السر.
.
.
.ليت الزمان يعود يوما، فأخبره أن يتأنى.
.
.
.
.
.
في ذلك القبو المظلم الذي ساد الغبار كل إنش فيه، يتقدم رامي بخطوات خائفة وأنفاس مضطربة، كانت الأرضية التي توصل إليها السلالم بعيدة جدا، كلما تقدم أكثر صار الجو مرعبا أكثر، وأصبحت الجدران تمتلئ بالرسومات غير المفهومة باللون الأحمر القاني، بقي يتحسسها بأصابعه النحيلة، وينزل السلالم ببطء تحسبا لأي شيء مفاجئ.في الأسفل عندما وضع قدمه على آخر درجة، رأى مكتبا كبيرا يتوسط ردهة واسعة، هناك أين يخفي أعظم مكتبة له، التي قد امتلأت بالكتب المصطفة والمرتبة بشكل مخيف، كان سطح المكتب مليئا بالأوراق المبعثرة، وبعض الأقلام الملقاة بعشوائية، تقدم نحو المكتب وهو يتفحص الردهة بعينيه اللتين سيطر عليهما الهلع.
كان الشك يتراقص بين ثنايا روحه، ويدعو الخوف ليحتفل معه، نبضات قلبه تعزف سيمفونية بلحن سريع، دنا من المكتب وألقى نظرة على الأوراق الملقاة عليه، لم تكن مجرد أوراق، بل كانت مسرحا لبعض الرسومات الغامضة، التي تجعل الرعب يتسلل إلى أعماقك ويستعبد جفنيك اللذين لن يرفضا الركوع والسماح لما خزن هناك بالانهمار.
شاء القدر أن تكون صورة إلين متخذة لها مضجعا هناك، بينما حفر على جلدها عبارة اقشعر لها بدن رامي
"أخت الهدف"تراجع بضع خطوات، وعيناه مشدودتان صوب الصورة، ما الذي يخبئه عنه والده؟
إيمانه بأن والده بريء، بدأ يهتز كإيمان متدين اختار الردة
"مستحيل."
همس لعقله الذي اختار أن يحلل ما يجري، وحاول طمأنة قلبه الذي أعماه الشك.تقدم نحو تلك الأدراج وأخذ يلقي الملفات القابعة هناك بعصبية مفرطة، حتى لامست أنامله جريدة قديمة يترأسها عنوان بخط غليظ "إلقاء القبض على 'سمير مصطفى' صاحب شركة يونايتِد بعد تزويره لملفات تفيد استيلائه على شركة دريم التابعة لمجمعات السيد 'عمر أحمد'"
أرفقت الكتابة بصور لجده وهو مكبل ويجره بعض رجال الشرطة نحو السيارة، طوى تلك الجريدة ووضعها في جيبه بحرص وراح يفتش إلى أن وجد صورا، لرجل وزوجه، كان الرجل ذو ملامح وسيمة، عينان سوداوتان، أنف حاد، وبشرة تميل للسمرة، أما زوجه فكانت ببشرة بيضاء، وشعر أحمر منسدل على كتفيها برقة، عيناها الواسعتان اللتان سرقتا الأضواء بلونهما النادر، امتزج العسلي بالأخضر الفاتح واختارا حدقتيها مضجعا لهما.
لكن ما شوه تلك الصورة واستبدل دفءها رعبا وذعرا، هو علامة X بخط أحمر غليظ، مرفقة بكلمة "وداعا"
دس تلك الصورة مع رفيقتها الجريدة، وراح يركض نحو غرفته يبحث عن حاسوبه المحمول، لعل الأنترنت يجيب عن لغزه، ويفك شيفرة والده الغامضة.صعد السلالم وعقله ينسج خيالا تائها، لا ينم عن واقع ملموس، أولم يكن الواقع دوما صورة غير كاملة، حاولنا ترقيع ثغراتها بإعادة سرد الأحداث مرارا وتكرارا؟
أمام باب غرفته يجفف عرقه الذي رسمت قطراته طريقها على جبينه، وتمردت على أنفه المشدود الذي توسط مقلتيه الزرقاوتين، مد يده نحو مقبض الباب واخترق الغرفة.
اتجه نحو الحاسوب ودون على محرك البحث
"اعتقال 'سمير مصطفى'صاحب شركة يونايتِد"حصل على الكثير من العناوين المختلفة، وبقي يبحث عن شيء يدله لما هو مجهول، حتى وجد
"اعتقال 'سمير مصطفى' بعد أن أثبت المحامي 'إسحاق إبراهيم' إدانته"
أصحب الخبر ببعض الصور المبعثرة، توسط وجه المحامي إحداهن، ارتجفت أوصاله عندما لاحظ أنه نفس الرجل الذي كان مع زوجته الصهباء."هل..هل هذين والدا ملاك؟"
