قبل ثمان سنوات
وسط الشجيرات المحيطة للمنزل حيث تختبئ تلك الصغيرة فحمية الخصل تبكي بمرارة معزولة عن غيرها من البشر، فقد ذهبت بئر الحنان والأمان خاصتها عن هذه الدنيا، غادرت روح والدتها إلى الناحية الأخرى تاركة خلفها طفلة لم تتجاوز الرابعة عشر من العمر.
رفعت رأسها بعد سماعها لأصوات خطوات تقترب منها لتجده صديق طفولتها لوكاس يحدق إليها بنظرات ذابلة منكسرة، هو الأدرى بما تعانيه الآن.
أجهشت بالبكاء أكثر مرتمية بين أحضانه ملتمسة بعضا من الحب والعطف الذي فقدته بفقدان والدتها.
ابتسم الأطول بخفة ممررا يده بين خصلات شعرها الطويل الأسود ليبثها بقليل من الدفء، ثم سحبها متجها إلى الثابوت حيث والدتها.
لم تكن تبدو كالأموات، كان وجهها يشع وابتسامة خافتة تزين شفتيها الوردية إضافة إلى ثوبها الأبيض الطويل، كانت أشبه بالعروس خصوصا وتلك الورود البيضاء بين يديها.
قبلت أوديت جبين والدتها كوداع لها ليفعل لوكاس المثل و يغاردا المكان تاركين الأهل يتمون طقوسهم الخاصة مع بعضهم، متجهين لمكانهم السري ألا و هو العلية المقفلة بقفل يتخذ شكل قلب.
-"كفى بكاءا يا أوديت صحيح أن خالتي روزاليندا رحلت ..لكن أنا مازلت هنا، اتفقنا؟"
أومأت بخفة بينما تضمه بقوة باحثة عن بعض الدفء بين ذراعيه
"اتفقنا"
أفاق لوكاس من هاته الذكريات و مازال يحدق للسقف بثبات، اوديت هي كل ما يشغل تفكيره الآن.
بينما هي يشغل تفكيرها كيف تقوم بحمايته من هذا الكيان الذي يهسهس كالأفاعي محاولا إقناعها بالتخلص منه
"هيا أوديت! لوكاس شخص سيء كالبقية ويجدر بنا التخلص منه"
"كلا! لا أريد"
صرخت ببكاء ضامة ركبتيها لصدرها بينما تحرك رأسها يمينا وشمالا دلالة على الرفض القاطع
"هيا أوديت هو يريد أخذك مني، يريد إبعادنا عن بعضنا"
أعاد هذا الصوت اختراق مسامعها لتغلق أذنيها وعينيها بعنف بينما دموعها لازالت تتدفق بغزارة وأما شهقاتها فارتفعت مع كل دمعة تخترق مقلتيها.
"أوديت هل نسيت اتفاقنا؟"
بدأت تزداد حدة هذا الصوت لتتكور أوديت على نفسها بخوف وصوت شهقاتها المكتومة هو ما يسمع
"لا أريد للوكاس أن يتأذى يمكنك تنفيذ الاتفاق إذا أردت"
نطقت بصوت مخنوق مرتجف بينما تضم نفسها أكثر
"أوديت لازلت ساذجة وغبية يا أوديت أنا الوحيد الذي قد يمنحك القوة أوديت، الوحيد الذي قد ينقذك من ضعفك يا أوديت، دعينا نتخلص من لوكاس ذاك هو تخلى عنك، تركك وحيدة تعانين"
صرخ في آخر كلامه بحدة لتعيد إغلاق أذنيها بينما تهز رأسها مرارا نافية كلامه، وجسدها يرتجف ما إن بدأ كل ما حولها بالتحرك والتحطم مسببا فوضى عارمة وسط غرفتها، وكأن زلزالا بقوة سبع درجات يضرب المكان.
"لوكاس أنقذني أرجوك"
همست بضعف ضامة شفتها السفلى، تتمنى في أعماقها لو أنها لم تفتح ذاك الكتاب، الكتاب الذي سبب في دمارها كليا و جلب هذا الكيان إليها، جلب الخراب لحياتها و حياة من حولها.

أنت تقرأ
لعنة داجية
رعبعاد بعد سبع سنين هربا من ماض مشين، تواق لرؤية فتاته الدعجاء ليصفع بمرارة حاضر أسوء منه ماض، تغير عصف بها و من ملاك بأجنحة فراش تحولت إلى شيطان بأعين حمراء صارت. فهل له أن يعيدها؟ Odette Lucas