ذكر بختنصر البابلي

251 25 0
                                    

قيل: اسمه بخت فارسي، و ذكر ما وقع له مع ارمياء عليه السلام ، وقيل: كان ارمياء من سبط اولاد يعقوب عليهم السلام ، وقيل: ارمياء استخلف على بني اسرائيل فأوحى الله اليه ان هلاك بني اسرائيل على يد رجل يقال له بختنصر و هو من ملوك بابل، وكان بختنصر المذكور من ولد يافث بن نوح عليه السلام، و كان قد عمر دهراً طويلاً قيل انه عاش الفاً و خمسمائة سنة، فلما سمع ارمياء ما اوحي الله تعالى اليه بكى و صاح و اتى الى ملك بني اسرائيل، و كان رجلاً مؤمناً صالحاً فأخبره بما اوحى الله اليه، فلما سمع ذلك جمع اعيان بني اسرائيل و اخبرهم بما اوحى الله تعالى الى ارمياء وحذرهم من نزول هذه النقمة بهم، و كان يحذرهم من امور، فمكثوا بعد ذلك ثلاث سنين و هم لا يزدادون الا طغياناً و فسقاً و معاصي، فلما حلت بهم النقمة الله خرج بختنصر عليهم و اتى من نحو بابل ، و كان صحبته ستمائة الف امير من امرائه واقفون بالرايات عند الجند و العشائر، فلما زحفوا على البلاد و وصلوا الى بيت المقدس ، قال ارمياء: اللهم ان كان بنو اسرائل على طاعتك فابقهم وان كانوا عاصين فاهلكهم بشيء من قدرتك، فحين دعا ارسل الله صاقعة من السماء على بيت المقدس فأهلكت من بني اسرائيل جانباً عظيماً و احرقت مكان القربان، ثم دخل بختنصر الى بيت المقدس بمن معه من الجنود فهدم مسجد سليمان ابن داوود وامر رجاله ان يرموا فيه تراباً فملاوه بالتراب ، ثم بالجيف و ذبحوا فيه الخنازير واحرقوا التوراة التي كانت به ، ثم شرعوا في القبض على بني اسرائيل من كبير و صغير و صاروا يقتلونهم ، و استمر بختنصر ينهب ويقتل و يخرب في البلاد و الجوامع ، ويقتل الناس من الفرات الى العريش ، و هو على ما ذكرناه من القتل و النهب و الخراب ، و لم يرحم كبيراً لكبره و لا صغيراً لصغره.
قيل: و لم يبق من بني اسرائيل رجل الا و قتله ، و اما الاطفال ففرقها على جنوده فاصاب كل رجل اربعه اولاد، قيل: و كان هذه الاطفال جماعه من الاسباط من اولاد يعقوب و يوسف عليهم السلام ، و كان فيهم جماعة من اهل بيت داوود ، و كان فيهم دانيال عليه السلام، و كان يومئذ صغيراً لم يبلغ الحلم، وهو قوله: ( فجاسوا خلال الديار) ثم ان بختنصر جعل الاسارى علئ ثلاث فرق فالشيوخ والعجائز و الزمني تركهم، و جعل النساء الشابات في الاسواق للبيع و الشراء، و فرق الاطفال و قتل الشببان و الشجعان، و حمل الاموال و التحف و رحل و رجع الى الشام ، ثم توجه الى مصر ففتك في القبط بالسيف و خرب ما كان بها من العمارات العجيبة والطلاسم، و اخذ الاموال و التحف و رحل عنها و تركها خراباً بلقعاً، و بقيت مصر خراباُ مده اربعين سنه لا ساكن بها، فكان النيل ينفرش على الارض و يذهب و لا يزرع احد عليه، ثم ان بختنصر توجه الى بلاد الغرب و فعل كذالك، ثم توجه الى بلاد السودان و فعل ذالك، و هو اول من احدث الكمين من العساكر في الحرب، فكان بختنصر نقمة في الارض، و جعله الله كالطاعون في الارض، و قد ورد في الاخبار عن الله عز وجل انه قال: من عصاني  وهو يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني، ثم رجع بعد ذالك بختنصر الى بابل قال الله تعالى:( و كم قصمنا من قرية كانت ظالمة) الايه، فمن يومئذ تفرقت بنو اسرائيل في البلاد خوفاً من بختنصر فنزلت طائفة بيثرب و طائفة بايلة  وغير ذالك من الاماكن، و استمر بيت المقدس خراباً مدة سبعين سنة حتى عمره شخص من ملوك الفرس يقال له كيرش، قال: فمن يومئذ فقدت التوراة و نسى امرها ، و صار بنو اسرائيل لا يعرفون منها حرفاَ واحداً حتى ردها الله تعالى على لسان العزيز عليه السلام ، قيل: ان بختنصر خرب بهذه الحركة نصف الدنيا ، انتهى على سبيل الاختصار ، الله اعلم


قوت القلوب..

صائدة المعلوماتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن