* الحلقة التاسعة * " ماقبل الآخيـــرة "

8.1K 282 17
                                    

*بسم الله الرحمن الرحيم*
*‏***************الحلقة التاسعة******************
                              " ما قبل الأخيرة "
                              ‏
[[ وعلى حين غـِرة شعرتُ بالأرتواء بعد سنوات من الظـمأ ،، تائهًا في أرضًا قاحلة لا زرع بـِها ولا حياة..]]

-----------------------------------------------------------------------
لم يُفكِر بنفسه لم يُفكِر سوى أن يُبعـِد عنها هذا الرجل قبل أن يتجرأ على لمسها كاد أن يهجم عليه حتى يلقنُه درسًا ولكن لم يكد أن يفعل ليشعُر بشئ حاد يهوى على رأسه تزامنت صرخته المتألمة مع صرخة شجن المرتعبة ركضت نحوه وهي تصرخ بصوت أعلى آثار رعب الرجلان ليركضا بعيدًا عنهما اقتربت منه وجثت على ركبتيها لتحتضن رأسه إلى صدرها قائلة برعب ولا وعي:- عاصي، عاصي رظ عليا متسبنيش..
بمجرد ان تلقي تـِلك الضربة على رأسه حتى شعر بألم لم يشعر به من قبل وتدفقت الذكريات على عقله كالشلالات حياته ولهوه مع سيلا.. أمر والدته له ان يتزوج شجن وأرغامه علي زواجه منها، حياتهما سوياً واكتشافه لشخصيتها الرائعة وأنجذابه لها، ثم طلبها للطلاق وابتعادها عنه، موت والدها وطلاقهما ثم فراقهما، تذكر كيف بكى بين احضان والدته كطفل صغير تحطمت لعبته المفضلة قائلًا بآلم:- انا عاوزها،  مكنتش اعرف اني هحبها كدة، مش قادر اتخيل حياتي من غيرها، مش هقدر اكمل وهي مش معايا..
اجابته والدته بحزن على حال ولدها:- مانا قولتلك ياحبيبي إياك تبيع الغالي وتشتري الرخيص..
ليكتشف بعد فترة من طلاقهما أمر سفر شجن إلى إحدى البلاد الاجنبية تعذب كثيرًا في بعدها عنه الشهور الماضية وعندما استبد به الفراق قرر أن يذهب إليها ليترجاها ويطلب منها السماح ويستجدي حبها الذي رفضه بغبائه من قبل.. جهز كل شئ للسفر وودع عائلته ورحل حتى يعود بها.. وصل إلر البلدة التي تقطن بها مساءً بحث عن سيارة أجرة ليستقلها سريعًا بدأ السائق بالسير بشوارع جانبية وشبه مظلمة وعندما سأله عاصي عن السبب أجابه بأنه طريق مختصر لم يتعجب فالأغلبية هكذا كان الوضع هادئ للغاية حتى توقف السائق بشارع جانبي شبه مقطوع وترجل سريعًا صُدم عاصي من فعلته وترجل خلفه لينادي عليه وعلى حين غرة تلقى لكمة بوجهه أسقطته أرضًا ليتكابل عليه أثنان من الرجال وقيدا حركته وبدأت الضربات تتوالى عليه ليسمع صوت السائق يخبرهما بأن يأخذا كل كل مامعه من اموال بل حقيبة سفره بأكملها حاول ان يقاومهما ولكنه تلقى ضربة على رأسه على رأسه افقدته توازنه فسقط أرضًا غارقًا في دمائه ليستيقظ بعدها بالمشفي فاقدًا للذاكرة تمامًا.. مرت عليه كل ذكرياته وكأنها شريط سينيمائي سريع كل هذا بلحظات معدودة ليشعر بها بجانبه وتصرخ بأسمه بلوعة طالع ملامحها التي أشتاق لها هامسًا بألم قبل أن يفقد الوعي:- شجن..
ظلت تصرخ برعب ولم تجد بد سوى ان تقوم بأسناده إلى السيارة وتتوجه به إلى المشفى فعلت هذا بعد معاناة مع جسده الضخم على جسدها الضعيف قادت السيارة بأقصى سرعة لديها وهي مازالت تبكي بعنف وصلت إلى المشفي لتصرخ بهم ليآتي عددًا من الممرضين ليحملوا على الفراش النقال كان ينزف بغزارة لذلك اسرع الطبيب بأدخاله إلى غرفة العمليات على الفور.. مر الوقت وهي جالسة أمام باب غرفة العمليات تتضرع إلى الله حتى ينقذه فهي لن تتحمل فراقه.. خرج الطبيب آخيرًا فأقتربت منه ولم تقوى على الحديث ليرحم هو قلقها ويهتف قائلًا بأبتسامة بشوشة:- لا تقلقي أنستي هو بخير، لقد كان جرح بسيط على الرغم من إنه نزف بغزارة ولكننا عوضنا هذه الدماء، هو الآن بغرفته ويمكنك رؤيته..
تنفست الصعداء لانه بخير وتوجهت سريعاً إلى الغرفة دلفت إلى غرفته وتكرر رؤيتها له بهذا المنظر ضريح الفراش اقتربت منه ووقفت بجانبه تتأمله بصمت حتى فتح عينيه فأشرق وجهها لأبتسامة واسعة قائلة حمدالله على سلامتك..
كان يطالعها بنظرات لم تنتبه لها بغمرة فرحتها فهمس هو بشوق:- كنت فاكر إني مش هشوفك تاني..
ابتسمت بخجل فأستكمل هو حديثه قائلًا بعتاب مؤلم:- ليه مقولتيش كل حاجة من البداية، ليه خبيتي عني!!
تعالت ضربات قلبها بخوف وهمست قائلة بريبة:- قصدك آيه..!!
اجابها بنظرات تشع آلمًا وندمًا:- مقولتليش ليه إنـك شجن مراتي..
انتفضت مبتعدة عنه كمن لدغتها عقربة فصرخ هو بقهر:- ليه مقولتليش.. كنتي فرحانة وإنتِ شايفاني تايه صح.. ازاي متقوليليش..
سالت الدموع على وجنتيها بغزارة وهمست قائلة بمرارة:- كنت عايزني أقولك آيهه.. أقولك إني شجن اللي اتغصبت عليها زمان.. اللي مكنتش بتطيق تبُص ف وشها عشان مش جميلة زي باقي البنات اللي ف حياتك.. شجن اللي اتجوزتها عشان تنقذها من العنوسة زي ماقولت للي أسمها سيلا دي.. كنت عايزني أقولك إني سيبت البلد عشان أنساك وانسى المرار اللي شوفته وأنسى أهلي اللي مطلعوش أهلي.. كنت عايزني أقولك آيه بالظبط..
هتف بأنفاس مضطربة آثر تآثره بحديثها قائلًا:- انا حبيتک.. معرفتش كدة غير متآخر، كنت عارف إنك مش هتتقبلي وجودي ف حياتك بعد اللي حصل، قولت هسيبك تهدي فترة وبعدها حاول تاني وتالت ومليون معاكي بس إنتِ اختفيتي وسافرتي، مقدرتش أتحمل بُعدِك وجيت وراكي بس للاسف حصلتلي حادثة وفقدت الذاكرة كأن القدر بيقولي مش مكتوب ليكم تكونوا مع بعض..
نظرت له بآلم وحديثه يمزق قلبها ثم مسحت دموعها هامسة بوهن:- أهو إنت قولتها أهو احنا قدرنا نبقا مش مع بعض، إنساني تاني كإني مكنتش ف حياتك ف يوم ياعاصي..
توجهت نحو باب الغرفة لترحل ولكن استوقفها صوته القوي قائلًا:- شجن إستني..
توقفت ولكن لم تستطِع أن تلتفت له لتنظر إليه فسمعته يهمس بنبرة لم تسمعها منه من قبل وكأنه يعلن عشقه وتملكه لها:- متفتكريش إن كدة خلاص وإن حكايتنا خلصت، بمزاجك أو غصب عنك إنتِ مكانك جمبي وف حضني وقريب أوي..
ارتعشت من حديثه ولم تنطق بحرف رحلت وتركته ينظر إلى طيفها الراحل بعشق يتمنى ان يآتي اليوم الذي يضمها إلى أحضانه للأبد.......
*********************************************

" شجن .. نوڤيلا "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن