وسارت الحياة سيرها الطبيعي ، وكنت أبذل أقصى الجهد في استذكار دروسي ، وان الرسائل التي كنت أبعث بها إلى والدي جعلتهما يطمئنان إلي أنني كنت اواصل السعي وان ليس ثمة مايدعوهما إلى القلق علي ، وكنت أنا نفسي بغير ما حاجة إلى القلق حتى اللحظة التي قال فيها جيدو ونحن نرقص ذات مساء « وعندي يا آن اخبار مدهشة ، فقد وقع علي الاختيار الارسم عدداً من الصور لاشهر مجلات فرنسا لقاء أجور لا أحلم بها ، ولكني أريد أن أجد « موديلاً ، مثالية تملك حيوية الشباب والانوثة والبراءة . . والشخصية المحببة للنفوس » فأبتسمت وقلت له « ان الامر يبدو مثيراً » ، وقال جيدو « انه كما تقولين تماماً وهناك فتاة واحدة أحسب انها تصلح أن تكون هذا النموذج الذي انشده دون فتيات الدنيا ، واني أريد أي فتاة وقفت أمام فنان آخر » وسألت جيدو بانفعال عما اذا يعرف هذه الفتاة ؟ ورغم اني أردت أن يحدثني عنها إلا أني في الواقع لم ارد أن أعرفها ، ومهما يكن شعوري ذاك منبثقة عن حماقة وطيش وسخف إلا أني لم أرد معرفة تلك التي تستطيع ان تكون مصدر الهام لجيدو ، ورحت أسائل نفسي : هل ان هذه احدى الطالبات اللاتي يقمن معنا ؟ أم أنها فتاة أخرى قابلها في غير هذا المكان ! ؟ كون النموذج وأجاب جيد و أنه يعرف الفتاة طبعاً و توسل إلي أن اكون النموذج الذي ينشده ! وصممت لطلبه وقلت وأنا أحملق فيه : جيدو ، أنت مجنون أنا لا أستطيع . . وألح جيدو في توسله وألا أدع هذه الفرصة تفلت منه ، ورغم ان بقيت احملق فيه فترة بيد اني في الواقع لم أكن أراه وانما كنت أرى نفس في المرسم منتصبة أمامه وبغتة شعرت برغبة في البكاء وقلت له بصوت مخنوق أني لا أستطيع أن أعمل ما يريد وينبغي عليه أن يفهم موقفي وتناول جيدو يدي بين يديه وقال اني لم أكن أعرف ماذا يعني هذا الأمر بالنسبة لك وانه لا يستطيع أن يتخذ من فتاة غريبة عنه نموذجاً لرسومه . ومن وراء دموعي لم أر جيدو وانما رأيت والدي . . واوتو وهو يحذرني من جيدو ورأيت نفسي مع جيدو في مرسمه ، وحينذاك أدركت أني كنت أقف في مفترق الطرق وطل جيد و ممسكاً بيدي ولم استطع أن أقول شيئاً فمن بين الأمور التي لم أفكر فيها قط هو أن أقف أمام فانان ليرسمني ليحتدم في دخيلتي صراع بين رواسب تربيتي المستقيمة وبين أغراء ماكان يطلبه جيدو مني وأخيراً هززت رأسي وقلت « ان ماتريده ليس حسناً ياجيدو اذ لا أستطيع أن أمنحك الهامك فساكون في غاية الارتباك » ، ورأيت عينيه تتراقصان ثم ضحك وأخذني بين ذراعيه وقال : لقد فهمت الآن ولكنك مخطئة على كل حال فأنا لا أريد منك أن تقف أمامي . . اذ يكفي أن تكوني مرتدية بدلة الاستحمام ولم أدر أأضحك أم أبكي ولم تكن تلك المرة الاولى التي أظهرت فيها مدى حماقتي أمامه فهل اني كنت ما أزال تلك الفتاة الريفية ؟ وغمغم جيدو قائلاً : تعالي يا أن يجدر بنا أن تخرج ونشرب نخب نجاح هذه المخاطرة ؟ وقد أيقن جيدو اني وافقت على أن أكون النموذج الذي يريد وانا نفسي لم أعد قادرة على مواصلة الجدل معه حول هذا الأمر ، وانطلقنا إلي أكثر المشارب القربة هدوء ، وظل جيدو يتكلم بحماس حول الصور التي اختير لرسمها ، وعندما جلسنا متقابلين على احدى الموائد الصغيرة في المشرب أسندت فكي على يدي وملت قليلاً إلى الأمام نحوه فقد كنت أريد أن أوجه اليه سؤالاً ، سؤالا ظل يقلقني بعض الوقت ، وأحسب انه فوجئ بذلك السؤال ، فقد رجوته أن يخبرني عن سبب انقطاعه عن زيارتي ؟ وتململ جيدو ثم قال : ولم لا ؟ آن يا طفلتي العزيزة كيف يتسنى لي أن أفعل ذلك ؟ لقد عادت ماريا و كيف نستطيع أن تحدث و بيننا شخص اخر يقطع علينا سلسلة أفكارنا ، وفهمت السبب وشعرت من جديد بمدى حماقتي ! ولو اني كنت يوماً ما بحاجة إلى الحصول على عمل فان الوقوف أمام الرسامين لن يكون العمل الذي اقبله مختارة ، اذ انه عمل مرهق جداً ومنذ صغري كنت أشعر بأن كل عضلة من جسمى تؤلمني و حينما كنت انتصب أمام جيدو كان يخيل الي أني لن أستطيع أن أقف أكثر مما وقفت دقيقة واحدة وكنت أطلب اليه عدة مرات في كل مرة ازوره في المرسم ان انال شيئا من الراحة ، وكان جيد و يتبرم أحيانا ويفهم موقفي أحيانا أخرى.. وكان يحمل الكثير من الإرهاق حينما كان يجعلني أقف بالشكل الن يبتغيه تماماً وظل حالنا على هذا النمط أمسية بعد أخرى و عطلة أسبوع بعد أخرى ، فقد كان لا بد أن يأخذ رسم الصور العديدة منه بعض الوقت و كنت اوشكت على ان انسى كيف أرقص و كيف أتردد على النوادي والمشارب المعارض أو حتى كدت انس كيف استرخي واستريح وان جديد توالت على الصدمات
أنت تقرأ
اعترافات طالبة انجليزية
Mystery / Thrillerفتاة انكليزية يافعة غير متأهبة لمواجهة مشكلات و اخطاء حياة المراهقة , تجد نفسها فجاة غارقة في الحياة البوهيمية التي يحياها الطلاب في باريس . انه ليس من يستطيع الافصاح عن حقيقة ما يحدث وراء الكواليس في باريس اليوم سوى ذلك الذي يعيش في الظروف التي عاش...