ليلتها تسللت من مكاني وفتحت باب الغرفه وخرجت لذلك الظلام والسكون
من حولي جلبت صخره وجلست عليها
استرجع ذكرياتي حتى اصبحت تلك الجلسه عادتي في كل ليلة بدأت الايام
بالمرور من دون احداث كانت تمر وفق جدول متكرر
استيقظ في الصباح اساعد البنات في اعداد الفطور ومن ثم ننظف البيت
ونتبادل الحديث والمزاح وبعدها اخرج مع جلال للتنزه في البستان
في هذه الفتره بدأ لي جلال انسان طيب يفتقد الحنان والعاطفه شخص
عانى بسبب الفقر الكثير من العقد النفسيه والحرمان كان يتحدث الي بذكريات اراه يبتسم عندما يذكرها لكن عينيه تخبرني بألم كبير يحتفظ به في داخله ،
روى لي كيف كان يذهب الى المدرسه ويخجل من ان يخرج رغيف الخبز
ويأكله امام اصدقاءه وكيف كان يدعي ان احدهم يسرق طعامه يوميا كي يقوم زملاءه بالتبرع له ببعض مما لديهم من الطعام ،
وكيف كان يسرق ادوات الكتابه الجميله من رفاقه ويدعي ان خاله يعيش في
اوربا يبعث له بها
كي لا يشك احدهم ان يكون هو السارق وكيف كان يدعي ان والده يشغل منصبا في الدوله
كنت في كل يوم حين اعود معه الى البيت وقت الغداء اجلس الى جانبه
وافكر في تلك القصص التي مرت على هذا الشاب، طفوله مليئه بالحرمان
والعوز والغيره والمقارنه والاضطهاد
طفل فقد حنان الام المتسلطه بسبب الفقر اصبحت انانيه وماديه حتى مع اولادها واب ضعيف الشخصيه قضى اغلب سنين حياته وهو يعمل بأجره يوميه كعامل بناء يعود الى البيت منهك الجسد والعقل لا وقت لديه لاولاده ،
بدأت اعتاد عليه كصديق او كشخص وضعت اخر امل لي فيه ،
في ذلك اليوم حين نادى علي وانا جالسه في المطبخ اقوم بالعجن في نيتني ان اتعلم خبز الخبز
خرجت له ويداي ملطختان ببقايا العجين ، رايته يشير لي الى جهه النخيل المرصوص في الجانب الاخر من المنزل
واذا بي ارى حبل يتدلى ويتوسطه اطار سياره ، قفزت فرحا بتلك الارجوحه
التي اعدها خصيصا لي كنت انظر له نظره الامتنان
طلب مني ان اجربها
( مو هسه خلي اروح اخبز ويا البنات وبعدين من اكمل اصيحك ونروح )
( وليش انت تخبزين مو البنات هن يخبزن )
( اريد اتعلم )
( اخاف تحترگين التنور مو لعبه )
( اعرف شفتهم صار مده شلون يخبزون لا تخاف ) ،
حين كنت اقف بجانب التنور وغزتتي احد الفتيات بطرف احدى العصي التي نرميها داخل التنور لترتفع النار في داخله
واذا بي اراها تشير لي الى الخلف بخفيه
التفت رأيت جلال يستند على احدى الاشجار ابتسم لي وهو يراقبني
( شعندك هنا روح منا مراح اعرف اخبز )
( اها تخافين ما ادبريها وتفشلين كدامي عمي راح ادير وجهي ابقى هنا اخاف يصير شي لا سمح الله عاد اني يمكم )
( ها يجلال اليوم عبن خطيبتك الي تخبز واگف حارس يوميه فطيم محد بحالها )
ابتسم ضاحكا وهو يمازحها
( فطيم عمتي ولدتها يگولون يم التنور وهي تخبز تقارنيها بفيض الي واگفه تشمر بالخشب بعد مترتين اكص ايدي اذا كدرت تخبزلها خبزه )
استفزني بتلك الكلمات حتى بدات اعد قرص الخبز الذي سالصقه في داخل التنور حتى بدأت اقترب اخذ الخوف من النار طريقه الى جسدي واذا بي
ارمي بالقرص داخل التنور بدأ الجميع بالضحك التفتت الى جلال غاضبه
