الحلقه 15

3.7K 112 7
                                    

الحلقه 15

دخلت ملاك من بوابة القصر في ذهول تام ففي حياتها لم تر قصراً كهذا او أثاثاً كالذي تشاهده عيناها ... ديكور ملكي تزينه لوحات زيتية وتحف متناثرة هنا وهناك تخيلت نفسها تجلس في متحف...نسيت لماذا هي هنا ومن ستقابل بعض دقائق...ونبهها صوت العم شهاب للوضع قائلاً:.
- ملاك شايفة القصر جميل ازاي ده لابوكي يعني  ليكي (وابتسم)
ارتسم الذهول على تقاسيم وجهها من جديد...ولم تنطق بحرف كأننها تنتظر حكماً بقضية ما....
ووقفت كصخرة رماها أحد من اعلى الجبل عندما لمحت رجلاً ينزل من اعلى السلم بلباس رسمي وينظر اليهما بإستغراب...إنه..إنه فريد الجمال....
ابتسم له شهاب عندما رأه.....والفرح يعلو وجهه....لكن فريد كان عادياً جداً وكأنه لم يعرف هوية الزائر بعد...
وقف امام العم شهاب... وملاك ابتعدت خطوتين الى الوراء وكأنها تمثال شمع حركه احد لثوان...
- سيادة الوزير ازيك؟...(ومد يده يريد أن يسلم عليه)
- (مد فريد يده بإستغراب قائلاً): أهلاً....السكرتير قالي انك صديق قديم لية...
..بس انا الصراحه مش فاكرك....(ونظر اليه بتمعن يحاول ان يبحث في وجهه عن ملامح يعرفها)
(قال له شهاب بلهجة ابناء البلد): فريد انا شهاب كفر الزيات ارض الوراق مش فاكرني؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟...!
وقبل ان يكمل شهاب........وضع فريد يده على فمه ولمعت عيناه وقال بسعادة : شهاب..!!!!!!!!!!!!؟
امسك يده وحضنه....
-ياه يا الله..شهاب ..مش قادر اصدق..الله..يا صديق عمري....
- كان شهاب سعيداً للغاية وهو يحضن صديقه وارتاح كثيراً لانه عرفه: والله وانت اكتر يا صديقي ما نسيتكش ابداً ما نسيتكش...(وغمز بعينيه ملاك وكأنه يقول لها.:.شفتي انه هو)
ملاك كانت تنظر الى هذا المشهد وكأنها تتابع فيلم رعب.....ولو أحدهم رمى عليها سكيناً ما كانت ستشعر وقتها بأي الم يذكر...
وبعد أن انتهى السلام الحار بين الأثنين...نظر فريد الى ملاك وحدق فيها جيداً وقال شهاب: بنتك؟!
قال بإرتبك: لا لا...مش بنتي..دي بنت صديقي...
- ابتسم لها قائلاً: اهلاً وسهلاً بحضرتك..اتفضلو اتفضلو..
هزت ملاك رأسها اليه في جمود تام ....وبدأ يتحدث مع شهاب بسعادة تامة..
- - قولي بقه ايه الي فكرك بية كل السنين دي...
- شوف يا سيدي..دي ملاك بنت صديق لي من مصر اسمو صبحي وعاوزة تعمل بحث في اسكندرية فجبتها معايا عشان ابوها مش فاضي يجي هو....وبالصدفة شفنا صورتك في الشارع فقلتلها اني اعرفك....وجينا عشان اشوفك..
- ياهههههههههههه..والله مش مصدق يا شهاب...
- بس انت الايام ما شاء الله بينها ضحكتلك اوي(وأشار بيده الى القصر)
- ضحك فريد بثقة قائلاً: شايف...انا استاهل..
- نظرت اليه ملاك بإذدراء شديد وقالت في نفسها:ايه الغرور ده..
- رد عليه شهاب بإبتسامة: ايه والله تستاهل بعد كل العذاب الي انت شفته...
- وكأنها شعرت ان فريد ارتبك بشدة عند حاول شهاب ان يذكره بالماضي فأسرع قائلاً: انت نازل فين..؟
- انا نازل في اوتيل مع ملاك....
- نظر اليها فريد بصمت وقال: اسمك ملاك...
- قالت بحزم: ايوه...ملاك صبحي.
- بتدرسي صحافة في اي جامعة؟
- في جامعة القاهرة...
- وعاد يحدق فيها حتى انه اشعرها بخجل وتوتر : طيب ..اسمع يا شهاب النهاردة حتتغدو عندي وتروحو مع السواق الخاص بتاعي تجيبو هدومكم وتيجو تقعدو عندي هنا في القصر لحد ما تخلصو اقامتكم هنا...
- وما إن كان شهاب يستعد للموافقة حتى قطعت عليه ملاك الطريق قائلة: لا...احنا مرتاحين بالأوتيل يا سيادة الوزير...هما يومين وراجعين...
- نظر الى شهاب قائلاً: مش ممكن ما تحاولش...هتيجي تقعدو عندي في القصر...والكل هنا في خدمتكم..اصلك وحشني يا شهاب.. (ورمق ملاك بنظرات غريبة كأنه يرى في وجهها ماض بعيد لا يستطيع الهروب منه)
-لا خلينا على راحتنا افضلنا..
- حاضر الي تحبوه..بس انا مش حسيبكم...(وضحك )
في هذه الأثناء نزلت سيدة من على السلم..الأناقة ظاهرة عليها..شعرها قصير وعلى وجهها علامات الجدية وكأنها سيدة مجتمع عريقة..
تقدمت من الضيوف...فعلى صوت فريد قائلاً...
- اعرفك بناظك...مراتي...
- قال شهاب مرحباً بها: اهلاً يا مدام اتشرفنا...
- نظرت ملاك اليها بصمت ورمقتها بنظرات حادة: اهلاً مدام ناظك..(سلمت عليها)
- قال فريد موجهاً الحديث الى زوجته: اعرفك على صديقي شهاب صديق قديم من ايام الجامعة (نظر شهاب اليه باستغراب..لماذا يخبىء ماضيه)
................................................
مضى الوقت وملاك لم تتكلم مع فريد جملة مفيدة وهو يرمقها بنظراته الحادة من وقت لأخر...ويتحدث مع شهاب عن حياته بثقة كبيرة وكبرياء أكبر...وهي لا تشعر اتجاه هذا الشخص الذي من المفترض انه والدها أية مشاعر تذكر...تسرح بين الحين والأخر وكأنها تحاسب نفسها وتلومها وتقول في سرها( انا ايه الي جابنى هنا)
كان فريد يتحدث عن اهم انجازاته وكيف وصل الى الوزارة وكيف كان رجل عادياً ولكنه حاول بطرق عديدة أن يتقرب من احد رجال الأعمال المهمين الذي وثق به وزوجه ايضاً ابنته الوحيدة السيدة ناظك.. وبعد أن توفي ورثته وانتقل المال كله اليها والى زوجها طبعاً...فأشترى القصر واصبح من اهم رجال الأعمال في مصر ووصل الى الوزارة ايضاً...
خلال حديث فريد لم تجد ملاك في كلامه اي شيىء مشرف تفتخر به..على العكس,,,وجدت أمامها شخصاً استطاع بمكره ان يتقرب من رجل اعمال كبير ويتزوج ابنته ويأخذ المال ويحاول بطرق غير مشروعة ان يصل الى الوزارة وما زال يقوم بإتفاقيات غير سليمة تضر مصلحة البلد...
شعرت انها لا تريد البقاء...فطلبت من العم شهاب الذهاب..وما هي الا دقائق حتى كانت خارج القصر...والسائق يقلهما الى الأوتيل...بعد ان وعد شهاب الوزير بزيارة أخرى في موعد قريب وأعطاه فريد رقم هاتفه الخاص...
وصلت ملاك الى غرفتها ودخلت بسرعة الى الحمام وأخذت حماماً ساخناً ازال عنها التعب التوتر الذي حقنته في داخلها...
جلست في سريرها تستعيد الساعات الماضية العصيبة التي مرت عليها محاولة ان ترتب افكارها ولكنها عجزت...كيف ستقول له انها ابنته..هل يشرفها اب كهذا!...هل ستترك عندها صبحي وصفية لتقيم مع والدها وزوجته المتعجرفة..انها لا تصدق شيئاً كهذا..تكاد تجن..ماذا تفعل...
ولكن لا...يجب ان يعرف انها ابنته ..ويعترف بها..بل ويكتبها بإسمه...التبني حرام.....حرام ان يكون والدها موجود وتكتب بإسم أحد أخر..يجب ان تخبره انها هى..ابنته..ولكن!
انه يخفي ماضيه هذا عن زوجته الحالية...لم يقل لها ان شهاب صديقه في الارض وليس الجامعة...ماذا يقصد بهذا؟؟؟
======
في صباح اليوم التالي خرجت ملاك من غرفتها متجهة الى الشارع..شعرت بحاجة كبيرة لأن تتجول وحيدة علها تستطيع ان تفكر بشكل افضل...ولكنها لم تبتعد كثيراً مخافة ان تضيع الطريق التي تؤدي الى الفندق...
شعرت للحظات ان هناك من يراقبها ولكنها تجاهلت الأمر...
ثم عاودها هذا الشعور من جديد عندما لمحت احدهم يقتفي اثرها بعد دخولها الى إحدى المتاجر لتشتري زجاجة من الماء... فدخلت الى مككتب اتصالات وطلبت رقم هاتف منزلها ....
ردت عليها صفية..الو مين...
قال ببرود: ملاك....
قالت بلهفة : ملاك..حبيتي..ازيك حنتجنن عليكي وانا ابوكي...
-بسرعة أخذ صبحي سماعة الهاتف من زوجته وقال: ملاك حبييتي..ازيك طمنيني يابنتي
- انا كويسة ومش حتأخر هنا ادعولي..سلام...
اقفلت سماعة الهاتف....وخرجت من المكتب..تذكرت ما قالته لصفية وصبحي...وشعرت من جديد بقسوة قلبها ...فتنهدت بعصبية..وبدأت الدموع تنزل من عينيها وشعرت بحاجة الى البكاء..دخلت إحدى الحدائق وجلست في ركن لوحدها وبدأت بالبكاء...
وفجأة رأت أمامها جسد رجل يقف ويعطيها منديلاً....
رفعت نظرها الى اعلى وكانت المفاجأة..إنه مراد....شعرت بإرتبك شديد..ومسحت الدموع من على وجهها وقالت بغضب: انت بتعمل ايه هنا....؟
- قال بثقة: من يوم ما دخلتي مكتبي وانا قلت ان وراكي سر....
- قال بتلعثم: سر ايه...؟
- المعلومات الي عاوزاها والغريبة عن وزير الصحة...زيارتك لسيادتو والتوتر الرهيب الي كنتي فيه...الدموع الي في عنيكي دلوقتي...وكمان الراجل الي معاكي والي قلتي عليه مدير الجامعة..هو مش مدير جامعة وولا حاجة .......اتعرفت عليه من يومين وجرجرته في الكلام وقالي انه مزارع ....
- قالت والصدمة تعتريها: انت بتراقبني....؟
- جلس بجانبها قائلاً: ما اسمهاش مراقبة..بس مهنتي كصحفي بتخليني اشك في اي حاجة...مش كده يا صحفية...؟؟؟؟؟
- وقفت وتحدثت معه بلهجة صارمة: ابعد عني احسنلك..فهمت..ابعد عني...مالكش دعوة بية...
واتجهت مسرعة نحو الشارع العام لا ترى امامها من شدة توترها والحالة النفسية السيئة التي كانت فيها...لحق بها يحاول أن يفهمها وجهة نظره.....ولكنها كانت تتقدمه محاولة ان تقطع الشارع الممتلىء بالسيارات واذا بها تتقدم من دون وعي...ترتطم بها سيارة تقف في اللحظة الأخيرة عندما ترى ملاك ولكنها توقعها على الأرض...

واسرع مراد الى ملاك التي وقعت وغابت عن الوعي تماماً....وبدأ يصرخ في وجه المارة الذين تجموا: اسعاف حد يجيب اسعاف اتحركووووووووو....
وبدأ يحاول جاهداً ان يوقظها : ملاك..اصحي..ملاك..
وكاد يبكي وهو يراها راقدة على الأرض الا ان جاء الإسعاف واخذ ملاك ومعها مراد الى المستشفى...
...........................................

فتحت ملاك عيناها لتجد نفسها في غرفة مستشفى والمصل معلق في يدها..كانت تشعر بدوار فظيع...وضعت يدها على رأسها محاولة أن تتذكر اين هي..وماذا حصل لها..؟
في هذه الأثناء دخل العم شهاب الى غرفتها بعد أن رق الباب....
-الحمدالله على سلامتك يا ملاك..جت سليمة...
- قالت بقلق: هو ايه الي حصل؟.؟؟
- مش فاكرة يا ملاك...؟؟
- حاولت ان تتذكر بصعوبة وقالت: الجنينية ومراد.....
- جت سليمة الصدمة كانت شديدة شوية بس انتي وقعتي من الخضة......
- مين جابني هنا..
- الصحفي مراد..جابك هنا...عفكرة كان قلقان عليكي جدا..
- قالت بغض: ما تفكرنيش بيه هوالسبب...
- ليه عمل ايه....
- عم شهاب اسمعني كويس ده صحفي همه الاخبار والفضايح ما تصدقوش في حاجة ولا تأمنلو ولا تديه كلمة ارجوك.....
- سرح العم شهاب قليلاً ثم قال: بس بس...
- زي ما بقللك...
- خلاص خلاص ماشي..الي تشوفيه يا بنتي......
قالت بقلق: انت قلتلو حاجة؟
- لا ابداً...
- الحمدالله
دخل الطبيب ليطمئن على ملاك وطلب منها أن تحرك يديها ورجليها وطلب لها إذناً بالخروج لإستقرار حالتها....
التفتت ملاك الى جانبها فوجدت باقة كبيرة من الورد ...أمسكت البطاقة وقراتها(الحمدالله على السلامة...فريد الجمال)...

انا بنت مينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن