الفصل الرابع

10K 309 20
                                    

هذا تماماً ما كان ينقصها، نظرت بغضب لبلوزتها الحريرية وبنطال بدلتها العملية الأنيقة الذين قد تلطخوا بالمياه الغازية ثم نظرت بغضب لظهر ذلك الشاب الذي إقترب مجموعة من أصدقائه ملقياً عليهم التحية، غير مبالٍ بما خلفته حركته الخرقاء من فوضى، لقد ارتطم بكتفها في طريقه مما جعل يدها الممسكة بالعلبة المعدنية للمشروب الغازي الذي كانت تحتسيه منذ قليل تهتز لتنسكب محتوياتها على ملابسها الأنيقة، زفرت بضيق وهي تفتح حقيبة يدها لسحب منديلاً ورقياً ولكن أنامل دلال استوقفتها وهي تقول ،،،،
- " استني هتعملي ايه دي لازم تتغسل علشان هتبقع "
أعتصرت عيناها بانزعاج من الفكرة فقميص ملطخ لن يكون ابداً المشهد الذي تخيلته وهي تعد نفسها للقائها بعد ساعات دوامها مع نيرة هانم، لذا استسلمت لسحب دلال لها ولكن ليس قبل أن تلمح جود الغاضبة التي اندفعت نحو الشاب الذي كان السبب في ذلك المشهد،
- " جود، ملهوش داعي الي حصل حصل "
أشاحت جود الغاضبة بيدها دون اهتمام وهي تتابع طريقها دون ان تكلف نفسها عناء الرد، حركت جوري رأسها بانزعاج وتابعت طريقها بصحبة دلال وهي تدعو الله ان لا تورط تلك المجنونة نفسها في مشكلة جديدة بسببها،
...
- " انا لايمكن أخرج كدة "
كان ذلك هتاف جوري عندما طالعت هيأتها في المرآة بعد ان انتهت من تنظيف بلوزتها وكذلك محيط خصر بنطالها، طالعتها دلال بأسف وهي تتأمل بغير رضا انعكاسها في المرآة، لقد شف القميص عن ملابس جوري الداخلية بشكل مخجل، لا عجب في انها لن تستطيع الخروج من الحمام بهيأتها تلك، وضعت احدى يديها على خصرها بينما بالأخرى أخذت تفرك رأسها بتفكير وهي تتلفت حولها، ثم اعتدلت فجأة وهي تصفق بكلا كفيها لتسترعي انتباه الفتايات من حولهم وهي تقول ،،،،،
- " يا بنات حد فيكم معاه تيشيرت ولا حاجة زيادة "
اتسعتا عينا جوري وهي ترمق صديقتها بغير تصديق، ما الذي تفعله بحق الجحيم، هل تتسول لأجلها، ما هذا الموقف المحرج الذي وضعها به ذلك المستهتر، فتح باب حمام الفتايات فجأة لتدلف جود بثقة ثم ألقت ما بيدها في اتجاه دلال التي تلقفته وهي تقلبه بين يديها ذاهلة بينما تقول وهي تحاول كتم ضحكتها،،،،
- " انا فكرتك ضربتيه انما انك تقلعيه كدة انتي تفوقتي على نفسك وعلى خيالي الخصب "
ابتسامة جانبية شقت جانب ثغر جود وهي تتذكر منظر الشاب المصعوق من هجومها الغير متكافئ عليه، قبل ان تسحبه أمام نظرات الجميع الذاهلة من ياقته وهي تهمس بفحيح غاضب من بين أسنانها،،،،
- " اقلع السويت شيرت "
- " نعم ياختي !!! "
طحنت أسنانها وهي تسحبه مجدداً وبعنف اكبر ،،،،
- " هتقلع السويت شيرت ولا اروح للعميد واقوله اني ضربتك علشان اتحرشت بصاحبتي ؟ "
ظهر التردد على محياه للحظات ولكنه في النهاية استسلم خوفاً من تنفيذها لتهديدها وهو يخلع سترته ليدسها في يديها بانفعال ،،،،
- " الحمد لله اني لابس تيشيرت تحتيه وعلى فكرة لو كنتي قولتي انك محتاجاله لخدمة انسانية كنت اديتهولك بدال جو عبدو موتة ده "
ابتسامة ساخرة كانت ردها الوحيد عليه وهي تشمخ بأنفها لترتقي سلم المبنى المقابل نحو حمام الفتايات، متجاهلة شهقات الفتايات من حولها كما أفواه الشباب المفروغة عن آخرها
سحبتها دلال من زحمة أفكارها وهي تقول ضاحكة بينما تشير نحو جوري ،،،،
- " شكلك يجنن وانتي شبه فطوطة كدة، يلا يلا علشان تعلقي هدومك في عربيتك تنشف قبل السكشن "
سحبت جوري مقدمة السترة الفضفاضة بشكل مبالغ به وهي تلوي شفتها السفلى بغير رضى قبل ان تزفر باستسلام وهي تسحب ملابسها لتتحرك برفقة صديقتيها لخارج الحمام
***
كانت تحاول تجاهل الهمهمات والمزحات التي يلقيها زملائها من حولها وهي تتحرك برفقة صديقتيها نحو الفصل الدراسي الخاص بحيدر، ترا ماذا سيكون تعليقه على هيأتها المضحكة، هل سيوبخها !! لا لا تظنه سيفعل خاصة بعد كلماته الأخيرة في غرفته تلك الليلة، للآن لا تصدق حظها الذي جعله لا يلاحظ رائحة عطره الرجولي الرائع الذي كان يعبق هواء غرفته، لقد تصورت انه سيلاحظه بعد خروجها من الغرفة ليعود لصلافته القديمة ويوبخها أمام الجميع، ولكنه ببساطة لم يفعل، لقد أصبح ودوداً وكأنه شخص آخر منذ يوم تسوقهما لحفل خلود، اقتربت اخيراً مع الغرفة مطرقة الرأس بينما تحاول إجتيازه دون ان يلاحظها ولكنها توقفت رغماً عنها وهي تعض على شفتها السفلى بينما تغمض عينيها بقهر عندما استوقفها صوته ،،،
- " جوري!! "
حيتا صديقتيها حيدر ثم دلفا للغرفة، تاركين جوري خلفهم برفقة حيدر الذي كان يرمقها بابتسامة جانبية وهو يقول ،،،،
- " انتي لابسة هدوم عمي سيف ولا ايه ؟ "
نبرتة التي لم تخفي سيطرته على الضحك جعلت وجنتيها تشتعلان وهي تلعن حظها الذي كانت تشكره منذ لحظات،
- " اصل هدومي اتبلت "
عقد بين حاجبيه باستفهام لتستطرد بعد فترة قصيرة شارحة ،،،
- " في شاب خبط فيا والبيبسي وقع على بلوزتي ولما غسلتها لقيتها مينفعش تتلبس تاني وجود اتخانقت مع الشاب وجابتلي السويت شيرت بتاعه "
صمت، صمت غريب عم الأجواء سمعت على أعقابه صوت زفيره الغاضب ولكنه للغرابة لم يرد على كلماتها السابقة ولكنها سمعته يقول وهو يطل برأسه من باب الفصل الدراسي الذي كان ينتظر تجمع الطلبة أمامه كعادته ،،،،
- " خمسة وراجع يا شباب "
ثم ولذهولها سحبها من ذراعها خلفه برفق وهو يتحرك بخطوات واسعة نحو غرفة المعيدين، متجاهلاً تساؤلاتها الملحة حول وجهتهما ومحاولاتها الواهية لتخليص ذراعها من قبضته، دلفا أخيراً للغرفة الخالية ليترك معصمها وهو يتحرك نحو أحد الأدراج، سحب منه سترة ما ثم تحرك نحوها ليناولها اياها وهو يقول بينما يشير برأسه نحو حمام الغرفة ،،،،
- " ادخلي وغيري الي لابساه ده "
رمقته ببلاهة فأشار لها بنفاذ صبر وبنبرة غير قابلة للنقاش استطرد ،،،،
- " حالاً "
نظرت نحوه بتوتر للحظة ثم أسرعت نحو حمام الغرفة، أغلقت بابها خلفها وهي تستند عليه لاهثة، لازالت تخشاه ولا تنكر وربما ذلك هو سبب اطاعتها لأمره دون جدال، داعبت أنفها رائحة ذكية جعلتها تنظر نحو السترة الداكنة المتوسدة أحضانها الآن، انها له ولا شك فرائحته التي كادت ان تتسبب في مشكلة منذ أيام قلائل تنبعث من بين انسجتها، زفرت بخفوت وهي تتقدم لداخل الحمام، ثم شرعت في تبديل ملابسها
...
لقد كاد أن يضحك بقوة عندما رآها تتقدم نحو الغرفة وهي ترتدي سترة رياضية ضخمة لا تناسب جسدها الصغير، وكأنها طفلة ترتدي ملابس والدها لتشعر بالأمان، ولكنه عندما سألها وهو يحاول السيطرة على نوبة الضحك التي عاجلته بسبب هيأتها الطفولية المحببة، ذهبت تسليته أدراج الرياح وهي تخبره ان تلك السترة لشاب ما، نار .. نار حارقة إشتعلت بصدره ولولا بقايا عقل لازال يحتفظ به لكان مزق تلك السترة عن جسدها الغض وألقاها بعنف في وجه صاحبها الذي لا يعرفه من الأساس، أن تحتضن جسدها سترة هي لغيره لأمر فوق قدرته على الإحتمال، وكم كان شاكراً للظروف عندما تذكر السترة الرياضية التي يحتفظ بها في درج مكتبه والتي تركها تحسباً لساعات الراحة التي يستغلها ومازن في لعب الكرة الطائرة بعض الأوقات، تأهبت كل حواسه عندما سمع صوت باب الحمام يفتح، لم يشعر بأنه قد حبس انفاسه لطلتها وهي تتحرك نحوه مطرقة الرأس بينما يحتضن دفء سترته جسدها البض الا عندما شعر بحاجته للهواء، حاول كتم شهقته كي لا يفزعها بعنف ما يعتمل بصدره الآن، فكم ود ان تكون تلك اللحظة في وقت آخر، مكان آخر لا يحوي غيرهما لمئات الأميال، وخفقات قلبه التي بلغ صداها عنان السماء، اقترب منها بخطوات لم يخبر عقله الصلد قدماه بها حتى وقف أمامها تماماً، لا يفصله عنها الا خطوة واحدة توسله قلبه اجتيازها ولكن هيهات فعقله العنيد قد عاود سيطرته على مجريات أموره كعادته، ابتسم بحنان وهو يقول برقة بالغة غريبة حتى على أذنيه،،،
- " كدة أحسن، يلا بينا "
ثم تحرك أمامها بخطوات واثقة نحو باب الغرفة لتتبعه الأخيرة بصمت، يشعر بفخر رجولي وهو يتحرك بجوارها في الممرات، وكأنه بلفتته البسيطة تلك قد أعلن ملكيته لزهرة الجوري بعيدة المنال، عندما دلفا أخيراً للغرفة لاحظ نظرات صديقاتها الذاهلة لملابسها ولكنه كاد ان يضحك عندما ألقت السترة بغل على صديقتها جود وهي تجلس بجوارها دون كلمات، تأملها للحظات بصمت، فالصمت في تلك اللحظات سلاح أقوى من الكلمات، سلاح لربما يهلك أعدائه ولكنه وبكل تأكيد قد أهلك صاحبه
***

معزوفة كبرياء ( الجزء الخامس من سلسلة ألحان حوائية ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن