بقلم : رويدة الدعميفي أحيان كثيرة يتحسر الإنسان على تلك الأيام الجميلة التي كان يشعر فيها بأنه قريب من الله تعالى في كل شيء!
في مشاعره، في عبادته، في أعمال الخير التي يقوم بها قربة لوجه الله..
نعم يتحسر على كل تلك الأمور بعد أن فقدها أما تدريجياً أو فجأة!
يتمنى لو أنه ترك الذنوب التي كانت السبب في هذا الابتعاد، هنا سيأتي دور الشيطان ليثبطه ويقلل من عزيمته وإرادته في ترك المعاصي والعودة لطريق الله.
سيخبره بأنه ارتكب ذنوبًا كبيرة وكثيرة وبأنه الآن في محل غضب الله وسخطه، وبأن الله لن يغفر له حتى وإن بكى دمًا على أفعاله السابقة!
أو بالعكس سيقوم الشيطان بتقليل المعصية وتصغير حجم الذنوب والخطايا في عينه ليوهمه بأنه لم يفعل شيئًا قبيحًا جدًا، وبأنه مادام هناك حب لله في قلبه فلا تهم الأعمال سواء كانت صالحة أو قبيحة!!
في الحالتين أعلاه سيترك الإنسان التفكير بالتوبة، وسيبقى على ذنوبه حتى وإن كان في داخله غير مرتاح لها!
هنا يأتي السؤال : ما على ذلك الإنسان فعله؟ كيف يتصرف تجاه كل تلك المشاعر المتضاربة؟ فهو يتمنى أن يعود لدرب الهدى وفي نفس الوقت لا يستطيع بل لا يعلم كيف؟ خاصة بعد وسوسة الشيطان والنفس الإمارة بالسوء؟!
أما الحالة الأولى وهي تهويل الذنوب والخطايا في عين الإنسان فإن الله تعالى يجيب هذا الإنسان اليائس من نفسه ومن توبته بالقول في محكم كتابه الكريم ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) .
وفي هذه الآية الكريمة نجد أوضح دليل نرد به على الشيطان والنفس الأمارة بأن الله بنفسه قال إنه يغفر الذنوب جميعًا مهما كانت ومهما عظمت وكبرت فما أن يشعر الإنسان بالندم والحسرة فما عليه إلا أن يعلن توبته الصادقة ليغفر الله له.
أما الحالة الثانية وهي تصغير حجم الذنب فلا أجد جواب يشفي الغليل أكثر من هذه المقولة الرائعة التي تنسب لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام حين قال ما مضمونه ( لا تنظر إلى صغر المعصية، لكن انظر إلى عظمة من عصيت)؟؟ وفي لفظ آخر ( لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر على من اجترأت)؟! وهو مصداق قوله تعالى ( وَتَحسَبونَهُ هَيّنًا وَهَو عِندَ اللّهِ عَظيم) 😔
الآن كيف تكون التوبة؟!
للتوبة شروط ثلاث :
الأول // استشعار الندم على الذنب.
الثانية // الاستغفار من الذنب والاتجاه إلى الأعمال الصالحة التي تذهب بالذنوب والسيئات، قال تعالى (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ ).
الثالثة // معاهدة الله على عدم الرجوع إلى تلك الذنوب لأن المستغفر من الذنب ثم يأتي به كالمستهزأ أو المستخف بمقام الله في نفسه!
ولقد جاء في الكافي عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام ( المستغفر من ذنب ويفعله كالمستهزئ بربه).اللهم صل على محمد وال محمد