم معاكي شوية ...
تركتها حتى على صوت بكائها من جديد وقد حدث شرخ كبير بقلبها تقسم أن شعوره لم يندمل ولن تنساه طيلة عمرها ....في غمرة سعادتها دفعها بكل قسوته الى بئر الآلام ...كم كانت بريئة وغبية في آن واحد ...اهكذا يفعل بنا الحب ؟!
________________________صلِ على النبي الحبيباتجه دكتور محمود للغرفة التي اخبره بها عز الدين في نهار هذا اليوم ...وارشده لحالاتها وكيفية اقناعها بالبقاء وذلك بحيل الطبيب النفسي ....قرع بهدوء على باب الغرفة ثم فتحه ببطء ليرسم بسمة جميلة على وجهه ثم توجه الى فراشها بخجوات هادئة لا تحدث ازعاج ....
راقبته وهو يقترب اليها ولم تتعجب كونه يرتدي زي الاطباء الابيض فظهوره كان طبيعيًا ولم يثير شكوكها أو حفيظتها في هويته ....توقف بالقرب من فراشها قائلاً:-
_ ممكن اقعد شوية ؟
صممت وهي تجعد حاجبيها تعجباً فتابع هو بمرح :-
_ قولتيلي ماشي .... شكرا شكرا
قالت بصوت رقيق متساءل :-
_ هو حضرتك مين ؟
نظر لها وشعر بشيء غريب يتسلل بداخله لجمالها العذب الرقيق ولكنه تمالك فكره واجاب :-
_ حضرتي يبقى دكتور في المستشفى هنا ...وعشان ما تستغربيش ...انا طالب منك خدمة
ضيقت ميرنا عينيها باستغراب وحاولت تفكر سريعا بأي شيء يفكر فيه هذا الشاب وقالت بفضول :-
_ اتفضل قول
قال محمود موضحا :-
_ بصراحة انا بالصدفة عرفت أنك رسامة ...ومتسألنيش أزاي ...عشان كدا عايزك تساعديني في حاجة ...أنا عارف أنك مريضة ويمكن ده طلب سخيف مني ...بس انساني جدًا ...
شعرت ميرنا بأنها رأته قبل الآن وازعجها كلمة "مريضة " فهتفت بعصبية :-
_ أنا مش مريضة بعد اذنك ....بس كمل
تابع محمود :-
_ متأسف ...المهم انا طبيب نفسي ...وعندي حالة حاولت معاها كتير بكل الطرق لكن مافيش أي تقدم لحد.دلوقتي ...انا بس نفسي يحرك حتى صوابعه ....ولما عرفت أنك رسامة فكرت أنك تساعديني كل يومين مثلا نقعد معاه وتعلميه يرسم يمكن يبقى في امل ....مش هتعبك ..نص ساعة كل يومين أو تلاته كفاية أوي ....
أنت تقرأ
حورية وشيطان.. للمبدعة رحاب إبراهيم
Romanceجميع الحقوق محفوظة للكاتبة رحاب إبراهيم ممنوع النقل والاقتباس...... شيطان الماضي يستبد من عقلها وقوتها ...والنبض يرتجف تمنيًا لأملا يختبئ بين الضلوع ....والحب الذي قتلها بالأمس سيقتله اليوم ....عذرا يا قلب ... فلا زلت اقيم الحداد ....ولا عزاء للع...