حينما كنت في السابعة عشر من عمري، استقر رأي امي و ابي على أن اسافر في السنة التالية إلى باريس لأحصل على شهادة تُمنح بعد سنتين من الدراسة للطلاب الأجانب.
و غادرتُ لندن و انا مشيعة بدموع امي و حنانها،. و عبارات النصح و الإرشاد من والدي، و كانت التحذيرات التي وجهها لي ترن في رأسي رنين الاجراس، لقد حذرني من شرب ماء معين و طعام معين، و حذرني كذلك من الرجال، ولابد أن أمي و أبي قد شعرا بالارتباك عندما تناولها موضوع الرجال في تحذيرهما و لاحظت أنهما تحاشيا الدول في تفصيلات هذا الموضوع، فقد كان تحذيرهما عاماً و قد قالا في آخر الأمر أن الرجال بمختلف الأعمار ينبغي الابتعاد عنهم و ان أموراً فضيعة لابد من حدوثها لي اذا أهملت هذا التحذير ! إلا أنهما لم يوضحا بالضبط تلك الأمور الفضيعة.
أن معلوماتي عن الرجال، و اقول هذا بصراحة كانت محدودة تماماً كما كان أفق تربيتي محدوداً، فلم يكن يسمح لي أن ارافق اي فتى لأي مكان و ان القبلات التي تبادلتها لم تكن سوى قبلات ( عذرية) تبادلتها في الحفلات.. قبلات كانت خالية من العاطفة.
أن عبارة ( كوني على حذر ) كانت لا تنفك اني من ترديدها مراراً و تكراراً طيلة الايام التي سبقت سفري إلى باريس، كما أنها كانت ترددها طوال فترة الطريق التي قطعناها من البيت إلى محطة فكتوريا، و ها هي اللحظة الكبرى التي حلت الان، فقد فقد كنت اطأ قدمي أرضاً أجنبية للمرة الأولى في حياتي وحدي، و كنت احمل في يدي حقيبتي التي فيها عنوان بيت الطلبة، الذي كان مقرراً أن يكون مثواي خلال الأشهر القادمة و كنت احمل معي كذلك مبلغ أربعة آلاف فرنك كمصورف جيب لأربعة عشر يوماً الأولى من اقامتي في باريس إلى أن تتخذ الترتيبات لأتسلم نفقات معيشتي بصورة منتظمة.
شققت طريقي بين صفوف الناس المتراصة داخل دائرة الكمرك، و كان كل شيء يبدو أمامي غريباً و غير معقول فقد كانت أرصفة المحطة واطئة و كانت القطارات مخيفة مرعبة. و كان الطقس بارداً و الرياح تهب بعنف و قسوة، و كنت حين ركبت القطار إلى باريس قد حجزت مقعداً في إحدى عرباته و لم يكن في الغربة شخص غيري و كنت ابتهل أن يكون المسافر الآخر انكليزياً، الا ان ذلك الفصل لم يكن فصل عطلة و ان الناس الذين رأيتهم في مكتب الكمرك بدوا و كأنهم خلط من جنسيات مختلفة.
أنت تقرأ
اعترافات طالبة انجليزية
Mystery / Thrillerفتاة انكليزية يافعة غير متأهبة لمواجهة مشكلات و اخطاء حياة المراهقة , تجد نفسها فجاة غارقة في الحياة البوهيمية التي يحياها الطلاب في باريس . انه ليس من يستطيع الافصاح عن حقيقة ما يحدث وراء الكواليس في باريس اليوم سوى ذلك الذي يعيش في الظروف التي عاش...