#عهد_يمين
بقلم بتول على
#الفصل_الخامس_عشر
حان الآن وقت المواجهه الثانيه بينه وبين والده ... أقسم أنه لن يتراجع ويهرب كما فعل من قبل ، بل سيواجهه ويخرج كل ما في جعبته ... وقف أمام والده وزوجته التي تنظر له بتهكم وغضب.
صاح توفيق وهو ينظر إلى ممدوح بغضب:
-"أنت متجوز سيرين من امتى؟"
بادله ممدوح نظراته بأخرى ساخطه وأجاب بهدوء:
-"اتجوزتها من خمس سنين".
صفعه قويه هوت على وجه ممدوح ... ابتسمت سها بتشفي وقررت أخذ دور المشاهد فى هذه المواجهه.
قابل ممدوح صفعه والده بنظرات بارده خاليه من الانفعالات ... يصفعه لأنه تزوج دون اخباره ، ألم يخبره من قبل برغبته فى الزواج من سيرين؟ ولكنه قابل ذلك بالرفض والتوبيخ ، ولم يكتفي بهذا فقط بل تسبب فى موت والدة سيرين عندما دفع رشوه للطبيب الذى كان من المفترض أن يقوم بعمليه جراحيه ضروريه لها عندما تعرضت لحادثه ، وجعله يمتنع عن القيام بها.
-"أنا النهارده اكتشفت أنى معرفتش أربيك".
قالها توفيق وهو يضع رأسه بين كفيه ... احمرت وجنتا ممدوح ودمعت عيناه من كثره الضحك ... عن أى تربيه يتحدث؟ هل اهتم به يوما؟ بالطبع لا ، كل ما فعله هو تركه لسها والانشغال بأعماله القذره ... كان يعلم أن سها لا تحبه ولا تهتم به ، وتضربه لأتفه الأسباب ولكنه لم يكترث ... غمغم ممدوح ساخرا وهو يرمق توفيق بغضب:
-" مفيش أحسن من تربيتك الصراحه يا توفيق بيه ... عمرك ما مسكت ايدى ودخلت جامع ولا عمرك مسكت مصحف وقعدتنى جنبك أحفظ قرآن لما كنت صغير ... فاكر لما كنت بقولك أن مراتك الحقيره اللى واقفه قدامك دى كانت بتضربنى كنت بتتفرج ومبتعملش حاجه ... جاى دلوقتى تقول تربيه وأنت أصلا عمرك ما علمتنى أعمل حاجه صح".
التفت إلى سها ووقف أمامها وقال وهو يرمقها باستخفاف
-"مراتى وولادى فوق فى أوضتى لو اشتكوا منك صدقينى مش هرحمك".
غادر ممدوح تاركا توفيق وسها فى حاله من الذهول والصدمه وبالأخص سها التى لا تصدق أن ممدوح يهددها وهو يقف أمامها ... تقسم أنها ستجعله يبكى دما على زوجته وأولاده ... تجرأ وهددها فليتحمل العواقب الوخيمة إذا ، فليست سها من يتم تهديدها.
---------------
الحقيقه تكون أحيانا مؤلمه وصادمه ... شعور أنك تعرضت للخداع طول حياتك يجعلك تشعر بالضعف والانهيار ... أحيانا يجعلك هذا الشعور تفكر كيف كنت أحمقا لهذه الدرجه ليتم خداعى؟
تبكي بحرقه فى غرفتها وهى تحطم كل شىء حولها ... لا تصدق أنه تم خداعها بهذه الطريقه البشعه ... طوال حياتها وهى تتمنى أن تكون أم ... أن يكون لديها إبن يناديها بأمى ... عاشت حياتها وهى تظن أن فكره حملها مستحيله بعدما أصيبت بهذا السرطان الذى اضطرها لإزاله الرحم.
أحبت أمجد كثيرا واعتبرته ابنها الذى لم تنجبه ... كانت تشعر بأمومتها عندما كانت تغدقه بحبها وحنانها ... لم تتوقع يوما أن يكون لديها ابن ، وهذا الابن ليس سوى ممدوح عدو أمجد ... خدعها توفيق عندما اتفق مع الطبيب وأخبرها أنها أنجبت فتاه وماتت مباشرة بعد ولادتها ... الآن فهمت لماذا يكره ممدوح أمجد لهذه الدرجه ، فهو يعتقد أنها تخلت عنه وتركته من أجل أمجد ... تذكرت عندما سألته لماذا يكره أمجد وأخبرها أن إجابه سؤالها سهله للغايه ... أمسكت بالمزهريه وحطمتها وهى تصرخ:
-"ليه موجهتنيش يا ممدوح؟ ليه مقولتليش أنك ابنى؟"
كيف كانت عمياء لهذه الدرجه؟ كيف لم تعرف ابنها عندما رأته من قبل؟
لعنك الله يا توفيق أنت و هذا الطبيب الذى خدعتنى بمساعدته ... الآن فقط استيقظ ضمير هذا الطبيب وقرر اخبارها بالحقيقه وهو على فراش الموت ... يريدها أن تسامحه بهذه البساطه بعدما حُرمت من طفلها بسببه.
دلف أمجد الذى حضر للتو إلى غرفتها بعدما اتصلت به الخادمه وأخبرته أن عمته تبكي بإنهيار وتكسر كل ما فى غرفتها ... اقترب منها بحذر واحتضانها مربتاً على كتفها ... استكانت قليلا فى أحضانه ... أحضر لها أمجد ابريق الماء لترتشف القليل منه وهى تبكى:
-"أنا اتخدعت يا أمجد ... طول عمرى كنت مفكره أنى معنديش ولاد ، وابنى كان واقف قدامى ومعرفتوش".
عمته لديها ابن!! كيف يمكن هذا؟
أعطاها منديلا لتكفكف به دموعها وهو يقول:
-"ازاى يا عمته؟ أنت المفروض خلفتِ بنت وماتت بعد ما ولدتيها".
نظرت له وقالت بمراره:
-"ده اللى أنا كنت مفكراه ، بس اكتشفت أن توفيق خدعنى".
لا يفهم ما علاقه توفيق بدران بهذا الامر؟
سأل هدير التى أجابته قائله:
-"الراجل اللى أنا كنت متجوزاه زمان يبقى توفيق بدران".
كأن أحداً سكب دلو ماءٍ بارد على رأسه ... عمته كانت متزوجه من توفيق والد ممدوح!!
أخبرته هدير أنها تزوجت توفيق منذ أكثر من ثلاثين سنه ، وكانت حياتهما مليئه بالمشاكل وخلافاتهما لا تنتهى بسبب أعمال توفيق القذره والغير قانونيه ... طلبت منه الطلاق بعدما سئمت هذه الحياه ولم تعد تحتمل البقاء معه ... أخبرها توفيق أنه سيطلقها بعدما تلد ، جاء اليوم الذى انتظرته هدير بفارغ الصبر ... أخيرا سترى مولودها الذى حملته تسعه أشهر فى أحشائها ... تبخرت سعادتها وذهبت أدراج الرياح بعدما أخبرها الطبيب أنها أنجبت فتاه وماتت مباشرة بعد ولادتها ... طلقها توفيق بعد يومين وسافر إلى الخارج وعاد مره أخرى إلى مصر بعد عده سنوات برفقه زوجته سها وإبنه ممدوح الذى ظن الجميع أنه ابن توفيق من زوجته سها.
سيطرت الصدمه على أمجد بعدما أخبرته هدير بكل هذه الاشياء التي لم يكن يعرفها والتى لم تخبره بها من قبل حتى لا تتدمر علاقته بزوجته ريهام.
من بين كل الناس فى العالم ألا يوجد غير ممدوح ليكون ابن عمته؟ كل ما يحتاج إليه فى هذا الوقت هو الصبر.
---------------
داخل قاعه المحكمه
جلس القاضى على كرسيه بعد انتهاء فتره المداوله وقال:
-"بعد الاطلاع على أوراق القضيه وسماع شهاده الشهود ، حكمت المحكمه حضوريا على المتهمه حبيبه مفيد عبد الباقى حسين بإحاله أوراقها إلى فضيله المفتى ... رفعت الجلسه".
فى هذه اللحظه استيقظت وهى تصرخ بصوت مرتفع انتفض على إثره يامن الذى كان يعبث فى هاتفه فى الخارج ... دلف يتمن بسرعه إلى الغرفه ووجد حبيبه تصرخ وتقول:
-"لا حرام ... أنا مقتلتهاش".
ربت يامن على كتفها وسألها بنبره قلقه:
-"مالك يا حبيبه بتصرخى ليه؟"
أدركت حبيبه عندما رأت يامن يقف أماما أن كل ما رأته لم يكن سوى كابوسا مزعجا ... تنهدت قائله وهى ترتشف كوب الماء الذى ناولها يامن إياه:
-"حلمت بكابوس فظيع ووحش ... أنا خايفه أوى".
يتمنى من كل قلبه أن ينجح ياسر ويثبت أن توفيق هو من قتل هايدى ... أغمض عينيه ونطق وهو يزفر بألم وحزن:
-"إن شاء الله البوليس هيوصل قريب للقاتل الحقيقى وهنرتاح من الكابوس ده".
وضعت يدها على قلبها وتمتمت بخفوت:
-"استرها يارب".
----------------
اعترت الدهشه وجه جميله بعدما هاتفتها صديقتها مروه وأخبرتها بأن مروان تقدم لخطبه زميلتهم أمنيه وقبلت به ... لا تعرف لماذا تخبرها مروه بكل هذه الأمور التى لا تعنيها؟
مروان لايهمها ، والدليل على ذلك أنها رفضته عندما تقدم لخطبتها ... زفرت بحنق وقالت:
-"أنا مش فاهمه أنت بتقوليلى الكلام ده ليه يا مروه؟"
-"عشان أثبتلك أن ممكن الشاب يتغير ويبقى كويس لو ارتبط بواحده محترمه تقدر تغيره ، وده اللى حصل مع مروان لما ارتبط بأمنيه".
قالتها مروه وهى تبتسم ، فهى أثبتت لصديقتها أنها على صواب.
-"أنا مستحيل أصدق أن واحد زي مروان ممكن يتغير ، وأنا عمري ما هغير وجهه نظري ، ومسير الأيام تثبتلك إن أنا عندي حق".
قالتها جميله وأنهت المكالمه ... يبدو أن مروه تتأثر كثيرا بالروايات التي تقرأها ، والتى يتحدث غالبها إما عن شاب مستهتر يعبث مع الفتيات ، ويقضى وقته مع هذه وتلك إلى أن تأتي الفتاه المنشوده التي يقع في غرامها ويتغير من أجلها.
هناك بعض الروايات الأخرى التي تتحدث عن شخص قاسي يعامل زوجته بقسوه وعجرفه ، ويقوم بضربها وإذلالها ، ورغم كل ذلك تعشقه وتفعل المستحيل لإرضائه.
الطامه الكبرى التي انتشرت مؤخرا في الروايات الإلكترونيه هى البطل المغتصب الذي ينتهك عرض فتاه بريئه دون أدنى شفقه أو رحمه ، ثم يتزوجها ويستمر في اغتصابها وتعنيفها وفجأه يقع في غرامها ويعتذر منها عن كل شيء فعله بها ، وهي تقوم بمسامحته ، ويعيشان قصه حب مثاليه.
لا تصدق أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت وسيله كل هاوى لنشر محتويات مسفه ، وخادشه للحياء ، ليس لها قيمه ولا فائده ... والهدف من هذا هو نيل الشهره السريعه دون تكبد عناء لذلك.
ألا تدرك أيا من هؤلاء الكاتبات أن الفن رساله وأن كل ما تكتبه يترك أثرا في القارئ؟
ألا تدرك أي من هؤلاء الكاتبات أن أغلب متابعين الروايات الإلكترونيه لم يتجاوزا السادسه عشر من عمرهم؟
ليت كل كاتبه من هؤلاء تدرك فداحه ما تفعله بعقول المراهقات و إلى أي مدى تؤثر بهم.
ماذا لو تعرضت إحدى هؤلاء الكاتبات لهذه الحادثه البشعه ، التي تكتب عنها وتزينها أمام القارئ وكأنها شيء واهي؟
هل ستفعل مثلما تفعل بطله روايتها وتحب من اغتصبها؟
بالطبع لن تفعل فهي لا يمكنها أن تحب من انتهك برائتها كالذئب الجائع الذي يلهث وراء شهوته فقط ... يجب وضع حد لهذا الأمر ، وأن تسعى لتقديم محتوى جيد ، ومميز ، وألا تعبث بعقول المراهقات بمحتويات ساخطه.
-------------
جحظت عيناه بشده عندما رآه يدلف إلى مكتبه بكل شموخ ، وهو يعقد ساعديه أمام صدره ... توجه نحوه على الفور ، وصاح قائلاً والعرق يتصبب من وجهه بغزاره:
-"أنت إيه اللي جابك هنا يا ياسر؟"
رمق ياسر من رأسه لأخمص قدميه بإزدراء ، ووضع يده في جيب بنطاله ، وقال ساخرا:
-"وشك اتخطف ليه لما شفتني يا توفيق؟"
ابتلع توفيق ريقه بصعوبه ، وشعر بألم شديد فى حلقه ... اقترب منه ياسر حتى أصبح يقف أمامه لا يفصل بينهما سوى بضع سنتيمترات قليله ... همس ياسر بالقرب من أذن توفيق:
-"أكيد خايف مني بعد ما هايدي قالتلي كل حاجه".
امتقع وجه توفيق بقوه ... هل حقا أخبرته هايدي بكل شيء قبل أن يقتلها؟
هل يريد الآن قتله بعدما عرف بأنه قاتل عمر؟
تساؤلات كثيره اقتحمت عقله ولا يعرف إجابتها؟
ازدرد توفيق ريقه بصعوبه وهتف بتوتر وهو يفرك أصابع يده بإضطراب:
-"أنت عايز مني إيه دلوقتي؟"
-"أعرف السبب اللي خلاك قتلت عمر ابني".
قالها ياسر بهدوء ينافي البركان الثائر الذي يكنه داخله ، وهو يجلس على كرسي مكتب توفيق ويضع ساق فوق ساق ... رمقه توفيق بنزق ، ومع أنه أدرك أن هدوء ياسر ليس سوى هدوء ما قبل العاصفه ، ولكنه استهان بغضبه وأمعن فى استفزازه قائلاً
-"كان لازم يدفع ثمن اللي أنت عملته ، عشان تبقى عبره لأي شخص يفكر يلعب معايه ، وأنت زى الغبي فكرت أن موت ابنك حادثه لحد ما الحقيره هايدي قالتلك".
كور ياسر يده ، حاول جاهدا الحفاظ على رباطه جأشه حتى لا تفشل خطته.
-"طيب هايدي قتلتها ليه؟"
تجرأت وابتزته بعدما سمعته يتحدث مع زوجته بخصوص عمر ... تهدد توفيق بدران بكل وقاحه وتطلب منه إعطائها المال وإلا ستفضحه ... تشبه القطط كثيرا فهي تأكل وتنكر ... بعد كل ما فعله من أجلها ، والأموال التي أخذتها منه تهدده ببساطه وكأنها لاتعرف مع من تتعامل.
أقسم أنه لن يدعها تعيش لحظه واحده بعدما ابتزته وبالفعل ذهب إلى شقتها وقام بقتلها باستخدام مسدسه ، بعدما حدث مشاده كلاميه بينهما ... غمغم بصوت أشبه بفحيح الأفعى:
-"قتلتها عشان حقيره وطماعه".
برقت عينا ياسر بلون قاتم جعلها تبدو مرعبه ، وأمسك توفيق بغضب من تلابيب قميصه قائلاً:
-"صدقني هتندم وتدفع الثمن ... ميبقاش اسمى ياسر لو مخليتكش تتعفن في السجن".
لكمه ياسر فى وجهه وغادر على الفور قبل أن يتهور ويقتل توفيق ... استقل سيارته وأخرج هاتفه وتمتم بخبث:
-"وأخيرا وقعت يا توفيق ومحدش سمى عليك".
قام بالنقر على هاتفهه عده نقرات وقربه من أذنه ليأتيه صوت شقيقه قائلاً:
-"طمنى عملت إيه؟"
ابتسم ياسر قائلاً:
-"كل حاجه تمام ... دلوقتى العد التنازلى لنهايه توفيق بدأ".
#توقعاتكم
#batol
أنت تقرأ
عهد يمين
General Fictionشقيقان تعاهدا أن يبقيا سوياً وأقسما يميناً معظماً ألا يفرقهما أي شيء ولكن سوء فهم حطم هذه الأخوة وجعلهما كالأعداء وفرقتهما الأيام وفجأة تقابلا بعد عدة أعوام. فهل يمكن أن يعودا إلى سابق عهدها أم أن للقدر كلمة أخرى؟؟