٢٢
"النهاية"ويفرحنا القدر عندما يشاء الله،
وعندما يشاء الله يأتي كل خير!
....
كانت ندى تقرأ مفكراتها وتقرأ كلماتها الماضية الموجوعة التي يستشعرها أي شخص عندما يقرأها وكأنها تتمثل أمامه!
كانت تقرأها وتتذكر كيف عاشت حياتها وحدها دون بلالها،كانت تتذكر كل ما مضى وكأنه كان يمضي على قلبها وليس عليها فقط بسبب حجم الألم الذي عاشته!
هل الحياة عادلة معنا أم لا؟
هل الحياة تعرف معنى كلمة عدل من الأساس؟!
ولكن كيف لا تكون عادلة وهي بين يدي العدل والحق نفسه!
ليست الدنيا إلا اختبار لنا في كل شيء والبطل من ينجح بها!
تذكرت كل شيء حدث معها في ماضيها حتى يوم الحادث!
*فلاش باك*
ركض بلال لها وهو يصرخ ويبكي بشدة ويهذى بكلمات كثيرة:لا لا لا ندى لا يا ندى
بالله عليكِ لا
ماتسيبينيش تاني يا ندى بالله عليكِ
يا ندى اصحي
يا ندى لا بالله عليكِ
كانت ممسكة بالقلادة الخاصة بها وعندما رآها زاد بكاؤه وصرخ بشدة:يا ندى ماتسيبينيش تاني
حملها ياسين وبلال ووضعوها بالسيارة وسط بكاء الكل حتى علي كان يبكي بحرقة من هول ما حدث!
كانت تسمعهم لأنها لم تفقد وعيها بالكامل ولكنها لا تملك قدرة الرد عليهم!
فقال لها بلال وهو يبكي بشدة:مش هقدر أكون من غيرك يا ندى تاني!
مش هقدر على خسارتك تاني يا ندى
مش هقدر أفقدك تاني
هنا تحدثت هي والابتسامة علت شفتيها بألم:كل فقد دون فقدك هيْن يا بلال
أنا فرحانة إني شوفتك
هنا فقدت وعيها بالكامل وفي نفس الوقت وصل ياسين بالسيارة إلى أقرب مشفى وقابلتهم الطوارئ فدلفوا بها إلى غرفة العمليات بسرعة!
خرج الطبيب بعدها بمدة ليست بالقصيرة وأخبرهم مطَمئنًا إياهم:ماتقلقوش والله خير
الإصابات سطحية في الرأس بس في كسر في دراعها بس الحمدلله في خير حال
قال ياسين بخوف:يعني يا دكتور الكسر صعب؟
ربت الطبيب على كتف ياسين برفق ثم قال له ببشاشة:يا أستاذ ياسين ماتقلقش والله لو في أي خطر كنت عرفتك أكيد
ده سبحان الله والله حادثة صعبة وهي نجاتها تخطت المعجزات كمان!
شكلكوا كثفتوا الدعاء ليها،ربنا يبارك فيها ليكم
قالت سمية بلهفة:طب نقدر نشوفها إمتى يا دكتور؟
قال الطبيب:عادي دلوقتي ممكن لما ينقلوها للغرفة بتاعتها بس هي لسه تحت تأثير البنج ونايمة،ربنا يطمنكم عليها.
ذهب الطبيب،حمدوا الله على أنها بخير ولكن بلال كان يجلس وحيدًا على المقعد المجاور لهم،ذهبت له سمية وهزته برفق فسقطت عبراته وكأنها حررتها من سجنها ثم بكى بحرقة وقال بألم:أنا كنت فرحان
ليه الدنيا بتعمل فيا كده؟
ليه فرحتي مش بتكمل!
أمسك ياسين برأسه ورفعه صوبه ثم قال له بثقة:إنت كده تعرف إن ربنا بيحبكوا يا بلال!
ربنا لما بيحب حد بيبتليه وإنتم تعبتوا كتير أنا عارف
بس الدنيا ما هي إلا صبر يا حبيبي
قال له بلال:ربنا يجيب المخبى خير
سمعوا صوت هاتف ياسين يرن فرأى ياسين أن المتصل سامي فتعجب بشدة فرد عليه فسمعه يقول:يا أستاذ ياسين إنت مش بترد عليا ليه بسرعة!
أنا كنت شايفك بس مالحقتش أكلمك خالص
تعجب ياسين أكثر فقال له:كنت شايفني فين؟
قال سامي:لما البنت اللي كانت جايالكم اتخبطت بالعربية
اللي اسمها سهير هي اللي خبطتها وأنا كنت مراقبها ولقيتها جت القاهرة وراكم فجيت وراها وأنا ماكنتش فاهم حاجة لحد ما لقيتها خبطت البنت دي وهربت بالعربية مشيت وراها تاني علشان ماتتوهش مني بس لقيتها تاهت مني فكلمتك علشان أعرفك!
أغلق ياسين الهاتف بغضب واضح وهو يسب هذه المرأة الملعونة ثم قال بصوت مسموع:أنا هقتلك يا سهير هقتلك!
شهقت سمية ثم قالت بخوف:في إيه يا ياسين؟
قال ياسين بغضب:الحيوانة اللي اسمها سهير هي اللي خبطت ندى
شهق بلال بدهشة ثم قال:مين؟!
ليه تعمل كده؟
قال ياسين بغضب بأكثر وكأنه يزمجر:ما هي اللي خطفتكوا زمان الله يلعنها
قال بلال بعدم فهم:أنا مش فاهم حاجة
قالت سمية وهي تبكي بشدة:مش وقته بالله عليكم مش وقته
قال ياسين بقلق:لازم ناخد ندى معانا حالًا ونرجع القاهرة ونكشفها قبل ما تعمل حاجة تانية
**********************
في طريقهم للقاهرة كانت ندى في سيارة اسعاف خاصة وسمية ترافقها وياسين و بلال بسيارتهما
خلال الطريق قَص ياسين القصة كلها على بلال وعندها فهم بلال كل شيء.
وصلوا لمنزلهم فقابلتهم إيمان والفزع تملك منها ثم قالت بخوف:في إيه يا ياسين؟
إيه اللي حصل؟
قال ياسين بغضب:فين سهير!
قالت إيمان بخوف:فوق ليه؟
قال لها ياسين:مش وقته يا إيمان مش وقته
صعدوا بندى لغرفة لها وجهزوا لها كافة المتعلقات الطبية وأيضًا ممرضة لترعاها.
كانوا جميعًا في المنزل بالأسفل فهبطت سهير السلم وهي مرتبكة بشدة بعدما نادتها الخادمة
فقال لها ياسين في حضرة الجميع حتى زوجها آمين:كنتِ عاوزة تقتلي البت يا سهير؟
مش كفاية اللي عملتيه فينا زمان؟!
مش كفاية إنك خطفتيهم من أحضاننا ووديتهم ملجأ؟
شهقت إيمان وزوجها وآمين أيضًا فقال الأخير:إنت بتقول إيه يا ياسين؟!
قال له ياسين مشيرًا إلى سهير:إسألها كده إسألها!
هنا صرخت سهير وقالت ببكاء كالمجنونة:أيوة أنا اللي خطفتهم زمان ووديتهم ملجأ في القاهرة علشان يبعدوا عن العين
أنا اللي حطيت برشام منع الحمل في كل فنجان قهوة وشاي كل يوم لولاء وسمية علشان مايخلفوش تاني
أيوة أنا اللي كنت عاوزة أقتل بلال لما رجع
وأنا اللي خبطت ندى بالعربية
وفي الأخر محدش اتأذى غيري أنا
كنت بولع لما ألاقيهم فرحانين بعيالهم وأنا مش عارفة أكون أم حتى!
كنت بحس بنار بتاكل فيا وأنا محرومة من إني أحس إحساس الأمومة!
أنا كنت حاسة إني بموت لحد ما في يوم قدرت أنفذ خطة كنت بدبرلها من شهر وهي إني أخطفهم ويشاء ربنا إنهم يرجعوا تاني إزاي مش عارفة!
حاولت أقتل ندى ماعرفتش والخبطة تموت أي حد بس عرفت إن الخبطة جت بسيطة فيها!
سمعوا صراخ ولاء وهي تقول:بنتي ندى عايشة؟
نظروا لها ووقتها حاولت سهير الهرب ولكن إيمان أمسكت بها وهي تقول:ماتحاوليش تهربي يا سهير
وبعدين ما أنا مش بخلف وقلبي عمره ما كان قاسي ولا أسود كده !
إنت مش بشر يا شيخة إنتِ شيطان!
أمسكت سمية بولاء التي كانت في المستشفى منذ قليل وصعدت معها لغرفة ندى!
