الحلقة التاسعة ______#حورية_وشيطان
من شوارع القاهرة القديمة ..حيث المباني التي تميل للألوان الرمادية الباهتة والازقة الضيقة المتفرعة من شوارع رئيسية كبيرة ....مرت وهي تنظر حولها وقد الفت المكان لمجيئها هنا عدة مرات من قبل ....وقفت قمر على اعتاب منزل قديم بوابته الحديدية مساحتها كبيرة نظرا لما حولها من مبانِ ....ظهرت سيدة متشحة بالسواد وقد تعرفت على قمر في الحال وقالت بسخرية :-
_ انتي جيتي تاني ؟!! يابنتي ما قولنالك مية مرة أن امك ماتت من سنين وبنتها بيقولوا ماتت معاها في المستشفى !
جزت قمر على اسنانها بضيق وردت بحدة :-
_ اديكي قولتي بنفسك ...بيقولوا ! يعني انتي نفسك مش متأكدة ...وبعدين انتي زعلانة ليه هو أنا حتى جيت سألتك !!
تعصبت ملامح السيدة وقالت بغيظ :-
_ أنا غلطانة أني عبرت واحدة زيك ...ياختي في ستين داهية
تحكمت قمر في غضبها حتى لا تحدث مشادة بينها وبين تلك السيدة سليطة اللسان لتلاحظ أحد السيدات ذوات الشعر الاشيب وهي تشير اليها من بعيد .....تعجبت قمر من هذه السيدة واقتربت بحذر منها ....ابتسمت السيدة المسنة التي تجلس على عتبة كبيرة لمدخل منزلها وهي تشير لها بالاقتراب بيدها البارزة التجاعيد ....سمعت صوتها قمر بعد أن اصبحت على بعد خطوة واحدة فقط فقالت السيدة :-
_ تعالي يا بت ...تعالي ما تخافيشابتلعت قمر ريقها وهي تجثو على قدميها حتى تستطيع سماع تلك السيدة وقالت :-
_ نعم يا خالة
ربتت السيدة على كتفيها برفق ونظرة حنونة وقالت باساءل :-
_ أنتي قمر بنت صباح ...صح ؟ انا خدتك بالشبه كدا
رفرف الأمل بعين قمر واجابت سريعا :-
_ ايوة انا قمر ...انتي عارفاني ؟
لمعت دمعة بعين السيدة وقالت وهي تجذبها لتجلس بجانبها :-
_ عرفاكي بس !!! ده انتي مولودة على ايدي ...الله يرحم امك كانت زي بنتي بثينة بالضبط
بدات السيدة تبكي بحزن حتى شاركتها قمر بصمت ....ثم قالت برجاء :-
_ الله يرحمها ....ارجوكي تقوليلي الحقيقة ...اختي فين ؟ ماتت فعلا مع امي ولالسه عايشة ....بالله عليكي تقوليلي الحقيقة ...احكيلي كل حاجةنظرت السيدة للفراغ بصمت ثم قالت بعد لحظات :-
_ امك تعبت اوي بعد ما ولدت وكان لازم تتحجز في المستشفى بس ما راحتش لأن الفلوس اللي معاها كان يدوب تقدر تجيب بيهم تمن الدوا للبنت الصغيرة لانها اتولدت وكانت تعبانة .....راحت اشتغلت في بيت واحد دكتور وهي حامل بس ما قعدتش كتير ....اشتغلت ٣شهور وماقدرتش تكمل وبعديها ولدت .....في واحدة جت قعدت معاها اسمها أمينة ولما صباح المرض شد عليها وماتت أمينة قالتلي انها هتربي البنت الصغيرة وتقعد هنا لكن صحينا في يوم مالقينهاش واختفت ....اختك ما ماتتش مع امك ..هي عايشة بس مع امينة ويا عالم هي فين ...
امتزج خليط من السعادة لمعرفة قمر ان شقيقتها على قيد الحياة وشعور بالحزن بفقدانها مرة أخرى ...قالت :-
_ انا كدا بردو ما ارتحتش ....طب مافيش أي حاجة تقدر توصلني بأمينة دي ؟ أنا لازم الاقي اختي ...ابويا بيموت ونفسه يشوفها وموصيني ادور عليها .....
شعرت السيدة المسنة بحيرة شديدة وضيق وقالت بأسف :-
_ ياريت يابنتي ...انا بس لو اعتر فيها مش هسيبها ...والله لو اقدر اقوم واالف عليها البلد بحالها ما هتأخر بس زي ما انتي شايفة ما باليد حيلة ...ده أنا اول مرة اطلع اقعد شوية قدام البيت بعد ما بقالي اكتر من ٨شهور ما بقدرش اقف .....
أنت تقرأ
حورية وشيطان.. للمبدعة رحاب إبراهيم
Romantikجميع الحقوق محفوظة للكاتبة رحاب إبراهيم ممنوع النقل والاقتباس...... شيطان الماضي يستبد من عقلها وقوتها ...والنبض يرتجف تمنيًا لأملا يختبئ بين الضلوع ....والحب الذي قتلها بالأمس سيقتله اليوم ....عذرا يا قلب ... فلا زلت اقيم الحداد ....ولا عزاء للع...