( كله منك روح منا )
تحرك مبتسما وهو يوصيني بان انتبه لنفسي جيدا وان لا اكابر في المحاوله من جديد
( لا تبقين تتعلمين وراكم ناس تريد غدا وتنتظر خبز حار ومكسب مو خبز حار ومفحم هههه )
بعد ان رأيته يبتعد طلبت من رقيه ان تساعدني بالمحاوله الاخيره وبعدها تكمل هي بدل عني
كانت المحاوله فاشله فقد التصق القرص في التنور واخذ كفي نصيبه من النار حتى تكونت فقاعة بجانب اصبعي الصغير
طلبت مني رقيه ان اضعها في الطحين لتخفيف الالم بعد ان فعلت ذلك
حاولت ان الهي نفسي عن الشعور بالالم جلست على ارجوحتي كنت منشغله بالتمسك بالحبل حتى
شعرت بأحدهم دفعني الى الامام اكثر
التفت وانا فزعة
( جلال راح اوگع )
( افا عليج يا عيون جلال توكعين واني موجود
شفتي بس تركتج لكيت اصبعج مجوي )
تلك الكلمات التي خرجت منه لا اعلم ما الذي حركته فيه من مشاعر
قد يكون الاحساس بالامان وقد يكون شعور بالثقه ان شخص ما يحبك الى هذا الحد
بدأت ايقن ان جلال احبني بصدق غيرعن ما تم تخطيطه من قبل اهله بطمع
اوقف الارجوحه وطلب مني النزول
وانا اقف امامه بينما هو يقوم بالتغزل بي بنفس تلك الطريقه القديمه الا اني
بدأت اعتاد عليها ولا انفر منها كالسابق بدأت ابتسم له بود لقلبه الطيب
سحب يدي واذا به يخرج ضماده صغيره من جيبه
ويحيط بها اصبعي المحروق بعد ان رفعه الى شفاهه مقبلاً له هذه المره
كنت اسير بجانبه كالعاده نتجول في البستان لكن هذه المره كان كف يدي بيده
كنت المح في عينه تلك النظره الحالمه بحياة رسمها في مخيلته منذ سنين
وهو يتكلم عن مستقبلنا انا وهو ويصف لي تلك السعاده التي سيجعلها تحيط بي في ظل وجوده بجانبي وكيف سيوفر ذلك المال الذي يجعلنا نعيش برفاه
لم يخطر ببالي حينها انه قد يكون بتلك الاحلام سيرمي بنفسه الى التهلكه
في تلك
الليله كنت اجلس مع الجميع حول المائده وهو الى جانبي يلتفت لي بسؤال
ان كنت اريد شي من الطعام البعيد عني
حتى احسست بشئ يضايقني لم استطع حينها ان اهرب الى الغرفه لتلافي هذا الاحراج فأنا ارتدي ملابس بلون ابيض مزخرف بنقاط صفراء صغيره
اكمل الجميع تناول الطعام وبدأ البعض منهم للخروج لغسل اليدين والفتيات بدأن برفع الصحون عن السفره وانا لا استطيع التحرك من مكاني جلست اتفرج وانا افكر بحل يخرجني من ذلك المأزق وفي المكان رجال لا يسعني عمل شئ
التفت لي جلال
( شو اليوم مو عوايدج ما تكومين اتساعدين البنات يوميه اول وحده اطفرين )
لم اجبه لحظتها لاني في ورطه تجعلني اخجل ان اجيب وكيف لي ان اجيب
عن تلك الحاله
حتى رأيته يبتسم لي وينوي الوقوف للذهاب لغسل يديه
تمسكت بطرف ثوبه من الخلف التفت لي
( اكو شي )
نظرت له نظره خجله وانا اهمس له
( جلال ما اكدر اگوم عفيه صيحلي همسه ) همس لي
( ليش متكدرين تكومين بيج شي )
ارتبكت واحمرت وجنتي خجلا
( اي بيه وانت افهم حاله مرضيه تصيب كل البنات )
ارتبك وتلفت نحو الجالسين وقف ومن ثم طلب مني الوقوف
وقفت واذا به يدخل يديه في جيوبه ويكون خلفي ويقوم بالحديث معي
( امشي واني وراج ما اخلي احد ينتبه )
كانت تلك الحركه وهو يحاوطني بالمسير الى ان خرجت من غرفه المعيشه
جعلتني اشعر بأن ذلك الرجل هو السبيل الوحيد والفرصه الاخيره للشعور بالامان
التفت له خجله وانا الف ثوبي
(شكرا اخذ راحتك وروح غسل ايدك )
( لا خلي اوصلج لباب غرفتكم اخاف احد من الولد بالحمام وينتبه عليج )
اوصلني الى باب غرفتي ما ان دخلت
حتى طرق احدهم باب الغرفه ... فتحت الباب
( ها فيض جلال گلي تريديني )
( اسكتي راح اموت بعد ما اكدر اطلع واباوع بوجهه )
( لج شكو قلقتيني )
( ماكو شي يقلق بس يفشل )
ذكرت لها الحادثه فبدأت بالضحك وهي تتخيل الموقف
( اگول الولد اجاني مرتبك وثبرني ثبيره تريدج ضروري )
( لج همسه والله لو تشوفي شلون انثبر بيه عبالك مرته بحيث وصلني لباب الغرفه مقبل يتركني اول مطلعنا من الهول واني من الفشله اريد الكاع تنشگ وتبلعني بعد استحي ارجع يمكم واشوفه )
( وعلى شنو حاله مرضيه تصيب كل امرأه من الله وكل الرجال يعرفون
بيها يعني شغله طبيعيه بتكوين المرأه بس احنه بمجتمعنا كلشي دخلنا بالعيب
يعني الحمل عيب لو الولاده والنفاس عيب ليش الحيض عيب معنى احنه مجتمع نصنف الامور على مزاجنا بالعيب بعيد عن الحلال والحرام فماكو داعي خاتله وفشلانه )
عدت مع همسه الى غرفه المعيشه جلست بجانبها بعيدا عنه كأنه احس بمحاولتي للتهرب منه خجلا
حتى اندمج الجميع بالكلام جاء ليجلس الى جانبي وهو يحرك اصابعه على شعر ذقنه
( اكلج فيض منو احلى عليه احلق لحيتي لو ابقيها )
التفت له وانا ادقق في تفاصيل ذلك الوجه احيانا مشاعرنا هي من يحدد رؤيتنا لجمال الاشخاص او انعدام الجمال وكذلك
جمال الروح يعكس لنا جمال الجسد
فهذا الرجل الذي امامي الان في السابق كان احيانا يصيبني بالغثيان وكنت كاره لكل شئ فيه حتى ملامحه كانت قبيحه في نظري من غير ان انصفه
اما الان بعد الحب والاهتمام الذي التمسته منه
بدأت اراه شئ مختلف احب الحديث معه واشعر بالامان وهو بجانبي
يجعلني ابتسم دائما وافرغ ما في جوفه لي كأنني اقرب شخص اليه جعلني
ارى ضعفه وقوته طموحه وألمه كشف لي جميع اوراقه من دون ان اطلب منه ذلك كمن يود ان يمنحني الامان ويقربني اليه كان كل شئ فيه يشعرني بذلك الحب الذي يكنه لي في قلبه
( ابتسمت اله ، انت ترتاح اكثر بدون لحيه لو بلحيه )
(جاوبيني بالاول منو الاحلى عليه وبعدين اجاوبج )
( والله بالحالتين حلوه عليك بس الاكثر بدون اللحيه يطلع وجهك حيوي اكثر )
( لعد باجر احلقها ، اصلا اني منزعج منها بس ردت اعرف رأيج )
( جلال اني موافقه من نرجع لبغداد ان شاء الله نعقد ) التفت لي متفاجئ
وهو يهمس
( عيون جلال ونفسه الي يصعد وينزل لو ما سالفه مشكله ابن عمي والفصل
جان باجر رجعت لبغداد وعقدنا اخ يا فيض لو تدرين كل هالاشهر واني انتظر هالحجايه منج )
ابتسمت له وانا ارى نظره الشوق في عينيه تراوده ليقوم بأحتضاني امام الجميع كرغبة تملكته حين ادرك معنى تلك الكلمات التي خرجت مني استنزفت ماتبقى لديه من الصبر
أنت تقرأ
الحكم بالحياة بعد الاعدام
Mystery / Thrillerقصه غموض وتشابك احداث ... قصة حب ... وقوانين أقدار ... وأشخاص ... يغيرون مجرى حياة فيض شابه تتعرض لظلم القدر .... وكمال ملاكها الحارس ... مكبل اليدين