الاستفهام

158 21 25
                                    

بينما هو جالسٌ يسترخي، جاء خبرٌ من ملكة القلعة يفيد بأن عليه الحضور على وجه السرعة، التفت إلى نجم التي نبهته باسمةً، ثم وضع مفكرته وقلمه على الطاولة، وأعاد ترتيب ملابسه أثناء هرولته نحو العرش؛ يمكن للأمير والفارس تأجيل أعمالهم الشخصية، لكن ذلك لا ينطبق أبدًا على أعمال المملكة.

وصل أمير إلى بلاط الملكة بعدما أُذِن له بالدخول، وقف بين يديها ثم حدّثته: «أدوات الاستفهام هنا يا أمير، استمع لما لديهن ونفّذ ما يحتجن إليه»

أومأ مبتسمًا لأن الملكة وثقت به من أجل هذه المهمة، وأشار للحاجِب كي يُدخِل ضيوفهم، وخلال انتظارهم سألته الملكة: «أتعرف ما الاستفهام يا أمير؟»

رد عليها أمير بثقةٍ مما درسه من قبل: «الاستفهام هو الاستفسار أو الاستعلام عن شيءٍ ما، ماهيته أو زمانه أو مكانه أو شخصه أو حاله أو غير ذلك»

خيم الصمت على المكان بُرهةً وسرعان ما التقطت أسماعهما أصوات خطوات قدّر أمير أن أصحابها ثمانية أشخاص، فتعجب ظانًّا أن إحداهن امتنعت عن الحضور، لكنه تفاجأ عندما دخلن، واكتشف أنهن ثمانِ أدوات يقفن أمامه، لكن تحمل إحدى الأدوات أختها التوأم على ظهرها. 

ابتسم حين تذكر خدعتهما التي يكاد المرء يضجر منها، فقد كانتا تخدعانه بهذه الطريقة منذ صغره.

ابتسم أمير عندما اصطففن كلهن ثم نطق بنبرةٍ رسمية: «مرحبًا أيتها الأدوات، سعدنا بوجودكن اليوم، هلا عرفتمونا بأنفسكن كي يعرف شعب مملكتنا أهمية خدماتكن التي قدمتموها لنا طوال الحياة؟»

نطقت التي تحمل توأمتها:

«أنا هل، أولى حروف الاستفهام. يُستفهم بي عن المضمون عادةً. وتقديرًا واحترامًا لي، عليك الإجابة بنعم أو لا في تلك الحالة، كأن تُسأل: هل تعرف فيم تستعمل أدوات الاستفهام؟

فتجيب: نعم، أعرف. أو: لا، لا أعرف.

وأحيانًا يُستفهم بي لتعيين أحد أمرين أو أكثر، كأن تُسأل: هل أمير يكتب أم أثير؟

لكن لدي مشكلةٌ مع سكان المملكة، حضرت بسببها اليوم»

«قولي ما لديك»

«الناس تنسى أن لي أختًا تُدعى الهمزة، ويطلبون حضوري في أغلب أسئلتهم التي يمكن لأختي أن تؤدي دوري فيها، ألا يكفيني أنني أحملها على ظهري ما دامت لا تعمل؟»

سأل أمير الهمزة: «أيمكنك أن تطلعينا على قدراتك يا همزة؟»

لكن الهمزة لم تجِب، فقالت هل:

«لن تتحدث أختي فهي لا تريد أن يستعملها الناس، لأنهم يخطئون عندما يضيفونها  إلى الألف. اسمح لي أن أتحدث باسمها، أختي الهمزة هي حرف الاستفهام الثاني، تستعمل بالشكل نفسه الذي أُستَعمل به، ولها ميزةٌ أخرى؛ إذ يمكن إضافتها إلى السؤال المنفي، نحو: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ)، لكن عليك الإجابة بِبَلى عند الإثبات، وكلا عند النفي في هذه الحال»

أنحاء النحوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن