مرت أيام وياسمين تلازم المشفى ، كانت تنام وتصحو ولا تدري ليلها من نهارها ، كانت تنظر طوال الوقت من خلال تلك النافذة الصغيرة اعلى باب العناية المشددة ، النافذة التي ترى من خلالها سرير نوار ، كانت تطل من النافذة كل يوم عشرات المرات وتحاول ان تمني النفس بأن يستفيق ، لكنه لم يكن يتحرك ، كانت فقط تراقب الممرضات وهنّ يقلبنه ذات اليمين احيانا ، وذات الشمال احيانا أخرى ، لكي ينتقل الدم بين جنبات جسده المنهك ، لم تأكل وبدى الإعياء يضهر بوضوح على معالم وجهها ، كانت تستفيق لتركض الى النافذة بحثاً عن معجزة ، ثم تعود كسيرا حزينا الى ذاك الكرسي الذي نامت عليه لأيام خارج غرفة العناية المشددة لتغط بغفوة لا تحرمها من اعياءها ولو قليلا ، كانت تتسائل ترى من أين جاء كل هذا الحب الرهيب والجارف لنوار ، وهي التي لطالما لعبت دور المدلله الناعمة التي لا تحمل اي مسؤولية ، كيف انقلبت فجأة الى انثى عاشقة بحق كيف تحول صمتها امام عينيه المغمضتتين الى حكايات تبث شوقها الكبير ، كيف تحولت عيناها الى نبع لا يسقى إلا من عيون حبيبها وكأنما يقول لها من على ذاك السرير البارد المعتم ألا ترتوي من بعدي ابدا ! فترد كلما ارتشفت لأرتوي ازداد بك ضمأ أيُ دفءٍ ذاكَ الذي يحملُه حضورك، وأيُ ترنيمة فرحٍ تلكَ التي تُرددها الجوارح بـِ قُربكْ.!
أنت نبضٌ ينتشي لهُ الخاطر طربا....احبك ......
كما لو انني نجمة سقطت في راحة يدك ..وسجنت نفسها هناك ..سعيدة انا بذلك ..كانت تصرخ وتئن بصمت سكوتها وتناجي جثته التي لم يكتمل موتها بعد ارفع يديك عن عاداتي البريئة واشيائي الطفولية ..عن قلمي الذي اكتب به واوراقي التي اخط عليها خربشاتي ودميتي وقهوتي التي احتسيها .وزجاجات عطري ومكحلتي ..
ارفع يديك عن كل اشيائي ، فليس من المعقول ان اكتب باصابعك واتنفس برئتيك واضحك بشفتيك وانت تبكي عيوني .....فجأة كأنما انتفضت واستفاقت من غفوتها من على ذاك الكرسي البارد لتهرع كالمجنون داخل حجرة نوار وتستلقي على صدره وهي تصرخ
أترك نفسي تسكن بين ذراعيك
دعني اتنفس حلاوة انفاسك
أقسم أنك تسكن ضلوعي وقلبي
أقسم أني لا استطيع الانتهاء وبقي الكثير
من جنون عشقي لك
واني لا أهب هذا العشق وهذه
المشاعر والاحساسيس الصادقه والوفاء الا لك
احبك وما زلت اعيش
لأجلك أنت ياااااا عاشقي.....اعرف بأن صوتي يصلك وان لم اتكلم ..
اعرف بان شعوري نحوك ينساب اليك رغما عنك .
اعرف ان هناك شيئا ما بداخلي يصرخ وقلبك يرد
..
فانت لن تنساني وانا لن انساك ... ثم تشبثت به أكثر وهي تناجيهايقونتي انت ....كيف لي ان اجتاز مراحل عشقك دون ان اعلن للعالم جنوني بك ...كيف لي ان ابتعد عنك ...وانا منك واليك ...ايها المتدفق من روحي ((((احبك ))))و واعتذر.... انت الذي يجري في وريدي شوقا ..وانا المتعلقة بك منذ تناسلت الحروف وانجبت كلمات العشق التي اهديها اليك سامحني .فانت الحياة فيني وانا الميتة دونك .....
قبل ان تهرع الممرضات لإخراجها من غرفة نوار ، كانت حاله هستيرية رهيبة بين الندم والعشق والخوف والتمني والامل والرهاب ، فيال قلوب المحبين كم تكون قاسية عندما تعلن العصيان وكم تبدو ضعيفة واهنة عندما تنتهي الحرب بالاستسلام .
هاهو الطبيب المسؤول عن حالته يأتي لتفقد وضعه كما كل يوم ، تركض اليه ياسيمن لتحس بلوعه اهالي من كانو على مر سنين يسألونها عن حاله احبابهم ، تقول له وكأنها لم تدرس الطب وكأنها لم تضطلع على اوراق الملف الطبي لنوار وكأنها لم تدرس في قسم الاورام السرطانية وتعلم تماما ما سيحدث لنوار .
- هل سيعيش ، هل هناك علاج ، هل سيستفيق ارجوك اريده ان يستفيق للحظة واحدة فقط قبل ان يموت ، ارجوك لا اريده ان يموت قبل ان اخبره اني احبه واني نادمة ، اريد ان ارى عينيه ولو لمره واحدة
نظر اليها الطبيب وكآنما ملّ من ذات السؤال الذي تسأله له كل يوم لمرات ومرات
- ايتها الطبيبة ياسمين ، ان الاعمار بيد الخالق عز وجل ، ان المريض نوار تقريبا في حالة موت سريري ، وهو لم يعد يستجب للعلاج ابدا ، ولكن كل شيء بيد الله قد يستفيق بأي لحظة ، اجعلي املك بالله كبير وانتي طبيبة وتعرفين ما اقول جيدا ثم ربت على كتفها وبادرها ببسمة خفيفة وهم بالدخول الى الحجرة لكنها وقبل ان يتحرك امسكت يديه وقبلتهما بهستيرية والدمع يملئ وجهها والاعياء يفتك بملامحا وهي تقول
- ارجوك انت لا تفهم ، هو لا يجب ان يموت اريد ان اكفر عن ذنبي ، ارجوك اجعله يصحو ولو لثانية واحدة فقط ثانية ....
تنهد الطبيب بحزن وقال
- ايتها الطبيبة ، نوار لم يمت..... نوار في غيبوبة وبإذن الله سيصحو قريبا ثم اعاد تلك الابتسامة الناعمة ودخل الحجرة مبتعدا عنها ، ليتركها لهواجسها واحلامها الممزقة .......
يتبع .....
اخواني اخواتي تفاعلوا واعطوني رأيكم وحاولوا مساعدتي بنشر القصة ، وبإذن الله سأكمل بأسرع وقت
اخوكم الكاتب ضياء عسود 😊
أنت تقرأ
الجاحدة .....
Romanceملحمة رومنسية ، قصة متخيلة لطفلة في الثانية عشرة من عمرها تجد نفسها فجأة في أحضان رجل ثلاثيني ، كزوجة ولكن المفاجئة كانت تعامل ذلك الرجل مع تلك الطفلة التي تزوجت ولا تزال تمسك بدميتها التي لم تعرف من الحياة صديق غيرها....