الفصل العاشر

3.9K 152 6
                                    

#عهد_يمين
بقلم بتول على
#الفصل_العاشر
صف سيارته أمام المستشفى ، وهرول سريعاً إلى الداخل يبحث عن زوجته ... وجدها أخيرا تقف بجوار مدحت أمام غرفه العمليات وعلامات الحزن تكسو وجهوههم ، هل يعقل أن يكون فقد ابنه للمره الثانيه؟
لن يحتمل هذا الألم مره أخرى ... انتبه مدحت لوجوده ولاحظ شروده وقلقه واستنتج أنه يفكر فى فصيله دم حمزه فقال محاولا تهدئته:
-"حمزه فصيله دمه Aموجب".
تنهد ياسر وحمد الله أن حمزه لم يرث فصيله دمهOسالب كما فعل عمر وكانت السبب فى موته ... نظر إلى إيناس التى لم تكف عن البكاء منذ أن أخبرتها المعلمه أن قدم حمزه انزلقت وارتطمت رأسه بحافه الدرج عندما كان يلعب... بعد مرور دقائق خرج الطبيب من غرفه العمليات وأخبرهم أن وضع حمزه أصبح مستقرا.
فى المساء ذهبت جميله إلى المستشفى للإطمئنان على حمزه... دلفت إلى الغرفه جلست بجوار ياسر وسألته عن حاله حمزه وأخبرها ياسر أنه بخير ... تنهد ياسر وقال:
-"كنت خايف يا جميله أخسره زى ما خسرت عمر".
تبدلت ملامح جميله من الهدوء إلى الحزن عندما ذكر ياسر عمر ، فقد كان موت عمر مأساه بالنسبه إليها ... تنهدت جميله وقالت وهى تنظر إلى ياسر:
-"ربنا مش بيتخلى عن عباده لما بيدعوله وأبسط مثال أنت لما خسرت رحمه زمان ربنا عوضك بإيناس ولما خسرت عمر ربنا عوضك بحمزه".
غادرت جميله بعد فتره ولكن حديثها عن تعويض الله لعباده ترك أثرا فى قلب ياسر ... عاد ياسر بذاكرته إلى اليوم الذى فيه على فرصه عمل فى إحدى الشركات الكبرى فى محافظه بورسعيد ، كان سيرفض العمل فى البدايه كى لا يترك والدته بمفردها ولكن راويه استطاعت اقناعه باستغلال هذه الفرصه ، وبالفعل سافر ياسر إلى بور سعيد وبدأ العمل فى هذه الشركه وتعرف على أمجد الذى أصبح صديقه مع مرور الوقت ... مر عده أشهر على هذا الأمر وفى أحد الأيام قرر ياسر أن يأخذ اجازه ويفاجئ والدته ... بعد مرور ساعات السفر الشاقه وصل أخيراً إلى منزله ، صعد درجات السلم ومن ثم طرق عده طرقات على الباب لتفتح له فتاه تقول له:
-"اتفضل فاتوره الكهربه أهى ١٥٠ جنيه".
أنهت جملتها وأعطته مائه وخمسون جنيها فى يده ، نظر ياسر إلى المال وعلامات الذهول تكسو وجهه وظل محدقا بها لبعض الوقت لا يفهم من تكون تلك الفتاه وعن أى فاتوره تتحدث؟
هل يعقل أنه أخطأ وذهب إلى منزل غير منزله؟ ، لاحظت الفتاه شروده فسألته قائله
-"هى فلوس الفاتوره مش مظبوطين ولا إيه".
اللعنه ... عن أى فاتوره تتحدث؟ ، من تكون هذه الفتاه؟ وماذا تفعل فى منزله؟
قبل أن يتفوه ياسر بأى شىء خرجت راويه من المطبخ ورأته فهتفت قائله وهى تحتضنه:
-"ياسر حمد على السلامه يا حبيبى".
ظهرت علامات الذهول على وجه الفتاه وشعرت بالإحراج فهذا ليس محصل الكهرباء كما أخبرتها راويه ، حمحمت قائله:
-"أنا همشى بقى يا طنط عشان متأخرش عن اذنك".
غادرت الفتاه المنزل على الفور ... رفع ياسر حاجبيه بتعجب وقال:
-"أنا لما خبطت ولقيت البنت دى بتدينى فلوس الكهربه شكيت إن دخلت بيت غلط وكنت هخرج أشوف البيت من بره عشان أتأكد إن ده بيتى".
ضحكت راويه بشده بعد سماعها ما قاله ياسر وقالت:
-"معلشى يا حبيبى أصل أنا لما خرجت من شويه أشترى طلبات من عند الحاج ماجد قابلت عبده محصل الكهربه بس أنا مكنش معايا فلوس لإنى اشتريت الطلبات ، فهو كتر خيره أدانى الوصل وقالى أنه هيجى ياخد الفلوس بعد ما يصلى العصر ، فأنا لما سمعت الجرس دلوقتى فكرت أنه عبده عشان كده قولتلها تاخد الفلوس وتديهالك ، وهى عشان متعرفكشى فكرتك محصل الكهربه واديتك الفلوس".
ضحك ياسر وقال:
-"طيب ومين البنت اللى فتحتلى الباب دلوقتى".
-"دى تبقى إيناس بنت الحاج ماجد ، كانت بتجبلى كرتونه المكرونه اللى نسيتها فى المحل".
ظهرت علامات الذهول على وجه ياسر وأردف قائلاً:
-"أنت عايزه تفهمينى إن دى تبقى أخت مدحت صاحبى ... أنا أول مره أعرف إن مدحت عنده أخوات بنات غير نسرين وهدى ... بس غريبه مش شبه مدحت خالص".
فى اليوم التالى ذهب ياسر إلى منزل مدحت وأثناء زيارته قابل إيناس التى شعرت بالإحراج عندما رأته بسبب الموقف الذى حدث بالأمس.
بعد مرور القليل غادر ياسر منزل مدحت ، وذهب برفقه يامن وجميله وتناولوا الغداء فى الخارج ، وفى المساء عاد إلى منزله ... أمسك هاتفهه وبدأ بتصفح موقع التواصل الاجتماعى الشهير (فيس بوك) قبل أن تجلس والدته بجانبه وتقول:
-"ياسر أنت عارف كويس أنى بحبك وعاوزه أفرح بيك ورحمه فات علي موتها مده أكتر من سنه ، وخالتك نفسها قالت أدورلك علي عروسه".
ضحك ياسر بشده فيبدو أن والدته فعلتها وتقدمت بالنيابه عنه لخطبه فتاه كما فعلت سابقا عندما تقدمت لخطبه رحمه ... رفع حاجبه وهو يقول:
-"أنت شكلك مخططه ومجهزه كل حاجه؟"
هى لم تخطط للأمر بل راودتها الفكره عندما رأت إيناس وياسر بالأمس ... ابتسمت وأخبرته أن الفتاه التى تفكر بها هى إيناس ... تفاجأ فى البدايه من اقتراح والدته ولكنه وافق فقد أعجبته إيناس عندما رأها وبالفعل ذهب لخطبتها ورحب به والد إيناس ... تم عقد القران بعد مرور عام على الخطبه وتبعه حفل الزفاف بأيام قليله كانت سعاده راويه لا توصف وزادت سعادتها عندما حملت إيناس وأنجبت مولودها الأول (عمر) وكانت سعاده يامن وجميله لا تقل عن سعاده راويه وبعد مرور ثلاث أعوام حملت إيناس بطفل أخر ... حصل ياسر على فرصه عمل بإحدى الشركات الكبرى بالكويت وذلك بمساعده صديقه أمجد وسافر إلى الكويت ... كانت حياه ياسر وإيناس مليئه بالسعاده لا يعكر صفوها أى شىء قبل أن يأتى هذا اليوم الذى يعتبره ياسر أسوء يوم فى حياته.
قررت إيناس زياره والدها وبالفعل استعدت وخرجت من المنزل وهى تمسك بيدها عمر ، بعد مده وصلت أمام منزل والدها فترك عمر يدها وهرول ناحيه جده الذى كان يقف أمام المنزل ... ظهرت فجأه سياره سوداء وصدمت عمر ليطير جسمه فى الهواء ثم يسقط أرضاً غارقاً فى دمائه نظرت إيناس ووالدها إلى عمر بصدمه لم يستوعبا ما حدث خلال هذه الثوانى ، أما بالنسبه للسياره التى صدمت عمر فقد هرب صاحبها على الفور .
فى المستشفى كانت تبكى إيناس بشده وتدعو الله أن يحفظ صغيرها عمر ... خرج الطبيب من الغرفه وأخبرهم أن فصيله دم عمر Oسالب ... صرخت إيناس قائله وهى تبكى:
-"اعملوا أى حاجه المهم ابنى يبقى كويس".
حاول الطبيب تهدئتها قائلاً:
-"احنا بنعمل كل اللى فى ايدينا بس احنا محتاجين دم ... ولأسف فصيله دم ابنك مش متوفره فى بنك الدم حاليا ... هو أنتم عندكم حد من الأقارب عنده نفس الفصيله؟"
أجابه مدحت:
-"أيوه ... والده نفس الفصيله بس هو مسافر الكويت".
صرخت إيناس قائله:
-"يعنى مفيش حد تانى فى العيله فصيله دمه Oسالب غير ياسر".
فى هذه اللحظه تذكر مدحت الحادثه التى تعرض لها يامن من قبل وأنه يشترك مع ياسر فى فصيله الدم نفسها فهتف قائلاً بلهفه:
-"يامن وياسر فصيله دمهم زى بعض ... أنا هتصل بيامن دلوقتى وأقوله يجى المستشفى".
حاول مدحت الاتصال بيامن عده مرات ولكنه كل مره يأتيه الرد نفسه (الهاتف المطلوب مغلق أو غير متاح)
--------------------
"البقاء لله"
قالها الطبيب وهو يخفض رأسه أرضا ... سقطت إيناس أرضا وأغشى عليها ... اتصل مدحت بياسر وأخبره بوفاه عمر ... لم يصدق ياسر أن ابنه الصغير الذي لم يبلغ أربع سنوات من عمره قد مات .
عندما علم يامن بوفاه عمر ذهب إلى منزل ياسر ولكن مدحت قام بطرده ... بعد مرور يومين استطاع ياسر بصعوبه العوده إلى أرض الوطن ... كانت حالته النفسيه سيئه للغايه وحاله إيناس أيضا فقد أصابها انهيار عصبى ... طلب ياسر من مدحت اخباره بتفاصيل الحادث ، وبالفعل أخبره مدحت بكل شىء ، وأخبره أيضا أن سبب عدم استطاعه الأطباء انقاذ عمر هو عدم توفر الدم المناسب ... تفاجأ ياسر بعدما سمع ما قاله مدحت ... كيف لم يستطيعوا العثور على شخص فصيله دمه مطابقه لفصيله دم عمر ويامن يمتلك نفس الفصيله؟
سأل ياسر مدحت هذا السؤال ، حاول مدحت أن يتهرب من الإجابه إلا أنه أمام اصرار ياسر لإخباره:
-"أنا يوم الحادثه اتصلت بيامن في الاول كان موبايله مقفول بس لما اتصلت على التليفون الأرضى فى البيت والدته ردت عليا وقولتلها أن ضرورى يامن
يجى المستشفى وقولتلها عن حادثه عمر أنا بعد ما اتصلت فات نص ساعه ومجاش فعشان كده اتصلت ثانى وكانت المفاجاه لما يامن رد عليا وقبل ما أقول أى حاجه قالى وقتها".
تنهد بضيق وهو يتذكر ما قاله يامن:
-"اسمعنى كويس يا مدحت وحط الكلام اللى هقوله حلقه فى ودانك ... أنا مليش أى علاقه بمشاكل ياسر أو إيناس أو أي حاجه تخصهم ... أنا مش شغال كل شويه رايح جاى عشان خاطرهم ... أنا عندى حياتى وعايز أعيشها ومعنديش وقت أجرى هنا وهناك ... أنا متأكد كويس أنهم قادرين يتصرفوا في الموضوع ده من غيرى ... سلام".
شعر ياسر بالدماء تغلى فى عروقه ... لا يصدق أن أخيه الوحيد فعل به هذا ... لا يصدق أن أخاه لم يتردد أبدا في في ترك طفل صغير يموت وليس أى طفل بل ابن أخيه ... تمنى أن يكون هذا كابوسا وأن يوقظه أحدٌ منه.
في هذه اللحظه سمع صوت الجرس ففتح الباب ليجد يامن أمامه ... كور ياسر يده ونظر إليه نظره مليئه بالغضب والحقد قائلاُ له بتهكم:
-"أفندم أنت جاي عايز إيه تانى مش كفايه اللى عملته؟"
أجابه يامن وعلامات الذهول تكسو وجهه:
-"هو فى إيه الحكايه بالظبط؟ ، أنا ما أجى هنا مدحت يطردنى ... وأنت دلوقتى بتتكلم معايا كده".
صاح ياسر قائلاً:
-"الحكايه أنك حقير وواطى وأنانى ... اتخليت عن ابنى وهو محتاجك عشان حضرتك مش عايز تدخل فى أى حاجه تخصنى".
فغر فاهه بتعجب لا يفهم أى شىء ... كيف ومتى تخلى عن عمر؟ ، نظر إلى مدحت بغضب فقد تأكد أنه خدع ياسر وجعله يصدق أنه تخلى عن عمر ... وصل غضب يامن إلى ذروته وقام بلكم مدحت فى وجهه ... أبعده ياسر بعنف عن مدحت وكور يده وبكل غضب ضرب الحائط وقال:
-"اطلع بره يا يامن ومتخلنيش أشوف وشك تانى".
شعر يامن بخيبه الأمل ، فشقيقه الوحيد صدق شقيق زوجته ولم يصدقه ... نظر إلى ياسر بغضب وقال:
-"أنا اللى مش عايز أشوف وشك تانى لأنك ببساطه صدقت أهل مراتك وكدبت أخوك اللى من لحمك ودمك".
قالها يامن وهو ينظر لياسر بأسف ... اتسعت حدقتى عين مدحت من الذهول وقال:
-"لا يا شيخ يعنى أنا وأبويا كدابين وأنت اللى صادق ... أنا مش فاهم أنت ازاى شاطر فى الكدب بالطريقه دى".
لم يستغرق الأمر سوى بضع ثوان قبل أن يسقط مدحت أرضا بعدما لكمه يامن للمره الثانيه ... رد ياسر له اللكمه التى لكمها لمدحت لينظر له يامن بصدمه ثم اتجه ناحيه الباب وصُدم عندما رأى جميله تبكى فيبدو أنها رأت كل شىء ... أمسكها من معصمها وخرجا من منزل ياسر ... أخرج منديلا وأعطاه لها لتمسح دموعها ثم همس قائلاً:
-"من النهارده احنا ملناش أخ ... أنت يا جميله ملكيش أخ غيرى أنا وبس".
قالها ونظر إلى ياسر الذى كان ينظر لهم من شرفه منزله.
كانت هذه أخر مره رأى فيها ياسر يامن وجميله حاول ياسر أكثر من مره أن ينسى ما فعله به يامن ولكنه لم يستطع ... كيف سينسى أن شقيقه تخلى عن ابنه وتركه للموت؟
انتشله من ذكرياته صوت هاتفه نظر إلى الشاشه وجد المتصل أمجد فرد عليه ، سأله أمجد عن حاله حمزه واطمئن عليه ... تذكر ياسر المكالمه التى وردته من تلك الفتاه التى لا يعرفها فهى لم تتصل به بعد هذه المره أخذ يفكر هل يعقل أن تكون هذه الفتاه صادقه وطفله عمر حقا قد قتل وليس حادثا كما كان يعتقد ؟ أم أنها مجرد فتاه لعوب تحاول خداعه من أجل المال فقط؟
والسؤال الأهم إن كانت هذه الفتاه تقول الحقيقه لماذا انتظرت كل هذه السنوات لتتصل به فقد كان بإمكانها الإتصال به من قبل؟
استنتج ياسر بعد تفكير طويل أن هذه الفتاه كانت تحاول خداعه وعندما طلب منها دليل تثبت به صحه كلامها لم تتصل به مره أخرى ... بعد وقت طويل من التفكير استسلم ياسر لسلطان النوم الذى هاجمه رغما عنه وغط فى سبات عميق.
#توقعاتكم
#batol

عهد يمينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن