الفصل التاسع

4.4K 169 3
                                    

#عهد_يمين
بقلم بتول على
#الفصل_التاسع
نظرت حبيبه إلى هايدى الملقاه على الأرض والدماء تخرج من رأسها ... اقتربت منها وجدتها لا تحرك ساكناً ... شعرت بالخوف وأخذت حقيبتها وخرجت من الشقه واستقلت سيارتها وغادرت المنطقه بأقصى سرعه بعدما تأكدت أنه لم يراها أحد ... توقفت فجأه عن القياده عندما شعرت بالدوار وأن الرؤيه أمامها أصبحت مشوشه ... بدأت بالبكاء الشديد ... لا تعرف الآن ما سيحدث وما هو مصيرها ... هى الآن على يقين أن نهايتها اقتربت بعدما قتلت هايدى ... تتمنى لو أنها لم تلتقى بهايدى من قبل ولم يحدث كل ذلك ... كان الأمر كله لعبه دبرتها تلك اللعينه جيهان للإنتقام من والدها ، عادت بذاكرتها إلى اليوم الذى بدأ به كل شىء.
فى الجامعه وتحديداً فى مكتب مفيد
كان يجلس يراجع رساله الماجستير الخاصه بأحد الطلاب عندما دق باب مكتبه فأردف قائلاً:
-"ادخل".
دلفت فتاه عشرينيه متوسطه الطول ذات قوام ممشوق وبشره بيضاء وعيون بنيه ... ضيق مفيد عينيه وصاح قائلاً بحنق:
-"اسمعى كويس يا جيهان ، أنا مستحيل أنجحك فى الماده وأنت أصلا محضرتيش الامتحان".
كزت جيهان على أسنانها بغيظ وقالت:
-"أنا بنت رجل الأعمال أحمد سالم أكيد سمعت عنه".
ظهرت علامات التعجب على وجه مفيد ... لماذا تخبره جيهان بإسم والدها؟ وما علاقه هذا الأمر بعدم حضورها الأمتحان؟ زفر بحنق وقال:
-"أنا مش فاهم إيه المطلوب منى بالظبط؟"
-"المطلوب أن حضرتك تظبطلى الماده واللى هتطلبه بابا هيدهولك".
قالتها جيهان بكل تبجح ... تبدلت ملامح مفيد من الهدوء إلى الغضب وهتف قائلا:
-"امشى اطلعى بره ، وإلا والله ما هخليكِ تنجحى خالص فى أى ماده ، وطول ما أنا موجود فى الكليه أنت مش هتتخرجى منها".
غادرت جيهان وهى تستشيط غضبا فهى لم تتعرض لموقف كهذا من قبل ، فدائما كانت تستطيع أن تحل جميع مشاكلها باستخدام نفوذ وسلطه والدها أما الآن فهى لا تستطيع أن تفعل شىء ، وعلاوه على ذلك هددها مفيد أيضاً ... مر شهر على هذا الموقف وأتى يوم ظهور نتيجه الامتحانات وبالطبع رسبت جيهان فى الماده التى يدرسها لها مفيد ... أقسمت أنها ستنتقم من مفيد ... بدأت بالتفكير فى هذا الأمر طوال فتره العطله الصيفيه ، وبعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر بدأ العام الدراسى وقد عرفت جيهان من إحدى صديقاتها أن حبيبه ابنه الدكتور مفيد تدرس فى نفس جامعتهم ولكنها فى كليه مختلفه ... حينها وجدت جيهان طريقه للإنتقام من مفيد ... لم يكن الأمر سهلاً كما كانت تعتقد فى البدايه فعندما بدأت بالتقرب من حبيبه ، ولكنها فشلت فى ذلك لأنه قامت إحدى الفتيات بتحذير حبيبه واخبارها أن جيهان تسعى خلفها للإنتقام من والدها ... لم تكن جيهان تعرف ماذا عليها أن تفعل بعدما فشلت فى التقرب من حبيبه.
فى أحد الأيام كانت تجلس جيهان فى الكافتريا القريبه من الجامعه مع مجموعه من صديقاتها ومن بينهن هايدى ... لم تكن هايدى صديقه حقيقيه لجيهان أو لغيرها فكل ما كانت تسعى إليه هو المال والهدايا الثمينه التى كانت تحصل عليها بصداقتها المزيفه مع الفتيات الثريات ... كانت جيهان تروى لهم محاولتها الفاشله فى التقرب من حبيبه وكانت هايدى تستمع لحديثها بانصات واهتمام شديدين وعندما أنهت جيهان حديثها ابتسمت هايدى ابتسامه خبيثه وقالت:
-"اللى يخليكِ تنتقمى من مفيد وتخليه يندم على اللى عمله معاكِ تعمليله إيه ؟"
-"أى حاجه المهم أنتقم منه".
