في بهو فندق كبير وفخم وسط المدينة حدث في عرس ياسمين ، الفندق يحتوي أكثر من مائتا غرفة يتمنى كل سكان المدينة أن يقضوا ليلة واحدة به فقط ، كان فخمة للغاية ويتألف من ثلاثة طوابق فيها اجنحة فارهة بعضها فسيح جدا إذ يحوى سبعين غرفة في كل طابق أو أكثر ، وتتجهز جميعا ببرك ماء
وامام حشد ضخم من الضيوف والكاميرات والطبول التي تُقرع والموسيقا التي تصم الاذان تدخل ياسمين مرتديا ثوبها الابيض الطويل المزركش بإحترافية والمزين بالورود والذي ابتاعته والدة حامد من فرنسا خصيصاً للمناسبة ، وخلفها بعض الاطفال يجروه وكأنها ملكة تتجه الى عرشها بينما كان حامد يمسك بيديها مرتدياً بدلة سوداء جميلة تنم عن اناقة واضحة ويضع وردة حمراء في جيبها الايسر ، كان المدعوون ينظرون اليهما بكل انتباه ليرسموا ادق التفاصيل عن صورتيهما دعيت كل المحطات والمجلات الاجتماعية الخاصة بالطبقة المخملية ، لان عائلة حامد ارادته عرس اسطورية يتحدث عنه الجميع ، دعيت فرق غنائية من مدن اخرى لإحياء الحفل ، بل انهم استجلبوا راقصات محترفات ايضا لإضفاء شي ء من التنوع على حفل الزفاف .سار العروسان بكل اُبهً واغترار بإتجاه الكرسيين المخصصين لهما ، بينما كانت عيون والدي حامد الثري تشخصان اليهما بكل فرح وسرور ، اما في تلك الزاوية المهملة من الصالة جلس رجل اربعيني يكسو الشيب بعض المساحات في رأسه وذقنة ، ينظر اليهما متصنعا الفرح ، بينما كان الحزن يجز قلبه وكأنة سكين ماضٍ ، لقد كان نوار الرجل البسيط الخلوق يرتدي بدلته القرمزية ؛ نعم هي ذاتها البدلة التي لبسها وقت عرسه على ياسمين لم يرتديها سوى مرة واحدة ، عند زواجه ثم أعاد تخبأتها املا باستخدامها في وقت أخر ، لكنه لم يكن يتيخيل أن يرتديها في هذه المناسبة وفي عرس ياسمين ، ما كان منه إلا ان ادعى امام الجميع انه والد ياسمين ، فقط كي لا يجعلها تحزن وكي يحافظ على البسمة مرسومة على وجهها ، لابد انكم قرائي الافاضل تتسائلون كيف وصل المشهد لهذه اللحظة وكيف اقنعت ياسمين او اجبرت بالاصح نوار على الرضوخ لمطلبها وتمثيل دور الاب ضاربتاً بعرض الحائط مشاعرة المتقدة والجياشة اتجاهها ، فلنعد عدة اسابيع للوراء ولندلف الى ذلك المنزل الذي اقامت به مع نوار لنرى ما الذي حصل ....
بعد تلك الليلة المشحونة بين نوار وياسمين ، سارت الامور بشكل سيء فياسمين رفضت الذهاب للجامعة لأيام كما أنها هددت بالانتحار عدة مرات ونفذت وعيدها فقد تناولت مشطين كاملين من الحبوب ، وبعد فشلها بسبب انقاذ نوار لها حاولت كالمراهقات قطع وريد يدها اليسرى ، فما كان من نوار إلا ان اذعن لطلبها صاغرة متحسرا ، فقد كان حبه لها يفوق قدرة اي كاتب مثلي بملكاته اللغوية على وصفها .
حب جارف وكبير كانت ياسمين له كل الاسرة ، جرب معها دور الاب والاخ ونجح بذلك بل وكان سعيداً به لسنوات خلت ثم جرب معها دور المعلم وكان اشد سعادة به ايضا ولكن حين قرر ان يكمل اللوحة ويجرب معها دور الزوج بدل العشيق الصامت صدته ، وكسرت قلبه لم يكن يريد لها أن تتأذى ولم يتخيل يوما ان دلاله لها قد يوصلها حد الانتحار ، ولشده حبه لها قرر ان يضحي بقلبه ويقدمه ميتا على مذبح حبه لها ، فقد رأى حبها الشديد لحامد وتعلقها به ، واقنع نفسه بأن الافضل لها أن تتزوج شاب وسيم فتي وغني ومستقبله بإنتظارة خير لها من الارتماء بأحضان رجل في خريف العمر وفي بداية سن العودة الى الخلف ، لذى فقد قرر القبول .اما ياسمين فقد كانت تريد حامد ولا شيء إلا حامد حبيبها وعشيقها ،وكأنه لعبة اعجبتها في السوق وطلبت الى والدها شراءها لها ، في الواقع نوار وصل في درجة تدليله لها حد اللا عودة كان ينفذ اي شي لها ، دون نقاش وبكل انصياع بل وهو مسرور لدرجة انها نسيت ان له كيان او مشاعر ، كانت تظن انه مجرد مكنة لتحقيق الامنيات ، وهذه المكنة ليست لها اي احاسيس تمام كالتلفاز او كدميتها التى جاءت معها حين تزوجت والتي بقيت حتى لحظة زواجها معها رفيقة لدربها لا تعرف من ماضيها شيء إلآها .
لذى وبعد اصرارها الجنوني على الزواج بحامد ، تقدم لها نوار وقال لها هذه الكلمات ..
- ربما لن تفهمي ما ساقوله لك آلان ، وربما ستندمين حين لا ينفعك ندم ، لكن انا زوجك و عشت معك طوال العشر سنوات المنصرمة كزوج ولكن دون ان المس شعرة منك ، هل تدركين كم هذا صعب على الرجال بالتأكيد لن تعرفي آلان ولكن بعد ان تتزوجي ستعرفين ان ما قمت به امر اشبه بالمستحيل ، كيف لا وانتِ فاتنة وفيكي كل جمال الكون ، وكل اغراءات الانوثة ، لست هنا احاول ان أمنّ عليكِ بما فعلت ولكن اريد ان اقول هذه الكلمات قبل الوداع ، اعلمي انني كنت احيانا اصل لحالات من الرغبة تفوق قدرتي على وصفها لكِ وخصوصا بعد أن كبرتي ولكن هل تسألتي من اين كل هذه الندبات وحروق اعقاب السجائر على يدي انها من فعلي ، كنت احرق يدي كلما فتنني الشيطان مزين لي جسدك الرائع كنت احرق جسدي ، كي ابتعد وانلجم ، كنت اطفئ اعقاب السجائر بيدي ولربما هذا ما منعي من الإقلاع عن التدخين كلما حاولت ذلك ، كنت اقول لازالت صغيرة ولازالت تدرس ، ولا اريد ان استبق الامور ، نعم يا صغيرتي كنت احرق جسدي كي تنامي بإطمئنان بعيدا عن شهوات البشر وقذاراتهم ، قد يكون هذا الشاب طيب وقد يحبك لكنه لن يقدم لك ربع ما قدمت وانتي اخترته فقط لانه اصغر مني ببضعة اعوام اغرتكِ عضلاته وشعره الاسود والبسته الجميلة وجيوبه الممتلئة ، رغم اني صنعت منك طبيبة وقطعت اللقمة عن فمي لأضعها بفمك ، ياسمين يا حلوتي ، احفظي هذه الجمل ولا تنسيها وتذكري ما قلته لك قبل قليل لانك ستفهمينها فيما بعد .
كما قلت بعد فوات الاوان ، غدا اطلبي من حبيبك ان يصطحب والديه ويتقدم لخطبتك من والدك نوار وأنا ساقبل مباشرتا ، اما ألان فانت طالق طالق طالق .....وبما انني طلقتك فسأترك البيت ريثما تتجهزين للزواج فمن المحرم بقائي بجوارك بعد ان طلقتك ، ولكن ارجوكي اعتني بطيوري الصغيرة التى اربيها في المنزل ريثما تنتهي هذه المسرحية السخيفة ، انتي لم تطعميها يوما ولكن لأجلي حاولي ان لا تموت تلك الطيور فهي الشيء الوحيد الذي سيبقى لي من بعدك انيسً ومسلياً وصديقاً وهي لطالما كانت خليلي الوحيد جيل بعد جيل .....ثم حمل حقيبته التي جهزها مسبقاً وغادر ....
يتبع
ما رأيكم بكل صراحة بالفصل والاسلوب السردي ومستوى التشويق
الكاتب ضياء عسود
أنت تقرأ
الجاحدة .....
Romantikملحمة رومنسية ، قصة متخيلة لطفلة في الثانية عشرة من عمرها تجد نفسها فجأة في أحضان رجل ثلاثيني ، كزوجة ولكن المفاجئة كانت تعامل ذلك الرجل مع تلك الطفلة التي تزوجت ولا تزال تمسك بدميتها التي لم تعرف من الحياة صديق غيرها....