في منزل أوس الجديد ،،،،
أحضــــر الطبيب مخــــتار ممرضة على قدر من الكفاءة - تدعى رقية – للعناية بتقى خلال الأيـــام الحالية بناءاً على تعليمات أوس الجندي بإبقائها قدر الإمكــــان في وضعية ساكنة حتى يتمكن من تدبير كافة الأمــــور العالقة حوله ، وكذلك ضمـــان وجود المدبرة عفاف معها للإهتمام بتغذيتها ورعايتها بدنياً ، وأيضاً معاونة ماريا لها .....
كانت مهمة الخـــدم تنتهي مع عـــودته مساءاً للمنزل ، حيث يعود الجميع لبيوتهم ، ويظل هـــو بمفرده معها ..
فالليل ملكٌ له وحــــده ..
كان أوس يتمدد على الفراش إلى جوارها ، ويحاوطها من ظهرها بذراعه ، ويسند رأسها على صـــدره لتستمع إلى دقـــات قلبه الهادئة ، ويشبك أصابع كفها الرقيق بأصابعه الغليظة ، ويهمس لها بذكريات مـــاضيه ، وأحلام طفولته المنتهكة ..
كانت أسعد لحظاته حقاً هو التمتع بوجودها في أحضانه دون أي مقــــاومة منها ، وإستسلامها للمساته الرقيقة عليها .. وتململها دون وعي في حضنه الدافيء ..
شعور غريب إستلذ به ، وامتعه كثيراً ، وأراحـــه من الضغوط المحيطة به ..
ومع هذا خشي من صحوتها ، لأنها تعني إنتهاء هذا الحلم للأبد ، والبدء في مشقة مواجهة حقيقة كونها معاً ..
أغمض أوس عينيه ، وإستنشق عبير شعرها ، ثم تنهد بحرارة وهمس قائلاً :
-يا ريت الظروف كانت مختلفة يا تقى ! حاجات كتير كانت آآ...توقف عن إتمـــام جملته ، وإبتلع تلك الغصة المريرة في حلقه ..
كذلك علقت عبرة في أهداب جفنه وهو يتابع بآسف :
-ورغم إن طلع دمنا واحد ، بس .. بس أنا ماستهلكيش يا تقى ، طلعت قاسي أوي معاكي ، مرحمتكيش ، ولا حسيت بيكي إلا متأخـــر !تنهد بحــــرقة أشد وهو يكمل بصوت مختنق :
-آآآه لو كنت عرفت من بدري ، كنت على الأقل راعيت صلة الدم اللي بينا !ضمها بذراعه إليه أكثر ، وقبل رأسها ، وهمس لها بإستعطاف وهو يبكي :
-سامحيني يا تقى ، سامحيني ! أنا عارف إنه مش سهل عليكي إنك تغفري اللي عملته فيكي ، بس .. بس عندي أمل إنك تسامحي .. إنتي قلبك زيك أبيض !
ثم نظر إلى وجهها – ذي التعابير الجامدة – ومسح بشفتيه على جبينها ، وهتف قائلاً بخفوت :
-هتسامحيني صح ؟تـــرك أوس لعبراته الحرية في الإنهمـــار لتبلل وجهها مجدداً بدموع أسفه وندمه على ما إقترفه في حقها ...
.......................................في أحــــد السجون العمومية ،،،،
نهض مدير السجن من على مقعده ، وإتجه نحو باب مكتب غرفته وهو يتابع بنبرة رسمية :
-أنا هامر على العنابر ، وراجع تاني ، خدوا راحتكمابتسم له المحامي نصيف إبتسامة صفراء وهو يجيبه بإمتنان:
-شكراً يا باشا !تابعه ممدوح بنظراته الحـــادة إلى أن أغلق الباب ، فصرخ قائلاً بعصبية :
-شوفلي حل يا مستر نصيف ، أنا كده روحت في داهية ، النيابة جددت حبسي ، وهافضل في السجن ده على طول وأنا معملتش حاجة
أنت تقرأ
ذئاب لا تغفر .. ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني
Romanceرواية مصرية بقلم منال سالم حالتْ الظُروف دُون عودتها إلى حياتها ، وتَخلتْ - رغماً عنها - عنْ جزءٍ مِن رَوحِها .. فإنتهى المطافُ بِها لُقمة سَائِغة ، يَلُوكها بِشراهةٍ ذَاكَ الذِي أقْسَمَ بأنْ يَكُونَ جَلادُها .. وبِتلذذٍ مريض طَابَ لَهُ إلتِهامها...