قالتها جيهان بلهفه ... قالت هايدى وهى لا تزال تحتفظ بابتسامتها الخبيثه:
-"أنا أقدر أساعدك فى الموضوع ده ، بس كل شىء ليه تمن".
بادلتها جيهان الابتسامه نفسها وقالت:
-"هديكِ عربيتى القديمه".
لمعت عينا هايدى بشده ، فالسياره التى تعتبرها جيهان قديمه هى سياره سوداء جميله وحديثه الموديل ، وكثير من الفتيات تتمنى الحصول على مثل هذه السياره ومن ضمنهم هايدى التى تسعى دائما لتحصل على كل ما هو قيم ، وبالطبع سياره جيهان القديمه تعتبر بالنسبه لها أفضل شىء يمكن أن تحصل عليه ... ابتسمت هايدى قائله:
-"تمام اتفقنا".
أنهت جملتها وأشارت بعينهيا نحو باقى صديقاتهن اللاتى يتابعن حديثهن ... فهمت جيهان أن هايدى ستخبرها بالتفاصيل فى وقت لاحق.
فى اليوم التالى التقت جيهان بهايدى ... شرحت لها هايدى خطتها التى أعجبتها كثيرا وقالت وهى تنظر إلى هايدى بإعجاب:
-"واو بجد أنت دماغك دى مفيش زيها أبدا ... برافو عليكِ يا دودى".
ابتسمت هايدى قائله:
-"شكرا يا جيجى على المجامله ... بس أهم حاجه دلوقتى تجيبيلى كل المعلومات عنها عشان أعرف أتقرب منها".
تنهدت جيهان بضيق وقالت:
-"أنا خايفه تفشلى زى ما أنا فشلت".
ضحكت هايدى بشده واستفزت هذه الضحكه جيهان لكنها تمالكت نفسها ونظرت إلى هايدى التى قالت:
-"اطمنى أنا مش هفشل لأن وضعى مختلف عن وضعك ... أنت فى الكليه عندكم كل الطلبه عارفين أنك بتكرهى مفيد والكلام وصل للكليه اللى فيها حبيبه وده سبب فشلك ، أما أنا محدش يعرفنى لأنى ببساطه مش بدرس فى نفس كليتك أنا بدرس فى كليه تانيه فهيكون صعب أن حد يعرف من اللى فى الكليه عندك أو كليه حبيبه أننا أصحاب وأنى بساعدك فهمتى".
أومأت جيهان برأسها دليلاً على فهمها الأمر.
فى اليوم التالى ذهبت هايدى إلى الجامعه وتحديدا إلى الكليه التى تدرس بها حبيبه ودلفت إلى المدرج... بحثت بعينيها عن حبيبه التى تعرفت على ملامحها من خلال الصوره التى أعطتها إياها جيهان ... ابتسمت بخبث عندما رأت حبيبه تجلس بمفردها بعيدا عن الطالبات الاتى يثرثرن فى بعض الأمور التافهه ... توجهت هايدى ناحيه حبيبه وجلست بجانبها قائله:
-"ممكن أقعد جنبك ... ده لو مش هضايقك".
ابتسمت لها حبيبه قائله:
-"مفيهاش مضايقه ولا حاجه اقعدى براحتك".
الآن حان وقت تنفيذ الخطه التى دبرتها باحكام والتى ستبدأ بجعل حبيبه تشعر بالشفقه نحوها ... تظاهرت هايدى بالحزن وقالت:
-"أصل السنه اللى فاتت كانوا البنات بيضايقوا لما أقعد جنبهم عشان كده سألتك".
شعرت حبيبه بالشفقه على هذه الفتاه المسكينه والتى يبدو أنها مرت بإحدى التجارب الصعبه ... سألتها حبيبه قائله:
-"هى دى مش أول سنه ليكِ هنا فى الكليه؟"
نظرت لها هايدى والدموع تملأ عينيها وقالت:
-"لا أنا أجلت السنه اللى فاتت لأن ماما ماتت ونفسيتى كانت مدمره".
أنهت هايدى جملتها وبدأت بالبكاء ... بالطبع كان هذا تمثيلاً فقط لتخدع حبيبه ... ربتت حبيبه على كتفها قائله:
-"اهدى ومتزعليش إن شاء الله ربنا هيعوضك خير ، خلى عندك إيمان دايما بربنا".
أعطت حبيبه هايدى منديلاً لتمسح به دموعها ... أخذت هايدى المنديل وجففت به دموعها وهمست قائله:
-"شكرا ... أنا اسمى هايدى تقدرى تقوليلى دودى ... أنت اسمك إيه؟".
-"حبيبه".
قالتها حبيبه قبل أن تنتبه لدخول الدكتور فصمتت وكذلك هايدى وظل هذا الصمت طوال فتره المحاضره وبعد الانتهاء من المحاضره خرجت كلاً من حبيبه وهايدى وهما تضحكان وتمزحان معاً وقد تبادلا أرقام الهواتف أيضاً ... مرت الأيام وتوطدت علاقه هايدى بحبيبه وأصبحت صديقتها المقربه وأمينه أسرارها ، وفى أحد الأيام كانت تجلس حبيبه بجانب هايدى وكانت تشعر بألم شديد فى رأسها ولاحظت هايدى ذلك فسألتها ماذا بها لتجيبها حبيبه قائله:
-"صداع فظيع يا هايدى حاسه أن دماغى هتنفجر".
لمعت أعين هايدى وقررت استغلال الفرصه فقد حان الوقت لتنفيذ خطتها فتظاهرت بالحزن وقالت وهى تخرج من حقيبتها أحد الأقراص:
-"امسكى خدى دى هتريح رأسك ... ده مسكن قوى للصداع أنا بستعمله لما أكون مصدعه".
نظرت حبيبه إلى القرص وأخذته من هايدى وتناولته وارتشفت بعده القليل من الماء ... كانت تتابعها هايدى بابتسامه فقد بدأت بتنفيذ خطتها ، مرت الأيام وكانت هايدى تضع القرص نفسه فى أى مشروب تقدمه لحبيبه دون أن تنتبه حبيبه لذلك وإذا لم تشرب حبيبه المشروب الذى يحتوى على القرص تصبح غاضبه وعصبيه وهذا الشىء أقلق والدتها ولكن حبيبه أخبرتها أن ذلك بسبب قلقها من الامتحانات ... كان هذا ما تعتقده حبيبه فى البدايه حتى واجهتها هايدى بالحقيقه ... أدركت حينها أنها أصبحت مدمنه ولكنها لم تستطع التوقف كانت تتوسل لهايدى دائما لتعيطها هذا العقار المخدر وكانت هايدى تستغل هذا الأمر وتأخذ منها الكثير من الأموال مقابل هذا ولم تكتفى بهذا فقط بل قامت فى إحدى المرات بإجبار حبيبه على تعاطى سجائر الحشيش وقامت بتصويرها فيديو دون أن تنتبه حبيبه لذلك ... علمت حبيبه أن جيهان هى المسؤوله عن كل ما حدث معها ولكنها لم تستطع فعل أى شىء ... كانت حبيبه تحاول دائما التوقف عن تعاطى هذه العقاقير ولكنها لم تستطع ... مع مرور الوقت أصبح وجها شاحباً وتحيط بأعينها الهالات السوداء ... فى أحد الأيام دلف والدها إلى غرفتها وقام بصفعها على وجهها ... نظرت له حبيبه بصدمه ليصيح بها قائلاً:
-"ليه عملتِ فى نفسك وفينا كده ... أنا قصرت معاكِ فى إيه عشان تعملى كده".
كانت حبيبه تبكى بشده فيبدو أن والدها عرف أنها أصبحت مدمنه ... كيف ستخبره أنه تم خداعها وأنها لم تكن تريد أن تصبح هكذا ... صرخ مفيد فى وجهها قائلاً:
-"عندك علم أنا عرفت ازاى أنك مدمنه يا هانم".
نظرت له حبيبه وهى تبكى وأخبرته أن جيهان هى من فعلت بها هذا بمساعده هايدى ... أخبرته أيضا أن هايدى كانت تقوم بوضع القرص لها فى العصير دون أن تنتبه ... صرخت وهى تبكى قائله:
-"أنا لماعرفت أنى مدمنه حاولت أبطل بس مقدرتش ... صدقنى يا بابا أنا بحاول أبطل فعلا بس مش عارفه".
احتضنها مفيد وأخذ يهدئها ... كيف يحدث هذا لإبنته ولا يدرى!!
كان عليه أن يعرف ويساعدها ... نظرت له حبيبه قائله:
-"بابا أنا مش عايزه أفضل كده ... أنا عايزه أتعالج".
ربت مفيد على كتفها قائلاً بهدوء:
-"متخافيش أنتِ هتتعالجي وهترجعي زي الأول ... أنا هبعتك مصحه بره مصر تتعالجى فيها عشان محدش يعرف حاجه عن الموضوع ده حتى أمك وأختك ...
اتصل مفيد بأحد أصدقائه الذي يعمل طبيباً فى إحدى مصحات علاج الإدمان فى لندن واتفق معه أن يرسل حبيبه إليه ، وبالفعل أرسل مفيد حبيبه إلى هذه المصحه وكان الأمر سريا فلم يعرف أحد من أقارب حبيبه شيئاً عن ادمانها أو السبب الحقيقى وراء سفرها إلى لندن ... بعد مرور سته أشهر عادت حبيبه إلى مصر بعدما تعالجت ، وتعافت من الادمان ولكنها لم تنسى صفعه الخيانه التى تلقتها من هايدى ولذلك طوال فتره دراستها فى الجامعه لم تصادق أى فتاه أخرى ... تغيرت شخصيه حبيبه كثيرا بعد هذه التجربه فلم تعد تلك الفتاه الساذجة التى تثق فى أي شخص ... أخبر مفيد حبيبه أن جيهان توفت فى حادث سياره أما بالنسبه إلى هايدى فلم ترها حبيبه أو تعرف عنها أي شيء إلا عندما رأتها بعد عده أعوام فى شركه والدها ... أمسكتها بعنف من معصمها وصاحت بها قائله بغضب:
-"أنت بتعملى إيه هنا يا حقيره؟"
ابتسمت لها هايدى وقالت بنبره ساخره:
-"ازيك يا بيبو عامله إيه؟ ... تعرفى أنك ليكِ وحشه".
نظرت إليها حبيبه بغضب وهي تضغط علي معصمها بقوه ألمتها ولكنها لم تهتم وقالت:
-"اطلعى بره الشركه وإياك أشوف وشك تانى".
قالت هايدى بلؤم وعتاب زائف:
-"اخص عليكِ يا بيبو ، بتطردينى مش الشركه وأنا اللى حافظه سرك طول السنين دى كلها".
نظرت لها حبيبه بعدم فهم لتستكمل هايدى قائله:
-"شوفى الفيديو اللى على الموبايل ده وقوليلى رأيك".
أنهت جملتها وناولتها الهاتف ... شاهدت حبيبه الفيديو وعلامات الصدمه تكسو وجهها فقد كانت توجد فى هذا الفيديو وهى تتعاطى السجائر والمخدرات ... نظرت لها هايدى وابتسمت قائله:
-"أنا معايا من الفيديو ده نسخه تانيه حطاها على فلاشه ... تخيلى بقى أنا ممكن أعمل إيه".
استطاعت حبيبه بصعوبه السيطره على دموعها وقالت بجمود زائف:
-"أنت عايزه إيه بالظبط؟"
-"فلوس ... اللى عايزاه منك أنك تدينى فلوس كل ما أطلب منك".
قالتها هايدي وهي تجلس على كرسي مكتبها ... شعرت حبيبه بقليل من الدوار ولكنها تمالكت نفسها وقالت وهي تستند بساعديها على مكتب هايدي:
-"تمام أنا هعملك اللى أنت عايزاه ، بس أقسم بالله العلِّى العظيم لو حد شاف الفيديو ده لأقتلك يا هايدى ... فاهمه هقتلك".
استفاقت حبيبه من شرودها ونظرت حولها ... رأت أنها تقف بسيارتها أمام أحد المطاعم ويسمى هذا المطعم (نور) ... هذا المطعم نفسه الذى كانت تقابل فيه حبيبه هايدى لتعطيها المال كل مره ... نظرت حبيبه إلى ساعتها واكتشفت أنها ظلت تقف بسيارتها أمام المطعم لمده ساعه ... أدارت محرك سيارتها وتوجهت إلى منزلها.
__________________
كانت تقوم إيناس بتحضير الغداء قبل أن تسمع صوت رنين هاتفها ... نظرت إلى شاشه الهاتف ورأت أن المتصل ليس سوى معلمه حمزه ... تنهدت ببطء وقالت:
-"هو الولد ده مش هيبطل يعمل مشاكل أبدا!!
يا ترى يا حمزه عملت إيه المره دي؟"
أجابت على الفور ولم تمر سوى لحظات قبل سقوط الهاتف من يدها وصراخها باسم حمزه.
#توقعاتكم
#batol

عهد يمينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن