1- العرس

19.5K 460 84
                                    

نوار يرتدي بدلته السوداء مع ربطة العنق القرمزية، ويضع اللمسات الاخيرة على زيه قبل التوجه لرؤية عروسته التي انتقتها له خالته صفاء ، هو رجل تقليدي صاحب خلق حميد ، مثالي لأبعد درجات المثالية ، محب لعمله وملتزم به ، لا يحب "الطقطقة" كما كان يدعوها وهي في عرفه تعني الجنون بالحياة الحب والضحك والتلذذ بكل ما هو جميل ، لذا فقد عهد بموضوع زواجه لخالته صفاء والتي انتقت له بنت جميلة وصغيرة تسعده وتؤنس وحدته، وهو ابن الخامسة و الثلاثين ، فقد والديه منذ مدة طويلة وانكفأ على نفسه يعمل ويتسلى بتربية الطيور المنزلة وهي هوايته التي عشقها وانست وحدته لمدة طويلة.

نوار لم يكن يريد الزواج اصلا ولطالما رفض الفكرة بل وحاربها بقوه ، لولا محاولات خالته صفاء المستميتة والتي تكبره بعشر اعوام ، فقد كانت ليل نهار تطلب منه الزواج لكي يخرج من حالة الوحدة التي يرسمها حول نفسه ، بالمقابل كان نوار لا يستمع لكلمات خالته لإحساسة بعدم الرغبة بتأسيس اسرة و تحمل مسؤوليات الزواج ولانه في قرارة نفسه لا يريد الارتباط بأي شيء يخرجه من عالمه الخاص الذي يحيط به نفسه ، بعد نهاية العرس ونهاية كل ترتيبات الحفلة والتي لا يتوجب على العريس فيها رؤية عروسه قبل الدخول الى مخدعها حسب عادات وتقاليد بلدة نوار ، دخل الغرفة ليرى الخطيبه والزوجه  لأول مرة وقد كان يرسم في مخيلته ابهى الصور لها وذلك حسب وصف خالته صفاء ولكن المفاجئة رسمت وجهه عندما فتح باب غرفة النوم فوجد طفلة صغيرة تحمل بيدها لعبه صغيرة مهترئة ، ولا تدري ماذا يحدث حولها ربما افهموها ان كل ذلك الطبل والزمر وذلك الفستان الابيض المزركش ايضا هي لعبه لن تنتهي الا بالضحك والفرح ، لقد كانت ياسمين طفلة يتيمة ، فقدت والدتها وتربت في كنف زوجة ابيها ، الذي فارق الحياة هو الاخر بعد الزواج من زوجته الثانية بعدة اعوام ، كانت ياسمين جميلة جدا وذات تقاطيع وملامح شرقية جذابة ببشرة قمحية لامعة وعيون سوداء واسعة وشعر فاحم منسدل على ضهرها لطوله الزائد ولكنها ، لم تتجاوز الثانية عشرة من عمرها ، عندما دخل نوار لغرفة النوم جُن جنونه وخرج لخالته صفاء صارخاً بها ومؤنباً ، لم يكن يتوقع انها ستزوجه طفلة صغيرة لا تعرف من الحياة شيء غير لعبتها الصغيرة الرثة، ولكن خالته قالت له
- انها ليست صغيرة ، عندما تزوجت وانجبت ابني سالم كنت اكبرها بعامين او ثلاثة ، يا ابن اختي انها كالعجينة اللينة وتستطيع ان تخبزها كما تشاء ، رَبها على مزاجك وعودها على طبائعك ، انها يتيمة وكانت تعاني من الاهانة والحرمان والضرب في بيت خالتها ، وهي جميلة كما ترى ، وصغيرة اين الخطأ في ما فعلت عليك ان تشكرني على هذا الاختيار الصائب هيا واذهب لعروسك فهي بإنتظارك .......

دخل نوار الى غرقة النوم ووجد ياسمين تجلس على طرف السرير الابيض وتضم لعبتها بقوة وكأنها بقايا اسرتها التى لم تعد موجودة ، جلس على طرف السرير وظهرة للطفلة قال لها

- ما اسمك يا حلوة

شدت ياسمين على لعبتها وكأنها خافت من نوار وقالت

- ياسمين وانت ما أسمك قالتها ببراءة

استدار لها وقال

- انا اسمي عمو نوار

ابتسمت وقالت

- ولكن انا لا يوجد عندي عم ....

قال لها - من ألان اصبح لديك عم واب وستكونين ابنه لي ما رأيك

ابتسمك وقالت وهي تمد لعبتها ليراها نوار
- هذه لعبتي زينب وهي صديقتي الوحيدة ما رأيك يا عمو ان تكون هي ايضا معنا

ابتسم وهو يمسح على شعرها وقال

- موافق سوف اكون عمكما انتما الاثنتين وألان هيا الى النوم غدا سوف اخذك للمدرسة وسوف اشتري لك ثياب جديدة وسوف اعتني بك

ابتسمت ياسمين وهززت رأسها موافقة ثم خلدت للنوم

....يتبع

.ارجو ان تكتبوا ارأكم في الفصل الاول من الرواية

الكاتب ضياء عسود

الجاحدة .....حيث تعيش القصص. اكتشف الآن