المفعول فيه

138 13 8
                                    

احتار الفعل في أين يجب أن يكون أو متى، هل يكفي أن نعرف أنه فعل ماضٍ أو مضارع؟ كيف نعرف وقت حدوثه الفعليّ؟

لم تتركنا العربية (نحن وكلماتها) نغرق لضعفها يومًا؛ فلكل حاجة تلبية، ولكل معضلة حل يفوق حلول غيرها.
وتحديد المكان المحدد أو الزمان المحدد أمر بدهي، فكيف يكون في العربية؟

«اجتمعنا عشيةَ الجمعة داخلَ بيت العائلة، وقد احتلّت أنوار السعادة البيت حينَئذ متحدِّية الليل الذي أسدل ستائره حولَنا. لقد شعرنا أن تلك الليلة دامت أيامًا!»

أظن أنه يمكنكم استخراج الكلمات التي تدل على الزمان؟ اذكروها.

ماذا عن المكان؟ اذكروها كذلك.

نلاحظ أن تلك الكلمات (عشية، داخل، حين، حول، أيامًا) قد أتت منصوبة، أو مبنية. فما هي؟
جميعها (مفعول فيه)؛ أي أن الفعل قد حدث (فيها)؛ في ذلك الوقت أو في ذلك المكان.

إذا فالمفعول فيه قد يدل على المكان، ويسمى وقتئذٍ: ظرف مكان.
وقد يدل على الزمان، ويسمى وقتئذٍ: ظرف زمان.

ولكن لِم لَم نعتبر أن كلمة (البيت/الليل/الليلة) مفعولًا فيه؟ البيت مكان، والليل زمان، هل هناك شرط ناقص؟
بالضبط، فظرف الزمان يجب أن يأتي بمعنى (في)

لنراجع الكلمات الثلاث:
هل يمكن قول: «احتلت أنوار السعادة (في البيت)»؟ لا، البيت هنا (مفعول به، يمكنكم مراجعته في فصل سابق) وهو ليس مثل (المفعول فيه).
هل يمكن قول: «متحدية (في الليل)»؟ الإجابة نفسها.

وهل يمكن قول: «شعرنا أن تلك (في الليلة)»؟

رغم ذلك، يمكننا أن نقول: «اجتمعنا في عشية الجمعة في داخل البيت العائلة وقد احتلت البيت السعادة في ذلك الحين...».

بعد أن عرفنا كيف نميز المفعول فيه عن غيره، كيف نعربه؟
إما أن نعربها: مفعول فيه منصوب (أو مبني في محل نصب)
وإما أن نميزها إلى: ظرف زمان/مكان منصوب (أو مبني في محل نصب)

الظرف بشكل عام يمكن أن يكون أحد نوعين من حيث دلالته:

⚪️ مبهم: وهو ما دل على زمان أو مكان غير محدد، مثل:

ظرف الزمان: حين، لحظة، بعد، قبل...

ظرف المكان: أمام، وراء، خلف، فوق، تحت، بعد، قبل...

⚪️ محدود:  وهو ما دل على زمان أو مكان محدد، مثل:

ظرف الزمان: الثلاثاء، ساعة، يوم، شهر، سنة، ساعة...

ظرف المكان: بيت، مكان، شارع...

ونستطيع تصنيفه حسب تصريفه:

⚪️ الظرف المتصرف: هو ما يمكن استعماله ظرفًا أو غير ظرف. (أي قد يكون ظرفًا أو مبتدأ أو خبرًا أو مفعولًا به...)

مثل المساء:
مساؤكم طيب (مبتدأ) - كان المساء هادئًا (اسم كان) - يحلّ المساء باكرًا (فاعل)

⚪️ الظرف غير المتصرف: هو كل اسم لا يأتي إلا ظرفًا.

مثل: قطُّ، أيان، قبل، بعد، الآن ، إذ، حيث، عند، منذ...

دخول حرف الجر (من) لا يغير الظرفية، ولكن دخول غيره يفعل:
- تعرفون آية: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ} (الروم/4)
لأن حرف (من) هو الذي دخل فيبقى الظرف ظرفًا.

أما إن دخل حرف جر غيره: اذهب إلى يمينِك.
يجعل (يمين) اسمًا مجرورًا.

ملاحظة أخرى، تعتمد بعض الظروف في تصنيفها إلى (ظرف زمان أو ظرف مكان) على الكلمة التي تليها، مثل:
- سآتي بعد ساعة. (بعد: ظرف زمان)
- كنتُ أقف بعدك. (بعد: ظرف مكان)

أرجو أنكم قد فهمتم موضوع اليوم. هل تبقّت أية أسئلة في أذهانكم؟

جيد حتى الآن، أيمكنكم تجربة كتابة (الدهر) مرة مفعولًا فيه ومرة فاعلًا؟

جربوا استخراج أي مفعول فيه من النص التالي:
«أردتُ استنشاقَ الهواءِ المنعشِ صباحَ هذ اليومِ، فجلستُ مكانًا تتخللُ إشعاعاتُ الشمسِ الأشجارَ من حوليَ حتى تنيرَه، استلقيتُ أرضًا حيثُ تحيطُ بيَ نباتاتٌ لا أعرفُها، ولكنّي عدتُ قبل الظهيرة.»

من فرسان اللغة،
سلام

أنحاء النحوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن