١٢
"لقاء"كانت ندى تركض للخارج بسرعة حتى تلحق بوالد أبرار لتخبره بشيء طلبته منها أبرار،
فارتطمت فجأة بشاب فقالت بخجل لما حدث: أنا آسـ.....
قُطعت كلماتها عندما رأته
وكأن هذا العالم توقف،
وكأن الكون توقف عن الدوران،
وكأن الأصوات انعدمت وما بقي غير صوت قلبها الذي علت دقاته!
أما هو فقد نظر لها بدهشة ثم قال لها بتلعثم:إنتِ؟!
لم يجب فمها ولكن عيناها ظلت متعلقة بعينيه
ذهبت لعالم آخر من هول الصُدف التي تلاحقها بهذا الشاب!
هزتها إيمان بخوف فسقطت عَبرة من عينها من أثر الهزة ثم أفاقت مما كانت فيه،
مسحت دموعها ثم نظرت للأرض تحاول الهروب من نظراته المتسائلة وقالت مرة أخرى بصوت قادم من أعماقها:آسفة لحضرتك
ثم تركتهم ومضت تبحث عن والد أبرار أو تبحث عن نبضات قلبها التي فقدتها عند ذلك الشاب
لا تعرف عن ماذا تبحث حقًا!
ظلت تردد بتمتمة وارتجاف:أنا مش بخونك يا بلال لا..
نظرت إيمان لبلال وقالت بدهشة لما رأته:في إيه؟!
هو إنت تعرفها؟
تنهد بلال بحزن وقال لها:ما هي دي ندى الجوهري اللي كنت بقولك قابلتها في الكلية وفكرتها ندى اللي أعرفها
عقدت حاجبيها ثم سألت مرة أخرى وقد علت وجهها نظرات التعجب:طب ليه عيطت!
قال لها متصنعًا اللامبالاة وفي رأسه ألف سؤال يتمنى لو يصل إلى نفس الإجابة التي تطلبها منه الآن:والله مش عارف بس يمكن علشان وقفتها في الجامعة وكسفتها
قال ذلك ثم صمتوا جميعًا ولكن رأس محمد ظل يعمل في نفسه،صار يشبك الأحداث كعقد مفروط يتمنى أن يجمعه ببعضه!
يتمنى أن يريح ابنه من هذه المتاهات التي حلت عليه في الأونة الأخيرة،
هل هذه الندى نداه؟!
*********************
وصلت سمية إلى المستشفى برفقة سميرة وياسين وهم ينتابهم القلق مما قد يحدث الآن!
اتصل ياسين بسامي فلم يرد
اتصل مرة أخرى لم يرد أيضًا!
نظروا لبعضهم البعض والقلق والتوتر يتزايدان دون توقف،
قال ياسين بهدوء متألم:كنت حاسس إنه بيضحك علينا
ربتت سمية على كتفه وقالت مدعية القوة وقد خار قلبها من خوفه وضعفه:لا يا ياسين هو كان بيتكلم بجد
هحاول أتصل تاني
اتصلت سمية وهذه المرة رد سامي وهو يبكي بشدة:عاوزين مني إيه أنا بنتي ماتت ماااتت ابعدوا عني بقا كفااااية
صعقوا جميعًا مما قاله سامي وخفق قلب سمية بشدة وفرت الدموع من عيونها
قال هذا ثم أغلق الهاتف!
تقهقروا للخلف كالخاسرين في إحدى الحروب!
عند وصولهم للمنزل قالت سميرة بتوتر:طب هنعمل إيه دلوقتي؟!
فردت عليها سمية بيأس ظاهر:مش عارفة والله أي حاجة حاليًا لإني هموت من الصداع
وزعلت بجد على البنت دي ربنا يرحمها
قال لها ياسين بخفوت:عارف إنك مخنوقة بس علشان خاطري حاولي تهدي وانسي بقا أكيد يا سمية كل حاجة هتظهر مع الأيام
تنهدت بوجع ثم قالت مستسلمة:حاضر يا ياسين
ثم نظرت لسميرة وقالت لها:روحي إنتِ يا سميرة
قالت لها سميرة بابتسامة صغيرة:حاضر يا ست سمية
ريحي شوية بالله عليكِ وحاولي تنسي
أنا آسفة أنا السبب والله وبتمنى تسامحيني يا ست سمية وإنت كمان يا ياسين بيه
قاطعها ياسين بسرعة قائلًا:ماتقوليش كده يا ست سميرة ده إحنا نشكرك والله لإنك نبهتينا لحاجة عمرنا ما شُفناها ولا نصدق إنها تحصل
تركتهما سميرة وذهبت لطريقها.
...
ذهب ياسين برفقة سمية لغرفتهما بعد وصولهما للمنزل،فقالت له سمية بوهن:كان نفسي أعرف في إيه!
ربت على كتفها بحنان كعادته:بكرة كل حاجة تبان يا سمية
التفتت له بعدما ذكرتها كلمة الغد بشيء وقالت مبتسمة وكأنها نست كل ما كان يحدث منذ قليل:إيمان جاية بكرة صح؟!
ضرب رأسه بكفه ثم قال وهو يضحك بشدة:والله كنت ناسي ولو عرفت هتقتلني
ضحكت لضحكته وقالت مازحة:في حاجات ماينفعش تتنسى يا باشا
غمز لها ثم قال بنبرات ممطوطة:قلب الباشا
عقدت ما بين حاجبيها ثم قالت متصنعة الجدية:اكبر شوية بقا يا ياسين
غمز لها مرة أخرى وقال:يا بنتي خلينا كده إحنا حلوين
هنكبر ليه يعني الله؟!
مش مستعجلين على الهم والله.
*********************
دلفت ندى لغرفة أبرار وقد رسم الحزن والبكاء طريقهما لوجهها ببراعة.
صعقت سما لرؤيتها في هذه الحال واندفعت نحوها بخوف ثم أمسكت بكتفيها وقالت بفزع:في إيه يا ندى؟!
مالك كده!
لم ترد ولكن انفجرت بالبكاء فاحتضنتها صفا وقالت لها بخوف:مالك يا ندى إيه اللي حصل؟
قالت ندى من بين دموعها بصعوبة:شوفته يا سما
عقدت أبرار ما بين حاجبيها ثم قالت بعدم فهم:مين ده؟!
نظرت ندى لسما ثم قالت لها وهي ما زالت تبكي بشدة:فاكرة الشاب اللي وقفني في الكلية ده وكان معاه صاحبه؟!
هزت سما رأسها بالموافقة فقالت لها ندى:هو ده!
ولما شوفته غصب عني افتكرت بلال وماقدرتش أقف على رجليا حتى
نهرتها صفا بقوة وقالت لها وكأنهما وحدهما بالغرفة:إنتِ مش هتفوقي بقا؟!
ناوية تحبسي نفسك في الماضي ده كتير؟!
يا بنتي أنا تعبتلك والله
ظلت تضربها بكتفها وتقول مثل هذا الكلام
أبعدتها سما عن ندى ثم قالت صفا بغير قصد:يا سما أنا عاوزاها تعيش حياتها وتنسى موضوع الملجأ ده
هي يعني مصممة تخلي نفسها يتيمة؟!!
صمتن بسبب شهقات أبرار التي رنت بقلب ندى
فنظرت سما لصفا والشرر يتطاير من عينيها ثم قالت بعدها بحدة:حسابي معاكِ بعدين
كانت ندى تنظر للفراغ وبرغم الصمت الذي حل بالغرفة ولكن الضجيج الذي يسكن رأسها لا يحتمل!
قطع الصمت صوت أبرار وهي تقول بخجل:أنا آسفة بس ممكن أفهم في إيه؟!
قامت ندى من مكانها وتصنعت الصمود والابتسام ثم احتضنت أبرار وقالت بحنان:النهاردة فرحتك يا جميلتي ممكن تنسي كل حاجة وتركزي بس في فرحتك؟!
كادت أبرار أن تتفوه بالكلام ولكن ندى أوقفتها وقالت مرة أخرى:ممكن بس تركزي في فرحتك؟!
أومأت أبرار برأسها ثم قالت لندى بحب:ربنا يكرمك ومايحرمنيش منك
سمعن صوت والد أبرار يقول من الخارج:الدفتر يا عروسة علشان تمضي
احتقن وجه أبرار من الخجل ثم قالت بخفوت:حاضر يا بابا
فتحت عمتها الباب من الخارج وهي تطلق الزغاريد على التوالي وتقول بفرحة:مبروك يا عروسة ألف ألف مبرووك
******************
من يحبك بصدق يشعر بك حتى في أوقات المستحيل،
سينتظرك في اليوم الثامن من الأسبوع لو طلبت!
سينتظرك إذا آمن قلبه بعودتك!
سينتظرك..!!
من يحبك...!
...
كانت أسماء مريضة للغاية وطريحة الفراش
مرضت فجأة مثلما يحدث كل شيء فجأة
كانت رباب تعتني بها وترعاها فمن لها سواها؟!
أتت دينا بصحبة زوجها أحمد وقد كان الزعر والحزن سيدا الموقف
قالت لها دينا وهي تبكي بشدة:مالك يا ماما؟!
ثم احتضنتها بقوة فضحكت أسماء وقالت بابتسامتها الجميلة:يا أولاد أنا كويسة بطلوا تهولوا الموضوع ما أنا بتعب كتير
قال لها أحمد بحزم:المرة دي لازم نجيب الدكتور بقا مش كل مرة تقولي مفيش داعي
نهرته أسماء قائلة:لما أقول كلمة تتسمع يا ولد
فاهم ولا لاء؟!
لو عاوزين تجيبولي حد هاتولي ندى وبلال
صرخت دينا بنفاذ صبر وقالت وهي تعنفها:أنا زهقت يا ماما زهقت
كل شوية ندى وبلال ندى وبلال ندى وبلال
مش ملاحظة إن صحتك بتتدهور بسبب حزنك ده؟!
طب مش ملاحظة إن أنا وأحمد وأستاذة رباب جنبك؟!
كان أحمد يحاول إيقافها ولكنها لم ترضخ له هذه المرة وأفلتت يدها التي حاول جذبها له،
نظرت له معاتبة وقالت له هذه المرة:خليك إنت كده بتجاريها في الكلام وبتبني ليها آمال كذابة
أنا ماليش غيرها وإنتوا مش مقدرين الخوف اللي في قلبي لو حصلها حاجة
صرخت أسماء بقوة ثم قالت بنحيب وكأنها فقدتهما الآن:ابعدوا عني كلكوا أنا مش عاوزة غيرهم
اخرجوا برا يلا مش عاوزة أشوف أي حد هنا خالص
اطلعوا براااااا
********************
ها قد تحقق حلم أحد المحبين بصدق!
من يسعى ليحقق حلمه ويتوكل على ربه فلن يخذله أبدًا حاشاه!
..
كانت أبرار تجلس ناظرة للأرض وتفرك يديها ببعضهما البعض
فلاحظت ندى حالتها فابتسمت رغمًا عنها وقالت لها بحب:حاولي تهدي وماتتوتريش كده
أومأت لها رأسها بدون كلام
ثم نظرت لها وقالت بامتنان:شكرًا يا ندى بجد
ثم نظرت لسما وبعدها صفا وقالت بحب:شكرًا ليكم كمان
خليتوني أحس إن في ناس بتحبني وإني مش لوحدي
نكزتها ندى بكتفها ثم قالت بعد ما زمت شفتيها:عارفة أنا مش هقولك حاجة دلوقتي حسابنا بكرة بإذن الله
ابتسمت أبرار ثم قالت:حاضر
بس صدقيني هييجي اليوم اللي أردلك فيه جميلك ده
طرقت عمة أبرار الباب ثلاثة ثم دخلت وقالت بخجل: احمم ممكن يا بنات بس تدخلوا العريس لعروسته شوية؟!
ضحكن جميعًا ثم قالت ندى بابتسامة:حاضر يا طنط
خرجن معًا فرأت ندى بأن زوج أبرار هو نفسه ذاك الشاب الذي أوقفها بالجامعة!
حملقت به عن بُعد ثم قالت كالبلهاء: للدرجة دي الدنيا صغيرة؟!
سمعت صوت رجل يقول لها بعدما تنحنح:جدًا والله
أنا كمان بقول كده
نظرت لمصدر الصوت فوجدته.....