كان ياسين يسجل لسهير كل شيء قالته واتصل بالشرطة وأتوا وقبضوا عليها وتخلصوا منها للأبد بعدما حاولت الهرب لأكثر من مرة.
*************************
كانت ولاء تقبل يدي ندى بحب ولهفة وهي تبكي وتقول:أنا كنت عارفة إنك هترجعيلي يا بنتي والله كنت عارفة إنك هتنوريني تاني
مستحيل ربنا يرزقني بأمل ويكون كاذب
هنا استيقظت ندى وقالت بتعب:أنـ.. أنا فين؟
قالت ولاء ببكاء اشتد لحظتها:إنتِ في حضن أمك يا قلب أمك،إنتِ مع أمك يا حبيبتي يا ندى أنا ولاء أمك
قالت ندى بعدم فهم:مش..مش فاهمة حاجة
قال بلال وهو ينظر لها:ما إحنا ولاد عم يا ندى
قالت ندى له:أستاذة أسماء قالتلي من فترة
شهق بلال ثم قال لها بدهشة:هو إنتِ عرفتِ مكانها؟
ابتسمت ندى وقالت له:أيوة
ثم نظرت لوالدتها وقالت لها بحب:ممكن تحضنيني تاني؟
احتضنتها ولاء بقوة كأنها تود أن تضعها بقلبها من فرط اشتياقها لها!
جلسوا معًا لفترة ليست بالقصيرة ثم غمزت سمية لولاء وقالت لها:تعالي يا ولاء نشوف هدوم لندى!
فهمت ولاء أنها تريد أن تترك بلال وندى على إنفراد ولكنها لا تفهم لماذا فخرجت معها،
وعندما خرجت قالت ولاء لها بعدم فهم:ليه يا سمية؟
قالت سمية بابتسامة:لإنهم بيموتوا في بعض وماشافوش بعض من سنين ده حكايتهم حكاية يا عيني
كان بلال يقف عند باب غرفة ندى ولا يعرف ماذا يقول فوجد ندى تبحث عن شيء فمد يده في جيبه وأخرج قلادتها وقلادته فابتسمت هي هذه البسمة التي تذيب قلبه،ولكنه نظر لجانب آخر ثم اقترب منها وقال لها بتوتر:أنا مش عارف أقولك إيه يا ندى بجد غير إني عاوز أقولك الدنيا نورتلي تاني والله
ربك لما يريد الغايب هيعود
ابتسمت بخجل وقالت له:خلاص الغايب عاد
وبإذن الله نفضل سوا لأخر العمر
ابتسم وقال:عاوز أشوف أستاذة أسماء
قالت له بعدما بادلته نفس الإبتسامة:إنت واحشها أوي
قال لها بخبث:واحشها هي بس؟
نظرت للجانب الأخر وقالت بصوت مسموع:لا ده لسه بجح زي ما هو والله
ضحك بلال بشدة ثم سمعا صوت يقول:ندى يا بنتي
نظرا لمصدر الصوت فكان حسن فقالت ندى لبلال:مين ده؟
ابتسم لها حسن ثم قال بعدما بكى بشدة:أنا حسن أبوكِ يا ندى!
امتلأت عيون ندى بالدموع ثم ذهب لها حسن واحتضنها بشدة ثم قال لها:وحشتيني يا ندى والله وحشتيني أوي
خرج بلال وتركهما سويًا،وهنا أيضًا خرجت ندى من ذكرياتها على صوت والدتها تقول بفرحة:شوفي يا ندى مين جالنا!
نظرت ندى فوجدت بأنهم صفا،والدتها إيناس،سما،أبرار،أستاذة أسماء،رباب ودينا
صرخت ندى من فرحتها وذهبت لهم واحتضنتهم بشدة وهي تبكي،فقالت لها أبرار ممازحة:اهدي عليا أنا حامل مش حمل كل الحضن ده يا ندوش
ضحكن جميعًا ثم ذهبت ندى لاحتضان من ربتها بحنان الأم الحقيقي ثم قالت لها بفرحة وبكاء:أنا مبسوطة إنك جنبي النهاردة يا ماما،قالت صفا ممازحة لها:الدراما كوين لازم تقوم بدورها يا جماعة!
نكزتها ندى بذراعها ثم قالت بفرحة:بس بس يا بت إنتِ ده أنا فرحانة بيكم أوي إنتِ وإسلام وكان نفسي يبقى هنا جدًا
قالت صفا:احمم احممم هو قال نفسه ييجي
أسيبه؟!
قومت جيبته معانا
قالت ندى بفرحة:طب الحمدلله ربنا يفرح قلوبكم يا حبيبتي
قالت سما بعدما تنحنحت:والأستاذ يوسف شرف كمان بحجة إنه جاي مع أخته بس أنا عارفة إنه مش هيسيب خطيبته لوحدها خالص احمم
ضحكن جميعًا ثم سمعن صوت سمية تقول:يلا يا بنات قوموا بالواجب مع ندى وأنا هاخد الباقي معايا أصل إحنا كبرنا على الحاجات دي.
جلست ندى وهي تقول بفرحة:أنا مش مصدقة بجد إن أنا وبلال خلاص هيتكتب كتابنا،
بس يرضيكوا يعني بقوله يغنيلي أغنية في الحفلة مش راضي خالص
بيقول مكسوف وماينفعش ومش راضي وفي نفس الوقت عاوزنا نعمل الحفلة في الحديقة!
غمزن جميعًا لبعضهن البعض دون رؤية ندى لهن ولم يخبرن ندى بشيء لأنهن وعدن بلال بذلك.
وبدأن في تجهيز العروس من الآن!
**************************
نورتينا يا أستاذة أسماء
كان هذا بلال يتحدث مع أستاذة أسماء بفرحة كبيرة
قالت له أسماء بكل الحب المكنون له:يا حبيبي يا بلال
أنا فرحانة وأنا بشوف حلم حياتك بيتحقق يا حبيب قلبي،ربنا يبارك في عمركوا يا حبايبي يا رب
فاكر يوم ما جيتلي إنت وندى ودخلتوا عليا في البيت كده ،أنا حسيت إني رجعت سنين كتير أوي لما شوفتكم سوا!
حسيت ببلال وندى الأطفال اللي ربيتهم وكبرتهم وعشقتهم،ربنا ما يحرمني منكم،أنا كده هموت وأنا مرتاحة
قال لها بلال مقاطعًا:ربنا يباركلنا في عمرك يا أستاذة أسماء
ابتسمت له أسماء وقالت بحب:ربنا ما يحرمني منكم.
**************************
ها قد حل المساء ليخبر عن نهاية اليوم ولكنه كان بداية أيام وعمر ثان لبلال ونداه!
..
بعدما مضت ندى على دفتر عقد القران قال المأذون:رددوا ورايا ليهم يا طيبين
بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير
ردد جميع الحضور هذه الكلمات ثم أخرجت الفتيات والشباب الدفوف وبدأ بلال في الغناء قائلًا:
ياللي كنتِ في بالي دايمًا أنا بدعي ليكِ
ياللي كنتِ في خيالي إنتِ نصيبي مكتوب
بسأل ربي في صلاتي إنه يعترني فيكِ
وربي عالم بحالي جمع فرح قلوب
ثم غنت أسماء وسمية وولاء أيضًا:
والليلة جينا بالفرحة وعروسة في أحلى طرحة
نورها يملى المكان ضحكتها فيها أخلاق ودين
تابع بلال:
ماقدرش أوصف أدبها ولا جمالها في حجابها
آه ملاك لا مش إنسان تعويض يا ناس صبر السنين
حالف على نفسي إني شايل أنا قلبي ليكِ
مفتاحه يكون معاكِ إنتِ لقلبي النور
طالب منك يا عمري إنك تاخدي بإيدي
للجنة أروح معاكِ نتهنى يا أحلى حور
بكت ندى من فرط سعادتها ثم قالت لبلال:إنت فرحتني أوي يا بلال
ابتسم لها بلال وقال:وأنا خلاص مش عاوز من الدنيا دي غير فرحتك وبس وربنا يرزقني طول العمر علشان بس أفرحك وأعوضك اللي فات كله يا ندايا..!
*********************
يحرمنا القدر أحيانًا من بعض الأشياء وأحيانًا أخرى من الأشخاص،ولكننا لا نعلم لماذا نفارقهم!
لكن يجب علينا أن نعلم بأن ليس كل ما فارقنا لن يعود،
فهناك ما يذهب عنا ويفارقنا ويشاء الله بأن يجمعنا به على خير حال بعد حين!
إنه القدر،فيجب الإيمان به..!..
تمت بحمد الله
..
ريهام يحيى