طفلُ القمر |2

369 34 15
                                    

*قبلَ ثلاثين سنة*

2/3/1994

«هذا قاسٍ، أتعلمين؟» سألني لأومِئ له «أجل، هذا مقصدي من الأمر برمته» قلتُ بينما أبتسم بهدوء «لكن ما ستفعلينه لا يُقارن بما فعلاه بكِ! وما ذنب الطّفل بكل شيء؟» قال بقليلٍ من الحدة لأعقد حاجباي «ما سأفعله بهما لا يُساوي شيء مقابل تدمير حياتي، سآخذ وأقتل طفلهما أجل لكن هما أخذا طفلي وكانا على وشكِ تدمير عائلتي بأكملها، سيعانيان كما عانيتُ أنا فطفلهما ليسَ أفضل من طفلي» قلتُ وأنا أبكي بقهر ليحضنني بين يداه ويهمس بأسفه «سيعانيان من هذا، أليسَ كذلك؟» نظرتُ له وسألته بضعف ليقبّل جبهتي «أجل عزيزتي، سيعانيان».

--
*في الوقت الحاضر*

16/8/2024

رفعتُ رأسي أخيرًا حالما وطَأت قدماي أولسان، مشيتُ بين الجموع الكثيرة حتّى لاحظت لافتة تحملُ اسمي لأتوجه نحو من يحملُها «عفوًا، أنا مين نامجون، من أنت؟» سألته ليبتسم «أهلًا بكَ سيّد نامجون أنا كيم تايهيونغ، أخ السّيد كيم مين سونغ، أتيتُ لإصطحابكَ معي إلى المنزل كي تتعرّف عليه وعلى زوجة أخي» قال بإبتسامة عريضة لأومِئ له ونذهب في طريقنا إلى منزل السّيد كيم، كان أسمر البشرة قليلًا ذو شعر بنيّ وطويل القامة ذو أكتاف عريضة.

كانت الرّحلة صامتة وهادئة طيلة الطّريق، في العادة عندما يوجد مكان نذهب إليه بالسّيارة أذهب مع جونغكوك وجيمين المزعجان، لا يكفّان عن الشّجار أو الغناء لذا أحببتُ هذه الرّحلة.

وصلنا إلى منزلٍ كبير وترجلنا من السّيارة، دخلناه لتستقبلنا امرأة ربّما في بداية الخمسينات من عمرها نظرًا إلى التّجاعيد التي تملؤ وجهها ذات شعر أسود قصير، حضنت تايهيونغ ثم توجهت نحوي، انحنيتُ لها بأدب ثُمّ وقفت أمامي لتبتسم بحنيّة وهمست بصوتٍ مُتعب «شكرًا لكَ على مجيئك» قالت واحتضنتني لأبادلها اياه بهدوء.

أخذتنا حتّى مكتب عريض لأرَ رجل أيضًا في بداية الخمسينات جالسًا على مقعده، تقاسيم وجهه بادٍ عليها التّعب والإرهاق، حمحمت السّيدة كيم ليرفع بصره عن الأوراق ليبتسم حالما لاحظني «اوه السّيد مين، أهلًا بكَ في منزلي» وقف وانحنيتُ له ليأخذ بيدي ويصافحها «شكرًا لكَ سيّدي» قلتُ ليدلني على الأريكة لنجلس وبجانبي تايهيونغ وأمامي السّيد والسّيدة كيم.

«قرأتُ عنكَ سيّد نامجون وأعلم أن حالتنا ليست من اختصاصك لذا أنا شاكرٌ لكَ كثيرًا للموافقة على طلبي، ودعني أقل لك ملّفكَ أدهشني حقًا، سعيدٌ أنكَ من سيهتم بهذه القضية» قال لأبتسم له بهدوء «شكرًا لكَ سيّدي أنا أقدّر هذا منك» قلتُ وانحنيتُ بخفّة.

«إذًا سيّدي، هل يمكنكَ أن تشرح لي ماذا حصل بالضبط منذُ البداية؟» سألته ليبتسم بحزن «بدأ الأمر في مستشفى أولسان عندما ولدت زوجتي طفلنا العزيز، تم أخذ الطّفل إلى غرفة الأطفال للتأكد من صحته وتم نقل زوجتي إلى غرفة خاصّة كي ترتاح، أخبرتنا الممرضة أنه لا يمكن رؤية الطّفل الآن كونه مُتعب قليلًا لذا بقيتُ بجانب زوجتي لنصف ساعة تقريبًا.

عندما استيقظت أتى الطّبيب لنا وتأكّد من صحّة زوجتي وسأل لمَ الطّفل ليس معنا فأخبرناه بما قالت الممرضة لنا، استغرب وقال أن الطّفل بصحّة جيّدة وعندما ذهبت للتحقق منه وجدنا أن الممرضة قالت لنا ما قاله طبيب الأطفال لها أن تقوله وهو اختفى كما اختفى طفلي» قال بهدوء بينما يشدُّ على يد زوجته.

«وهل هناك أي أدلة أو أشياء وجدتها الشّرطة قد تفيدني في التّحقيق؟» سألته لينفي برأسه «لا شيء وكأنهما اختفيا عن وجه الكرة الأرضيّة، ليس هناك سجّلات لهذا الطّبيب وبحسب أوصاف الممرضة له لم يَرَه أحد يعمل في المستشفى» قال لآخذ ملاحظاتي.

«هل لديكما أية أعداء أو أشخاص تعتقدون أنهم يودون إيذائكم؟» سألته لينظرا لبعضهما «لا، لا أظنُ هذا، لمَ تسأل؟» قالت السّيدة كيم «حسب تعاملي مع المجرمين؛ المعظم يستخدم أقرب الأشخاص للهدف المنشود كي يؤذيه، وفي حالتكَ سيد كيم أنتَ كنت ولا زلتَ رجل معروف في البلاد، عائلتكما معروفة والكثير قد يود تفكيكها وهذا بالفعل ما حصل، لذا أرجوكم هل كان هناك أي عداء لكما مع الأخرين في ذلكَ الوقت؟» قلت لينفيا برأسهما وأومأتُ أنا لهما.

«حسنًا سيّد وسيّدة كيم، أعدكما أنني سأفعل ما بوسعي كي أجده، سأبدأ غدًا في البحث كوني مُتعب الآن بسبب السّفر، هل لا مانع لكما؟» سألتهما ليقف السّيد كيم «بالتأكيد بُني، بالتوفيق لكَ» انحنيتُ بهدوء ودلّني السيّد تايهيونغ على المخرج للمنزل وأصرَّ على أن يوصلني للفندق ولم أمانع، أنا حقًا مُتعب.

«سآتي معكَ غدًا» قال بينما نتحرّك بهدوء لأنظر له بحاجبٍ مرفوع «لمَ أنتَ متأكد جدًا من هذا؟» سألته ليبتسم بجانبيّة «ربّما لم أعرفكَ بنفسي جيدًا، أنا المُحقق كيم تايهيونغ، اختصاصي هو التّحقيق في قضايا الإختطاف» قال لأنظر له بذهول صغير «أعلم بما تفكّر، إذا كان هو محقق في هذا النوع من القضايا لمَ لم يجده، لكن هذه القضية حقًا صعبة، هو كأنه اختفى عن الوجود، والأدلة لا تعتبر أدلة من الأساس».

قال لأعقد حاجباي على هذه القضية الغامضة، كيف يمكنه أن يختفي هكذا؟ ليس هناك جريمة كاملة بالتأكيد الخاطف قد تركَ دليلًا أو أخطأ في مكانٍ ما لذا بالتأكيد سنجده.

«حسنًا، لا بأس رغم أنني أعمل بالعادة وحدي» قلتُ لينظر لي بطرف عيناه لأبتسم بجانبية، يبدو ممتعًا، الأهم أنه هادئ عكس جيمين وجونغكوك.

طِفْلُ القَمَرِ √حيث تعيش القصص. اكتشف الآن