طفلُ القمر |3

254 29 7
                                    

*قبلَ ثلاثين سنة*

10/9/1994

«ستدخلين المكان وتدخلين منه كما أنتِ معتادة على فعل هذا كل يوم، لا تلتفتي للكاميرا أبدًا وابقي بعيدًا عن الزّوايا، تفقدي الحقيبة كل عدّة دقائق هل هي ثابتة أم لا؟ هل تتحرك أم لا؟ منذ لحظة خروجكِ من الغرفة أنتِ أصبحتِ لوحدك وفشل أو نجاح الخطة يعتمد عليكِ، هل هذا مفهوم؟».

«أجل، مفهوم».

--
*في الوقت الحاضر*

17/8/2024

«أعلم أن عملكَ يقتضي السّريّة لكن هذا لا يعني أن تخرج من المنزل دون خبرٍ أو إتصال، أنا لا أعرف أين أنتَ حتى! هل أنتَ بخير؟ هل تأكل؟ هل وصلتَ بِسلام؟» ابتسمتُ حالما سمعتُ صوت أُمّي القلق «مرحبًا أُمّي، أنا بخير، وأنتِ كيف حالكِ أيتها الجّميلة؟» قلتُ لتشخر بسخرية «لا تتملقني أيها الفتى العاق، أين أنتَ؟» قالت لأتنهد «لا أستطيع إخباركِ أُمّي تعلمين هذا» قلت وصمتت «وأعلم أنكِ خائفة علي لكنني حقًا بخير، أعتذر لكن مشغول وعلي الذّهاب، أحبّكِ، إلى اللقاء».

قلتُ قبل أن تتكلم وأغلقت الهاتف، عملي يقتضي السّرية التّامّة ولا أحد يجب أن يعلم بأين مكاني حتّى أُمّي وأبي. خرجتُ من الفندق ليستقبلني المُحقق تايهيونغ أمام سيارته «صباح الخير، هل أنتَ جاهز؟» قال بإبتسامة عريضة «صباحُ الخير، أجل هيّا بنا» وبهذا تحركنا بطريقنا.

«هذه ملّفات القضية منذُ اليوم الأوّل حيث أخي احتفظ بها كونه كان يُشرِف على القضية في كُلّ شيء حتّى يجد ابن أخي» قال المُحقق تايهيونغ وأخذت منه الملفات «أوّل محطة لنا هي المستشفى» قال وأومأتُ هل ثُمّ بدأتُ بتصفّح الملفات.

«آخر مرّة تمّ العمل على القضية قبل عشرِ سنوات؟» سألت عندما لفتَ نظري الرّقم «للأسف أجل، السّلطات والحكومة اعتقدت أن عشرون سنة كافية لوقف البحث، أخي في هذه الفترة استسلم حتّى عَلِمَ بمرضه وبك، قرر أن يوظّفكَ مهما كلفه الأمر علّكَ تجده، صيتُكَ ذائعٌ في البلاد مُحقق نامجون، وأخي، بل كلانا، نثقُ بكَ» قال وابتسم بالأخير لأردها له «آمل أن أكون أهلًا لثقتكما».

--
وصلنا المستشفى وذهبنا إلى القسم الذي تمت به عملية الولادة قبل ثلاثين سنة، بعد عدّة محادثات مع مدير المستشفى وافق أن نطلع على سجلّات الموظفين والكاميرات في تلك السّنة. أخذنا معنا الملفات وذهبنا إلى قسم الشّرطة في مدينة أولسان حيثُ يعمل تايهيونغ.

«مرحبًا مُحقق هوسوك، هذا هو السّيد مين نامجون المُحقق الخاص في جرائم القتل، سيّد نامجون هذا المُحقق جونغ هوسوك، هو مُحقق لكنه خبير التقنيات والأجهزة هنا لذا سنستعين به لرؤية ما التقطته الكاميرات» صافحتُ يده وانحنينا لبعضنا. جلسَ كلٌ منا في مكتب لنبدأ بتصفّح الملّفات، سبق وفعل هذا العديد من قبلنا ولم يجدوا شيء لكن لا ضرر من المحاولة.

--
«لا شيء، هل ظهر معكم شيء؟» سأل المُحقق تايهيونغ بعد أربع ساعات من البحث لأنفي برأسي، كل ملفات الموظفين طبيعيّة ومعظمهم مات أو تقاعد، ومن ما زال على قيد الحياة ملفه نظيف ولا يُشتبه به. «ماذا عن الكاميرات؟» سألتُ المُحقق تايهيونغ بينما أريحُ ظهري على الكرسي «أيضًا لم يجدوا شيء عندما تفقدوها، كما أن الزّاوية والجّودة سيئة» قال المُحقق تايهيونغ لأنفي برأسي «هذا الكلام كان قبل عشر سنوات، نحن بصدد التّطوّر ويمكن توضيح أي شيء».

قلتُ واستقمت كما فعل المُحقق تايهيونغ وذهبنا إلى مكتب المُحقق هوسوك، جلس ثلاثتنا أمام جهاز الحاسوب لنشاهد شريط الكاميرات، الّزاوية حقًا سيئة لكن لا شيء مُريب. أكملنا المشاهدة حتّى لفتَ نظري شيء غريب «هُنا هذه الفتاة» أشرتُ لها ليوقف المُحقق هوسوك الشّريط، «ما بها سيّد نامجون؟ لا شيء مريب حولها» سأل المُحقق هوسوك لأبدأ بالشّرح «دخلت المسشتفى وكانت ترتدي بنطال أسود وقميص زهري فقط لكنها خرجت وتحملُ حقيبة سوداء على ظهرها، أعرف هذا لأنني ميّزتها من حذاءها المليء بالرّسومات، أيضًا انظر إلى طريقتها في تفقّد حقيبتها، تبدو ثقيلة من طريقة ميلها إلى اليمين».

قلت وأعدنا الشّريط وبالفعل هذا ما حدث «لكن وضعها ليس مريب، ربّما تعمل في المستشفى وأخذت إجازة، أو لديها أقارب هناك» سأل المُحقق تايهيونغ لأنفي برأسي «في عالم جرائم القتل لا يوجد ربّما وأو، لدينا دليل حتى ولو كان صغير سنمسك به ونحقق خلفه حتّى نجد القاتل، في واحدة من المرات كنتُ أبحث عن قاتل متسلسل لثلاث سنوات ولم أستطع إيجاده، لكن لسوء حظه وجدناه عن طريق أكله لعلبة مثلجات ورماها أمام قبر ضحيته الأخيرة لنحصل على لعابه المطابق للذي لدينا وبهذا قبضنا عليه، ليس غباء لكن لا أحد كامل».

أومأ لي المُحقق تايهيونغ ليعيد المُحقق هوسوك بصره على جهاز الحاسوب «سأحاول تعديل وجهها وتوضيحه ووضعه في برنامج التعرّف على الوجوه» قال لننظر لما يفعله وبالفعل اتضح وجهها ونقله على البرنامج، عدّة دقائق ليظهر الاسم لأبتسم بجانبية.

«بانغ يورا، أنا قادمٌ لكِ»

طِفْلُ القَمَرِ √حيث تعيش القصص. اكتشف الآن