#
لماذا حمل الإمام الحُسين ع معه نساءه وعياله إلى كربلاء؟! ( الجزء الثالث )
من ناحية أخرى لو سلمنا بأن الإمام عليه السلام لم يشأ أن يأخذ معه النساء والعيال.. فما هي ردة فعل النساء أنفسهن؟ ماذا سيصنعن لو جاءهن رسول يخبرهن بمقتل الحسين عليه السلام في هذه الفلاة الواسعة؟ هل سيكون لهؤلاء النساء دور سوی النواح والبكاء؟ ومن المؤكد أن هذا البكاء سيكون في المدينة وحدها ولأيام معدودة من الزمن كما حدث مع باقي الأئمة عليهم السلام وينتهي كل شيء!! حينئذ لن يكون للنساء دور في القضية أبدا، ولا تبقى للنساء أية مهام أو مسؤوليات أمام هذه الثورة التي ستستباح فيها كل المقدسات بما في ذلك المعصوم نفسه.. وستبقى صورة المرأة السلبية المنزوية عن هموم الأمة والتي لا تعيش حتى لذاتها؛ إذ كيف يمكن بناء الذات بمعزل عن الحياة الاجتماعية وعن الاهتمام بشؤون المسلمين؟. فهذه الصورة الهامشية لا تتناسب ابدا مع شخصية نساء أهل البيت عليهم السلام واللائي عاش بعضهن كثيرا من أوجاع الأمة المسلمة وبخاصة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأول الاوجاع ظلامة الزهراء عليها السلام.
المرأة اذاً طالبت بالذهاب مع الإمام ع لنصرته واستعدت للخروج إلى كربلاء قائلة: «یا ابن عباس، تشير على سيدنا بأن يخلفنا هاهنا، ويمضي وحده لا والله بل نحيا معه، أو نموت.. وهل أبقى الزمان لنا غيره.. لا نفارقه أبداً حتى يقضي الله ما هو کائن». وهي تعرف ما ينتظرها من ظروف قاسية ومهام ثقيلة وكذا تكاملت الإرادة من جانبين؛ فمن جانب أراد الإمام للثورة أن تستمر في اشتعالها وازدياد شرارها ووضوح معانيها ولا أحد يسهم في توضيح مفردات الثورة غير هؤلاء النساء. ومن جانب آخر علمت النساء وبخاصة السيدة زينب عليها السلام أن الإمام انطلق إلى نهضة إصلاحية كبرى في أمة جده صلى الله عليه وآله وسلم وفي هذه النهضة الإسلامية الاصلاحية لابد ان يكون للمرأة محط قدم في التأثير والبلاغ. وإلى هذا يشير الشيخ عبد الوهاب الكاشي بالقول:
إن الحسين عليه السلام كان يعرف انه إذا قتل فلا يوجد رجل في العالم الإسلامي يمكنه أن يتكلم بشيء ضد سياسة الأمويين مهما كان عظيماً حيث إنهم قطعوا الألسن وكموا الأفواه فكان قتله سدى وقد لا يعرف أحد من المسلمين ما جرى عليه.. فأراد الحسين عليه السلام ان يحمل معه ألسنة ناطقة بعد قتله لتنتشر أنباء تلك التضحية في العالم الإسلامي ومذياعاً سياراًيذيع تفاصيل تلك المأساة الإنسانية والجرائم الوحشية، فلم يجد سوى تلك المخدرات والعقائل اللواتي سبين وسيرن بعد الحسين عليه السلام في ركب فظيع مؤلم يجوب الأقطار يلقين الخطب في الجماهير وينشرن الوعي بين المسلمين وينبهن الغافلين ويلفتن أنظار المخدوعين ويفضحن الدعايات المضللة حتى ساد الوعي وتنبه الناس إلى فظاعة الجريمة وانهالت الاعتراضات والانتقادات على يزيد والأمويين من كل الفئات والجهات.
وهذا بالضبط ما أراده الإمام من خلال حملة للنساء والعيال، وهذا ما حصل أيضا إذ لولا وجود هذه الثلة المباركة لما تم كشف القناع عن يزيد ورفع الستار عن جرائم الأمويين.اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم