المفعول المطلق

228 17 2
                                    

تنهدت الفتاة مرةً ثانيةً، أنزلت رأسها وأغمضت عينيها ثم أمسكت شعرها وشدته. كانت تحاول البحث عن كلمة في ذهنها تستطيع إيصال المعنى للقراء وتزيل كل الشكوك في رأسهم، لكن بلا فائدة. تركت القلم جنبًا وتساءلت: أي كلمة من الممكنِ أن تعلق في ذهن القارئ؟ هل لو اكتفيت بكتابة «ضرب محمدُ أحمدَ» سيفهم القارئ أن القصد ضرب حقيقي ولا أقصد التوبيخ وحسب؟

وهي تفكر خطر على بالها -فجأةً- فكرة فرفعت رأسها والتقطت هاتفها سريعًا ثم اتصلت على صديقتها الفارسة «وتين»، مرت ثواني معدودة ثم أجابت صديقتها قائلةً:
- مرحبًا.

- الجميلة الرائعة وتين! أنا بحاجة إليكِ، في الحقيقة لا أعرف أحدًا غيرك حتى أتوجه إليه. سأتطرق للموضوع سريعًا، أتوجد كلمة تؤكد للقارئ المعنى الذي أريده؟

ارتكبت وتين قليلًا من مديحها لكنها غضبت من آخر جملة لها، فقالت: عزيزتي، أنتِ تهينين اللغة العربية بكلامك هذا، لغتنا بحرٌ -وبالتأكيد- توجد العديد من الكلمات التي تؤكد للقارئ المعنى الذي تريدينه، أخبريني الجملة التي تكتبينها وسأساعدك.

تشكلت دموعٌ في عينَي صديقة وتين فرحًا، مسحتها ثم تكلمت: أتعرفين أنني أحبك؟ جملتي هي: ضرب محمد أحمد. أتعتقدين أن القارئ سيفهم أن الضرب حقيقي من أول قراءة؟

سكتت وتين ثانيتين ثم أجابت:
- المفعول المطلق، أضيفيه وستحققين غايتك.

- المفعول المطلق؟ ما هذا؟ هذه أول مرة أسمع به.

تنهدت وتين ثم ردت: المفعول المطلق هو اسم فضلة منصوب يُذكَر في الجملة الفعلية لتأكيد معنى الفعل أو لبيان نوعه أو عدده، والمفعول المطلق يأتي على هيئة مصدر مُشتَقّ من الفعل أو ما يشابهه في المعنى.

- لم أكن أعرف عنه، شكرًا لشرحك، لكن ما معنى اسم فضلة؟

- أي يمكننا الاستغناء عنه.

فتحت الصديقة فمها ثانية ثم سألت: هل لدى المفعول المطلق أي شروط؟

- بالتأكيد، أولًا: أن يكونَ مصدرًا مُشتَقًَّا من الفعل في جُملتِهِ.
ثانيًا، أن يكون المفعول المطلق اسم فضلة، فإن كان عُمدة لم يُنصب على المفعوليَّة المطلقة.
ثالثًا، أن يسبِقه فعل تام متصرف أو ما يشبهه حتى يعمل فيه. ويَعمل في المفعول المطلق الصفة المُشَبَّهة باسم الفاعل الدَّالة على الحدوث والتَجَدُّد.
توجد حالات استثنائية يمكن حذف الفعل فيها، وذلك في أساليب بعضها قياسي والآخر سماعي وُرِدَت عن العرب محذوفة العامل. وفي المفعول المطلق المُبَيِّن للنَّوع أو العدد دوامًا، وذلك إذا دلَّت عليه قرينة لفظية أو معنوية، فيُقال: «قَولًا بَلِيغَا» لمن يسأل «مَاذَا تَكَلَّمتَ؟»، وتقدير الجملة قبل حذف الفعل: «قُلتُ قَولًا بَلِيغَا»، فحُذِف الفعل لأنَّ هُناك قرينة لفظيَّة تدلُّ عليه في الجملة الاستفهامية قبله. ومثل القرينة المعنوية قولنا: «حَجًّا مَبرُورًا»، فالعامل في المصدر «حَجًّا» هو فعل محذوف اِستُدِلَّ عليه معنويًا بتحليل تراكيب هذا التعبير.
وكل ما قلته يمكننا استنتاجه من التعريف.

أنحاء النحوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن