نساء الطفوف -٣-

188 21 0
                                    

لماذا حمل الإمام الحسين ع نساءه وعياله إلى كربلاء؟! (الجزء الأول)

كان أمام الإمام الحسين عليه السلام خياران بالنسبة لأسرته، فهو إما أن يحمل عياله ونساءه معه وإما أن يبقي الجميع ويخرج بمفرده مع أولاده واخوته وباقي الأنصار من رجال بني هاشم. فإذا كان الأمر بأن يتركهم في مكانهم ويهاجر بنفسه فلا شك في أن السلطات الأموية ستحاول الاستفادة منهم كورقة ضاغطة على الإمام نفسه كي يسلم نفسه. كما فعل الأمويون مع عمرو بن حمق الخزاعي حيث أسروا زوجته لمافر من ايدي السلطات الأموية الحاقدة.
وأيضا حصلت هذه الحالة مع زوجة المختار التي اعتقلت هي الأخرى لإرغام زوجها على الإذعان للسلطة الأموية الحاكمة.

فالامام لم يكن ليأمن على عياله ونسائه لو أبقاهم في المدينة وخرج ثائرا.. وحتى لو أمن الامام على نسائه وعياله وأبقاهم في مكانهم وخرج في طلب الاصلاح في ثورة يعلم مسبقا ان القوم يطلبونه ولو أمسكوا به فسيقتلونه لا محالة ويقتل مع اخوته وابناء عمومته في أي مكان من الأرض وسيبادون جميعهم ومن ثم لا يفهم أحد لماذا اصلا خرج الإمام الحسين عليه السلام للثورة؟ ولماذا لم يبايع؟
وحتما ستحاول السلطات الأموية التكتم على الأمر واستعمال آليات القتل الصامتة باي شكل من الاشكال وكذا يضيع دم الحسين عليه السلام وتضيع ثورته ورسالته وهذا المنطق لا يتناسب ايضا مع ماحمله الامام من مطالب صرح بها اكثر من مرة كقوله عليه السلام:

إني لم اخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وانما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآله وسلم أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر واسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ومن رد علي هذا اصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين.

على هذا يكون الخيار الثاني هو الأقرب لما يصبو اليه الامام من تغيير في الواقع الاجتماعي والقيمي والانساني.
ولنا أن نتصور الإمام كقائد ثورة يريد ان يقوم بحركة واسعة تهز المجتمع كله وتهز الصرح الأموي من جذوره فقد يكون من الشاق عليه أن يسير مع كوكبة من النساء والصغار والرضع في سفر طويل، ولو كان سفر استجمام لما خلا من مشقة من جانب
المسؤوليات والاعداد والتحضير لمستلزمات السفر نفسه. فكيف بسفر الثورة التي يخطط لها الامام والتي يقدر لها أن تكون في ارض بعيدة عن مستقره الحالي؟.
لكن الإمام عليه السلام حمل نساء آل البيت عليهم السلام وحرائرهم.. وهو يعلم ما سيعانيه الجميع من مشكلات الطريق الطويل والاوضاع الطارئة والتشنجات التي سيتعرض لها الجميع لا محالة ؛ لان هناك تخطيطا مستقبلياً للثورة، إذ لا يمكن للإمام عليه السلام أن يكون قد خطط لأوان الثورة والتي قد تقدر بسويعات محدودة في عمر الزمن ويترك ما بعدها فالمهم نتائج الثورة وما ستفرزه من احداث ووقائع على ارض الواقع فهو عليه السلام حتما كان قد خطط لما بعد الثورة في امتداداتها المتعددة وفي كيفية التعريف بها وكيفية تحقيق أهدافها، فاذا كانت نهاية هذه الجولة التضحوية هو الانكسار العسكري فلابد أن يسعى لأن يحقق لها نجاحا اجتماعيا وثقافياً وحضاريا على المدى الطويل من الزمان والمكان..

ومن هنا كان الخيار الثاني بأن يأخذ العيال والنساء معه هو الخيار الأكثر تناسباً مع الثورة والأكثر انسجاما مع ما كان يخطط له الإمام عليه السلام، فالامام عليه السلام ما كان همه الثورة في وقتها فحسب ولكن كان يهدف إلى تحقيق التواصل الزمني البعيد المدى لدى الأمة مع الثورة (في نوع من الامتداد الواعي الشعوري الذي يخترق ايدولوجيات الزمن لكي تبقی نابضة قادرة على ضخ الدم النقي المحرك للحياة) وهذا ما حصل فهو إذا حمل عياله ونساءه لأدوار اعدوا لها مسبقا ولمهام مرت صورها في عقلهم الواعي والباطن قبل أوان الثورة!


اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم ❤

المهدي املي 💗حيث تعيش القصص. اكتشف الآن