طفلُ القمر |5

205 29 13
                                    

*قبلَ ثلاثين سنة*

17/6/1994

«ألن يشكّوا هكذا بها؟ أعني فجأة خرجت من المستشفى في نفس وقت الحادث؟» مون يول لأقلب عيناي «هذا موعد استراحتها المُعتاد، ويمكنها أن تقول أنه كان لديها ظرفٌ عائليّ للتأكيد على حجتها بالغياب» شرحتُ له وأومأ.

«كيف سآتي لكم؟ أنا في العادة باستراحتي أجلس في المقهى أمام المشفى لأنه ليس لدّي سيارّة لأذهب إلى مكانٍ آخر» قالت يورا لأنظر لها «هي محقة، هكذا سيشكّون بها إذا تفقدوا الكاميرات» أردف جونق إن لأفكر بهذا.

«حسنًا، جونق إن قبل شهرين من موعد ولادة الطّفل ستأتي كل يوم في موعد راحة يورا كي تأخذها بسيارتك، هكذا سيظنون أن ذهابها معك في يوم الحادثة أمرٌ طبيعيّ، ما رأيكم؟» قلت ليومِئوا موافقين على خطتي وأنا ابتسمتُ بفخر.

--
*في الوقت الحاضر*

18/8/2024

«هذا مُرهِقٌ جدًا وعيناي تغلقُ من نفسها، إلى متى سنبقى هنا محقق نامجون؟ نحنُ بالفعل شاهدنا شريط الفيديو مئة مرّة ولم يظهر شيء مريب حولها، ربّما هي حقًا بريئة ولا دخلَ لها» قال المحقق تايهيونغ وفركَ رقبته، نحنُ هنا منذُ البارحة والسّاعة الآن الثّانية فجرًا، شاهدنا جميع الأشرطة وكما قال لم يظهر أي شيء مريب حولها.

وكي نتأكد من تصرّفاتها راجعنا الأشرطة لما قبل شهرين وكانت في كل استراحة لها تخرج في نفس السّيارة السّوداء وتعود بها، هل هي حقًا بريئة وأنا أخطأتُ في الحكم عليها؟

تنهدت بتعب ووقفتُ عن كرسيّ «حسنًا يا سادة يمكننا العودة للمنزل الآن، أتعبتكم معي، تصبح بخير محقق هوسوك» ردّها لي وذهب في سيارته وأنا صعدتُ بسيارة المحقق تايهيونغ كي يوصلني إلى منزلي.

«هل لا زلتَ مقتنعًا أنها ليست بريئة؟» كسر الصّمت بيننا لأفكّر بسؤاله، قلبي لا يخطئ أبدًا في الأحاسيس التي أشعر بها وهو يخبرني أنها مذنبة، لكن كل الدّلائل تشير إلى عكس ذلك، أنا في حيرةٍ من أمري «لا أعلم حقًا» أجبته بصدق ليومئ ويعيد بنظره إلى الطّريق.

هذه القضية أصعب مما تخيّلت، ربّما بدأتُ العمل عليها ليومان فقط لكن بيومان يمكننا أن نجد العديد من الأدلة ولو كان صغيرًا، في هذه القضية لم نجد شيء، وكأن الفتى فعلًا اختفى.

أتساءل إذا ما كان على قيد الحياة؟ أقدّر كثيرًا والداه كونهما لم يتوقفا عن البحث، لو كان بقي معهما لعاش حياة جميلة وسط أمه وأبوه بجانب عمّه المحقق تايهيونغ.

علاقتي بعائلتي ليست قوية جدًا لكنها ليست ضعيفة أيضًا، أحيانًا أشعر أنني لا أنتمي لهم لكن في نفس الوقت هم يظهرون حبّهم لي دائمًا. كنتُ مقربًا من أمّي، أسوأ لحظات كانت تمر بي عندما كنتُ أرى دموعها الغزيرة، كانت تبكي بشدّة ويقوم أبي باحتضانها وعندما أريدُ معانقتها كانت تصرخ بوجهي أن أذهب إلى غرفتي، أبي أخبرني أنها فقط لا تحب أن أراها بهذا الشّكل لذا كرهت هذه اللحظات كونها كانت تبعدني عنها.

أما أبي.. لا أعلم حقًا هي عادية جدًا، أحيانًا أشعر أنه أبي لكن تقليد، يتعامل معي كأنه أبي التّقليدي، نادرًا ما يأخذني معه إلى الخارج ولا يكلّف نفسه بالحديث معي، فقط يقوم بمهمته بإعطائي المال وإيصالي للمدرسة حتّى كبرت وحصلتُ على عمل، حتّى كلمة بني لم أسمعها منه.

آه عملي كم كنتُ أحبّه، في بداياتي به كنتُ أشهر المحققين وأبرعهم، كل قضية مسكتها حللتها، لكن كما كنتُ سعيد بعملي كان لديه سيئاته، حادث غيّر حياتي للأبد وعرقل سيرها، في الواقع هذه القضية الأولى التي أمسكها من بعد ثلاثة سنوات من هذا الحادث، أنني لا أمسك سوى قضايا القتل كانت حجة كي لا يذكرني هو بالحادثة، كي لا أتذكرها أنا.

«لقد وصلنا» قال المحقق تايهيونغ ليخرجني من أفكاري «تصبح بخير محقق تايهيونغ» قلتُها ليردها لي، دخلتُ الفندق ومشيتُ بالردهة في طريقي للمصعد، الكاميرات تملأ هذا الفندق حتى في المصعد.

المصعد! بالتأكيد هناك كاميرا في مصعد المستشفى، مهلًا نحن لم نبحث في غرفة الأطفال إذا ما كان هنالك كاميرات أم لا! حملتُ هاتفي لأتصل بهم لكن السّاعة كانت الثّالثة فجرًا، نحنُ حقًا متعبون واتفقنا أن نلتقي في التّاسعة صباحًا، بضع ساعاتٍ من الرّاحة لن تضر. دخلتُ غرفتي وغيّرت ملابسي واستلقيتُ على سريري براحة.

طِفْلُ القَمَرِ √حيث تعيش القصص. اكتشف الآن