معزوفة كبرياء ( الجزء الخامس من سلسلة ألحان حوائية )

الفصل السادس عشر والأخير

الأفكار تتصارع بداخل عقلها؛ لا تعلم للآن كيف ستزف ذلك الخبر الصادم لصديقتها التي دلفت لسيارتها للتو، لقد أمضت ليلتها الماضية تتقلب فوق فراشها؛ تحاول التفكير في الطريقة المثلى لفتح حديث كذاك، ولكنها استسلمت أخيرًا وهي تقرر ترك الأمر لوقته، ربما هي متوترة، متوجسة، ولكنها وبكل تأكيد ليست أبدًا بنادمة على تلك الخطوة الواسعة التي خطتها نحوه، والسبب.. لحظة، كيف للحظة أن تغير الشخص بتلك الطريقة؛ لحظة واحدة قلبت عالمها رأسًا على عقب، لحظة كانت أقوى من هواجسها، مخاوفها، وكل قناعاتها السابقة، لحظة عادت بها لنفسها.. مجرد أنثى، أنثى محاصرة تخشى على عفتها وطهر جسدها، أنثى حرمت على نفسها كل ما تهفو إليه فطرتها؛ بيت دافئ، رجل محب، وأسرة صغيرة ترضي غريزتها الأمومية، أنثى تعترف لنفسها الآن بأنه كان ولازال ملجأها وأمانها... مقارنة سريعة بقدر ما سمح لها المخدر من الوقت أجرتها وهي تترنح ما بين يقظتها وثقل جفنيها، تناجي ربها بقلب ملتاع أن يظهر فارسها كعادته لينقذها من مصير لا يعلمه إلاه، تريد ان يمهلها عمرها ولو لحظة تستشعرها في حضوره من جديد.. ندم على ما كان وما لن يكون يومًا، عندما فتحت عينيها كادت أن تموت هلعًا حتى أتاها صوته، لقد سمع نداء قلبها، سمع استغاثتها وبجسارته المعهودة لباها دون تأخير، لم تشعر بنفسها سوى وهي تتوسد صدره، تنشد أمانًا افتقدته، حنانًا من قبل قد لمسته، وطنًا نفت نفسها عنه بإرادتها متسلحة بإرادة واهية وعذر كان أقبح من ذنبها، وهي ترى الحقيقة أمامها وقد انقشع عن عينيها سواد وشاح ماضيها، لترى الحاضر في عينيه، في حنانه كما والده على اخوته، في احتواء سيف الشاذلي لابنته رغم انفصاله عن والدتها وصراعهما الدائم، نظرات حيدر، وأصالة حمزة، خطأ واحد لرجل غير مسؤول جعله حظها العثر والدها دفعت ثمنه غاليًا ولازالت، كل لحظة تسترجع فيها ماضيها القريب تثبت فداحة خطئها، لقد دمر والدها والدتها كما دمر ثقتها بنفسها وقيمتها كأنثى لسنوات ولكن ليس بعد الآن، ربما قد بالغت بعض الشئ عندما طلبت يده ولكنها اعتادت ان تكون القائدة في شتى مناحي حياتها وعليه ان يتفهم ذلك.. شاء أم أبى؛ فلا خلاص له منها ومن الآن وصاعدًا ستحارب ولكن تلك المرة من أجل ان تنال ما تحتاجه الأنثى التي طالما كبحتها بداخلها.. وعليها الآن أن تستجمع شجاعتها لتلقي على مسامع صديقتها الصامتة كعادتها مؤخرًا الخبر الصادم