#عهد_يمين
بقلم بتول على
#الفصل_الثانى
فى الكافتريا التابعه للجامعه التى تدرس بها جميله كانت تجلس تنتظر موعد المحاضره عندما سمعت صوت فتاه تقول لها:
-"اتفضلى".
قالتها وهى تعطيها ظرف صغير ... نظرت جميله إلى الظرف باهتمام وقالت:
-"أنا مش فاهمه إيه ده؟"
أجابتها الفتاه قائله:
-"فى واحد كان واقف هنا دلوقتى طلب منى أديهولك".
ابتسمت جميله للفتاه وقالت:
-"تمام متشكره أوى".
انتظرت جميله ذهاب الفتاه وبعدها جلست على أحد المقاعد ... فتحت الظرف ووجدت داخله خاتماً ذهبياً ... تفاجأت كثيرا عندما رأت الخاتم فهو الخاتم نفسه الذى أعجبها ولكنها لم تطلب من يامن شراؤه لأنه باهظ الثمن مع أنها تعرف أنها إن أرادته سيشتريه لها يامن ولكنها لا تحب إسراف المال فيما ليس مفيداً...أخذت الأفكار تتلاعب فى رأسها من يمكن أن يرسل لها هديه كهذه؟ قامت بإخراج الورقه الموجوده فى الظرف وقرأتها والتى كان مضمونها:
-"كل سنه وأنت طيبه وعقبال مليون سنه يا جميله... تعرفى إن أنا لحد دلوقتى مش مصدق أن القرده اللى كنت بشيلها على دراعى زمان كبرت وبقى عندها تلاته وعشرين سنه ... أتمنى تكون هديتى عجبتك ومتفكريش فى نقطه غاليه ومش غاليه لأن مفيش حاجه تغلى عليكى ، أنا لو أقدر أجبلك نجوم السما هجبهالك عشان أشوفك مبسوطه على طول".
تأكدت بعد انتهائها من قرائه الرساله أنه هو من أرسلها وبالأخص عندما رأت كلمه (قرده) لأنه لا يقول لها أحد هذه الكلمه غيره ، ولكنها تتسائل كيف علم بأمر هذا الخاتم فلا أحد يعرف هذا الأمر غيرها... هل أصبح يقرأ أفكارها الآن ؟ شعرت بقليل من السعاده لأنه لم ينساها وشعرت أيضا بالأسى لأنه لا يحاول حتى أن يلتقى بها ، ولكنها تعرف السبب فهو لا يريدها أن تجبره يوما ما على مصالحه يامن والعوده إلى سابق عهدهما ...نفضت كل ما فى رأسها من أفكار وقامت بنزع السلسال الموجود فى رقبتها ووضعت به الخاتم وبعدها ارتدته مره أخرى ... على الجانب الأخر كان ينظر لها وهى تقرأ رسالته وترتدى الخاتم ابتسم ابتسامه سريعه ومن ثم ارتدى نظارته الشمسيه واستقل سيارته وغادر المكان بأقصى سرعه
---------------------------------
قام مفيد بدعوه يامن وعائلته لتناول الغداء فى منزله الذى هو عباره عن فيلا كبيره للغايه وفى غايه الجمال والتى تقع فى إحدى الأماكن الراقيه... ابتسمت حبيبه لوالدتها وقالت:
-"وحشتينى أوى يا ماما".
-"وأنت كمان وحشتينى يا حبيبتى".
قالتها فريده وهى تبتسم لحبيبه ...نظر مفيد لحبيبه وقال بضيق مصطنع:
-"مامتك بس اللى وحشتك وأبوكى مفيش خالص".
تدخلت فريده قائله بهدوء:
-"هى بتتكلم معاك على طول وبتشوفك فى الشركه أما أنا مش بشوفها كتير".
نظر يامن إلى مفيد وقال:
-"كنت عايز أسألك يا دكتور هو مدير شركه الاستيراد والتصدير الجديده كان فعلاً من تلاميذك؟"
ارتبك مفيد قليلاً ولكنه قرر إجابه يامن فهو فى كل الأحوال سوف يعرف كل شىء وخاصه أن هذا المدير الذى يتحدث عنه سيكون حاضراً فى حفل زفاف مريم... نظر له مفيد وقال:
-"أيوه يا يامن ومن دفعتك كمان".
-"ده الموضوع فعلاً بجد ... ده مش بعيد كمان أكون عارفه".
قالها يامن وهو ينظر لمفيد بذهول ...ضيق مفيد عينيه وسأله بتوجس:
-"أنت صحيح عرفت ازاى موضوع أنه كان من تلاميذى هو أنت قابلته؟"
أجابه يامن قائلاً:
-"لما كنت قاعد بدردش أنا وسامح قالى بالصدفه أن صاحبه مدير شركه الاستيراد والتصدير الجديده كان واحد من تلاميذك ففكرت أسألك هو يطلع مين من زمايلى؟"
نظر له مفيد بهدوء وقال:
-"أنا مش فاكر اسمه بالظبط ... بس أنت بتقول أن سامح عازمه يحضر الفرح أخر الأسبوع شوفه وهتعرف ساعتها هو مين".
