2-حياة جديدة

13.9K 388 55
                                    

في اليوم التالي ، اتفق نوار وياسمين على ان يُكوّنان اسرة صغيرة بطريقة مختلفة ، ان تكون زوجة وابنة في ذات الوقت ، اتفقا على ان يظهرا امام الناس كزوجين ،ولكن في الحقيقة يكونان اب وابنته على الرغم من ان ياسمين لم تكن تفهم كل ذلك فهي لا تزال صغيرة ولكنها سرعان ما وثقت بنوار ، بعد ان رأت منه حسن المعاملة والطيبة ، لم تعرف تماما ما بدور بخلده ولكنها فرحت بحياتها الجديدة بعيد عن ظلم وجوّر زوجة والدها الظالمة ، نوار تعهد لياسمين بأن يتكفل بدراستها وتعليمها حتى تكبر وان لا يدخر جهداً في هذا المجال ، وهكذا يستطيع العودة لحياته الطبيعية لانه لم يرد تطليق ياسمين لكي لا تعود لظلم خالتها وكذلك لأجل الا تعود خالته هو لمحاولة ازعاجه بحجة اقناعه بالزواج  ، وبذا يستطيع التفرغ لعمله وتطويره وبناء مستقبله كما يحب على الرغم من انه ليس بالرجل ذو الطموحات الكبيرة ولكنه في تلك الفترة من حياته لم يكن راغبة بأن يكون زوج ولم يرد ان يدخل ذلك العالم بسرعة رغم انه في أواسط الثلاثينات من عمره.
اما الطفلة ياسمين فقد كانت محظوظة اذا انها وجدت اخيرا ذلك الحضن الدافئ الذي لطالما فقدته في بيت خالتها ، هي لم تفهم كل الكلمات التي قالها نوار ولكنها وجدت نفسها في وضع مرتاح ومختلف ، نعم كانت محظوظة اذ انها لم تقع بين يدّي مهووس بالجنس او عاشق للاجساد الغضة الطرية والتي لأجلها سقطت الاف الفتيات الصغيرات في قفص الزوجية المبكرة ولحسن حظها أن نوار كان شخص طيب القلب وغير مهووس بتلك الافكار  .

في اليوم التالي اصطحب نوار ياسمين لمدرسة خاصة وسجلها بها كانت قريبة من المنزل الذي يقع في حي متوسط الرقي وسط المدينة ورثة نوار عن امه  ، ثم اشترى لها كل حاجيات المدرسة من ملبس ودفاتر واقلام وحقيبة ، ثم سارت الايام واستمر باصطحابها الى المدرسة واعادتها بعد نهاية الدوام ، كانت حياتهما داخل المنزل كحياة اب وابنته ف ياسمين الصغيرة ملآت حياة نوار بدلالها وغنجها ، ولم يشعر للحظة واحدة أنها زوجته ، بل كان يشعر انها طفلته المدللة ، ياسمين كانت تخاطب نوار دائما بإسمه ولم تقل له يوماً ابي ، اما خالتها فلم تزرها ابدا منذ تزوجت على عكس خالة نوار صفاء التي كانت تزوره بشكل اسبوعي .
صفاء كانت فضولية وشديدة الملاحظة وتدقق على أصغر التفاصيل ، كانت دائما تسأل عن الحمل وكانت تدخل غرفة النوم وتتفحص الالبسة المغرية التي اشترتها لياسمين عندما زوجتها لنوار لكي تتأكد من استخدامها ، لكن نوار كان أكثر ذكاء منها وكان دوما يغسل تلك الالبسة الضيقة والفساتين المغرية رغم أنها لم تلبس ابداً ،  ولكنها رغم ذلك بدأت تشعر بشيء غريب يحدث فقد مضت اشهر والفتاة الصغيرة لم تحمل وهي التي زوجتها لنوار بعد ان سالت خالتها عن عادتها الشهرية وتأكدت انها قد وصلت سن البلوغ ، اما نوار فقد كان يتذرع لها دائما بإن الطبيب قد اخبره انها ستنجب بعد سن العشرين  لانها مصابة بتقزم الرحم وهو مرض يصيب بعض النساء عند الزواج المبكر كان قد قرأ عنه في الانترنت لذى طلبت منه صفاء أن تزوجه من إمراة أخرى لكنه رفض ، وعندما كانت تسأله عن دراستها كان يجيب أنه يريد أن يعلمها لكي تحصل على شهادة عليا ولكي تكون أم صالحة ومثقفة عندما يحين موعد انجابها للأطفال ، صفاء لم تقتنع بكل كلام نوار وكاننت تحاول دوما أن تقنعه بالزواج من جديد ولكنه يرفض ، وبقيت على تلك الحالة حتى توفيت بعد خمس سنوات من زواج نوار وياسمين ، وكان لوفاتها وقع حزين على نوار الذي كان يعتبرها كأم له ، وهي القريب الوحيد الذي كان له من بعد وفاة امه وابيه ، حتى انه بقي يزور قبرها يوميا لعدة أشهر بعد وفاتها .

وبالعودة الى حياة نوار وياسمين داخل منزلهما دعونا ندلف الى الداخل ونتابع ما يحدث من  خلال هذا الحديث الذي جرى بينهما اثناء العشاء ، كان المنزل مؤلف من ثلاث غرف وصاله يقع في بناء طابقي مؤلف من الكثير من الطوابق العالية ، واسع وله أطلالات جميلة على جهتين ، كان منزل جميل ومرتب وذو طابع بسيط فيه الكثير من اللمسات الفنية الجميلة التي وضعها نوار بحكم محبته للوحدة وعدم شغفه بالإختلاط والحياة الاجتماعية ، كاللوحات المعلقة على الجدران وقطع الزينة المتدليه من السقف والاثاث الانيق الذي لا يميل للرقي بقدر ميله للذوق واللمسة الفنية فمن خلال امور بسيطة وافكار عادية كان نوار يُجّمل ويزين بيته فقد وضع ركن في وسط الصالة لطيوره التي يحبها ولا يستطيع التخلي عنها فقد صنع رفوفا جميلة وضع على كل واحد منها قفص من اقفاصه وسلط عليها ضوء بعدة الوان يشغله عندما يريد ووضع فوق تلك الرفوف طاقات للتهوية وسحب الرائحة التي تصدر عن الطيور الى خارج الصالة وخارج الشقة من خلال تمريرها الى الشرفة ، كان شديد الاهتمام بالتفاصيل والنظافة احيانا يقضي أيام كاملة بتنظيف المنزل ، كان المنزل بالنسبة له قصره وانتمائه وشيئا من ذاكرته .
اعتاد نوار وياسمين تناول الطعام على طاولة المطبخ الدائرية ذات الملمس الناعم اللامع لنرى ما يدور بينهما على تلك الطاولة  ....

ياسمين - ما الطبخة اليوم ، يا نوار!

نوار - لم اطبخ اليوم لقد تأخرت في العمل ، سوف نأكل البيض المقلي ، والبطاطا المسلوقة وبعض المقبلات مارأيك ؟

ياسمين بتذمر - حسناً ، مع اني احب طبخاتك اللذيذة

يبتسم - حسنا غداً بإذن الله ، نطبخ

ثم بدأ بقلي البيض وسلق البطاطة وتحضير تلك  الوجبة السريعة ، وهو يتناول سيجارة يضعها بفمه ويترك يديه حرتين في العمل على صنع الوجبه

بعدها وضع الطعام على الطاولة وعادا للحديث

نوار - وكيف المدرسة ؟

- الحمدلله ، جيدا ولكن هناك فتاة تضايقني دائما  وتختلق المشاكل

نوار - لماذا هل تشاجرتما !

ياسمين - لا ، لكنها تكرهني وتحاول مضايقتي دوما ، هي بنت عائلة ثرية وتغار من كل طالبة جديدة تأتي للمدرسة ، هكذا قالت لي صديقتي حسناء ، قالت ايضا أنها تسببت بطرد طالبة قبلي والمدير لا يستطيع طردها لان والدها هو من يؤجر بناء المدرسة للإدارة فهم مضطرون دوما لمسايرتها رغم سوء تصرفاتها .

نوار - هل تحبين ان اذهب للمدرسة واخبر المدير او المعلمة

- لا .... لا داعي فالموضوع بسيط سأحله بنفسي ، هي ستمل في النهاية وستبحث عن شخص اخر لتضايقه ، اني استغرب منها لديها كل شيء جميلة وشقراء وغنية ولديها المال ، بل حتى لديها الذكاء فهي متفوقة ، ولكن ينقصها الاخلاق

نوار - اجل ينقصها أهم شيء ، الاخلاق التي لا يمكن أن تشتري بالمال او بالجمال ، فهي خليط من التربية والفطرة

بعد تناول الطعام ، خلدا للنوم طبعا نوار استبدل السرير المزدوج الكبير ب سريرين منفصلين منذ قرر كفالة ياسمين .....

يتبع
.....

القصة ستتشعب وتتعقد اكثر تابعوا وشجعوني على المواصلة

وشكرا

الجاحدة .....حيث تعيش القصص. اكتشف الآن