تملك الفضول من يامن وخاصه عندما لم يعرف من مفيد من هو هذا الرجل ولكنه قرر الصبر إلى نهايه الأسبوع ليعرف هويته كل ذلك وجميله تتابع حديثهم فى صمت وعقلها يخبرها أنها تعرف هذا الشخص ولكن ترى من يكون؟
------------------
جروح الماضى لا تختفى بسهوله ... ربما يلتئم الجرج ولكن يترك أثرا يذكرنا دائما به ... هو يتذكر كل جروحه ... يتذكر عندما عرف حقيقه والدته ... لا يتذكر كم كان عمره فى هذا الوقت ولكن يتذكر ما حدث معه كل ما مر به ... يتذكر كذبه والده لم يكن يصدق أن المرأه التي كان يعتقد أنها والدته هى مجرد زوجه أب رغم صدمته بهذا الأمر لكنه لم يحزن بشأن هذا ، لطالما كانت تعامله كزوجه أب وليست أم ... يتذكر عندما كانت تصرخ في وجهه دائما عندما يطلب منها أى شىء وعندما كانت تعنفه لأتفه الأسباب ... يتذكر عندما حدثت مواجهه بينه وبين والده عندما سمع حديثه مع زوجه أبيه وعرف الحقيقه ...أخبره والده وقتها أن والدته تخلت عنه وتركته ... عاد بذاكرته إلى ذلك اليوم عندما صرخ فى وجه والده وهو يقول:
-"أنت بتكدب عليا زى ما كدبت وقولتلى أن سها تبقى مامتى".
نظر والده إليه وعلامات الذهول تكسو وجهه هذا الطفل يصرخ فى وجهه ويتحداه أيضا... هذا الطفل الصغير الذى يخاف منه يتجرأ ويصرخ فى وجهه ... كتم غيظه وهو ينظر إلى ابنه بهدوء وقال:
-"أنا لما كدبت عليك وقولتلك أن سها تبقى مامتك ده لأنى مكنتش عايزك تحس أنك معندكش أم ... بس صدقنى يا ممدوح أمك سابتك وأنت لسه مولود واتخلت عنك".
تطلع إليه ممدوح بأعين دامعه وأخذ يبكى لا يصدق أنه والدته أيضا نبذته كما نبذه زملائه ومعلميه وأقاربه ... الجميع ينظر له وكأنه جرذٌ قذر ... ماذا فعل ليستحق كل هذا ؟ ربت توفيق على كتفه قائلاً بحنو:
-"أنا هفضل معاك يا ممدوح وعمرى ما هسيبك أبدا".
كفف ممدوح دموعه بأنامله ونظر إلى والده وهو يقول بحزم:
-"أنا عايز أشوفها".
نظر له توفيق بصدمه ليستأنف ممدوح :
-"أنا مش هكلمها أنا بس هشوفها من بعيد مش أكتر".
أمام إصرار ممدوح استجاب والده لطلبه وأخذه إلى المنزل الذى تقطن به والدته ... صف سيارته فى مكان قريب وأشار على إحدى السيدات ... نظر ممدوح إلى حيث يشير والده ليرى سيده جميله عينيها تشبه عينيه لدرجه كبيره ... نظر له والده وقال :
-"شايف الولد اللى واقف جنبها ده؟"
أعاد ممدوح النظر حيث يشير والده ليرى هذا الطفل الذى يعانق والدته وهى تبتسم له بحب ... التفت إلى والده الذى قال:
-"هى سابتك عشانه عمرها ما حبيتك ولا اعتبرتك ابنها هى بتحبه هو وبس".
نظر ممدوح إلى ذلك الطفل وقد امتلئت عينيه بالدموع ... لم يستطع تحمل رؤيه والدته وهى تغمر طفلا أخر بحبها وحنانها لذلك طلب من والده المغادره على الفور ... عاد بذاكرته إلى واقعه المرير ابتسم بسخريه فهو يشرب هذا الشىء الذى يفترض أن يجعله ينسى أوجاعه ولكن عجبا هو لا ينسى بل يتذكر ... يتذكر كل شىء ضغط بقوه على الكأس بيده ليتهشم وتخترق قطع الزجاج يده ، لم يبالى بالدماء التى تخرج من يده أو الألم الذى يشعر به فهذا الألم ليس كألم قلبه الذى يلازمه ولا يفارقه منذ طفولته .
-------
مرت الأيام سريعاً وأتى اليوم الذى سيتم فيه حفل الزفاف .
فى منزل سامح أمسكت ريهام البذله التى انتقتها لزوجها وقالت وهى تنظر له:
-"اتفضل يا حبيبى البدله اللى هتلبسها".
ابتسم لها أمجد وقال:
-"شكرا يا قلبى بس أنا اشتريت البدله اللى هلبسها وأنا فى الكويت".
أخرج أمجد البذله التى اشتراها ليريها إياها وكما توقعت ريهام فقد كانت البذله وقيمصها باللون الأسود... تأكدت أنها حتما ستصاب يوماً بإحدى الجلطات بسبب عشق زوجها الغريب للون الأسود فهو تقريبا كل ملابسه باللون الأسود ...حتى فى المناسبات السعيده يرتدى هذا اللون ...تذكرت ريهام عندما أتى أمجد لخطبتها برفقه والدته رحمها الله فقد كانت جميع ملابسه سوداء وهذا ما جعلها تظن أن والدته تجبره على هذه الزيجه فقد كان يبدو من مظهر ملابسه السوداء أنه يرثى نفسه لأنه سيتزوج غصباً وبسبب هذا الظن كانت سترفض الزواج منه قبل أن يقسم لها أكثر من مره أنه أتى لخطبتها بإرادته ولم يجبره أحد على ذلك ...تذكرت أيضاً أنه اختار البذله التى سيرتديها فى حفل زفافهما سوداء أيضا إلا أنها أصرت أن يرتدى بذله بلون أخر وأمام اصرارها اضطر لتغير البذله واختار بذله بلون مختلف ... فاقت من شرودها على صوته وهو يناديها قائلاً:
-"مقولتليش يا حبيبتى إيه رأيك فى البدله؟"
كزت ريهام على أسنانها من الغضب ولكنها أخفت ذلك وابتسمت ابتسامه مصطنعه وقالت:
-"أنت مش عايزنا نتخانق صح يا أمجد؟"
ظهرت علامات الاندهاش على وجه أمجد فهو لا يفهم لماذا تقول هذا .
-"إذا كنت مش عايزنا فعلا نتخانق يبقى هتلبس البدله اللى أنا جايبهالك وهتجيب البدله اللى أنت جايبها دى".
قالتها وهى تأخذ البذله السوداء من يده وتناوله البذله الأخرى وبعدها خرجت من الغرفه تاركه إياه يرتدى البذله التى اختارتها له .
بعد مرور ساعات بدأ حفل الزفاف فى إحدى القاعات الراقيه ووصل ياسر برفقه إيناس إلى الحفل ورحب بهم مفيد وأمجد أما يامن فقد كان منشغلاً بأحد أصدقائه ولم يرحب بياسر كما أنه لم يراه أيضا وقد أسعد هذا مفيد وتمنى أن يمر الحفل دون أن يرى كلاً من ياسر ويامن بعضهما .
---------
كانت تجلس حبيبه على إحدى الطاولات بجوار نوال أما جميله فقد شعرت بألم شديد فى رأسها ولذلك ابتعدت قليلاً عن الحفل ...سألت نوال حبيبه قائله:
-"هو كتب الكتاب امتى؟"
-"كمان عشر دقائق".
قالتها حبيبه وهى تنظر إلى مريم ... نظرت نوال هى الأخرى إلى مريم وقالت:
-"أختك يا حبيبه بسم الله ماشاء الله قمر منور".
ابتسمت حبيبه وقالت:
-"ماما لما شافت مريم النهارده كده قعدت تقرأ قرآن كتير أوى عشان خايفه لتتحسد".
-"عندها حق كويس أنها عملت كده".
قالتها نوال لتؤما لها حبيبه رأسها بهدوء .
------------
أثناء وقوف يامن مع مفيد الذى يستقبل المدعوين رأى يامن أحد أصدقائه القدامى فأتجه نحوه ولكنه فجأه اصتدم بأحدهم عن طريق الخطأ وقبل أن ينطق بأى كلمه ألجمت الصدمه لسانه... كانت الصدمه أيضا من نصيب الأخر ...ظل كلاً منهما ينظر للأخر بذهول لا يصدق أياً منهما أنهما تقابلا بعد كل هذه السنوات... فى هذه اللحظه ظهرت إيناس ولم تكن انتبهت لوجود يامن وقالت:
-"ياسر ... دكتور مفيد بيسأل عليك".
لم يرد عليها ياسر وهذا أثار دهشتها ... لاحظت أنه ينظر لشخصٍ ما فنظرت إلى حيث ينظر وتفاجأت بوجود يامن .
عادت إلى الحفل بعدما أخذت مسكن لرأسها وكانت الصدمه فى انتظارها عندما رأت ياسر ويامن يقفان أمام بعضهما... مرت دقيقه قبل أن تتأكد مما تراه وبعدها هطلت دموعها بغزاره ... لا تصدق أنها تراه يقف أمامها... لا تصدق أنها ترى شقيقها بعد كل هذه السنوات .#توقعاتكم
#batol
أنت تقرأ
عهد يمين
General Fictionشقيقان تعاهدا أن يبقيا سوياً وأقسما يميناً معظماً ألا يفرقهما أي شيء ولكن سوء فهم حطم هذه الأخوة وجعلهما كالأعداء وفرقتهما الأيام وفجأة تقابلا بعد عدة أعوام. فهل يمكن أن يعودا إلى سابق عهدها أم أن للقدر كلمة أخرى؟؟